المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاهد الصادق والشاهد الكاذب



دينار بن حزم
28-01-2011, Fri 6:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
قبل أن ادخل في صلب الموضوع أحب أن أعلق على موضوع شاهدته في قناة دليل هذه الليلة عن أحداث كارثة جدة البرنامج كان مباشر ومن بداية البرنامج إلى نهايته وأنا أتابعه وكنت أتمنى عرض أرقام هواتف المشاركة في البرنامج ولكن للأسف لم يوضع أي رقم بالرغم من وجود مشاركات هاتفية من مسؤ لين ومواطنين
كان ضيف الحلقة ( والذي يلاحظ عليه أنه كان مطبلا لما يريده مقدم البرنامج )
الحلقة كانت من وجهة نظري ضعيفة من الناحية الإعلامية ومن الناحية الموضوعية يعتمد البرنامج على الإثارة الإعلامية مستخدما ماحل بمدينة جدة من كوارث طبيعية
مقدم البرنامج ثقافته الاعلامية في نظري لا تؤهله لان يكون مقدما لبرنامج يذاع على الهواء فهو يتحدث بسذاجة وسطحية فهو لا يعرف اسم مدير عام الدفاع المدني ولا رتبته العسكرية ويقولها بصورة لامبالاة وكأنه يتحدث إلى أطفال ولا يتحدث إلى أناس يجب عليه احترام عقولهم وإفهامهم وهذه
سقطة إعلامية تضاف إلى سقطات إعلامية أخرى له في هذا البرنامج منها : 1-أنه مشحون من الداخل نحو فكرة أو هدف معين يتضح ذلك من أسلوب تقديمه ومن أسلوب ردوده خلال المناقشة والمفروض أن يكون محايد بعرض الفكرة والهدف إذا كان المراد الوصول لهدف معين أو حل معين
(2) الاعتماد على الإثارة الإعلامية في عرض موضوع البرنامج والتركيز على اللقطات المأساوية دون إبراز الجوانب الايجابية مثل ما قام به الدفاع المدني والدفاع الجوي من جهود كبيرة وتهميش هذا الدور بل ولم يتطرقوا له
تخوين المسؤلين واتهامهم في نياتهم فالأخطاء لاتعالج بالأخطاء ولا تكون بالبروز الإعلامي على حساب الآخرين وعلى حساب عواطف الناس ومصائبهم
الملاحظات كثيرة و مثل هذه البرامج إن استمرت بهذه الطريقة ستكون سلبياتها اكبر من ايجابيتها المفروض يكون النقاش هادف وبناء يضع الأسباب والحلول لها بدلا من الاستعراض بمآسي الناس وما أصابهم في أنفسهم وأموالهم بمشاهد ومؤثرات لاستقطاب الإثارة الإعلامية بغية التفوق والبروز الإعلامي .
النقد من ابسط الأمور ومثال ذلك :
انظروا إلى ديكورات أستوديو البرنامج وانتم تعرفوا التخلف في الأفكار برنامج لم يستطع تصميم
ديكوراته بما يتلاءم مع الحدث كيف سينجح في عرض الحدث حوائط الأستوديو مزينة بقوارير كأنها قوارير ؟؟؟؟ فهل هذا يتوافق مع الحدث ، إذا النقد بسيط وسهل .
هناك سبب مهم وخطير غفل عنه الإعلام ولم يعرض له لا أدري لماذا وكنت أتمنى من البرنامج لو سلط الضوء عليه ألا وهو خطر الذنوب والمعاصي وأنها سبب في هلاك المجتمعات ومحو البركة مما بين أيدي الناس هذا الأمر كنت أتمنى لو كثير من المشايخ والكتاب تكلموا عنه , لماذا فقط نربط الأسباب بأمور دنيوية صرفة ونغفل عن أمور وحقائق مهمة نتيجة البعد عن أوامر الله عزوجل .
أولا:أثر الذنوب والمعاصي في نقص البركة والتعجيل بالعقوبة :
الذنوب والمعاصي لها شؤم كبير على البلاد والعباد وعندما أتحدث عن ذلك فليس المقصود بلد معين أو مدينة معينة أو منطقة معينة بل المقصود أنها تكون عظة وعبرة وتذكير وإنذار بوجوب العودة إلى الواحد القهار ونفي الحول والقوة عن أنفسنا , وأن نكثر من التوبة والاستغفار فالله سبحانه وتعالى قد خلق الشمس والقمر وجعل فيها منافع للناس وزينة للسماء وأيضا جعلها سبحانه وتعالى أية يحذر الناس بها من عقوبته وسخطه فعندما يحدث الكسوف والخسوف فهو دلالة على تخويف رب السموات والأرض لعباده وتحذيرهم من عقابه فيهرع المؤمنون للصلاة وجلين خآئفين مستغفرين منيبين سآلين الله أن يكشف ويصرف عنهم هذا البلاء والعذاب وغيرهم يعتبرونها ظواهر طبيعية فيجهزون آلات التصوير والأكل والشرب للاستمتاع بالنظر إلى هذه الظواهر غير آبهين لمدلولاتها , ولو سألتهم ماذا يجدون في قرارت أنفسهم لوجدت عندهم حالة من الاضطراب والخوف يخفونها بمظاهر الاستمتاع .
فأي كان الحدث وفي أي مكان وخصوصا عندما تخرج عن الأمور الطبيعية والتي يعجز الإنسان عن مواجهتها علينا أن نتبرأ من حولنا وقوتنا وان نتجه إلى الله أن يرفع عنا مابنا فما حلت عقوبة الا بذنب ولا رفعت إلا بتوبة , ولنا في رسول الله أسوة حسنة , ماذا حل بالمسلمين في غزوة أحد وماذا كان السبب فمن بعد نصر إلى هزيمة , وماذا حل بالمسلمين في غزوة الأحزاب ركنوا إلى كثرة عددهم وعدتهم فماذا كانت النتيجة
سأعرض بعض المواضيع التي أسأل الله أن يكتب فيها الخير والفائدة
وأسأل الله الكريم المنان ألا يؤاخذنا بذنوبنا وسيئات أعمالنا وأن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين وأن يرفع عن المسلمين ماحل بهم من ذل وهوان وأن يعز دينه وينصر سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
وأن يحفظ هذه البلاد آمنة مطمئنة وسائر بلاد المسلمين إنه سميع قريب مجيب الدعوات .
ثانيا: من آثار الذنوب والمعاصي :
أولاً: حرمان العلم الشرعي:
وهو الطريق إلى الجنة فإن العلم نور يقذفه الله عز وجل في القلب، والمعصية تطفيء ذلك النور، ولما جلس الشافعي بين يدي الإمام مالك وقرأ عليه، أعجبه ما رأى من نور فطنته، وتوقد ذكائه، وكمال فهمه، فقال: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية. ومن تأمل في واقعنا يجد من حملة الشهادات العليا في تخصصات دنيوية، وهو لا يحسن الصلاة المفروضة، فما الذي حرمه من العلم الشرعي. وإذا كان المزارع يقل إنتاجه ويفوت موسمه إذا تقاعس في أخذ المعلومات الصحيحة عن وقت الزرع والحصد، فما بالك بمن يجهل الأحكام والسنن والنوافل ويرجو الدرجات العلا؟

ثانياً: حرمان الرزق:
وكما أن التقوى مجلبة للرزق، فإن ترك التقوى مجلبة للفقر. قال : { إن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه } [رواه أحمد]. وأما ما تراه من واقع الكفار أو الفاسقين من سعة رزق فإنما هي إستدراج فإن المقصود بالرزق ما أغنى وكفى، لا ما كثر وأشقى. وكم ممن يملك الدينار والدرهم وهي تشقيه ولا تسعده. وكم من رجل أحواله مستورة هو قرير العين، هانيء البال.

ثالثاً: تعسير أموره عليه:
فإن الله ييسر أمور عباده الصالحين وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4] وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:3،2]. وعلى العكس من ذلك، نجد آثار الذنوب تعم حتى الدابة والخادم فتتعسر أمورهما على صاحبهما ويكونان نكداً وقلقاً على مالكهما.

رابعاً: إن المعاصي تزرع أمثالها:
يولد بعضها بعضاً حتى يعز على العبد مفارقتها، فلو عطل المحسن طاعته لضاقت عليه نفسه ورجع إليها سريعاً، ولو عطل المجرم المعصية لضاق صدره ورغب في تتابع وتمنى ذلك بقوله إن لم يتمكن من فعله.

خامساً: إنها سبب لهوان العبد على ربه:
والكثير ينظر إلى مديره بعين الحذر والرجل حتى لا يرى منه سقطة أو زلة، فكيف برب العباد إذا سقط العبد من عينه وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ [الحج:18].

سادساً: أن المعصية تورث الذل:
فصاحب المعصية ذليل حقير، فتجد الراشي والمرتشي ذليل في عمله حتى وإن ملك الملايين، وتجد اللوطي والزاني ذليل في نفسه، وعلى ضد ذلك كله مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً [فاطر:10] قد ترى فقيراً منكراً لله، لكنه عند الناس عزيز رفيع القدر.

سابعاً: أن الذنوب تدخل العبد تحت لعنة رسول الله :
فقد لعن رسول الله على معاص منها: لعن الواشمة والمستوشمة والواصلة، ولعن السارق، ولعن شارب الخمر، ولعن المصورين، ولعن من عمل عمل قوم لوط، وغيرها كثير، واللعن: هو الإبعاد والطرد من رحمة الله.

ثامناً: حرمان دعوة رسول الله ودعوة الملائكة:
فإن الله سبحانه أمر نبيه أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات في آيات كثيرة، وتارك المعصية المقبل على طاعة الله عز وجل رجل يشمله هذه الإستغفار من خيار الخلق.

تاسعاً: إن من آثار الذنوب ما يحل بالأرض من الخسف والزلازل:
والله عز وجل يقول فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا [العنكبوت:40] وكل هذا بسبب الذنوب والمعاصي، وكانت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تردد قوله تعالى: وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ [الشورى:30].

عاشراً: الخوف والجزع:
فلا نرى صاحب المعصية إلا خائفاً مرعوباً. فهم يحسبون كل صيحة عليهم، وأصحاب المعاصي في وجل من إطلاع الناس عليها، فتجد الزاني في وجل، والزانية في خوف، ويكفي هذا الأثر في إبقاء القلق والفزع، وعلى عكس ذلك تجد أصحاب الطاعة في سعادة وإستقرار نفسي وإطمئنان.

إحدى عشر: أنها تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف:
فهذا نقي، بر، تقي، مطيع، منيب، ورع، صالح، عابد، أواب، والآخر: فاجر، عاص، فاسد، خبيث، زان، سارق، لوطي، خائن: بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ [الحجرات:11]. ومن يرضى بهذه الأسماء لباساً له! وقد عرف سوء هذا الأسماء الكفار وأهل الفساد، فجعلوا الزنا صداقة، والإختلاط والتبرج حرية، والمرأة البغي الزانية أطلقوا عليها بائعة الحب تزييناً لفعلها!

ثاني عشر: أن من آثار الذنوب أنها قد تكون حاجباً للعاصي عن حسن الخاتمة:
فإنه إذا أقبلت الآخرة وأدبرت الدنيا فقد تكون الخاتمة السيئة ـ والعياذ بالله ـ والقصص قديماً وحديثاً كثيرة جداً، ومن يغسلون الأموات يشاهدون الكثير من ذلك.

ثالث عشر: أنها تزيل النعم الحاضرة:
لأن المعصية جحود وكفران للنعمة ومن شكر النعمة: القيام بحق الله عز وجل، وعدم التعدي على محارمه، وكم من امرأة أو رجل تعيش سعيدة في بيت هانئ، ولما تطاولت إلى الحرام أصابها الغمّ، وكم من شاب وقع في الحرام فتفرق شمله وضاقت به الدنيا.

