المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفة للتأمل.........!



Stock Doctor
02-10-2010, Sat 12:49 PM
عالمنا هو مرآة لنا ، وكل ما نراه هو انعكاس لأنفسنا ؛ الأفكار والأحلام والأهداف ، الآمال والرغبات والمخاوف كلها تتجلى لنا في الأشخاص الذين نلتقي بهم ونصادقهم ، كما تتجلى في اختياراتنا وطريقتنا في الحياة . لا يصادفنا شيء لا يعكس بشكل أو آخر هويتنا . فلماذا إذن نجد أنه من الصعب معرفة أنفسنا ؟ هل نتجنب ونتجاهل الإشارات ، أم أن الشيء الأكثر وضوحاً يصعب رؤيته ؟

الحياة طريق مستمر ، وبالنسبة للكثير منا تبدأ مرحلة البحث عن الذات في سن العشرينات أو قد تكون منذ سن المراهقة . البعض يعرفون أنفسهم وآمالهم وأحلامهم جيداً ، والبعض لديه حدس وشك بمن يكون ، أما البعض الآخر فليس متأكد على الإطلاق !!.

لكن نجد أعمال الحياة اليومية كثيراً ما تأخذنا بعيداً عن طريق الاكتشاف الذاتي . لقد شاهدت وتعرضت لذلك مئات المرات . من السهل الانشغال في بلوغ هدف معين ، أو رعاية أبنائنا وأسرتنا ، فيتم ببساطة تجاهل ونسيان وقت التفكير في الذات .

الأشخاص الطموحين وخاصة الشباب منهم ، غالباً ما يكون تركيزهم على أهدافهم دون التفكير في أنفسهم ، ومن سيكونون عند بلوغ تلك الأهداف . نحن نفكر في خطط التقاعد ، وتهيئة الكمال المنزلي وتربية أطفال أصحاء ومهذبين ، وترسيخ مكانة جيدة في مجال عملنا ، لكن هل نقوم بتعريف أنفسنا بناءً على تلك الأهداف ؟ لو سألك أحدهم " من أنت ؟ " بماذا تجاوب هل تناقش مهنتك وعملك ؟ وبما أننا غالبا ما نُعَرِّف أنفسنا بما "نفعل" وليس بما نفكر ونشعر به ، أتساءل إذا ما كنا نضيع فرصة فريدة لتحديد هويتنا .

علمنا القدماء أن العالم الذي نصنعه هو مرآتنا . ومتى ما أدركنا ذلك يتم التعرف على الذات بسرعة أكبر . فالخصال التي نكرهها في الآخرون تضايقنا لأنها تذكرنا بما نكرهه في أنفسنا . إننا عندما ننسجم مع شخص ونشعر باتصال عميق معه ، فذلك لأنه يقوم بإبراز كل الأشياء الجميلة التي نحبها في أنفسنا . بعض الناس يحفزنا لنكون أفضل مما نحن عليه الآن ، ليس لأننا لسنا بالفعل كل هذه الأشياء الجميلة والرائعة ، ولكن لأننا ببساطة لم نقم بتفعيل هذه الإمكانيات البشرية لدينا حتى الآن . يبدو لي أن هذا هو دور الأصدقاء الحقيقيون ، لكن أجدى وأطول علاقة على الإطلاق سنتمتع بها هي علاقتنا مع أنفسنا .

يقول د. وين داير ، الكاتب والمتحدث المعروف دولياً في مجال التنمية الذاتية ، إن رأيك وحكمك على الناس يكشف حقيقة نفسك أكثر مما يكشفه عن هؤلاء الأشخاص . فكر بالأمر . إننا عندما ننتقد فإن العبارات والألفاظ التي نستخدمها توضح حقيقتنا وليست حقيقة الشخص الذي ننتقده . ما أدركته في حياتي القصيرة هو أنني لا أستطيع الحكم على شخص دون أن أحكم على نفسي أولاً ، وأنه عندما أقوم بإيذاء شخص آخر بالكلام فإن ذلك يؤذيني أكثر .
كل علاقة وكل عقبة في حياتنا هي فرصة للنمو ولتغيير الأمور التي لا نحبها في أنفسنا . ومن المثير للعجب والسخرية أننا نقضي معظم أوقاتنا لمحاولة تغيير الآخرين . يجب أن نتذكر أننا لا نستطيع تغيير الآخرين ، ولكننا نستطيع تغيير أنفسنا والآخرين يمكن أن يرشدونا إلى ما يجب تغييره . وبالطبع ، الأمور ليست دائما أبيض أو أسود . هناك العديد من الصفات والسلوكيات التي ربما نشهدها في الآخرين دون أن نمتلكها . ولكنني أتساءل ، لماذا تزعجنا هذه السلوكيات إلى هذه الدرجة ؟

لا أؤمن بالصدف ، ولا اعتقد أن شخص ما وجد على هذه الأرض لمجرد إزعاجنا ، فالجميع هنا لنتعلم منهم ، والدرس بالنسبة لنا هو أن نكتشف سبب وجودهم في حياتنا .
ربما أبناءنا هم أعظم المعلمين بالنسبة لنا ، حيث أنهم يجعلوننا نرى أنفسنا كما هي ، خاصة عندما لا يكون هناك من يراقب أفعالنا وأقوالنا .


