أم عبدالله
25-12-2009, Fri 10:16 PM
البلاستيك .. هل هو نعمة أم نقمة؟
كلمة الاقتصادية
ازدهرت صناعة البلاستيك على المستوى العالمي في العقود القليلة الماضية بشكل مذهل، واستطاعت هذه الصناعة أن تسهم في بناء ثقافة استهلاكية جديدة، خاصة ما يتصل بالتغذية وعبوات استخدام المرة الواحدة، وقناني المياه المعالجة، والأطباق، وصناعة التغليف والتعليب وما إلى ذلك, حيث أدت هذه الثورة البلاستيكية إلى إقصاء الصناعات الزجاجية والمعدنية والصيني وسواها عن هذه السوق التي تزداد اتساعا يوما بعد آخر، وتضع بصمتها في المقابل على البيئة من خلال تلك المخلفات البلاستيكية من الفوارغ التي باتت تحاصر الناس في كل مكان .
وتشكل أكياس البلاستيك التي تتطاير في الهواء هنا وهناك وتعلق بالأشجار والسياجات والشجيرات البرية وتملأ الطرقات, مصدر إزعاج حقيقيا لحماة البيئة وهيئات السلام الأخضر، وهذا الكيس المصنوع من مادة البوليثيلين, وهي من المشتقات النفطية، الذي تقول بعض الدراسات إن معدل استخدامه لا يزيد على 12 دقيقة يعيش ما يزيد على ألف سنة .. وتتهمه بأنه يسهم في تلويث البيئة وارتفاع حرارة الأرض، خاصة أن ما يستهلكه العالم منه سنويا يراوح بين 500 مليار وتريليون كيس، غير أن المشكلة لا تكمن في حجم الاستهلاك السنوي الكبير، وإنما تكمن في الشعور السائد في أن استهلاكه ينتهي برميه والتخلص منه، وهي النقطة التي تبدأ فيها مشكلة أنصار البيئة مع هذه العبوات الفارغة، لأنها لا تملك خاصية العبوات الورقية التي تتحلل في التربة، وإنما تتطاير في كل مكان بفعل خفة وزنها، ثم قد تتكسر إلى جزيئات صغيرة سامة تتسرب إلى التراب والمياه، وقد تغلق مجاري المياه وتلوث الشواطئ، ويزعم البيئيون أنها قتلت وتقتل سنويا ما يربو على مليون طائر بحري ونحو 100 ألف من الثدييات البحرية، وأعدادا لا تحصى من الأسماك التي تظنها طعاما فتأكلها لتختنق بها، وفقا لعدد من الدراسات التي نشرت في إحدى الصحف اللبنانية. كما يواجه بعض الحيوانات الصحراوية كالماعز والأبقار المصير ذاته عند ابتلاع بقايا تلك العبوات حيث تلتف على أمعائها فتقضي جوعا لأنها غير قادرة على هضمها.
وتقول الدراسة إن المشكلة مع أكياس البلاستيك لا تنتهي عند نفوق تلك الحيوانات, إذ عندما تتحلل الجثث تتحرر الأكياس مجددا ليبدأ أذاها في مكان آخر. وهو ما اعترض عليه بعض العلماء البريطانيين الذين وصفوا الدراسة الكندية التي أجريت عام 1987 بالمبالغة، متهمين أنصار البيئة بأنهم استثمروا خطأ مطبعيا في تلك الدراسة عزا نفوق الحيوانات إلى أكياس البلاستيك في حين كان المقصود بقايا أدوات الصيادين وشباك الصيد وما إليها, بذريعة أن نفايات المنازل لا تشكل ما هو أكثر من 20 في المائة من النفايات عموما مقارنة بما تخلفه المصانع الكبرى من أشكال البلاستيك الأخرى. وأيا كان الأمر فقد ظهر فيما بعد عدد من الدراسات في السياق نفسه، الذي استندت إليه حملة (نظفوا العالم) التي قادها إيان كرينان بعدما لاحظ كمية البلاستيك والنفايات الأخرى التي تطفو على سطح المياه عند إبحاره إلى أنحاء مختلفة من العالم.
وعزا بعض التقارير الصحافية الفيضانات الكبيرة التي اجتاحت بنجلادش بين عامي 1988 و1998 إلى انسداد مجاري المياه في الطرقات بتلك المخلفات البلاستيكية ما دفع السلطات إلى حظر استخدامها منذ عام 2002، ورغم كل ما طرح عن عمليات إعادة تدوير تلك النفايات البلاستيكية إلا أنها مكلفة كما يبدو، لكن هذا لم يمنع دولا كالصين وتايوان وجنوب إفريقيا وألمانيا وأيرلندا وغيرها من فرض بعض القيود على استخدام البلاستيك الخفيف وصلت إلى حد فرض بعض الضرائب .