رابع عشر: المعيشة الضنك في الدنيا وفي البرزخ والعذاب في الآخرة:
وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124] ومن أوضح الأمثلة ما نراه في دولة أوروبية ـ من شرف المؤمن الجهل بها ـ تمتاز بأجمل المناظر، وأعذب الأنهار، وتتمتع بمناظر خلابة لا تتوفر في أوربا إطلاقاً، ودخول أفرادها المالية تشكل أعلى نسبة في العالم، مع ضمانات صحية وإقتصادية كبيرة، هذا مع إنحلال ظاهر في الشهوات، وحرية في الفساد، حتى وصل بهم الأمر إلى إقرار قانون في المجلس التشريعي لديهم بزواج الرجل بالرجل! ومع كل هذا فإن أعلى نسبة إنتحار في العالم هي في هذا البلد! أليس هذا ينبئ عن حياة ضنك، ومعيشة غير طيبة؟!

هذه بعض آثار الذنوب والمعاصي في الدنيا، ولو لم يكن منها إلا واحداً فقط لكفى بالمرء عقلاً وديناً أن يبتعد عنها! وما أكثر اليوم من يعرف الأحكام وينسى الآثار، ولهذا يجب أن نذكّر بهذه الآثار بين الحين والآخر، ولتكون حجاباً وحاجزاً عن الوقوع في المعصية.

اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن برحمتك يا أرحم الراحمين. (عبدالملك القاسم)
ثالثا :
http://www.alwakad.net/pdf/alwakad-pdf.pdf

دينار بن حزم
28-01-2011, Fri 6:31 AM
دور المواطن في مواجهة الكوارث والأزمات في عصر المعلومات
للدكتور خالد بن مسفر ال مانعة
لازمت الكوارث والأزمات الأمم والمجتمعات البشرية منذ بدء الخليقة، وقد عرض لنا القرآن الكريم نماذج مما أصاب كثير من الأمم السابقة: (الطوفان، القمّل، الجراد، الخسف، الرياح، السيول ...) كعقوبة منه (سبحانه) لتلك الأمم علي تكذيب الرسل والإعراض عن أمر الله والإصرار على الإفساد في الأرض بغير الحق.
ومازالت البشرية تتعرّض لتلك الكوارث والأزمات بصورة مفاجئة ــ غالباً ــ أو منتظمة، مُخَلِّفة وراءها المزيد من الخسائر المادية والبشرية الجسيمة التي تبدّد ما تم تحقيقه من منجزات، وتعوق مايُسعى إليه من خطط وطموحات، ولذلك كان الإنسان حريصاً منذ القدم على البحث عن الوسائل والأساليب التي تقيه من التعرّض للكوارث والأزمات، واتخاذ الإجراءات المناسبة للحدّ من الأضرار والخسائر، وإزالة الاثار والنتائج السلبية التي خلّفتها.

ومع تطور البشرية وتراكم خبراتها وإمكاناتها في هذا المجال، أصبح هناك علم خاص مستقل يُدرّس في الجامعات والمعاهد العليا هو (علم إدارة الكوارث والأزمات)، وأصبح لتلك الإدارة قواعدها وأسسسها وأساليبها وطرقها وتعقيداتها التي يجب على المتخصص إتقانها، وعلى جميع أفراد المجتمع الإلمام بها، للمشاركة الفاعلة في تلافي وقوع الكوارث والأزمات قبل وقوعها، والحدّ من مخاطرها وانعكاساتها إبّان وقوعها.

والكتاب الذي نعرضه هو إحدى الدراسات العلمية الأكاديمية الحديثة التي تناولت هذا الموضوع الهام بالبحث والتحليل.

عرض الكتاب

صدر كتاب: (دور المواطن في مواجهة الكوارث والأزمات في عصر المعلومات)، لمؤلفه الدكتور/ خالد بن مسفر آل مانعة، في طبعته الأولى عام 1431هـ/2010م عن (شركة دار النحوي للنشر والتوزيع المحدودة) بالرياض ــ السعودية، في (262) صفحة من القطع المتوسط، وأصل الكتاب ــ كما أشار المؤلف في ص 2 ــ هو رسالة دكتوراة، قُدِّمت لقسم (الإدارة العامة) بجامعة (كولمبوس) الأمريكية، وقد تم قبول الرسالة من الجامعة بتقدير (ممتاز)، وذلك بتاريخ (1430هـ/2009م).

يشتمل الكتاب على: تقديم، ومقدمة، وخمسة فصول، وخاتمة، جاءت على النحو التالي:

التقديم : وهو بقلم الأستاذ الدكتور/ عبدالرحمن بن أحمد هيجان ــ عضو مجلس الشورى السعودي وعضو هيئة التدريس بمعهد الإدارة العامة ــ وقد أثنى فيه على اختيار المؤلف لموضوع الكتاب، خصوصاً وأن دور المواطن في مواجهة الكوارث والأزمات مُغيّب إلى حدٍ كبير، ويتم التعامل معه بصورة عرضية؛ فضلاً عن أنّ المؤلف بمعالجته للموضوع في إطار عصر المعلومات وتأثيره على جميع قراراتنا الإدارية والسياسية قد سدّ فجوة علمية هائلة في مجال إدارة الكوارث والأزمات، الأمر الذي يجعل من الكتاب ــ في رأي مقدمه أ. د. عبدالرحمن هيجان ــ : «إضافة علمية رائعة في مجال الأبحاث في علم الكوارث والأزمات».

الفصل الأول : وقد خصصه المؤلف لتناول (مدخل الدراسة) وما يتعلق بها من إجراءات علمية منهجية تمثلت في: تحديد مشكلة الدراسة، وتساؤلاتها، وأهدافها، وأهميتها، والبحث العلمي الذي اتبع في إعدادها (المنهج التاريخي والوصفي، والمنهج الاستقرائي التحليلي)، وحدودها المكانية والزمانية، والمصطلحات التي استخدمت فيها، والدراسات السابقة عليها في موضوعها، وتنظيم فصولها ومباحثها، وما توصلت إليه من نتائج وتوصيات، وما اعتمدت عليه من مصادر ومراجع.

الفصل الثاني : (الكارثة)، وفيه استعرض المؤلف كل ما يتعلق بالكوارث بالتفصيل والتحليل، موضحاً:
مفهومها: وذلك عبر بيان معناها: اللغوي، والاصطلاحي، والعلمي، والمؤسسي التنظيمي، والحكومي الأمني، مستخلصاً من تلك المعاني والتعريفات عناصر أربعة تحدّد في مجموعها مفهوم الكارثة وملامحها، فهي:
1. تحدث بشكل مفاجئ؛
2. ينتج عنها خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات؛
3. قد تكون طبيعية، وقد تكون بفعل الإنسان، عمداً أو إهمالاً؛
4. تتطلب دعماً وطنياً وإقليمياً، وأحياناً مساعدات دولية، لمواجهتها والحدّ من آثارها.

وخصائصها: التي من أبرزها: أنها تُعدّ نقطة تحوّل في أحداث متتابعة ومتسارعة؛ وتسبب ـ عند بدء وقوعها ــ صدمة جماعية ودرجة عالية من التوتر مما يضعف من إمكانات رد الفعل السريع على مجابهتها؛ وتوجد حالة من الشك في القدرة على مجابهة أحداثها المتسارعة، نظراً لندرة المعلومات أو نقصها وللضغط النفسي العالي أثناء المواجهة؛ وحتمية مواجهتها لما تمثله من تهديد لحياة الإنسان وممتلكاته؛ وحاجتها إلى أساليب ووسائل وأنشطة مبتكرة ــ غير تقليدية ــ لمواجهة أحداثها الفجائية وغير المتوقعة؛ وإيجاد مناخ تنظيمي على درجة عالية من الاتصالات الفعّالة للتحكم في الطاقات والإمكانات والموارد المتاحة وحسن إدارتها وتوظيفها لمواجهة الكارثة.

وأنواعها: تتنوع الكوارث بتنوع المنظور الذي تُقوَّم من خلاله، فمن حيث طبيعة ونوع الواقعة المسببة لها، تنقسم الكوارث إلى: (كوارث طبيعية)، وهي نوعان: أولهما: الذي يحدث نتيجة للتغيرات أو الاضطرابات الجيولوجية أو الجوية (كالزلازل والبراكين والأعاصير والسيول .. ونحوها)، وثانيهما: الذي يحدث نتيجة خطأ أو إهمال بشري (كحرائق المنازل والمصانع، وحوادث انقلاب القطارات وسقوط الطائرات، والانفجارات التي تقع في المنشآت الصناعية والبترولية .. ونحوها)، وقد سمّاها المؤلف (كوارث عامة أو تقنية). أما القسم الثاني في هذا التقسيم فهو: (الكوارث الطبيعية الصناعية المختلطة)، وهي التي تحدث بسبب تضافر ظاهرة طبيعية مع عامل إنساني، ومن أمثلة هذا النوع: الفيضانات التي تحدث في إحدى المناطق بسبب غزارة الأمطار وبسبب تعديات الإنسان ببناء المنشآت في مجاري السيول والأمطار.

ــ ومن حيث المدى الجغرافي لتأثيرها، تنقسم إلى: (كوارث ضمن فئة محددة وفي مكان محدد) و (كوارث ضمن نطاق مدينة واحدة)، و (كوارث تقع في نطاق الدولة: كوارث قومية)، و (كوارث تشمل أكثر من دولة: كوارث عالمية).

ـــ ومن حيث نوع التأثير الذي تحدثه، تنقسم إلى: (كوارث مادية التأثير)، و (كوارث ذات تأثير معنوي)، و (كوارث مادية ومعنوية التأثير).
ـــ ومن حيث إمكانية التنبؤ بحدوثها، تنقسم إلى: (كوارث فجائية)، و (كوارث متوقَّعة).
ـــ ومن حيث حجم التأثير وحجم الخسائر، تنقسم إلى: (كوارث محدودة)، و (كوارث شاملة).
ـــ ومن حيث مدة حدوثها، تنقسم إلى: (قصيرة الأمد، كالزلازل)، و (طويلة الأمد، كالتصحر والتلوث البيئي).
وإدارتها: إدارة الكوارث هي: «نشاط هادف يقوم به المجتمع لتفهم طبيعة المخاطر الماثلة لكي يحدد ما ينبغي عمله إزاءها، واتخاذ وتنفيذ التدابير للتحكم في مواجهة الكوارث وتخفيف حدّة وآثار ما يترتب عليها». وتتم إدارة الكارثة عبر أربعة مراحل رئيسة هي: (مرحلة تلطيف أو تخفيف الكارثة)، و (مرحلة الاستعداد والتحضير)، و (مرحلة المجابهة)، و (مرحلة إعادة التوازن وإزالة الآثار). ويتم في كل مرحلة من هذه المراحل مجموعة من الأنشطة والإجراءات والوظائف التي تنجز من خلالها المرحلة ويُنتقل إلى المرحلة التي تليها، وهو ما أوضحه المؤلف بالشرح والتفصيل.

وآثارها: تترك الكوارث آثارها السلبية ــ التي قد تمتد لفترات طويلة ــ على نشاط الإنسان وعلى البيئة المحيطة به، وتفرض عليه سلوكاً معيّناً ليحدّ من مخاطرها، وقد تتبع المؤلف أهم الآثار التي تخلفها الكوارث الطبيعية ومنها: العواصف، والأمطار والثلوج الغزيرة، والرياح الشديدة، والموجات الحارة والباردة، والأعاصير الاستوائية، والجفاف، والفيضانات، والانجرافات الطينية والترابية، وسقوط الكتل الثلجية والكتل الجليدية، والجراد الصحراوي، وحرائق الغابات، والضباب، والصقيع. وقد خصص المؤلف مبحثاً ليعرض من خلاله نماذج لبعض الكوارث العالمية والعربية، ومنها: زلزال اليمن، وواقعة مصنع الميثول بمدينة بوبال الجنوبية، والأمطار الثلجية الغزيرة التي سقطت على مدينة الرياض عام 1416هـ، وتآكل طبقة الأوزون؛ موضحاً ما نجم عن تلك الكوارث من خسائر بشرية ومادية.

