المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «تداول» ومبناها «الذكي وصديق البيئة» ... و تكلفته العالية



الواقع
11-02-2010, Thu 6:34 AM
دردشة حول «تداول» ومبناها «الذكي وصديق البيئة»


الاقتصاديةـ فهد بن عبد الله القاسم 09/02/2010



وقعت «تداول» الأسبوع الماضي عقد تصميم مبناها الجديد ''الذكي والصديق للبيئة''، الذي سيكون المقر الرئيس للسوق السعودية المالية، وهو مبادرة متوقعة وعمل مشروع لـ«تداول» مثلها مثل أي شركة خاصة أو مؤسسة حكومية عامة، وتتوقع تداول أن يكون مبناها المعلم الأبرز في العمارة، ليس على مستوى الرياض أو السعودية فحسب، بل سيكون معلماً بارزاً على المستوى العالمي.


ومعنى أن يكون المبنى صديقاً للبيئة، أن يتفاعل التفاعل الإيجابي مع البيئة من حيث استخدام الطاقة والمخلفات والإنارة حسب إفادة رئيس مجلس إدارة الشركة.


لقد احتوى الخبر على قنبلة كانت هي المانشيت الرئيس في جميع وسائل الإعلام التي نقلت الخبر، والتي ركزت على تكلفة المشروع، الذي سيكلف أكثر من مليار ريال، حقيقة لم أصدق الرقم الذي طالعته، فأخذت أتحرى عنه في جميع الصحف ومواقع الإنترنت التي أكدت الرقم ''الفلكي'' من وجهة نظري، وللإنصاف فإن هذا الرقم الذي يتجاوز المليار يشمل التصميم والإشراف والتنفيذ النهائي!


لست مهندساً أو مقاولاً حتى أحكم على معقولية تكلفة المبنى! لكنني أصنف نفسي منطقياً وعقلانياً بشكل يمكنني من الحكم على فاعلية استخدام المال! فالشركة لا يتجاوز عدد موظفيها 300 موظف، ولا يوجد لديها سوى تعاملات ورقية وإلكترونية، وبالتالي فالشركة عبارة عن موظفين وأجهزة ونظم، وبالمبنى الجديد سنضيف مكوناً جديداً وهو ''الفشخرة''، فالمبنى كما هو معلوم للاستخدام وليس للاستثمار، وبحسبة بسيطة فإن متوسط تكلفة كل موظف من المبنى تزيد على ثلاثة ملايين ريال!!


لماذا أهتم؟ حرصي ينبع من أن هذا المبلغ في جميع الأحوال يدفع من خزانة الدولة ومن بيت المال، بحكم أن صندوق الاستثمارات العامة يملك جميع أسهم الشركة، وبالتالي فمن الأولى أن يوجه التوجيه الصحيح، وأعتقد أن المليار ريال تكفي لبناء جامعة أو مطار أو مشروع للقطارات، بل أكثر من ذلك! أما على مستوى القطاع الخاص فإن هذا المبلغ يكفي لإنشاء عشرة مصانع كبرى أو تعمير 100 مدرسة أو تأسيس ألف ورشة تفتح ألف بيت! وعلى الصعيد الاجتماعي فإن هذا المليار يكفي لتزويج أكثر من عشرة آلاف شاب وشابة، ويبني أكثر من ألف منزل يأوي ما يزيد على 50 ألف مواطن! هذا لو كانت التكلفة مليار ريال فقط لاغير، فكيف ستكون البدائل والتكلفة تتجاوز المليار!


أحترم في شركة تداول رغبتهم في أن يكون مبناهم صديقاً للبيئة، لكنني أتفهم صداقة البيئة أكثر عند إقامة المنشآت الصناعية، وأقدر صداقة البيئة أيضاً عند تشغيل المطارات، وأعتز بصداقة البيئة في الجامعات، كما أن صداقة البيئة مطلب في محطات توليد الكهرباء، بل قد تكون صداقة البيئة أكثر أهمية في المطاعم حتى لو كانت مطاعم فول وتميس، لكن صداقة المبنى المكتبي للبيئة لن تكون بتلك الأهمية التي حملها ذلك الخبر، وكأن صداقة البيئة تبرر تلك التكلفة المليارية للمبنى!!


تساؤلات كبيرة حملها ذلك الخبر.. لكن أهمها يدور حول مصادر تمويل إنشاء المبنى الجديد؟ الإجابة ليست صعبة لكنها ليست مؤكدة، فهل سيتم تمويل المبنى من حصيلة عمولات ودخل تداول من التداول؟ أم سيكون من حصتها الناتجة عن غرامات وأخطاء وتلاعبات المتعاملين؟ أم أنها من حصيلة رسوم التسجيل والحفظ والإصدار؟ أم أنها خليط من ذلك كله؟ وأياً كانت هذه الأموال فإن التكلفة الضخمة للمبنى تؤكد وبشكل لا يقبل الجدل وفي ظل عدم إعلان النتائج المالية لتداول، أن إيراداتها ضخمة وضخمة جدا، لتضع فقط ألف مليون ريال منها في المبنى الرئيس لها، وهو مبلغ يعادل ما نسبته 83 في المائة من رأسمال الشركة!!


تساؤلي الثاني هل كانت «تداول» ستفكر في بناء مبنى بهذه التكلفة في ظل محدودية دخلها ومواردها؟ طبعاً الإجابة لا ''مغلظة''، ولا أعتقد أن تداول كان بإمكانها إقناع ملاكها وهم (صندوق الاستثمارات العامة) بدفع نصف هذا المبلغ لبناء المقر الرئيس لو لم يكن المبلغ متوافراً لديها من إيراداتها الذاتية، بل زائداً على حاجتها.


الطريف في الأمر أن شركة السوق المالية، التي تؤكد حرصها دوماً على شفافية السوق، لم تفصح عن تكلفة التصميم للمبنى احتراماً لرغبة الشركة المصممة، في الوقت الذي تجاوزت فيه رغبات واحترام السوق والشركات والمواطنين، الذين يتم بناء المبنى من أموالهم!


أتفق مع «تداول» في أهمية وجود مبناها الرئيس في مركز الملك عبد الله المالي، وأبارك التوجه في أن يكون لها مبناها المستقل، وأعتقد أن تلك مبادرة استباقية مهمة تحسب لإدارتها، لكن ليس بالشكل الذي أعلن عنه، وأعتقد أن على تداول إعادة النظر في مشروع مبناها الرئيس، الذي يجب أن يتناسب مع احتياجاتها الفعلية، ولا أتصور أن تكلفة المبنى من المفترض أن تزيد على 120 مليون ريال وهو ما يمثل 10 في المائة من رأسمال شركتنا الفتية، وبالإمكان بهذه التكلفة أيضاً أن يكون المبنى ذكياً وصديقاً للبيئة والمواطنين والشارع العام وخزينة الدولة معاً.