الطريف أن الحركات البيئية اكتسبت زخماً واسعاً في عندما تمكنا من تصوير الأرض من الفضاء الخارجي ، وكأننا احتجنا أن نرى أنفسنا والمكان الذي نعيش فيه في صورة مأخوذة من الأعلى لنفكر بما فعلناه في البيئة . العام الماضي أخذت صورة فوتوغرافية لنفسي وألصقتها على الثلاجة . لم تكن صورة ساحرة وجذابة ، فلم أضعها لأعجب بشكلي يومياً . وضعتها هناك لأذكر نفسي بضرورة التأمل وتوجيه الأسئلة الغير معتادة ، وللتفكير في هويتي كإنسان يخوض رحلة الحياة . في هذا العام الجديد سأتطلع إلى من هم حولي لمحاولة رؤية نفسي فيهم . لماذا هم في حياتي ؟ ما الذي يعجبني فيهم وما الذي يزعجني ؟ وكيف ينعكس ذلك علي ؟ البعض منا يبحث عن الحب . والبعض الآخر يسعى وراء النجاح . ولكن متى كانت آخر مرة بحثت في داخلك لتحقيق أهدافك ؟ ماذا لو شعرت بالنجاح لأنك تعرفت على نفسك ؟ نحن نلجأ للموضة والأزياء لنجمل أنفسنا . ماذا لو شعرنا بجمالنا لأننا أصبحنا نحب أنفسنا ؟ ماذا لو كانت الإجابات تكمن في داخلنا ؟

تعلمنا أن "الأكثر" دلالة على التقدم . في الثروة ، في الأسرة ، في الحب والجمال ... كلما أصبح لدينا أكثر تتحسن صورتنا إزاء أنفسنا . هناك مقولة : "بعد الثروة ، ماذا يأتي ؟" . إذاً صدق الحكماء حينما قالوا : "أينما تذهب ... أنت هناك" . يمكنك تجنب نفسك بالبحث عن كل أنواع المتع الخارجية المتاحة للبشر ، ولكن لا بد أنه ستبقى لديك تساؤلات . ما الذي فعلته في حياتي ؟ هل أعامل الناس بلطف وضمير ومحبة ؟ هل جعلت لحياتي معنى ؟ جدول أعمالنا لا يسمح إلا بقليل من الوقت للتفكير والتأمل . لقد ازدادت في الآونة الأخيرة تناول أدوية الاكتئاب وقد كان الأحرى بنا أن نشعر بالفخر لا الحزن ونحن نحقق في حياتنا ما لم يحققه أي جيل سابق .

كل يوم جديد مليئ بالوعود الكثيرة لأنفسنا ومليئ بالأمل .
لكن اليوم ادعوكم جميعا لأخذ الوعود وتنحيتها جانبا
لنبدأ بالتعرف على أنفسنا بصورة أفضل . انظر إلى الحياة التي تعيشها ، هل هي بالفعل ما تريد ؟ وإذا كانت الإجابة لا ، لم لا تقوم بالتغيير ؟ اليوم الجديد فرصة كبيرة لإحداث بعض التغيير ، والتغيير دائما يبدأ من الداخل . ابحث عن الصفات التي تعجبك فيمن حولك وقم بتطويرها داخل نفسك وتطبيقها بصورة متكاملة . في نهاية هذا اليوم، عندما تبدو حياتك مختلفة ، ربما تكون قادر على رؤية نفسك بصورة جديدة ، ليس لأنك واظبت على أداء الرياضة ، أو أقلعت عن التدخين ، أو وجدت وظيفية جديدة . ربما سيكون ذلك لمجرد أنك نظرت في مرآة نفسك .


بقلم : كريستينا إيرل-دانيلز
من كتاب: أينما تذهب ... أنت هناك : رحلة التأمل الذاتي

ABU ATLAL
02-10-2010, Sat 8:53 PM
رائع جدا
والتأمل في الذات هو بداية التغيير لمن يرغب في تطوير ذاته ..