والوقاية منها: اهتم الإنسان منذ القدم بالوقاية من الكوارث الطبيعية والحدّ من آثارها، وتطورت محاولاته في هذا المجال إلى أن بلغت ذروتها في عقد التسعينيات من القرن العشرين، حيث أسهمت الشبكة العالمية للمعلومات (الانترنت) في تسهيل إدارة الكوارث والأزمات، وذلك من خلال: توسيع دائرة المعرفة والخبرات وتبادلها بين الدول والمجتمعات، والتنسيق اللازم لتطوير شبكة معلومات وقاعدة بيانات عالمية؛ ووضع خطط واستراتيجيات مشتركة لمواجهة الكوارث؛ والتركيز على المشاركة الاجتماعية، واستشعار كل فرد في المجتمع ــ فضلاً عن الأجهزة الحكومية ــ بمسؤوليته في الوقاية من الكوارث والأزمات والحدّ من آثارها ومخاطرها.

وقد أوضح المؤلف أهم فقرات أجندة القرن الحادي والعشرين في التعامل مع الكوارث والأزمات، وهي: تفعيل وسائل الاتصال بين دول وشعوب العالم، وإيجاد صناعات وخدمات جديدة تساعد ضحايا الكوارث في التعامل معها، وتشجيع الجمهور على المشاركة الفاعلة في الوقاية من الكوارث، سواء قبل وقوعها ــ بالتبليغ عن الأماكن التي يُحتمل وقوعها فيها ــ أو بعد وقوعها ــ عبر إزالة آثارها، ووضع استراتيجيات عامة محددة لذلك من قِبل الأجهزة المعنية بالكوارث كالدفاع المدني والهلال الأحمر ــ وأخيراً: توظيف العديد من العلوم المتصلة بهذ المجال ـــ كالهندسة ـــ من أجل تقليص أضرار الكوارث ومخاطرها.

الفصل الثالث : (الأزمة): تناول المؤلف في هذا الفصل مفهوم الأزمة وتعريفها ــ لغة واصطلاحاً ــ موضحاً أنها عبارة عن: (حالة توتر ونقطة تحول تتطلب قراراً ينتج عنه مواقف جديدة، سلبية كانت أو إيجابية، تؤثر على مختلف الكيانات ذات العلاقة).
ثم استعرض خصائص الأزمات، ومن أهمها أنها: منبهة، ومهدِّدة، ومفاجئة، وتستلتزم المجابهة السريعة والفورية؛ وتتطلب ابتكاراً في نظم وأساليب مواجهتها، كما تتطلب درجة عالية من التحكم في الطاقات والإمكانات لتحقيق السيطرة عليها؛ وتحدث حالة من الارتباك وعدم التوازن في الكيان الذي يتعرض لها (الدولة، النظام، المؤسسة، الفرد).

وتتبع المؤلف التطور التاريخي لمفهوم الأزمة مشيراً إلى أنها استخدمت في أول الأمر في علم الطب الإغريقي القديم كتعبير عن اللحظات المصيرية في تطور المرض، ثم انتقل في القرن السابع عشر إلى المجال السياسي، حيث استعمل في الغرب للدلالة على درجة التوتر بين الدولة والكنيسة. واستخدم المصطلح في القرن التاسع عشر للدلالة على ظهور مشاكل خطيرة أو لحظات تحوّل فاصلة في تطور العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي ثلاثينيات القرن العشرين استعمل المصطلح لوصف الكساد والدمار الاقتصادي الذي ساد العالم وتسبب في صراعات سياسية دولية بلغت ذروتها في الحرب العالمية الثانية التي انتهت بالكارثة الذرية على اليابان. أما في منتصف القرن العشرين أصبح المصطلح مستخدماً من قِبل علماء النفس لوصف حالة التفسّخ الاجتماعي والأخلاقي الذي أصاب المجتمعات الصناعية على وجه الخصوص بعد الحرب العالمية الثانية. وفي سبعينيات القرن العشرين أصبح المصطلح يُطلق من قِبل الديمغرافيين على الانفجار السكاني، وفي الثمانينيات استخدمه علماء الاجتماع لوصف الصراعات الاجتماعية التي نشأت عن تنامي مجتمع الرأسمالية، مما أدى إلى شعور بعض الطبقات الاجتماعية بالاغتراب داخل مجتمعاتها.

وذكر المؤلف أسباب الأزمات ممثلة في: خروجها عن ثورة الإنسان وإدارته (كالزلازل والبراكين والأعاصير)، وضعف الإمكانات المادية والبشرية في التعامل مع بعض الأحداث والمواقف، وإهمال الإنذارات التي تسبق الأزمات، وسوء الفهم الناشئ عن المعلومات المبتسرة أو القرارات المتسرعة، وانتشار الإشاعات، والأخطاء البشرية، وسوء الإدراك، وسوء التقدير والتقويم، والإدارة العشوائية للأزمات.

وتابع مراحل تطور الأزمة، فأوضح أنها تتطور عبر مراحل متتالية تبدأ بمرحلة الميلاد، ثم مرحلة النمو والاتساع، ووصولاً إلى مرحلة النضج، التي تتبعها مرحلة الانحسار والتقليص، ثم تأتي أخيراً مرحلة الاختفاء أو ما بعد الأزمة.

تناول المؤلف بعد ذلك: (مفهوم إدارة الأزمات ومراحلها)، فأورد التعاريف التي ذكرها العلماء لإدارة الأزمة ومفاهيمها، مختتماً بالتعريف الذي يراه، والذي يتلخص في ثلاث مراحل رئيسة هي: (منع وقوع الأزمة عن طريق التنبؤ بها قبل حدوثها كلما أمكن؛ ومواجهة الأزمة بفاعلية عند حدوثها؛ وتحليل الأزمة بعد حدوثها والاستفادة منها في منع الأزمات المشابهة المستقبلية).

وقد أكّد في هذا الصدد أن المفاهيم الخاصة بإدارة الأزمة تتعدد طبقاً لإمكانات الدولة وقدرة جهاز الإدارة والأهداف المصاغة من خلال السياسة العامة للدولة.

وعن أهداف إدارة الأزمة، أوضح المؤلف أن هناك أهدافاً يجب أن تتحقق قبل وقوع الأزمة، كالتأكّد من الاستجابة السريعة والعالية والفعّالة لدرء أخطار الأزمة قبل وقوعها، ووضع الخطط الكفيلة بتحقيق أهداف إدارة الأزمة، وتحليل أنواع الأزمات والكوارث لتصنيفها، ووضع آلية للتنبؤ بالأزمات واكتشاف إشارات الإنذار المبكر؛ وهنالك أهداف يجب أن تتحقق أثناء الأزمة، كاتخاذ القرارات الحاسمة والسريعة بشأن مواجهتها وتقليص أضرارها، وتنسيق الجهود وتنظيمها بين محاور الأزمة، وتوفير الدعم الضروري لإعادة التوازن إلى حالته الطبيعية، وتوثيق كل ما يتعلق بها من بدئها إلى نهايتها.

ثم تناول المؤلف (مبادئ إدارة الأزمة)، والنظرة الإسلامية لإدارة الأزمات، ومراحل إدارة الأزمة، بدءاً من مرحلة اكتشاف الإنذار المبكر، ثم مرحلة الاستعداد والوقاية، فمرحلة احتواء الأضرار والحدّ منها، ثم مرحلة استعادة النشاط، وأخيراً مرحلة التعلّم.
وعن (تصنيف الأزمات وأنواعها) أورد المؤلف التصنيفات المتداولة للأزمات والاعتبارات التي يتم التصنيف على أساسها، فمن حيث طبيعة الحدوث، تصنّف الأزمات إلى: طبيعية، وبفعل الإنسان؛ ومن حيث معدل تكرارها: دورية، وغير دورية؛ ومن حيث مقدار عمقها: سطحية، وعميقة ومتغلغلة؛ ومن حيث التأثير؛ ظرفية هامشية محدودة التأثير، وجوهرية هيكلية التأثير، ومن حيث درجة شدّتها: عنيفة جامحة ساحقة يصعب مواجهتها، وهادئة خفيفة يسهل مواجهتها؛ ومن حيث المستوى: على المستوى الكلي، وعلى المستوى الجزئي؛ ومن حيث المصدر: المصدَّرة، و لها جذور في بلد الحادث؛ ومن حيث موضوع أو محور الأزمة: مادية، ومعنوية، وتجمع بين المادية والمعنوية.

ويشير المؤلف في هذا الفصل إلى أزمات الصراع المسلح والإرهاب الدولي، موضحاً خصائصها ومظاهرها.

ويذكر أساليب التعامل مع الأزمات ممثلة في: (الأسلوب التساومي القهري، والأسلوب التساومي التوفيقي، والأسلوب التنازلي). أما استراتيجيات مواجهة الأزمة، فتتمثل في: (استراتيجية العنف، واستراتيجية وقف النمو، واستراجية التجزئة، واستراتيجية إجهاض الفكر، واستراتيجية تصعيد الأزمة، واستراتيجية تغيير المسار).

وفي مبحث خاص في هذا الفصل، يوضح المؤلف كيفية (الوقاية من الأزمات)، مشيراً إلى بعض العلوم والدرسات العلمية التي تسهم في ذلك، مثل: علم إدارة الاهتمام، وعلم إدارة المخاطر، وعلم إدارة التغيير، وعلم إدارة الأولويات.

ويختتم المؤلف هذا الفصل بالمقارنة بين الكارثة والأزمة، وبيان الفروق بينهما في عدة أمور، منها: عنصر المفاجأة التي تكون (كاملة) بالنسبة للكارثة، و (تصاعدية) في الأزمة؛ وعنصر الخسائر، التي تكون في الكارثة (بشرية ومادية كبير)، بينما تكون في الأزمة (معنوية، وقد يصاحبها خسائر بشرية ومادية)؛ وعنصر الأسباب، التي تكون (غالباً طبيعية وأحياناً إنسانية) في الكارثة، و (إنسانية) فقط في الأزمة .. إلى غير ذلك من الفروق التي فصّلها المؤلف في هذا الفصل.

الفصل الرابع : (الأساليب والطرق الحديثة لمواجهة الكوارث والأزمات): خصص المؤلف هذا الفصل لمناقشة الوسائل والتقنيات الحديثة المستخدمة في مواجهة الكوارث والأزمات، ومنها: (الخرائط)، و(الصور الجوية) و(الاستشعار عن بُعد)، و (نظام المعلومات الجغرافية)؛ حيث أوضح بالتفصيل المراد بكل وسيلة أو تقنية منها، وأهميتها، ومكوناتها، وكيفية الاستفادة منها في مواجهة الكوارث والأزمات في المراحل الثلاث: مرحلة ما قبل الكارثة، ومرحلة وقوعها، ومرحلة مابعد الكارثة؛ داعماً ما يطرحه من معلومات بالصور والمخططات والنماذج التطبيقية التي استخدمت فيها تلك الوسائل والتقنيات؛ فعلى سبيل المثال، عندما تطرق المؤلف إلى تقنية (الاستشعار عن بُعد) واستخدامها في مواجهة الكوارث والأزمات، بدأ حديثه بنبذة تاريخية توضح أن تلك التقنية ارتبطت باكتشاف التصوير الضوئي في فرنسا عام 1839م، ثم استخدام (المنطاد) كمنصة لالتقاط صورة رأسية للأرض عام 1909م، وصولاً إلى استخدام (الأقمار الاصطناعية) في هذا المجال منذ عام 1960م إلى يومنا هذا، وانتقل المؤلف من هذه النبذة التاريخية إلى إيضاح أساس فكرة (الاستشعار عن بعد) وأهميته، وتعريفه، وتصنيفه بحسب مصدر الطاقة وبحسب الطول الموجي؛ والوسائل المستخدمة فيه: فوتوغرافية وغير فوتوغرافية (وسائل جوية ووسائل فضائية)؛ والطرق التي يتم من خلالها تفسير البيانات من الصور الفضائية (التفسير البصري، والتحليل الرقمي)، والمميزات التي تتوافر باستخدام الصور الفضائية في إدارة الكوارث والأزمات، كتوفير كمٍ هائل وسريع من البيانات عن العمليات الطبيعية السريعة التي تحدث على سطح الأرض (الفيضانات النهرية الناجمة عن الأمطار الغزيرة، أو انهيار أحد السدود، أو الموجات البحرية الزلزالية المعروفة بتسونامي ..). وقد اختتم هذا المبحث ببيان ما تتميز به بيانات (الاستشعار عن بعد) من: شدّة تفصيلها، ودقتها، وشموليتها، وتتبعها لامتداد أشكال سطح الأرض، فضلاً عن قدرتها على الوصول إلى الأماكن التي يصعب الوصول إليها بسبب وجود طرق كافية أو لأسباب تضاريسية أو عسكرية.

