المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مركز المملكة المالي والاقتصادي سيواصل تحسنه بسبب الإجراءات والتخطيط المتبع حالياً



ghenaim
01-08-2003, Fri 1:57 PM
مركز المملكة المالي والاقتصادي سيواصل تحسنه بسبب الإجراءات والتخطيط المتبع حالياً

تحليل - مطشر المرشد *

جاء تقييم المملكة من قبل ستاندرد أند بورز A+ لمديونية العملة المحلية وA لمديونية العملة الأجنبية طويلة الأجل ليعزز البيئة الاقتصادية السعودية ويرفع من جدارتها الائتمانية، كما حصلت المملكة على A-1 للتقييم الائتماني السيادي لكلا العملتين المحلية والأجنبية مع التأكيد أن النظرة المستقبلية ايجابية ومستقرة.
ولهذاالتصنيف أهمية سيتم التطرق لها لاحقاً وهو إنجاز يسجل لحكومة المملكة العربية السعودية خاصة في مثل هذه الظروف التي يعيشها العالم على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، علاوة على كونه إشارة إلى أن الخطوات والإجراءات التي اتخذتها المملكة داخلياً بالنسبة إلى عملية الإصلاح والتطوير اقتصادياً واجتماعياً كانت ناجحة على كل المستويات سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي.
ولذا تزايد الاهتمام حالياً بالتقييم ومؤسساته وكان من المهم في هذه الآونة التطرق إلى العديد من الجوانب في هذا المجال بغرض إثراء البحث في هذا المجال واعطائه المستوى والاهتمام الذي يستحقه خاصة أن مثل هذا التقييم تتم مراجعته من قبل الشركات المانحة له مما يجعلنا حريصين على الحصول على تقييم أعلى في الفترات القادمة ليتماشى مع الخطوات التي تتخذها على صعيد التنمية والارتقاء بكافة الفعاليات التي لها تأثير وقوة على المستوى المحلي أو العالمي، ولما يمثله ذلك التقييم من أهمية سواء للدولة أو الشركات ولكل اطراف التعامل سواء الممولين أو الباحثين عن رأس المال، خاصة بما يتعلق في مجال إصدار السندات.

مؤسسات التقييم
من أكبر ثلاث شركات عالمية في مجال التقييم الائتماني والتصنيف السيادي هي: مؤسسة ستاند رد آند بورز، ومؤسسة موديز، ومؤسسة فيتش أبيكا، علاوة على تواجد شركات أخرى مثل تومسون وغيرها، إلا أن الشركات الثلاث الأولى هي الأشهر عالمياً وتُعد تقييماتها الأكثر ثقة واعتماداً لدى الجهات المالية العالمية. وتعتبر مؤسسة ستاند رد آند بورز أهم هذه الشركات المانحة للتقييم حيث تمتلك الخبرة وكسبت ثقة عالمية منذ اندماج شركتي (Srandard Statistics and Poorصs Publishing Company) عام 1941ومنذ بداية تأسيسها لعبت دوراً بارزاً في تقديم التحاليل والمعلومات المالية إضافة إلى إجراء التقييم المتخصص والهام بالنسبة لخطوات الاستثمار.

