المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تحدث الانهيارات (دراسه مقارنه) تعرف على نفسك



ابوناصر.
31-01-2011, Mon 11:46 AM
كيف تحدث الانهيارات (دراسه مقارنه) تعرف على نفسك
كيف تحدث الأنهيارات في اسواق المال ؟
عندما يكون المستثمرون في حالة تفاؤل بوضع السوق ومستقبل الأرباح المتوقعة من الأستثمارات المختلفة فانهم يقومون بزيادة استثماراتهم مما يدفعهم الى الرغبة في زيادة الأقتراض . فاذا تكون لدى الممولين شعور بالثقة في اخذ المخاطرة في تقديم القروض لهؤلاء المقترضين احساسا منهم بأن الربحية المتوقعة في المشروعات الأستثمارية تبرر ذلك فان هذا يعني ان حجم السيولة في الأقتصاد يزداد. هذا الشعور التفاؤلي لدى كل من المقترضين والمقرضين والذي يؤدي الى زيادة حجم السيولة وتوسع النشاط الأقتصادي ليس له سبب وحيد . فقد يكون بسبب بداية انتاج السيارات وما واكبه من بناء الطرق السريعة كما حصل في الولايات المتحدة في العشرينيات من القرن الماضي وقد يكون بسبب حركة رؤوس الأموال من دولة الى اخرى نتيجة لتحرير اسواق المال من القيود بأشكالها كما حصل في منتصف الثمانيات في اليابان، وقد يكون بسبب تطور في تقنية المعلومات كما حصل في اسواق المال الأمريكية في التسعينيات، كما وانه قد يكون بسبب الأرتفاع غير العادي في اسعار النفط كما حصل في الدول الخليجية في مطلع العام 2006 .
ولكن كيف يؤدي هذا التزايد في حجم السيولة مهما كان سببه الى فورات اقتصادية تنتهي بالأنهيارات التي شهدتها اقتصاديات العالم خلال العشرين سنة الأخيرة ابتداء من فورة اسواق المال والعقارالتي حصلت في مجموعة دول النوردك (فلندا ، النرويج والسويد ) وفي اليابان في النصف الثاني من الثمانينيات والتي تركت الأقتصاد الياباني في حالة ركود حتى نهاية القرن الماضي مرورا بالهزة التي تعرضت لها دول شرق آسيا كتايلند وماليزيا واندونيسيا وهونكونغ في منتصف التسعينيات وانتهاءا بهزة اسواق الأسهم في الولايات المتحدة في النصف الثاني من التسعينيات ؟ ان الأجابة على هذا التساؤل تتطلب منا التوقف عند احد هذه الأنهيارات وليكن انهيار اسواق العقارات واسواق الأسهم في اليابان في منتصف الثمانينات حتى يتمكن القاريء من استيعاب الكيفية التي تؤدي بها المراهنات في اسواق المال والعقارالى تحويل التوسع في النشاط الأقتصادي الى فقاعات تنتهي بالأنهيارات وما ينتج عنها من تكاليف باهضة على اغلب الشرائح وعلى الأقتصاد ككل مع الأعتراف بأن هناك بعض الفوارق النسبية بين تجربة واخرى الا ان جوهرهذه الأنهيارات فيه كثير من التشابه .
مثال من اليابان
شهدت اليابان في منتصف الثماينات تحريرا للقطاع المالي بسبب الضغوط الأمريكية وغيرها ولقد ادى هذا التحرير للقطاع المالي من جانب الى تدفق مبالغ كبيرة الى اليابان من الخارج ومن جانب آخر الى تمكين المصارف من زيادة قروضها للأفراد الراغبين في شراء العقارات وبناء المكاتب والشقق السكنية ومراكز التسوق مما ادى بدوره الى زيادة في اسعار العقارات . وقد فاقم من حجم السيولة تدخل بنك اليابان المركزي في النصف الثاني من الثمانينات لتخفيف حدة زيادة سعر صرف الين الياباني في سوق الصرف الأجنبي . وبما ان كثير من الشركات المدرجه في سوق طوكيو للأسهم هي مرتبطة بقطاع العقارات بصورة مباشرة أو غير مباشرة فان هذا الأرتفاع في اسعار العقارات انعكس على شكل ارتفاع في اسعار الأسهم كذلك . فالقيمة السوقية للأسهم اليابانية