ولأننا نواجه حصار البلاستيك في بلادنا بشكل كبير أدى - حسب بعض الخبراء - إلى تلف الغطاء النباتي الصحراوي، وأسهم في تلويث متنزهاتنا البرية، ورفع تكلفة نظافة البيئة نتيجة التوسع الكبير في استخدام جميع أنواعه كعبوات للمياه وأطباق للوجبات السريعة والتغليف وسواها من الاستخدامات المتعددة, فإن المأمول أن تتبنى الجهات المعنية بحماية البيئة مع جهات التصنيع حلولا عملية فيما يتصل بالتدوير, خاصة أننا نمتلك كل البنى التحتية القادرة على احتواء هذه المشكلة المتفاقمة، حفاظا على البيئة من أخطارها المتعددة.
http://www.aleqt.com/2009/12/25/article_321989.html
كلمة الاقتصادية
ازدهرت صناعة البلاستيك على المستوى العالمي في العقود القليلة الماضية بشكل مذهل، واستطاعت هذه الصناعة أن تسهم في بناء ثقافة استهلاكية جديدة، خاصة ما يتصل بالتغذية وعبوات استخدام المرة الواحدة، وقناني المياه المعالجة، والأطباق، وصناعة التغليف والتعليب وما إلى ذلك, حيث أدت هذه الثورة البلاستيكية إلى إقصاء الصناعات الزجاجية والمعدنية والصيني وسواها عن هذه السوق التي تزداد اتساعا يوما بعد آخر، وتضع بصمتها في المقابل على البيئة من خلال تلك المخلفات البلاستيكية من الفوارغ التي باتت تحاصر الناس في كل مكان .
وتشكل أكياس البلاستيك التي تتطاير في الهواء هنا وهناك وتعلق بالأشجار والسياجات والشجيرات البرية وتملأ الطرقات, مصدر إزعاج حقيقيا لحماة البيئة وهيئات السلام الأخضر، وهذا الكيس المصنوع من مادة البوليثيلين, وهي من المشتقات النفطية، الذي تقول بعض الدراسات إن معدل استخدامه لا يزيد على 12 دقيقة يعيش ما يزيد على ألف سنة .. وتتهمه بأنه يسهم في تلويث البيئة وارتفاع حرارة الأرض، خاصة أن ما يستهلكه العالم منه سنويا يراوح بين 500 مليار وتريليون كيس، غير أن المشكلة لا تكمن في حجم الاستهلاك السنوي الكبير، وإنما تكمن في الشعور السائد في أن استهلاكه ينتهي برميه والتخلص منه، وهي النقطة التي تبدأ فيها مشكلة أنصار البيئة مع هذه العبوات الفارغة، لأنها لا تملك خاصية العبوات الورقية التي تتحلل في التربة، وإنما تتطاير في كل مكان بفعل خفة وزنها، ثم قد تتكسر إلى جزيئات صغيرة سامة تتسرب إلى التراب والمياه، وقد تغلق مجاري المياه وتلوث الشواطئ، ويزعم البيئيون أنها قتلت وتقتل سنويا ما يربو على مليون طائر بحري ونحو 100 ألف من الثدييات البحرية، وأعدادا لا تحصى من الأسماك التي تظنها طعاما فتأكلها لتختنق بها، وفقا لعدد من الدراسات التي نشرت في إحدى الصحف اللبنانية. كما يواجه بعض الحيوانات الصحراوية كالماعز والأبقار المصير ذاته عند ابتلاع بقايا تلك العبوات حيث تلتف على أمعائها فتقضي جوعا لأنها غير قادرة على هضمها.
وتقول الدراسة إن المشكلة مع أكياس البلاستيك لا تنتهي عند نفوق تلك الحيوانات, إذ عندما تتحلل الجثث تتحرر الأكياس مجددا ليبدأ أذاها في مكان آخر. وهو ما اعترض عليه بعض العلماء البريطانيين الذين وصفوا الدراسة الكندية التي أجريت عام 1987 بالمبالغة، متهمين أنصار البيئة بأنهم استثمروا خطأ مطبعيا في تلك الدراسة عزا نفوق الحيوانات إلى أكياس البلاستيك في حين كان المقصود بقايا أدوات الصيادين وشباك الصيد وما إليها, بذريعة أن نفايات المنازل لا تشكل ما هو أكثر من 20 في المائة من النفايات عموما مقارنة بما تخلفه المصانع الكبرى من أشكال البلاستيك الأخرى. وأيا كان الأمر فقد ظهر فيما بعد عدد من الدراسات في السياق نفسه، الذي استندت إليه حملة (نظفوا العالم) التي قادها إيان كرينان بعدما لاحظ كمية البلاستيك والنفايات الأخرى التي تطفو على سطح المياه عند إبحاره إلى أنحاء مختلفة من العالم.
وعزا بعض التقارير الصحافية الفيضانات الكبيرة التي اجتاحت بنجلادش بين عامي 1988 و1998 إلى انسداد مجاري المياه في الطرقات بتلك المخلفات البلاستيكية ما دفع السلطات إلى حظر استخدامها منذ عام 2002، ورغم كل ما طرح عن عمليات إعادة تدوير تلك النفايات البلاستيكية إلا أنها مكلفة كما يبدو، لكن هذا لم يمنع دولا كالصين وتايوان وجنوب إفريقيا وألمانيا وأيرلندا وغيرها من فرض بعض القيود على استخدام البلاستيك الخفيف وصلت إلى حد فرض بعض الضرائب .
ولأننا نواجه حصار البلاستيك في بلادنا بشكل كبير أدى - حسب بعض الخبراء - إلى تلف الغطاء النباتي الصحراوي، وأسهم في تلويث متنزهاتنا البرية، ورفع تكلفة نظافة البيئة نتيجة التوسع الكبير في استخدام جميع أنواعه كعبوات للمياه وأطباق للوجبات السريعة والتغليف وسواها من الاستخدامات المتعددة, فإن المأمول أن تتبنى الجهات المعنية بحماية البيئة مع جهات التصنيع حلولا عملية فيما يتصل بالتدوير, خاصة أننا نمتلك كل البنى التحتية القادرة على احتواء هذه المشكلة المتفاقمة، حفاظا على البيئة من أخطارها المتعددة.
http://www.aleqt.com/2009/12/25/article_321989.html