أهمية التقييم للدول والشركات:
من أهم العوامل التي تدفع العديد من البلدان والشركات للبحث عن أفضل تقييم ائتماني ممكن هو لإعطاء صورة ايجابية عن وضع واستقرار تلك الجهة وقدرتها على تسديد ما يستحق عليها من التزامات. فبالنسبة للدولة يعتبر التقييم السيادي مؤشراً لوضعها الاقتصادي والمالي بالإضافة إلى استقرارها السياسي والاجتماعي مصحوباً بنظرة وتوقعات لمستقبل الدولة الذي يتم تقييمها. ولاشك أن أحد العوامل المهمة التي تشجع المستثمرين وترفع مستوى الثقة في البيئة الاستثمارية للدولة هي حصول تلك الدولة على تصنيف ائتماني من مؤسسات دولية موثوق بها يعزز الصورة الايجابية عن استقرار اواضاعها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، فنجد أن الدول المصنفة بدرجات مرتفعة تكون جاذبة للمستثمرين وتستطيع الحصول على التمويل اللازم لمشاريعها التنموية بتكاليف منخفضة.
ومن الجدير بالذكر أن ضمن عوامل التقييم تبرز أهمية الحالة التي يمر بها سوق العمل في الدولة المقيمة ومدى فعالية البرامج المتبعة لايجاد فرص وظيفية جديدة مستقبلية ومدى فعالية تلك البرامج في رفع مستوى القدرات وتأهيل الكوادر البشرية لترتفع النوعية والإنتاجية في المجتمع. ومع أن المستخدمين والمتابعين للتقويمات السيادية غالباً ما يكونون مستثمرين أو شركات تمويل عالمية إلا أن التقييم السيادي لا يركز فقط على الشق الاقتصادي بل يأخذ بعين الاعتبار الأوضاع السياسية الداخلية والظروف المحيطة بتلك الدولة لتحديد مدى استقرار ذلك البلد والمخاطر المستقبلية.
ومن أبرز العوامل التي تدخل في التقييم السيادي لأي دولة التركيبة السكانية ومستوى التعليم والتنظيم، استقرار النسيج الاجتماعي، عدم وجود تهديدات خارجية أو داخلية من عناصر غير شرعية، استقرار البيئة التشريعية وسهولة إجراءات التقاضي ومدى احترام القوانين والاتفاقات والأعراف الدولية في المعاملات.
وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي فإن التقويم السيادي يدرس مؤشرات الاقتصاد الكلي، سواء المتعلق منها بالسياسة النقدية أو السياسة المالية وكذلك يأخذ بعين الاعتبار ميزان المدفوعات والتجارة الخارجية.
أما فيما يتعلق بتقييم الشركات فهو مؤشر هام عن مستوى كفاءة الشركة إدارياً ومالياً مدى قدرتها على النمو مستقبلاً وأيضاً أهمية القطاع الذي تنتمي إليه الشركة. وتبحث كبريات الشركات عن تحسين درجات تقييمها نظراً لأهمية ذلك التقييم بالنسبة لاصدارها من السندات أو عمليات الاقتراض التي قد تحتاج إليها لتمويل مشاريعها المستقبلية. فالشركة التي تحقق درجة عالية من التقييم الائتماني تصبح قادرة على إصدار السندات بعوائد وتكاليف منخفضة ليتم تداولها في الأسواق المالية وفي المقابل تحصل تلك الشركة على سيولة أو تمويل بتكاليف منخفضة تقترب من أسعار الفوائد المتداولة.
وعلى الجانب الآخر ترتفع تكاليف التمويل بالنسبة لدرجات التقييم المنخفضة وفي حال هبطت الدرجات لأقل من تصنيف C تتحول اصدارات الشركات تبعاً لهذا التقييم إلى (Junk Bond) أو أقل من درجة الاستثمار (Non-Investment Grade).

المنطقة العربية والتقييم السيادي
إن أهمية الحصول على التقييم سيادي وبدرجة ضمن درجات الاستثمار ويستحسن أن تكون مرتفعة يساعد كما ذكر على تقليص تكاليف الاقتراض وتمويل مشاريع الدول. وكما تعلم أن العديد من الدول العربية تصنف ضمن الأسواق الناشئة وترتفع في معظمها درجة مخاطر الاستثمار، إضافة إلى المخاطر التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط. بالطبع كل هذه العوامل تؤثر بشكل مباشر على درجات التقييم وقد لا تندرج بعض الدول العربية ضمن قوائم التقييم التي تراجعها وتصدرها مؤسسات التقييم العالمية.
أضف إلى ذلك ان حصول العديد من الدول العربية على درجات تصنيف متوسطة أو أقل يضع تلك الدول أمام تحد كبير بالنسبة لقرارات الائتمان والقرارات المتعلقة بالاستثمار الأجنبي المباشر، لذا نجد أن الدول العربية مجتمعة من أقل مناطق العالم جذباً للاستثمارات الأجنبية المباشرة حيث لا تتعدى حصتها 1% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة، علاوة على ان نسبة كبيرة من الدول العربية تواجه تحدياً صعباً يكمن في ارتفاع نسبة الدين العام من اجمالي الناتج المحلي مما دفع بعض الدول العربية للجوء نحو الخارج لتمويل العجز، وبسبب درجات التقييم المتواضعة تضطر تلك الدول لدفع نسب عمولة مرتفعة للاقتراض المباشر أو في حال اصدار سندات ليتم طرحها في الأسواق العالمية.