اصبحت ضعف القيمة السوقية للأسهم الأمريكية مع ان الناتج المحلي لليابان كان اقل من نصف الناتج المحلي الأمريكي خلال تلك الفترة. والقيمة السوقية للقطاع العقاري في اليابان وصلت الى ضعفي القيمة السوقية للقطاع العقاري في الولايات المتحدة علما ان مساحة الأراضي في اليابان لاتزيد على 5% من مساحة الأراضي في الولايات المتحدة حيث ان 80% من أراضي اليابان هي اراضي جبلية . حتى ان من النوادر التي كانت سائده في اليابان في اواخر الثمانيينات ان القيمة السوقية للأرض التي يقع عليها قصر الأمبراطور كانت اكبر من القيمة السوقية لكل الأراضي العقارية في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة وهذه ليست مبالغة بل انها حسبت فعلا وهي تعبيرا عن درجة الأزدهارالذي حصل في قطاع العقارات في اليابان . كذلك بما ان كثير من المصارف اليابانية كانت تمتلك كثير من العقارات ومن الأسهم فان الزيادة في اسعارهما قد ساعدت على زيادة راس مال هذه المصارف وهذا بدوره ادى الى مزيد من القروض المقدمة . اذن الزيادة في اسعار العقارات الحقيقية ادت الى زيادة في اسعار الأسهم والزيادة في اسعار العقارات والأسهم ادت بدورها الى زيادة رأس مال المصارف . هذه الزيادة في رأس مال المصارف وفي ظل تحرير القطاع ساعدت على زيادة حجم القروض الى فئات كانت مقيدة في حجم القروض التي يمكن ان تقدم لها . كذلك ادت زيادة اسعار العقارات الى زيادة ربحية الشركات التي تعمل في هذا القطاع مما ادى الى زيادة طلبها على القروض للتوسع وتحقيق ارباح اكثر . طبعا هذا الأرتفاع المستمر في اسعار الأسهم والعقارات كان نتيجة للشعور التفاؤلي لدى جميع الأطراف من ان شراء العقار او الأسهم اليوم وانتظار فترة لأرتفاع اسعارها بنسبة اكبر وبيعها لتحقيق مكاسب هو افضل استثمار مما دفع كثير من المؤسسات ذات الأستثمارات الصناعية المنتجة كشركات السيارات والحديد والالكترونيات الى الأستثمارفي العقارات والأسهم لأن عائدها مرتفعا مقارنة بعائد صناعاتها .
غير أن هذا الجنون الذي تعيشه اسواق المال واسواق العقارات لايمكن ان يدوم ولابد ان تحصل صدمة اخرى تنقض مساره أي تدفع الأسعار وكمية السيولة الى التراجع ومعها يتراجع الأقتصاد بالضبط كالصدمة التي بدأت بها هذه الفورة وهنا تتفاوت كذلك الأقتصاديات في نوع صدمة او منعطف التراجع ودرجة الأنحدار الذي يحصل في الأقتصاد. فما هو المنعطف الذي مثل الشرارة الأولى في انهيار اسواق المال والعقارات ومعها الأقتصاد الياباني في منتصف الثمانينيات ؟
وصلت الطفرة في اسعار العقارات والأسهم في اليابان مستويات عالية مع نهاية عام 1989 مما ادى بمحافظ البنك المصرفي الجديد الى التصريح بأن هذا الأرتفاع في اسعار العقارات اصبح يهدد النسيج الأجتماعي مما حدى بالبنك المركزي الى اصدار قرار يقيد معدل نمو حجم القروض المقدمة للقطاع العقاري . هذا القرارجعل المستثمرين الذين اشتروا عقارات حديثا امام اشكالية حيث ان ايجارات هذه العقارات لازالت اقل من الفوائد المستحقة على قروضهم السكنية وليس بأمكانهم ان يقترضوا قروضا جديده مما ادى بشريحة من هؤلاء المستثمرين الى بيع عقاراتهم . هذا البيع للعقارات مع تقييد معدل نمو قروض العقارات ادى الى تراجع اسعار العقارات ومعها بدأ تراجع اسعارالأسهم . الأنخفاض في اسعار الأسهم والعقارات نتج عنه حالات كبيرة من الأفلاس وخسارة المصارف لكثير من قروضها مما ادى الى بيع اصولها وبالتالي انخفاض اسعارها.