وعلى هذا النحو من التفصيل والتحليل، تناول المؤلف الوسائل والتقنيات الأخرى المستخدمة في مواجهة الكوارث والأزمات، وهي: (الخرائط، والصور الجوية، ونظام المعلومات الجغرافية).
الفصل الخامس: (دور المواطن في مواجهة الأزمات والكوارث): يبدأ المؤلف هذا الفصل بالحديث عن الجوانب الاجتماعية والنفسية المتعلقة بالكوارث والأزمات، فيشير إلى (الآثار المتبادلة بين الكارثة والمجتمع)، ويعدد (آثار الكوارث السلبية على المواطنين) من قتل وتشريد، وانتشار لصور الانحراف ومظاهر السلوك الاجتماعي غير السوي، كالسلب والنهب والاختطاف والاغتصاب ... وغيرها كاليتم والترمّل، والفقر والبطالة، والانتهازية والكسب غير المشروع.

وفي المقابل، يطرح المؤلف (آثار الكوارث الإيجابية على المواطنين) ممثلة في: انتشار روح التعاون والتكاتف، ونبذ الخلافات بين أفراد المجتمع، وانتقال سكان المناطق المنكوبة إلى مناطق بديلة أفضل سكناً وتنظيماً وخدمات.

ويشير المؤلف إلى أهمية (التنسيق لمواجهة الكوارث) بين وحدات العمل الأمني والعمل الإداري، وبينهما وبين القطاع الأهلي بكافة تخصصاته، أفراد وجماعات وجمعيات خيرية ومؤسسات مدنية، فضلاً عن التنسيق مع المنظمات الدولية والإقليمية أو مع دول بعينها، وذلك تبعاً لطبيعة الكارثة.

ثم ينتقل المؤلف إلى الحديث عن الجوانب النفسية التي تنتج عن الكوارث والأزمات، فيبين الآثار الفسيولوجية والانفعالية والسلوكية التي تصيب المتضررين من الكارثة أو الأزمة (المحزونين، والمشاركين في إدارتها ــ المنقذين ــ ، والناجين منها)، موضحاً أهمية (الدعم النفسي لتجاوز آثار الكارثة أو الأزمة) عن أولئك المتضررين.

أما عن (دور المواطن في المواجهة) فيعني ــ وفقاً للمؤلف ــ : «مجموعة المهام والأعمال والمسؤوليات التي يقوم بها المواطن والجمهور عند قيام الأزمة أو الكارثة، وكيفية مواجهتها والسيطرة عليها، والتقليل من الآثار السلبية وتلافي حدوثها قدر المستطاع».
وحتى يتسنى للمواطن القيام بهذا الدور، فلابد أن يُهيَّئ تهيئته له عبر وسائل الإعلام، التي يتعين عليها التعامل والتعاون مع الجهات المسؤولة عن مباشرة الكوارث والأزمات ــ ومنها: الدفاع المدني، والشؤون الصحية، والهلال الأحمر ــ وأن تبتعد عن التعتيم على مسار الكارثة أو الأزمة حتى لا تتيح الفرصة لانتشار الشائعات؛ وأن تراعى ألاّ تؤثر أخبارها وتصريحاتها المتتابعة على مسار العمليات.

وحتي تحقق وسائل الإعلام الجماهيرية تلك الغايات فعليها إعداد وتنفيذ خطط إعلامية وتوعوية تتضمن إقامة مؤتمرات وندوات ولقاءات علمية مختلفة توضح للمواطن ما ينبغي عليه القيام به قبل وأثناء الكارثة أو الأزمة. أما بعد الأزمة فإن دور وسائل الإعلام يتركز في: الكشف عن الضحايا، وبث التوجهات والتعليمات للمواطنين المعنيين وتحديد مراكز الإغاثة والإيواء، وبعث الأمل في النفوس على اجتياز الأزمة وتلافي آثار الكارثة. وقد نوّه المؤلف في هذا السياق إلى (مراكز الطوارئ) التي تؤسس في أجهزة البث التلفزيوني والإذاعي، وعبر الإنترنت، لتوعية المواطنين بأمور السلامة وإجراءات الدفاع المدني.

انتقل المؤلف بعد ذلك إلى الحديث عن (آلية استجابة المواطن لبعض الكوارث والأزمات) ومنها: كيفية تعامله مع الزلازل، وما الذي ينبغي عليه فعله، سواء أكان في بيته، أو في الشارع، أو السوق، أو في السيارة، أو في منشأة، أو في مبنى حكومي؛ وكيف يتعامل مع السيول قبل حدوثها، أو عند صدور تنبيه باحتمال حدوثها في المنطقة التي يقيم فيها، وبعد انتهائها؛ وكذلك كيفية تعامله مع الفيضانات، والإجراءات التي يجب أن يتبعها ــ قبل، وأثناء، وبعد ــ وقوع الفيضانات.

واختتم المؤلف هذا الفصل ببيان (دور القطاع الخاص بالتعاون مع المواطن) في مواجهة الكوارث والأزمات، مشيراً إلى أهمية أن تقوم تلك المؤسسات بتشكيل فريق دائم من المواطنين لإدارة الكوارث والأزمات جنباً إلى جنب الجهات الرسمية، بحيث تتراكم لدى هذه المؤسسات خبرات وتجارب تستفيد منها عند تكرار الكوارث والأزمات ولا تبدأ من الصفر أو المربع الأول؛ مؤكداً دور الموسسات الخيرية في مرحلة (مابعد الكارثة) وأهميته في هذا الإطار.

دينار بن حزم
28-01-2011, Fri 6:36 AM
دور القوات المسلحة في مكافحة الكوارث

شهد عديد من مناطق العالم سلسلة من الكوارث الطبيعية المتكررة، التي تسببت في خسائر بشرية واقتصادية فادحة، وبالرغم من التقدم الحضاري والتقني الذي تشهده البشرية خلال الوقت الراهن، فإن معدل الكوارث في ازدياد, سواءً الطبيعية منها أو البشرية، ولا تقوى مقومات هذا التقدم على إيقاف حدوث هذه الكوارث التي تلعب التغيرات المناخية, وزيادة سخونة درجة حرارة الكرة الأرضية, والعوامل البشرية الدور الأكبر في حدوثها.
وقد تفاوتت هذه الكوارث ما بين كوارث سريعة الحدوث, وطبيعية مثل: الأعاصير, والزلازل, والفيضانات الموسمية, والبراكين أو صناعية مثل: الحرائق, والتفجيرات، وكوارث بطيئة الحدوث مثل: الجفاف, والتصحر, وغيرها. ومهما كانت هذه الكوارث أو مسبباتها, فإنه تبقى الآثار السلبية التي تحدثها هذه الكوارث على حياة الملايين من البشر, سواءً في الجوانب الاقتصادية, أو الاجتماعية والنفسية وهي الأهم, والجديرة بمنعها أو التقليل منها بقدر الإمكان. وقد كانت الجهود المبذولة للتخفيف من آثار هذه الكوارث تنصب فقط على التعامل مع الكارثة وتسخير جميع الإمكانات لمواجهة آثارها بعد وقوعها، إلا أن تكرار مثل هذه الكوارث, وتزايد شدتها, ومستوى تأثيرها، أدى تدريجياً إلى اعتراف العلماء, والمتخصصين, وأصحاب القرار بضرورة بذل الجهود الدائمة للتخفيف من الخسائر البشرية, والاقتصادية, والاجتماعية, والنفسية, والبيئية لهذه الكوارث، وذلك من خلال التعاون الدولي في هذا المجال، إلى جانب ضرورة تضافر جهود المؤسسات, والمنظمات, وهيئات المجتمع المدني داخل الدولة الواحدة للتخفيف من الخسائر التي تحدثها هذه الكوارث. وفي هذا السياق, بدا الدور المهم للقوات المسلحة في مواجهة كثير من الكوارث التي حدثت على مستوى العالم، خاصة أنها تمتلك من الإمكانات, ما لا تملكه الأجهزة الأخرى في الدولة مثل الدفاع المدني، ووزارات الصحة, والداخلية, وغيرها من المنظمات الحكومية والأهلية لمكافحة هذه الكوارث والتصدي لها. وقد سلطت أحداث العيص الأخيرة في منطقة المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية الضوء على ضرورة إيجاد تعاون وثيق بين جميع الأجهزة والمؤسسات الوطنية المدنية, والقوات المسلحة لدرء أخطار الكوارث المتوقعة، وبضرورة الاستفادة من القدرات الفنية والإمكانات الموجودة بالقوات المسلحة في حالة ضعف إمكانات, وتجهيزات الأجهزة الحكومية وأجهزة الدفاع المدني عن احتواء مثل هذه الكوارث. ويقوم هذا الموضوع بإلقاء الضوء على الكوارث والتعريف بأنواعها وآثارها، والدور البشري في حدوثها، والتكلفة الاقتصادية لها، ووضع هذه الكوارث في الدول النامية، والجهود الدولية للتخفيف من هذه الكوارث، والتركيز بشكل أوسع على دور القوات المسلحة في مكافحة هذه الكوارث, والمتطلبات اللازمة لنجاح القوات المسلحة في القيام بهذا الدور الذي لا يقل أهمية بأي حال من الأحوال عن أهمية دورها الأصيل في الحروب والدفاع عن الوطن، لأنه في كلتا الحالتين يكون الهدف الأسمى هو الحفاظ على الأرواح, والممتلكات, وحفظ الأمن, والاستقرار.
أولاً: مفهوم الكوارث وأنواعها وآثارها:
أـ تعريف الكارثة: تتعدد التعريفات والمفاهيم التي تقدمها الكتابات عن الكارثة، ومع ذلك هناك شبه إجماع على أن الكارثة هي كل ما يؤثر في حياة الإنسان, ويضر بها بشكل مبالغ فيه، سواءً كانت من صنع الطبيعة, أو ناتجة عن تدخل الإنسان، ومن ثم, فإنها تؤدي إلى إحداث خسائر بشرية ومادية، ما يتطلب تكاتف جهود جميع جهات المجتمع مدنية وعسكرية لمواجهتها. وتعرف كل من المنظمة الدولية للحماية المدنية, وجامعة الدول العربية الكارثة بأنها “حادثة كبيرة تنجم عنها خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وقد تكون طبيعية من فعل الطبيعة (سيول، زلازل، عواصف)، وقد تكون كارثة مردها فعل الإنسان, سواءً كان هذا الفعل إرادياً أو غير إرادي, عمداً أو بإهمال، وتتطلب لمواجهتها معونة الوطن أو المساعدات الدولية”. والملاحظ أن جميع التعريفات على اختلافها تتفق على ملامح معينة للكارثة تتمثل في الآتي:
• صعوبة التنبؤ بحدوث الكارثة ومن ثم حدوثها بشكل مفاجئ.

• إحداثها لخسائر جسيمة في الجوانب البشرية والمادية والبيئية.

• أن الكارثة قد تكون طبيعية ليس للإنسان دخل فيها، وقد يتسبب فيها الإنسان إما عمداً أو عن طريق الإهمال والخطأ.

• إذا حدثت الكارثة في بلد ما, فإنها غالباً ما تتجاوز قدرات الشعب وأجهزة الدولة المنكوبة، ما يتطلب التدخل لمساعدتها إقليمياً ودولياً.
ب ـ أنواع الكوارث: تصنف الكوارث عموماً إلى نوعين بحسب المتسبب في حدوثها، وذلك على النحو التالي:

• كوارث طبيعية (لا دخل للإنسان فيها): وتتمثل في الزلازل، والبراكين، والفيضانات، والانزلاقات، والأمطار الشديدة، الرياح, والعواصف المدمرة.