وللتعرف على درجات التقييم المختلفة ومستوياتها يجب ذكر أن درجة AAA تعطى للتصنيف السيادي عالي الجودة ويعكس انخفاض معدل المخاطر. بينما يعطى التصنيف D للتقييم شديد المخاطر والتي يدرج تحت قائمة الـ(Junk Bond) وخارج نطاق درجات الاستثمار. وتشير مؤسسات التقييم المختلفة للنظرة المستقبلية (Outlook) حسب تحليلاتها بين ايجابي ومستقر وسلبي. كما يجدر الاشارة إلى ان درجات التقييم يتم مراجعتها دورياً وتخضع لمقاييس ومتابعة مستمرة من قبل مؤسسات التقييم (الجدول رقم 2)

المملكة.. الشفافية والتقييم الأخير
إلى فترة قريبة والتقييم السيادي للمملكة التي صنف بطريقة أو أخرى من قبل مؤسسة موديز كان يقف عند Baa3 رغم حصول بعض الدول التي لا تمتلك مكونات الاقتصاد السعودي سواء بما يخص الاحتياطيات النفطية أو حجم السوق على تقييم سيادي أفضل. وهناك من يقول بأن مؤسسة موديز قامت باعطائنا ذلك التقييم المتوسط الذي لا يعكس الجهود المبذولة من قبل السلطات السعودية لتحسين المناخ الاستثماري وإعادة هيكلة الاقتصاد بسبب قلة المعلومات وعدم تعاملنا بشفافية مع مؤسسات التقييم في الماضي.
اليوم وبعد أن قامت السلطات السعودية بفتح الدفاتر واتباع أسلوب شفاف ومتطور مع المراجعين التابعين لمؤسسات التقييم حصلت المملكة على تقييم سيادي مناسب يعكس متانة اقتصادها الوطني ويشير لفترة مقبلة من الاستقرار لتتراجع المخاطر ويستمر السوق المحلي بجذب المستثمرين ويتحسن معدل النمو. ولفت التقييم الأخير إلى ان التزامات المملكة على المدى البعيد للعملتين المحلية والأجنبية حققت تقييم A+ وA وهو أفضل من تقييم الالتزامات قصيرة الأجل لكلا العملتين (A-1) مما يشير إلى أن القيمة الائتمانية ومركز المملكة المالي والاقتصادي سيتحسن في المستقبل بسبب الاجراءات والتخطيط المتبع حالياً، فمثلاً استمرار خطوات التخصيص سيقلل من أعباء الموازنة العامة واستمرار جهود تشجيع الاستثمار الأجنبي سواء في مشاريع الغاز أو غيرها سيكون له تأثير ايجابي على الاقتصاد.
وفي ختام هذه النبذة المختصرة عن أهمية التقييم ومن هي الشركات التي تقوم بهذه المهمة أود ذكر ان استمرار تماسك سعر الريال وتراجع نسبة التضخم وكذلك الحفاظ على متانة وسلامة القطاع المصرفي والمالي بشكل عام كانت من أهم العوامل التي ساعدت المملكة على حصول تقييم سيادي جيد، وما نرجوه أن تستمر الجهود الهادفة لتنويع الدخل وتقليص اعتمادنا على النفط وكذلك الاستمرار بترشيد المصروفات واتباع ادارة مالية بدرجة عالية من الكفاءة. وبهذا تستطيع بلادنا تحقيق تقدم ملموس على جميع المستويات خاصة في حال استمر تركيزها على تدريب وتأهيل الموارد البشرية لرفع مستوى القدرات والانتاجية بين أفراد القوى العاملة مما يزيد من احتمالات حصول بلادنا على تقييم سيادي أقوى في المستقبل.

* مستشار مالي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية
Motasher@Hotmail.Com