المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بترورابغ 0 مقال خطير جداً للكاتب إبراهيم محمد الناصري



الحياة كلمة
30-04-2010, Fri 5:00 AM
صحيفة الوطن السعودية
الثلاثاء 13 جمادى الأولى 1431ـ 27 أبريل 2010 العدد 3497 ـ السنة العاشرة

أرامكو وتوريق التكرير في بترورابغ

إبراهيم محمد الناصري

يُعد قطاع تكرير النفط الأقل جاذبية للاستثمار بين قطاعات النفط الأخرى، لارتفاع تكاليفه الرأسمالية ومخاطره ومشاكله البيئية وانخفاض هامش أرباحه، وللتدهور المستمر في الطلب على المشتقات النهائية بسبب تحسين كفاءة استهلاك السيارات للوقود.
ولذا تُجاهد كل شركات النفط الكبرى تقريباً للخروج من نشاط التكرير. وشركة أرامكو السعودية ليست استثناءً، ولكنها ابتكرت استراتيجية غير مسبوقة للتخلص من هذا النشاط. فقد عملت على تغليف نشاط التكرير المزعج مع نشاط إنتاج البتروكيماويات المربح جداً ثم بيعه للمستثمرين بصفقة واحدة، مقتفية بذلك أثر البنوك الاستثمارية الأمريكية في توريق وبيع الرهون العقارية المتسممة.
وكانت التجربة الأولى لهذه الاستراتيجية هي مشروع بترورابغ الذي يضم مصفاة رابغ العملاقة ومصانع لإنتاج البتروكيماويات، ونجحت أرامكو بصعوبة في بيع ثلث المشروع على شركة سيموتومو اليابانية ثم طرحت الشركتان ربع المشروع للاكتتاب على المواطنين. من خلال نتائج الربع الأول لشركة بترورابغ يبدو أنها تواجه مصاعب في تحقيق أرباح تشغيلية رغم تجاوز مبيعاتها العشرة آلاف مليون ريال خلال الأشهر الثلاثة الماضية مما قد يعرض المواطنين لخسائر غير مبررة.
الملاحظ أن شركتي أرامكو وسيموتومو ستظلان مستفيدتين من المشروع بغض النظر عن درجة ربحيته، فأرامكو تبيع على المشروع بالسعر الدولي أربعمائة ألف برميل يومياً من النفط العربي الخفيف الصعب التسويق، محققة ربحاً يتجاوز عشرة أضعاف تكاليف الإنتاج، وأعفى المشروع الشركة من عبء ثقيل هو توفير المشتقات النفطية للمنطقة الغربية، الذي طالما طالبتها الحكومة بتوفيره. في حين تشمل فوائد سيموتومو حصولها على عمولات تسويق منتجات الشركة (بلغت عمولات التسويق في الثلاثة أشهر الماضية مئتي مليون ريال تقريباً)، إضافة إلى ضمانها مصدراً مستقراً من مدخلات الإنتاج لمصانعها في اليابان. وقد تستفيد أيضاً من بيع أو تأجير براءات اختراع أو نحوها على الشركة. ودائنو الشركة سيستوفون ديونهم مما يتوافر من دخل أو حتى من رأس المال. أما المواطنون السعوديون الذين هرعوا للاكتتاب في أول مشروع تجود به أرامكو منذ إنشائها فإن آمالهم بدأت تتحول إلى علامات تعجب وربما علامات استفهام. تُخطط أرامكو لتكرار التجربة في مصفاة ينبع ولكن الشريك الأجنبي انسحب قبل أيام، وهناك مشروع مماثل مع شركة داو كيميكال. وفي كلا المشروعين تعتزم أرامكو طرح ربع الأسهم للاكتتاب. إن نتائج شركة بترورابغ حتى الآن لا تدعم طرح هذين المشروعين، وأعتقد أن مقتضيات المصلحة العامة وحماية المستثمرين تبرران إعادة أرامكو النظر في استراتيجيتها المشار إليها، وتركها الاستثمار في البتروكيماويات للمواطنين وتجنيبهم مخاطر الاستثمار في قطاع التكرير.