المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الله يكثر من امثال هذا الكاتب ..



أبو جلنار
24-02-2010, Wed 1:26 AM
حول سبب ايقاف اكتتاب الطيار ..



للكاتب عبدالحميد العمري

جاءت عملية إيقاف اكتتاب «مجموعة الطيار للسفر» في السوق السعودية من وجهة نظري كإنقاذ دراماتيكي للمستثمرين. إنه الإنقاذ من ورطة مالية قيمتها كانت ستبدأ من 1.2 مليار ريال وتنتهي بأكثر من 4 مليارات ريال إذا ما أدرجت في السوق! وهل السوق السعودية في نقص من الاكتتابات الفاشلة التي ابتليت بها منذ 2006 إلى اليوم؟! إن مجرد النظر في نشرة الإصدار المتعلقة بالشركة يكشف لك منذ الوهلة الأولى عن واحدة من أخطر عمليات التضليل والخداع المالي، والتي بكل أسف تمت تحت مظلة النظام المسؤول عن تحقيقه بعدالة وشفافية والتزام «هيئة السوق المالية».

وإنني أعتقد أن ملف اكتتاب «مجموعة الطيار للسفر» قد فتح ملفاً للفساد المالي يجب ألا يمر مرور الكرام، فما احتوته النشرة من فواجع مالية ضربت مساميره في جدار الثقة والأمان المحيط بالسوق المالية السعودية، وعليه، من الواجب ألا يقف الأمر عند مجرد قبول موافقة الهيئة على طلب إيقاف الاكتتاب بالنسبة للجهات الرقابية، والاكتفاء بمجرد نسيان ما حدث وانسحاب الشركة من الاكتتاب، بل يجب أن يفتح تحقيقاً واسعاً يشمل «هيئة السوق المالية»، ومدير سجل اكتتاب المؤسسات، ومتعهد تغطية الاكتتاب الرئيس والمستشار المالي (مورغان ستانلي)، ومدير الاكتتاب ومتعهد تغطية الاكتتاب المساعد (الراجحي المالية)، ومتعهدي تغطية الاكتتاب المساعدين (الجزيرة كابيتال) و(الرياض المالية)، والمستشار القانوني للاكتتاب (مكتب عبد العزيز بن حمد الفهد)، ومراجع حسابات الشركة («كي آر أم جي» الفوزان والسدحان)، ومستشار المراجعة المالية («ديلويتي» بكر أبو الخير وشركاهم محاسبون قانونيون). ولمعرفة لماذا يجب أن يتم فتح تحقيق ومحاسبة لتلك الجهات حول شركة أريد لها أن تُطرح للاكتتاب بسعر 50 ريالاً، فالإجابة موجودة بالتفصيل في نشرة الإصدار، وسأستعرض هنا بعضاً من حقائقها المروعة!

بدايةً، كانت أكبر الفواجع التي تضمنتها نشرة الإصدار ما ورد ضمن بنود الأصول غير المتداولة في آخر قائمة مركز مالي للشركة (30 يونيو 2009)، التي تضمنت أصولاً لا تملكها الشركة حتى تاريخه فاقت قيمتها 583 مليون ريال، شكلت نحو 51 بالمئة من إجمالي الأصول غير المتداولة! وحسبما أوضحت الملاحظات المرفقة بالموازنة أن الإجراءات القانونية المتعلقة بنقل ملكيتها إلى الشركة لم يتم الانتهاء منها حتى تاريخه! الإشكالية الأخرى، أن هذه الأصول غير المملوكة للشركة هي أيضاً تُعد مرهونة للبنوك الممولة، ومن ثم فإن البائعين (الملاك المؤسسين أنفسهم) للشركة لا تتوافر لديهم الحرية الكاملة للتصرف في تلك الأصول العقارية.