اذن العجلة الأقتصادية التي دارات صعودا منذ بداية الثمانيات في اليابان بدأت في التراجع مع نهاية الحقبة . فبيع العقارات نتيجة لأرتفاع تكاليفها مقارنة بعائدها ادى الى انخفاض اسعارها ومن ثم الى انخفاض في اسعار الأسهم مما يعني ان راس مال المصارف بدأ في التراجع كذلك وهذا بدوره قلل من قدرة هذه المصارف على تقديم القروض. كل هذه التطورات دفعت بكثير من المستثمرين المحليين والدوليين الى تحويل استثماراتهم الى خارج اليابان كما و دفعت بالقطاع المنزلي لتقليل الأستهلاك وهذين الأثرين نتج عنهما تراجعا في معدل النمو الأقتصادي وواكبتها كثير من حالات الأفلاس وتزايدت خسائر القطاع المصرفي وبدات الأموال بعد ذلك تهاجر الى دول شرق آسيا لتنظم الى اموال أخرى من الدول الأوروبية والولايات المتحدة لتمهد لفورة 1997 في تايلند وماليزيا واندونيسيا وبقية هذه المجموعة. ثم هاجرت هذه الأموال بعد انهيار شرق اسيا وانخفاض اسعار عملات هذه الدول بأكثر من 30% وهبوط اسعار الأسهم فيها بنسب تتفاوت بين 30% و60% لتعيد الكرة في الولايات المتحدة الأمريكية وتنتهي بأنهيار اسواق الولايات المتحدة عام 2000 ومانتج عنه من انخاض قدره 80% في قيمة الأسهم المتداولة في النازدك وهو سوق الأموال الأمريكي. وجدير بالذكر هنا ان بعض هذه الأنهيارات ترافقها خسائر في المصارف وبعضها يرافقها انخفاض في سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأخرى وبعضها الآخر يكون مزيج من ازمة مصارف وازمة عملة كما حصل في المكسيك ودول شرق آسيا بينما كانت الأزمة في اليابان هي أزمة في المصارف فقط . وقد تتمكن الدول من اطالة فترة الفورة الأقتصادية ولكنها لابد وان تنتهي بهبوط بالضبط كراكب الدراجة الذي يستطيع الحفاظ على استقرار هذه الدراجة طالما انه يحرك العجلات ولكن عاجلا ام آجلا سيتوقف عن تحريك العجلات وتفقد هذه الدراجة استقرارها وتقع ولكن هذا الوقوع تتفاوت حدته من راكب الى آخر بتفاوت مهارة ركاب الدراجات .
الوجه المظلم لأسواق المال
اسواق المال تشوبها كثير من صور الفساد المالي والأداري ويزداد هذا الفساد وضوحا عندما تحدث الأنهيارات واليك بعض الأمثلة التي افرزها انهيار اسواق المال الأمريكية عام 2000.
فعندما حدث الأنهيارفي اسواق المال الأمريكية عام 2000 اعلنت شرك "أنرون" التي كانت تعتبرسابع أكبر شركة في الولايات المتحدة عن افلاسها وكان من اهم الأسباب التي ادت الى افلاسها ان ادارتها كانت تتلاعب بحساباتها الداخلية وكانت تغري المدققين الخارجيين وعلى رأسهم شركة المحاسبة المشهورة أرثر اندرسون بأن يعلنوا ان الشركة تحقق ارباحا عالية من خلال تقليل بنود التكاليف بما في ذلك الديون والمبالغة في الأيرادات وذلك لأن الأعلان عن ارباح الشركة الوهمية كان يجلب المستثمرين ويؤدي الى ارتفاع اسعار اسهم الشركة وكلما ارتفعت اسعار اسهم الشركة كانت المكافآت التي يحصل عليها مدراء الشركة اكبر حتى ولو كان ذلك يعني تزايد احتمال افلاس الشركة وضياع اموال الستثمرين وهذا ما حصل فعلا. ونتيجة لهذا التلاعب قدمت قضايا قانونية على اكثر من ثلاثين مديرا لمؤسسة انرون المنهارة ذلك بالأضافة الى الخسائر الباهضة التي تعرض لها آلاف المستثمرين . ولقد ادى انهيار "انرون" واكتشاف تواطؤ مؤسسة التدقيق الخارجي "أرثر اندرسون" معها الى هبوط هذه المؤسسة الأخيرة التي ادانتها المحكمة بأعاقة القانون والتخلص من كثير من الوثائق عام 2002 وخسرت نتيجة لذلك مئات من المؤسسات التي كانت تتعامل معها .وحتى ريتشارد غراسو الذي يترأس المؤسسة التي تشرف على اداء الشركات المدرجة في اسواق المال الأمريكية لم يسلم من هذا الفساد فقد اعلن انه سيحصل على مكافأة تقاعد تقدر بحوالي 150 مليون ويعزوا الكثيرن ان هذا المبلغ الذي قرره ممثلوا الشركات المشتركة في مؤسسة الرقابة على اداء هذه الأسواق هو بمثابة مكافأة لغارسو لتساهله مع هذه الشركات في تطبيق القوانين المنظمة لأسواق المال.
هذه بعض الأمثلة حول المفاسد التي تحصل في النظام المالي خاصة اسواق المال وادرات الشركات المدرجه فيها والنظام الرقابي الذي يفترض فيه مراقبتها وهي وان كانت تعود الى حالة الولايات المتحدة الا ان لها صورا مشابهه في بقية الدول كانهيار سوق المناخ الكويتي في الثمانينات وانهيار بنك الأعتماد والتجارة الذي كانت غالبية اسهمه تعود لدولة الأمارات وانهيارات اليابان ودول النوردك (فلندا والنرويج والسويد ) في منتصف الثمانينات.
منقول وصاحب الموضوع Read1222 كتبه في تاريخ9/11/2006