• كوارث غير طبيعية (من صنع الإنسان): ومنها الكوارث المصاحبة للحروب التقليدية وغير التقليدية (الذرية، الكيماوية، البيولوجية)، والانفجارات الشديدة، والتسرب الإشعاعي، والتسرب الكيماوي، والتسرب البيولوجي، والعمليات التخريبية، وتصدع وانفجار السدود وما ينجم عنها من فيضانات. والجدير بالذكر أن كل كارثة لها أضرارها الاقتصادية, والاجتماعية, والصحية, والوبائية الخاصة بها، حيث يعتمد حجم الضرر على كل من نوع الكارثة، وخصائص المنطقة المنكوبة (قرية، مدينة، الكثافة السكانية، البنية السكانية)، وقوة الكارثة، ومدة الكارثة، وعنصر المفاجأة، ووقت حدوث الكارثة. ج ـ المراحل المختلفة للكوارث: لقد حدد العلماء والمعنيون بمواجهة الكوارث على اختلاف أنواعها المراحل المختلفة التي تمر بها أي كارثة، وهذه المراحل هي:
• مرحلة الإنذار المبكر للكارثة، وذلك إذا كانت الكارثة من النوع الذي يمكن التنبؤ به مثل الكوارث الناجمة عن تقلبات الطقس مثل الرياح, والعواصف, والأمطار, والمد البحري.

• مرحلة التهديد بالكوارث، وهي الفترة التي تقع فيها المنطقة أو الدولة تحت تهديد تعرضها للكارثة, سواءً كانت طويلة أو قصيرة.

• مرحلة تأثير الكارثة، وهي الفترة التي يستغرقها وقوع الكارثة، وإحداث تأثيرها في المنطقة, أو الدولة التي تقع فيها.

• مرحلة قائمة المصابين, والآثار التدميرية للكارثة، وهي المرحلة التي تتكشف فيها تأثيرات الكارثة قبل نهايتها، وتتطلب سرعة التدخل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

• مرحلة الإنقاذ، وهي المرحلة التي يكون التدخل فيها ملحاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأفراد والممتلكات، وللحيلولة دون اتساع نطاق الكارثة إذا كان ذلك ممكناً.

• مرحلة العلاج وإعادة البناء، وهي المرحلة التي يتم فيها إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الكارثة، ووضع الوسائل التي تحول دون تكرارها إذا كان في الإمكان منع تكرارها.
ويجب أن تؤخذ هذه المراحل في الاعتبار من جانب جميع الجهات المدنية والعسكرية عند التخطيط لمواجهة الكارثة، وذلك حتى تعرف كل جهة ما يجب عليها عمله خلال كل مرحلة من المراحل، وتحديد الوقت المناسب لتدخلها في مواجهة الكارثة، وما يمكنها عمله من أجل الإسهام في التخفيف من آثار الكارثة، وسرعة التغلب على آثارها المختلفة. د ـ أنواع الخسائر الناجمة عن حدوث الكوارث: أياً كان نوع الكوارث, فإن الكوارث عادة ما تنتهي مخلفة وراءها عديداً من الآثار, التي يظل يعانيها الإنسان لفترة طويلة، ومن أهم الآثار التي تخلفها الكوارث ما يلي:
• حدوث خسائر مادية وبشرية كبيرة, خاصة في الكوارث الطبيعية, التي يصعب التنبؤ بوقوع الكارثة, ووقت حدوثها، الأمر الذي يؤدي إلى مفاجأة المنطقة بوقوع الكارثة, ما يضاعف من حجم الخسائر البشرية (رجال- نساء- أطفال)، والمادية (مبان- خدمات- بنى تحتية- مشاريع اقتصادية- ثروات حيوانية وزراعية).

• خسائر اقتصادية نتيجة تحمل الدولة الخسائر من تدمير البنية التحتية، وهدم ما حققته من تطور, وتوفير خدمات خلال السنوات السابقة للكارثة، والتكاليف التي ستتحملها الدولة لإعادة الحياة لما كانت عليه قبل وقوع الكارثة.

• التأثير في الجوانب الاجتماعية للسكان، حيث تؤدي الكوارث إلى خلل في التركيبة الاجتماعية للمجتمع نتيجة الخسائر الاقتصادية التي قد لا يمكن معالجتها, إلا بعد فترات طويلة، ويتمثل ذلك في ضعف المقدرة الشرائية للأفراد, وارتفاع معدلات الفقر، وظهور شريحة جديدة من المشردين، وانتشار السلب والنهب في حالة حدوث فوضى أمنية مصاحبة لهذه الكارثة.

• التأثير في الجوانب السياسية بالدولة، حيث قد يؤدي وقوع الكارثة, وعدم القدرة على التعامل المناسب معها في الوقت المناسب من قبل الحكومات, إلى مشكلات سياسية داخل المنطقة المنكوبة، تتمثل في رغبة المنكوبين في محاسبة المقصرين, وإقالة الحكومات من خلال البرلمانات, ومجالس النواب التي تأخذ على عاتقها انتقاد, ومحاسبة الحكومات في مثل هذه الظروف.

• تأثر النواحي الصحية، حيث قد ينجم عن الكارثة انتشار الأمراض والأوبئة، ونقص الخدمات الصحية، ما يتطلب التركيز على المنطقة المنكوبة من حيث توفير الخدمات الصحية بكميات كبيرة, وعلى نطاق واسع، ما ينجم عنه عدم كفاية الإمدادات والإمكانات المتاحة صحياً في الدول ككل (أدوية ـ مواد إسعافية ـ لقاحات ـ معدات, ووسائل ومواد تطهير للمناطق الموبوءة), وغيرها من الآثار.
ثانياً: الدور البشرى في إحداث الكوارث الطبيعية:
بعد جدال واسع امتد عدداً من العقود أصبح واضحاً أن الكوارث الطبيعية, ليست من صنع الطبيعة بمفردها، وأن النشاط البشري، خاصة النشاط الاقتصادي له دور مهم في جعل هذه الكوارث أكثر حدة, وأكثر تدميراً. فهذه الكوارث إما ناجمة عن تغير المناخ ليصبح مناخاً متطرفاً، واتجاه درجة حرارة الأرض للارتفاع مثل: كوارث الزلازل, والبراكين, والأعاصير والفيضانات، وإما ناجمة عن انتشار أمراض حيوانية أو بشرية خطيرة بشكل واسع بسبب النشاط الاقتصادي الذي يركز على تحقيق الربح فقط، مثل مرض جنون البقر, أو الحمى القلاعية, أو إنفلونزا الطيور, أو إنفلونزا الخنازير, أو الإيدز. فللإنسان دور أساسي لا يمكن إنكاره في كل الأحوال, إما من خلال زيادة النشاط الصناعي المؤثر في درجة حرارة الأرض، أو من خلال التدخل في تغذية الحيوانات, والطيور, وتغيير طبيعتها من أجل مزيد من الأرباح السريعة، أو تربية أنواع معينة قد تجلب مزيداً من الكوارث للإنسان، هذا إلى جانب غياب التنسيق بين دول العالم الذي قد يؤدي إلى تفاقم الآثار الناجمة عن الكوارث الطبيعية مثل: كوارث الجراد في دول قارة إفريقيا، وإنفلونزا الخنازير التي تنتشر بقوة في العالم خلال الفترة الراهنة. فبالنسبة للتغيرات المناخية ودورها في زيادة الكوارث الطبيعية, ما زال اهتمام العالم منصباً على ما يجب أن تفعله الدول الصناعية, لأنها المسؤول الأول عن انبعاث الغازات الحرارية من نشاطها الصناعي بكثافة، ورغم توقيع معظم دول العالم على بروتوكول كيوتو الذي يعمل على الحد من انبعاث هذه الغازات إلا أن هناك بعض الخلافات والاعتراضات من الدول الصناعية على الالتزام بهذا البروتوكول الدولي، كما أن هناك جدلاً, ما زال قائماً, حول دور البلدان النامية في هذا المجال رغم أن شعوب الدول النامية في المناطق الريفية والفقيرة هي الأكثر تضرراً من الكوارث الطبيعية, وتغيرات المناخ. من ناحية أخرى, نتج عن عدم احترام بعض الحكومات للقواعد الأساسية للتنمية المستدامة, والمتمثلة في عدم الاهتمام بالمباني, والمدارس, وسلامتها, ووضع قواعد الأمان لها، بحيث تحولت هذه المباني إلى أدوات قاتلة، علاوة على ترك الأفراد للإقامة في أماكن معرضة للكوارث، فمثلاً في تايلاند بنيت مجمعات الفنادق بجانب البحر، ما جعلها في مواجهة الأمواج العملاقة تماماً في الوقت الذي تم القضاء فيه على نباتات المنغروف, والصخور المرجانية على الشاطئ, ما زاد من حدة الكارثة، كما تسببت شبكات الصرف الصحي المهترئة, والقديمة جداً، والقضاء على كل المساحات الخضراء, وأفنية الأنهار الصغيرة التي تختزن مياه البحر ثم تخرجه للبحر, في مفاقمة مخاطر الفيضانات, وما ينجم عنها من كوارث، حيث ساهم ذلك في قتل عدد كبير من الأشخاص غرقاً في الأمطار التي ضربت مناطق كثيرة في العالم مؤخراً, ومنها مدينة مومباي بالهند. وهكذا جعلت سياسات التنمية الاقتصادية والبيئية المدمرة عديداً من المجتمعات عرضة لأضرار الكوارث, وما ينتج عنها من آثار سلبية على هذه المجتمعات. ولذلك ما لم تهتم جميع دول العالم النامية منها والمتقدمة بضبط سلوكها الاقتصادي, ومراعاة البعد البيئي فيه ستزداد حدة الكوارث الطبيعية, وستزداد آثارها الاقتصادية والبشرية على الجميع. ثالثاً: حجم التكلفة البشرية والاقتصادية للكوارث الطبيعية في العالم: الملاحظ أن هناك صعوبة بالغة في تقدير حجم الخسائر البشرية والاقتصادية للكوارث الطبيعية بشكل دقيق، ولكن هناك بعض المؤشرات، حيث تشير الإحصائيات إلى انخفاض عدد الوفيات الناجمة عن الكوارث الطبيعية خلال السنوات العشرين الماضية بصفة عامة، حيث تسببت هذه الكوارث في موت نحو 800 ألف فرد خلال عقد التسعينيات فقط، وذلك في مقابل مليوني فرد في السبعينيات. ولكن مقابل ذلك تشير هذه الإحصائيات إلى ارتفاع إجمالي عدد المتضررين من هذه الكوارث خلال العقد الأخير ليتضاعف ثلاث مرات, ويصل إلى نحو ملياري فرد في جميع بلدان العالم. كما يشير تقرير الصليب الأحمر في هذا المجال إلى أن نحو80 ألف شخص ماتوا سنوياً بسبب هذه الكوارث خلال فترة التسعينيات، وأنه في عام 2003م مثلاً كان هناك نحو 700 كارثة طبيعية حول العالم, قتلت نحو 75 ألف شخص، وتسببت في خسائر اقتصادية تقدر بنحو 65 مليار دولار. كما تشير تقديرات الصليب الأحمر أيضاً إلى أن البنك الدولي فقط أنفق نحو 12,5 مليار دولار على عمليات إعادة الإعمار في مناطق ضربتها كوارث طبيعية خلال الفترة من 1980 ـ 2003م، كما يحذر الصليب الأحمر من تفاقم التكلفة البشرية والاقتصادية للكوارث الطبيعية في العالم بسبب عديد من العوامل أهمها الانتهاكات البيئية، وتغير الظروف المناخية، والنمو السكاني, خاصة في المدن، إضافة إلى العولمة. ومن أمثلة الكوارث الطبيعية الحديثة التي صعب حتى الآن تقدير حجم الخسائر الناجمة عنها مرض الإنفلونزا الإسباني الذي ضرب العالم في الثمانينيات، وكذلك مرض إنفلونزا الخنازير والذي بلغ عدد الإصابات به ما يفوق المليون حول العالم، بجانب زيادة معدلات الوفاة الناجمة عنه، وكارثة التسونامي التي ضربت منطقة جنوب وشرق آسيا, والمحيط الهادي في ديسمبر 2004م، التي تضررت منها 12 دولة كان أكثرها تأثراً الهند، وإندونسيا، وسريلانكا، وجزر المالديف، وتايلاند، حيث قدر البنك الدولي حجم الخسائر في كل دولة من هذه الدول على حدة، وهي تقديرات تفاوتت مع تقديرات مؤسسات دولية, ووطنية أخرى بسبب طريقة حساب هذه التقديرات, ومدى تضمين مبالغ إعادة الإعمار فيها, والخسائر الديناميكية المترتبة عليها من عدمـه، حيث قدر البنك الدولي خسائر بعض هذه الدول على النحو التالي:

دينار بن حزم
28-01-2011, Fri 6:37 AM
• سريلانكا: مقتل 31 ألف شخص, وتدمير نحو ألف منزل، وتحتاج إلى نحو 1,5 مليار دولار من أجل جهود إعادة البناء، وهذا المبلغ يعادل 7% من الناتج المحلي الإجمالي، كما تم تشريد أكثر من 443 ألف شخص، كما فقد نحو 200 ألف شخص وظائفهم.