ومن الملفت أيضاً في هذا البند المحيّر من الأصول غير المتداولة أن بند (مشاريع تحت التنفيذ) الذي ضم عقاراً مرهوناً لصالح «البنك العربي الوطني» على المساهم الرئيس (ناصر الطيار)، وصلت مساحته إلى نحو 256 ألف متر مربع (أي أن قيمة المتر في حدود 1600 ريال للمتر، علماً أن أعلى قيمة وصل إليها متر الأرض في منطقة بنبان شرق طريق القصيم لم تتجاوز 600 ريال للمتر)، ومؤدى ما تقدم أنه حتى هذا الأصل غير المملوك واقعاً للشركة قد تم تضخيم قيمته، وكما يبدو أن إعادة تقييم العقار في نهاية العام الجاري 2010، بعد إدراج الشركة في السوق كان سينعكس سلباً دون شك على القيمة العادلة للأرض، وأن تحميل خسائر انخفاض تلك القيمة سيكون على حساب مجتمع المستثمرين في الشركة حينها! المهم هنا أن إضافة إدارة الشركة إلى هذه الأصول غير المملوكة لها واقعاً، أؤكد أنه قد منح مزيداً من المبررات لرفع قيمة السهم عند الطرح، وهنا تتضح البيّنة الفصل في عدالة تقييم السهم من عدمها.

ولا يقف سوء الحال عند ما تقدم، فحسبما أوضحت الملاحظات المرفقة مع القوائم المالية، إذ عدا ما تقدم، فقد أظهر بند القيود المالية على الشركة أنها ملزمة بإيداع 50 بالمئة على الأقل من مبيعاتها وليس صافي الدخل لدى البنك السعودي للاستثمار، وألا تقوم الشركة بإعلان أو توزيع أرباح أو السماح بسحوبات شخصية من المساهمين إلا بعد الحصول على موافقة خطية من البنك! ويستكمل «بنك الخليج الدولي» شروطه بألا تزيد نسبة إجمالي الخصوم على صافي حقوق المساهمين على (1.2)، وألا يقل صافي حقوق المساهمين عن 150 مليون ريال، والمحافظة على نسبة سيولة لا تقل عن (1.3).

أما في البند المتعلق بإيضاح قروض الشركة فيكفي أنك ستجد كشفاً تفصيلياً بقائمة طويلة من القروض، نسبة غير قليلة منها مولت نشاطات غير مرتبطة بالنشاط الرئيس للشركة (تمويل عقارات واستثمارات أخرى)، وصلت قيمة فاتورتها إلى أكثر من 945 مليون ريال، توزعت على خمسة بنوك محلية وخليجية. المجال لم يتسع هنا للحديث عن انخفاض العائد على الأصول من 21.4 بالمئة في 2006 إلى 9 بالمئة في 2009، وعن انخفاض العائد على حقوق المساهمين من 40.8 بالمئة في 2006 إلى 20.9 بالمئة في 2009، ومدى تأثير استئثار البنوك الممولة بنحو 50 بالمئة من المبيعات في ربحية السهم رغم ارتفاع الربحية. وأكتفي بالإشارة إلى انخفاض رأس المال العامل للشركة من 323.5 مليون ريال في 2007 إلى نحو 72.6 مليون ريال فقط، ما يعكس انخفاض مؤشر السيولة للشركة، والذي تضرر كثيراً جراء الزيادة الكبيرة في القروض والتسهيلات البنكية.

إجمالاً، أهنئ السوق المالية السعودية وأخص بتهنئتي مجتمع المستثمرين، إن سلمهم الله من التورط في هذا الاكتتاب. وأشد على يد مديري صناديق الاستثمار السعودية التي رفضت الاكتتاب في هذه الخدعة المالية الكبيرة، ما حمى السوق المالية من ورطة جديدة كانت ستضاف إلى بقية الورطات (الاكتتابات الورقية) التي ابتليت بها طوال السنوات الأربع الماضية. داعياً الجهات الرقابية المحلية إلى بدء التحقيق والمساءلة والمحاسبة مع جميع الجهات ذات العلاقة بهذا الاكتتاب، المشار إليها أعلاه دون استثناء، هذا إن أردنا فعلياً أن نرسي ركائز للنزاهة والشفافية في بيئة الاستثمار السعودية بصورة عامة، والسوق المالية السعودية بصفة خاصة. وعدا ذلك فلا آمن أنا ولا غيري أن يتم اختراق جدران السوق وبيئة الاستثمار المحلية بمثل هذه المشاريع كاملة الفشل.

الواقع
24-02-2010, Wed 1:38 AM
http://www.thegulfbiz.com/vb/showthread.php?t=329869