• إندونيسيا: قدرت الخسائر الاقتصادية بنحو 4,5 مليار دولار، في حين لم يتم تحديد الخسائر البشرية بدقة غير أن بعض التقديرات أشارت إلى أن نحو 7700 طفل, فقدوا آباءهم، وقد شرد نحو 1,3 مليون أسرة دمرت منازلها.

• الهند: قتل نحو 11 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال، وتأثر أكثر من 645 ألف أسرة بسبب الإعصار، وقدرت تكاليف إعادة الإعمار بنحو 1,2 مليار دولار، حيث دمر نحو 150 ألف مسكن 80% منها للعاملين في قطاع الصيد.

• جزر المالديف: الخسائر بلغت نحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي السنوي، وكان أكثر القطاعات تأثراً قطاع السياحة، حيث فقد نحو 30% من عوائده، وأدى ذلك إلى عجز في الموازنة العامة بلغ 95 مليون دولار، وبدأت الحكومة تعاني صعوبة في دفع رواتب العاملين في القطاعات الحيوية مثل رواتب المدرسين. وهذه مجرد أمثلة لبعض التقديرات للأضرار المباشرة التي نجمت عن إحدى أكبر الكوارث الطبيعية في العالم, وهي كارثة تسونامي، والتي تتضاعف إذا أخذ في الحسبان الخسائر غير المباشرة الناجمة عن الكارثة مثل فقدان البنية الأساسية، وتأثر دخول الأفراد، ودخل الحكومات في القطاعات المختلفة، وتأثر حركة التجارة والسياحة وغيرها من الأنشطة القطاعية. ولذلك يمكن القول بأن الكوارث الطبيعية تؤدي إلى خسائر باهظة على المستوى البشري والاقتصادي, يمكن أن يطلق عليها دمار طويل الأجل. كذلك, فإن كارثة مثل كارثة الإعصار والفيضان تؤدي إلى خسائر مباشرة ممثلة في الوفيات, والمصابين, والمشردين, وانتشار الأمراض، وكذلك تدمير البنية الأساسية, والمساكن, والمرافق، وتدمير المحاصيل, وتوقف عملية الإنتاج في المنشآت الفردية, والعامة إلى جانب الآثار البيئية، كما تؤدي كارثة مثل إنفلونزا الخنازير إلى زيادة عدد الوفيات, وارتفاع تكلفة معالجة المرض, وتوفير الدواء, والأمصال، وسوف تكون تداعياتها أكثر خطورة لو تحولت إلى جائحة عالمية واسعة النطاق. وهذه الآثار كلها تؤدي بدورها إلى زيادة الإنفاق الحكومي من أجل عملية الإغاثة وإعادة الإعمار، وعلاج الأمراض، وتعطيل عملية التنمية بسبب تحويل مخصصات التنمية لعملية الإغاثة, والإعمار, والوقاية, والعلاج، كما تنخفض الصادرات, وتزيد الواردات من الأغذية والأدوية، ومن ثم انخفاض الإيرادات العامة للدولة، ويصاحب ذلك كله انخفاض الادخار وتراجع الاستثمار, وزيادة فجوة الدخول بين الطبقات. ولذلك إذا كانت هناك صعوبة في تقدير الخسائر المباشرة للكوارث الطبيعية على المستويين البشرى والاقتصادي, فإن تقدير الخسائر غير المباشرة أكثر صعوبة, بل ربما يكون أمراً مستحيلاً, خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الآثار النفسية, والاجتماعية, والإنسانية لهذه الكوارث في الأجلين القصير والطويل.
رابعاً: الكوارث الطبيعية والبلدان النامية:
الملاحظ أن البلدان النامية والأقاليم الفقيرة هي أكثر المناطق تأثراً بالكوارث الطبيعية، وقد كان ذلك واضحاً في كوارث مثل تسونامي، وزلزال إيران الأخير، وإعصار هندوراس عام 1998م، زلزال الصين الأخير, وغيرها من الكوارث، وقد لوحظ أن هذه الكوارث أدت إلى تدمير رأس المال المادي والبشري في هذه المناطق الفقيرة بصورة واسعة, وخارجة عن نطاق السيطرة، وتسببت في خفض الدخول, ونشر البطالة، وقد كان هناك صعوبة في إعادة الأوضاع إلى سابق عهدها بسهولة في هذه المناطق. وربما يرجع تأثر الدول والمناطق الفقيرة في العالم بالكوارث الطبيعية مقارنة بالمناطق الأكثر تقدماً لعدة أسباب أهمها ما يلي:
• وجود البلدان النامية, والأقل نمواً بصفة عامة في المناطق المعرضة للأخطار, والكوارث الطبيعية في العالم، حيث أظهرت بعض الدراسات أن أغلب البلدان الأقل نمواً عرضة لوقوع كارثة ضخمة بها كل سنتين في المتوسط، في حين أن البلدان النامية عرضة لوقوع كارثة ضخمة بها كل أربع سنوات ونصف في المتوسط. • تركز السكان الفقراء في البلدان النامية, والأقل نمواً في الأماكن الخطرة غير المرغوبة من الأغنياء، وهي الأماكن الأكثر عرضة للمخاطر مثل المنحدرات ومخرات السيول, وضفاف الأنهار والجبال.

• عدم وجود أنظمة للإنذار المبكر في البلدان والمناطق الفقيرة مقارنة بالمناطق المتقدمة.

• تسبب الكوارث الطبيعة بسهولة في تدمير البنية الاقتصادية والمعيشية للمناطق الفقيرة والتي تكون متهالكة وضعيفة في الغالب، خاصة المساكن التي تكون في الغالب مساكن غير جيدة, وغير مطابقة للمواصفات، ومن أمثلة ذلك ما كشف عنه زلزال إيران الأخير عندما دمرت قرى بالكامل بسبب أن المساكن فيها كانت مساكن بدائية للغاية.

• عدم وجود تأمين على الممتلكات أو الأرواح في المناطق الفقيرة مقارنة بالبلدان المتقدمة، وانخفاض الوعي التأميني لدى المجتمعات في المناطق والبلدان الفقيرة، وكذلك وجود قطاع تأمين غير قادر على تغطية المخاطر الواسعة الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

• عدم وجود مخصصات كافية في الموازنات لمواجهة مثل هذه الكوارث في البلدان الفقيرة مقارنة بالدول المتقدمة، وهو ما يعمق حجم وآثار الكارثة عندما تضطر حكومات البلدان النامية إلى سحب مخصصات الاستثمار, والتنمية لمواجهة عمليات الإغاثة, والإنقاذ, ما يعطل عملية التنمية, ويزيد عمق الكارثة.
• ضعف المدخرات لدى السكان الفقراء, وصعوبة حصولهم على الائتمان, واعتمادهم بالدرجة الأولى على الخدمات العامة, ما يجعلهم أقل قدرة على مواجهة الكوارث الطبيعية كغيرهم من السكان الأغنياء، ويزيد من تأثرهم بالكوارث ضعف مهاراتهم, وانخفاض مستويات التعليم لديهم, ما يجعلهم عرضة أكثر لفقد وظائفهم, ويصعب حصولهم على وظائف غيرها عند حدوث الكارثة. • انتشار الفساد في البلدان والأقاليم الفقيرة، ما يجعل هناك فرصة أكبر لإنشاء مبان ومرافق عامة غير مطابقة للمواصفات تكون غير قادرة على مواجهة الكوارث الطبيعة مثل الزلازل، أو الأعاصير، أو الفيضانات.
والجدير بالذكر أن تقريراً لمنظمات اقتصاد التأقلم مع الطبيعة إيسا “ECA” ومجموعة من المنظمات والمؤسسات غير الحكومية والصادر في سبتمبر لعام 2009م, أشار إلى أن التغيرات المناخية الراهنة ستجعل الدول النامية هي الأكثر عرضة للتهديدات, والكوارث الطبيعية, وفقدان ما بين 1%ـ 12% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030م، في حين ستخسر بعض الدول نحو 19% من الناتج المحلي الإجمالي.
خامساًً: الجهود الدولية في مواجهة الكوارث الطبيعية:
في الغالب تحتاج البلدان التي تتعرض إلى كوارث طبيعية إلى مساعدة البلدان الأخرى للتعامل مع هذه الكوارث, خاصة البلدان النامية, التي تكون الكوارث أكبر من قدراتها للسيطرة عليها أو التعامل معها، بل أحياناً ما تعجز أكبر دول العالم عن التعامل مع هذه الكوارث, كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2005م عندما ضرب إعصار كاترينا عدداً من الولايات، وفي الغالب تلجأ هذه البلدان إلى إعلان حالة الطوارئ, وتسمية هذه المناطق بمناطق منكوبة, أو مناطق كوارث, وطلب المساعدة من البلدان الأخرى. وفي الغالب تتدفق المساعدات على هذه البلدان في إطار علاقاتها الثنائية مع الدول الأخرى, أو من خلال المؤسسات الدولية. ويحكم تجارب الدول في هذه الحالة الأمور السياسية، بل قد تكون هذه الكوارث فرصة لعودة التواصل أو الوفاق السياسي بين بعض الدول, كما حدث في حالة قبول إيران لمساعدات أمريكية عندما ضربها الزلزال في عام 2004م، وكذلك عندما قبلت الهند مساعدات باكستان أو العكس في عامي 2004م، 2005م. وإلى جانب ما سبق, تتكاتف جهود الأمم المتحدة, ومؤسسات التمويل الدولية, والمانحون لتقديم مساعدات للدول التي تتأثر بهذه الكوارث، وذلك من خلال المواد الغذائية, والأدوية, والمساعدات الفنية, والقروض, والمساعدات المالية، بل وفرق الإنقاذ من القوات المسلحة وأجهزة الدفاع المدني، ولتعدد القنوات التي تقدم من خلالها هذه المساعدات يصعب حصرها، ففي حالة كارثة تسونامي قدم البنك الدولي مساعدات للدول المتضررة، وكذلك بنك التنمية الآسيوي, والبنك الياباني للتنمية إلى جانب المساعدات الفردية التي قدمتها الدول. وتشير البيانات إلى أن البنك الدولي قدم نحو 40 مليار دولار لتمويل 550 مشروعاً لمواجهة الكوارث الطبيعية منذ عام 1980 حتى عام 2005م. وقد تركزت الجهود التي قام بها البنك الدولي في مواجهة عديد من الكوارث الطبيعية في إعادة سبل, وأسباب المعيشة, والحياة للمتضررين من هذه الكوارث، وذلك بتقديم القروض لهم لبناء مساكنهم, وإعادة حصولهم على فرص العمل والتشغيل. ولكن الملاحظ أن الجهود الدولية لمواجهة الكوارث الطبيعية ما زالت لها فاعلية محدودة في هذا المجال بسبب عديد من العوامل أهمها ما يلي:
• تأخر المجتمع الدولي في تقديم المساعدات للدول المتضررة، حيث إن مردود المساعدات في حالة الكوارث عندما تقدم في الوقت المناسب يكون كبيراً مقارنة لو قدمت هذه المساعدات متأخرة.

• أن بعض المساعدات التي يقدمها المجتمع الدولي لا تصل إلى المناطق المنكوبة بالفعل في كثير من الأحوال بسبب عدم توافر البنية الأساسية لهذه المناطق أو بسبب سوء الإدارة المحلية, وعدم قدرتها على التعامل مع الكارثة.

• أن المساعدات التي يقدمها المجتمع الدولي تكون أقل بكثير مما تتطلبه عملية الإنقاذ والإغاثة, وإعادة الإعمار, ما يؤخر تغلب هذه المناطق على آثار هذه الكوارث.

• أن بعض المساعدات لا يتحقق الهدف منها, لأن مؤسسات المجتمع المدني في هذه المناطق المضارة من الكوارث, لا تقوم بدورها باعتبارها أكثر الجهات معرفة بحجم الكارثة ودرجة تأثر الفئات المختلفة بها.
وفي ضوء ما سبق, ركزت المؤسسات الدولية جهودها على استخلاص الدروس المستفادة من تعامل المجتمع الدولي مع الكوارث الطبيعية، حيث خرجت بعدة دروس من تعامله مع الكوارث المختلفة, كان أهمها ما يلي:
• أن تركز جهود المجتمع الدولي على إعادة إحياء أسباب المعيشة للسكان في المناطق المتضررة من الكارثة أفضل بكثير من مجرد تقديم مساعدات عينية كالغذاء, والدواء, والخيام، حيث نجحت جهود البنك الدولي, على سبيل المثال, في الهند في مساعدة الصيادين في استئناف عملهم من خلال تزويدهم بالمراكب, وأدوات الصيد.

• أن إمساك المجتمعات المتضررة من الكوارث بزمام الأمور في عملية الإغاثة, وإعادة الإعمار أفضل بكثير من ترك الأمر للمؤسسات, والهيئات الدولية، حيث إن ذلك يساعد على بناء قدرات هذه المجتمعات في مجال التعامل مع هذه الكوارث، ويزيد مشاركة الفئات المهمشة في عملية التنمية, ويحقق الفاعلية للمساعدات المقدمة من الخارج.

• أن تتم عملية إعادة البناء على أسس تحقق زيادة قدرة هذه المجتمعات على التعامل مع الكوارث الطبيعية في المستقبل, وليس مجرد إعادة البناء, كما كان عليه قبل الكارثة حتى لو تأخرت عملية إعادة البناء والتعمير بعض الوقت.

• أن تتجاوز الجهود الدولية مجرد تقديم المعونات, والمساعدات لمواجهة الكوارث الطبيعية وتقليل آثارها على الفقراء إلى التعامل مع تحديات الفقر، وإعادة بناء المجتمعات المضارة على أسس سليمة اقتصادياً واجتماعياً. • أن دور القوات المسلحة الوطنية في مواجهة الكوارث الطبيعية يكون أكثر فاعلية، وذلك لما لدى هذه القوات من معدات وإمكانات، ولاتسام عملها وجهودها في هذا المجال بالانضباط, والجدية, وعدم وجود فرص للممارسات الفاسدة.
سادساً: دور القوات المسلحة في مواجهة الكوارث الطبيعية:
أ ـ دور القوات المسلحة في الكوارث من واقع التجارب الدولية: من واقع التجارب الدولية تبين أن المهام التي تقوم بها القوات المسلحة في الكوارث والظروف الاستثنائية المختلفة تتمثل في الآتي:

• في جميع الكوارث
اتخاذ الإجراءات المناسبة لتأمين الأهداف الحيوية, والكباري, والجسور, والمخزون الإستراتيجي من البترول, والطرق التي تشكل محاور مهمة وإستراتيجية. تقديم الدعم والمساندة للدفاع المدني بالإمـداد, والتموين العسكـري حسب الإمكانات المتيسرة, وما تم تنسيق التعاون بشأنه، وفي أعمال الإنقاذ التي تتطلب معدات ثقيلة وآليات, وفرق المهندسين, والأفراد. المساهمة في نقل فرق التدخل ومعداتها بـراً أو جـواً إلى منطقـة الكارثة. الإمداد بالمساعدات الفنية, والمعـدات, والإمدادات المتيسرة لإعــادة تشغيل المرافق العـامة، وإصلاح الأضـرار التي لحقت بالطــرق والجسور بفعل الكارثة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. إنشاء المستشفيات الميدانية المجهزة بالأطقـم الطبية, والمعــدات, والأدوية لإسعاف الضحايا بموقع الكارثة.
• في كوارث الطائرات
وضع الخطط اللازمة للتعامل مع حوادث الطائرات بالتنسيق مع الجهات الأخرى ذات العلاقة، في إطار نصوص الملحق الثاني عشر للاتفاقية الدولية للطيران المدني, ووفقاً للإمكانات المتاحة. المساعدة في البحث عن الطائرة المفقودة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. تقديم المساندة البحرية المناسبة لإنقاذ ضحايا حـوادث الطائرات التي تسقط في البحر.
• في الكوارث البحرية
القيادة, والسيطرة, ومواجهة الحوادث البحرية, وتنسيق عمليات مكافحـة الحريق, والبحث والإنقاذ, وانتشال الضحايا, ونقل المصابين. مراقبة حركة الملاحة البحرية, وحظر الدخول إلى منطقة الحـادث لغير المعنيين. المساعدة في نقل فرق التدخل الأخرى, ومعداتهم بحـراً إلى مواقع الأحداث عندما يتطلب الموقف ذلك. إخطار جهات البيئة, والجهات المسؤولة عن محطات تحلية المياه عند حدوث حادث بحري ينتج عنه تسـرب نفطي أو تلـوث للشواطئ بالمـواد البترولية, لاتخـاذ الإجراءات, والتدابير اللازمة حيال ذلك.
• في كوارث السيول
تقديم المساندة البحرية المناسبة في حالة تفاقم كارثة السيل في المناطق الساحلية, وجرف ممتلكات المواطنين إلى البحر عند طلب ذلك.
• في مخاطر منشآت النفط
تقديم المساندة البحرية المناسبة لمواجهة مخاطر منشآت النفط المطلة على البحر، أو أحد أرصفة شحن المواد البترولية، أو في إحدى الجزر البحرية، أو في منشآت المرافئ البحرية.
• في مخاطر المواد الخطرة
التدخل لمواجهة الحادث الكيماوي, والإشعاعي, والبيولوجي, إذا كان جسيماً أو يهدد هدفاً حيوياً. تأمين عبور سفن المواد الخطرة لحين خروجها من المياه الإقليمية. رصد الدخول غير المشروع عن طريق البحـر لمهربي نفايـات المواد الخطرة. التعامل مع حوادث المواد الخطرة (الكيميائية- الإشعاعية- البيولوجية) التي تحدث داخل المياه الإقليمية. التعامل مع الحـادث البحــري الذي ينتج عنه تسرب إشعاعي أو كيماوي, وكذلك إخطار الجهات ذات العلاقـة.
• في مخاطر الأجسام المتفجرة
اتخاذ الإجراءات المطلوبة في مجال إبطال, وإعـدام, وإزالة الأجسام المتفجرة, والقنابل التي لم تنفجر حسب متطلبات الحالة عند طلب ذلك. التعامل مع الأجسام الغريبة العائمة التي يتأكد من كونها متفجرة.
• في الحروب
تبليغ الإنذار عن جميع الأعمال العدائية المحتملة إلى وزارة الداخليـة. القيام بالأعمال الفنية المتعلقة بالكشف, وقياس نسب التلوث, وفتح محطات التطهير, والتعامل مـع المخاطـر الإشعـاعية, أو الكيميائية, أو البيولوجية، بالتنسيق مـع الجهات الفنية المختصة.
• في مخاطر انهيار القوى الكهربائية.
إمداد دوائر الكهرباء والماء بالإمكانات المتاحة من وحدات الإضاءة المتنقلة, ومولدات الكهرباء المخصصة للطوارئ، والفنيين المختصين.
• في الطوارئ الطبية
وضع الخطط المناسبة لرفـع كفاءة المستشفيات العسكـرية, وزيـادة قدرتها الاستيعابية لاستقبال الحالات المصابة. إقامة المستشفيات الميدانية، ودعمها بالأطقم, والمستلزمات الطبية. تقديم المساندة الجوية أو البحرية المناسبة لإجلاء المصابين إذا دعت الضرورة لذلك.
• في الإخلاء للطوارئ
المساهمة بأعمال النقل, والإخلاء, وإقامة معسكرات الإيواء للمشردين. تقديم المساندة الجوية أو البحرية المناسبة في حالات صدور أمر بإخلاء الجزر البحرية إذا دعت الضرورة لذلك.
ب ـ الإمكانات التي ترفع قدرة القوات المسلحة على التعامل مع الكوارث: القوات المسلحة في أي دولة هي سياج الأمن للوطن, وعماد الدفاع عنه براً, وجواً, وبحراً، وعلى أكتافها تقوم حماية المنجزات الوطنية, وتحقيق الأمن, والأمان, والاستقرار للوطن، ويتم تشكيل القوات المسلحة, وتقسيمها, وتدريبها لتحقيق الأهداف الإستراتيجية, وهي حماية الوطن والذود عنه من أي اعتداء خارجي, والمحافظة على الحدود البرية, والمياه الإقليمية, والمجال الجوي له، علاوة على تدخلها في حالة فشل أجهزة الأمن المدنية في السيطرة على الأوضاع الأمنية الداخلية. وتمتلك القوات المسلحة عديداً من القدرات والمهارات التي تمكنها في حالة الكوارث من الوجود, والسيطرة على الأوضاع, والتعامل معها بأقصى سرعة, وبشكل منظم ومنضبط. ومن بين الإمكانات والقدرات التي تمتلكها القوات المسلحة, وتمكنها من القيام بدور مهم في مواجهة الكوارث والمساهمة في التخفيف من آثارها ما يلي:
• وسائل النقل الجوي السريعة وغير المتاحة لأجهزة الدفاع المدني، حيث أثبتت المروحيات دورها المهم في المراحل الأولى لعمليات الإغاثة في الدول التي وقعت بها الكوارث، وذلك في حالة تضرر الطرق, سواءً من جراء السيول, أو الزلازل أو البراكين.

• وسائل النقل البحري التي يمكن أن تعزز جهود الإغاثة، حيث إنها تعتبر أكثر فاعلية من النقل الجوي والبري, وخاصة للمناطق القريبة من المسطحات المائية، أو في حالة كوارث غرق العبارات.

• المستشفيات العسكرية المتنقلة، والأطقم الطبية المدربة، والتي يمكن للقوات المسلحة نشرها سريعاً في المنطقة المنكوبة لمساعدة السلطات المحلية, وأجهزة الدفاع المدني التي لا يمكنها بمفردها التعامل مع الكارثة وتبعاتها.

• المهارات والإمكانات المبتكرة المتوافرة لدى سلاح المهندسين العسكريين، حيث يمكن للفرق المدربة في هذا المجال من إعادة تشغيل شبكات الطرق, والهاتف, والمياه, والكهرباء، وإصلاح الجسور, وغيرها في زمن قياسي، وكذلك المساهمة بوسائل مبتكرة في عمليات البحث والإنقاذ, ما يعمل على التخفيف من الآثار السيئة للكارثة.

• وحدات تنقية المياه المتنقلة لدى القوات المسلحة، والتي يمكنها إصلاح أنظمة المياه التي أتلفتها الكارثة في أسرع وقت, وتوفير مياه الشرب النقية للناجين من الكارثة، أو إيجاد مصادر بديلة آمنة للمياه في حالة الكوارث التي تؤدي لتلوث المياه.

• مراكز الاستشعار عن بعد, وأنظمة التحكم والمراقبة المتوافرة لدى القوات المسلحة، والتي يمكن من خلالها التنبؤ إلى حد ما بوقوع الكوارث, أو اتجاه تطورها بعد وقوعها، أو إمكانية حدوثها مرة أخرى.
ونظراً لتعدد وضخامة الكوارث التي تتعرض لها بعض الدول في الوقت الراهن, وصعوبة السيطرة عليها من قبل الحكومات, والأجهزة الوطنية, وأجهزة الدفاع المدني بمفردها، لذا كان هناك أهمية كبرى لتضافر جهود جميع الجهات المدنية والعسكرية في الدولة, والعمل على إزالة الحدود الفاصلة بين هذه الجهات من أجل مواجهة هذه الكوارث. وقد أثبتت تجارب الدول التي مرت بالكوارث الدور المهم الذي لعبته القوات المسلحة في الحد والتخفيف من آثار الكوارث، لذا كان من الضروري الاستعانة بالقوات المسلحة, والعمل على استغلال إمكاناتها في عمليات الإغاثة والإخلاء لمنكوبي الكوارث خلال المراحل المختلفة لحدوث الكوارث. ولذلك في حالة الكوارث الطبيعية أو البشرية ينبغي أن تكون لدى السلطات المحلية, أو وزارة الداخلية, أو أي هيئه وطنية المبادرة دائماً لطلب الدعم الفني والإغاثي من القوات المسلحة بشكل رسمي، وذلك عندما تقرر هذه الجهات أن حجم الكارثة أكبر بكثير من قدراتها، كما يجب أن يكون لدى القوات المسلحة في أي دولة خطة مسبقة لكيفية التعامل مع الكوارث بأنواعها, ومراحلها المختلفة، ومن واقع التجارب الدولية تتمثل الجهود والمهام التي يمكن أن تقوم بها القوات المسلحة في مواجهة الكوارث الطبيعية فيما يلي:
• إقامة جسر جوي, أو بري, أو بحري للإسراع بعمليات الإغاثة، يتم من خلاله توفير عدد كاف من المروحيات, ووسائل النقل السريعة, والإسعاف الطائر.

• عمليات الإنقاذ والإغاثة لمنكوبي الكوارث، من خلال الوصول السريع للمناطق المعزولة أو الموبوءة، أو الواقعة تحت تهديد الكارثة.

• توفير المأوى البديل, ونصب, وإقامة الخيام, وتوفير الأغطية، وذلك لاستيعاب المشردين, والمهجرين, والنازحين بسبب الكارثة.

• عمليات النقل البحري, والبري, والجوي للمرضى, والجرحى, والنازحين من منطقة الكوارث، للمساهمة في التئام, وجمع شمل الأسر الذين شردتهم الكارثة، إضافة لنقل معدات الإيواء, وكل ما يلزم لاحتواء الكارثة.

• تقديم عمليات الإسعاف, والمعالجة, والرعاية الصحية من خلال إقامة المستشفيات الميدانية في أرض الكارثة, أو بالقرب منها.

• عمليات التنسيق والتعاون مع الجهات ذات العلاقة، وخاصة جهات الدفاع المدني, ووزارة الصحة، وجهات الإمداد والتموين، وغيرها من الجهات المشاركة في جهود مواجهة الكارثة وتداعياتها.

• تأمين المعلومات والبيانات الدقيقة عن الكارثة, واتجاهات تطورها، وحجم الخسائر الناجمة عنها، وذلك للمساهمة في اتخاذ القرارات السليمة اللازمة للتعامل السريع مع الكارثة.

• القيام بعمليات الإمداد, وتأمين الغذاء والدواء للمنكوبين, جراء الكارثة, ولجميع الفرق والطواقم المساهمة في مواجهة الكارثة.

• توفير مياه الشرب من خلال إصلاح الشبكات التي دمرتها الكارثة، وتوفير أنظمة دائمة أو بديلة لتوزيع وتخزين مياه الآبار والينابيع.

• المحافظة على الأمن, وتأمين المواطنين من أعمال السرقة, والسلب, والفوضى التي قد يقوم بها ضعاف النفوس, والخارجون عن النظام أثناء الكارثة.

• إرشاد وتوجيه لجان ومواطني الإغاثة والمنكوبين, وأهاليهم إلى أماكن الإغاثة والسلامة.

• القيام بأعمال التوعية, والتثقيف, والإرشاد للابتعاد عن الأوبئة, والمخاطر الناجمة عن السيول عبر وسائل الإعلام المختلفة.

• إعداد الخرائط والخطط اللازمة التي تساعد على تقدير الموقف في المنطقة المنكوبة من الكارثة، للخروج بقرارات سليمة, وسريعة تلبي احتياجات سكان المنطقة المنكوبة.

• المساهمة في إعادة البناء لما خلفته الكوارث من حيث إعادة البنية التحتية للطرق والكباري مرة أخرى, والعمل على إصلاح ما أتلفته الكارثة.
ج ـ شروط نجاح القوات المسلحة في أداء دورها في مواجهة الكوارث: لكي تقوم القوات المسلحة بأداء الأدوار المناطة بها في الحد والتخفيف من آثار الكوارث, فلا بد أولاً من وجود تعاون بين القوات المسلحة بأفرعها المختلفة (القوات الجوية، البرية، البحرية) للقيام بهذا الواجب الوطني، وأن يكون هناك متابعة وإشراف مباشر من قيادات القوات المسلحة على المستويات المختلفة، كلاً فيما يخصه للتخفيف من آثار الكارثة وتداعياتها، هذا إلى جانب ضرورة توافر العناصر الآتية:
• وجود قوات مسلحة خاصة مدربة على أعلى المستويات للقيام بعمليات الإغاثة, والإنقاذ, والإمداد, والتموين في ظل الظروف الصعبة والاستثنائية.

• التدريب المستمر للأفرع المختلفة للقوات المسلحة على الظروف المختلفة, والاستثنائية المصاحبة للأنواع المختلفة من الكوارث، مثل الزلازل, والبراكين, والسيول، والتلوث الكيماوي، والتسرب الإشعاعي، والنووي, والبيولوجي, وغيرها من الكوارث، والتدريب على كيفية مواجهة هذه الظروف والتعامل معها.

• الاستفادة من خبرات القوات المسلحة في مواجهة الكوارث في الدول الأخرى المعروفة بالكوارث، حيث يكون لدى القوات المسلحة في هذه الدول رصيد من الخبرات والمهارات التي يمكن نقلها, والاستفادة منها.

• توافر المعلومات المختلفة اللازمة لرفع القدرة لدى قادة أفرع القوات المسلحة على اتخاذ القرارات السريعة لمواجهة الكوارث بأنواعها المختلفة.

• الانتشار الواسع لتشكيلات ووحدات القوات المسلحة في المناطق, والمحاور العسكرية, بما يحقق الجاهزية, والاستعداد في حالات الطوارئ، وفي الظروف الاستثنائية للكوارث.

• توافر غرف عمليات مجهزة بأحدث وأدق الوسائل التكنولوجية، التي يمكن من خلالها تلقي البلاغات السريعة, وإعطاء الإشارات, وتحريك القوات المعنية بمواجهة الكارثة، ومتابعة سير الأحداث أولاً بأول في المنطقة المنكوبة.

• وجود علاقات تنسيقية بين قادة القوات المسلحة بمستوياتها التكتيكية والإستراتيجية, وبين المحافظين, ورؤساء المجالس البلدية, والمواطنين, ومنظمات المجتمع المدني في حالة وقوع الكارثة.

• إلمام أفراد وقادة القوات المسلحة بالأوضاع الجيولوجية, وجغرافيا المناطق المختلفة بالدولة, ودراسة طبوغرافيتها، ومعرفة أماكن التركز السكاني, وكثافته في هذه المناطق.

• توافر روح التعاون بين المواطنين, وأفراد القوات المسلحة في حالة وقوع الكوارث، حيث أن هذا التعاون يساهم بقوة في توفير البيانات والمعلومات الدقيقة عن التطورات الخاصة بالكارثة أولاً بأول، وكذلك المعلومات حول حجم الأضرار البشرية والمادية الناجمة عنها، والاحتياجات المطلوبة لمواجهتها.

• وجود مستشفيات عسكرية متنقلة مجهزة بأحدث الأجهزة الطبية لخدمة مصابي الكوارث, ووجود وسائل مبتكرة وحديثة لسرعة إنقاذهم، ووجود أطقم طبية للعمل بهذه المستشفيات الميدانية.

• توافر عدد كبير من المروحيات التي يمكن من خلالها المحافظة على وجود جسر جوي, ودعم عمليات النقل الجوي داخل مسرح العمليات (المناطق المنكوبة)، وإعادة بناء البنية التحتية للطرق.
والخلاصة, أن الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية, لن تتوقف, ولا يمكن لأي جهة في العالم أن تمنع حدوثها، ولكن هناك كثير من الآليات والجهات التي يمكن أن يكون لها دور بارز في تخفيف حدتها, وتقليل الخسائر البشرية والمادية الناجمة عنها، على الأقل في الأجل الطويل، ومن بين هذه الجهات القوات المسلحة، وذلك لما يتوافر لديها من معدات وأفراد مدربين، وبما تتمتع به من سرعة انتشار, وانضباط, وقدرة على التعامل مع الظروف الاستثنائية، وهو ما أثبتته تجارب كثير من دول العالم التي عانت مثل هذه الكوارث.

إعداد: د. حنان رجائي (مجلة القوات البرية )

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

ابو المحاميد
28-01-2011, Fri 8:53 AM
أشكرك الأخ الكريم دينار بن حزم ... وموضوع مميز ...

الكوارث لها سبب رئيس من فعل البشر ...
وهو إنعدام التخطيط ... ومنه إغفال النواميس الطبيعية ...
وهذا لا يتعارض مع تسخير الله عز وجل لهذه الأخطاء لتنتج عنها كوارث وإبتلاءات ...
ولكننا نتحدث عن الدور البشري فيها ...

ما أقصده بذلك هو عدم دراسة الأمور دراسة "كاملة" قبل إتخاذ القرار ...
وتمثل في جدة ... في عدم التحوط للأمطار بتحديد مجاريها الطبيعية وتفادي البناء فيها ...

قد ينسب البعض هذه الأخطاء الى المواطن العادي ... الذي بنى في الشعاب بإذن أو بدون إذن ...
وقد ينسب آخرون الأخطاء الى الجهات التنظيمية التي "أهملت" أخطاء الناس ...
و لم تقم بواجبها في تحديد الأماكن الممنوعة مسبقا ... أو تكاسلت في الحماية من أضرارها ...

وهذه الحالة يمكن أن أسميها "تخلفا" ... بغض النظر عن نوع هذا التخلف ...
وهذا التخلف هو السمة الغالبة لأمورنا ... وفي كل مجال تقريبا ...
نسمع بأن مبنى سقط أو سقط جزء منه رغم وجود مهندسين فيه ...
ونسمع بأن مخرجات التعليم لا تناسب سوق العمل رغم وجود جامعات كثيرة ...
ونسمع بأن القضاء لا ينجز معاملات المواطنين بالسرعة المطلوبة والسبب لا يتعلق بعدد القضاة ...
ونرى أن المرور لا ينظم حركة المرور بالكفاءة المطلوبة ... وإن حاول جاءت محاولاته عنيفة وصادمة مثل ساهر ...

وهذه كلها ظواهر لهذا التخلف ... في جميع المجالات تقريبا ...
وأسباب هذا التخلف كثيرة ... ولكن الأكيد أن آثاره تصدمنا في كل يوم وفي كل مجال من حياتنا ...

ولعل هذا العامل هو الفارق الأساس بين مشروع لدينا ... ومشروع في بلد متقدم ...
ومفتاح الحل: إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه ...
ويتبعه مفاتيج كثيرة ...

ولك الشكر مرة أخرى ...

*****