الفأل الحسن
18-11-2009, Wed 11:50 PM
المطلعون على ارصدة كبار العملاء في البنوك يبربرون حتى في الاماكن العامة رصيد فلان كذا وثروة فلان كذا.
البروكرات في شركات الوساطة يدورون في كل مكان فلان اشترى وفلان باع وفلان عنده كذا سهم وفلان ...الخ.
موظفوالدوائر الحكومية يدورون باسرار اعمالهم حتى في المنتديات: الشرطة والقضا والحسبة و...الخ.
موظفو القطاع الخاص من السعوديين ليسوا باحسن حال من غيره.
اسرار البيوت مكشوفة ولايوجد خطوط حمراء عند احد الكل يفشي سر الاخر.
الاصدقاء والزملاء والاخوة ...الخ لاحرج ان احدث غيرك بماحدثتني في لحظة بوح بين صديق وصيقه بدون اعتبار لاهمية سرك والضرر الذي قد يلحق بك.
مناسبة الحديث: ابحث لابني عن وظيفة في القطاع الخاص وصيت هنا وهناك معارف واصدقاء وكل ما قابلت احدهم سألته وش سويت في الموضوع ؟ والجواب دائما بالسلب ... احدهم قال : فلان يريد موظف ووصاني فقلت له عندي موظف ينفع فرد عليه من وين قال: سعودي قال : لا هذي اسرار ما يبي لها سعودي!!! تخيل سبب رفضه.
المهم تعال شف موقف الدين ممن يفشي اسرار الناس.
----------------------------------------------------------------------------------
إفشاء السر
أخرج أبو داود عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
{ المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس : سفك دم حرام , أو فرج حرام , أو اقتطاع مال بغير حق } .
وأخرج عنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
{ إذا حدث رجل رجلا بحديث ثم التفت فهو أمانة } ورواه الترمذي وقال حديث حسن .
وأخرج الإمام أحمد عن أبي الدرداء :
{ من سمع من رجل حديثا لا يشتهي أن يذكر عنه فهو أمانة وإن لم يستكتمه } . وأخرج عن أنس رضي الله عنه : { ما خطب نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال لا إيمان لمن لا أمانة له , ولا دين لمن لا عهد له } قال في الفروع : حرم في أسباب الهداية إفشاء السر . وفي الرعاية يحرم إفشاء السر المضر . انتهى .
وفى صحيح البخارى :
قال أنس رضي الله عنه : { أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا فبعثني في حاجة فأبطأت على أمي , فلما جئت قالت ما حبسك ؟ قلت بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة , قالت ما حاجته ؟ قلت إنها سر قالت لا تخبرن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا . قال أنس : والله لو حدثت به أحدا لحدثتك به يا ثابت } .
وذكر ابن عبد البر الخبر المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { من أسر إلى أخيه سرا لم يحل له أن يفشيه عليه } .
قال النبي (صلى الله عليه وسلم):
"المستشار مؤتمن"
(أخرجه أبو داوود والترمذي)
قال النبي (صلى الله عليه وسلم) :
"أدِّ الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك"
(رواه الحاكم وأبو داوود).
وفى حديث ابن عمر (رضي الله عنهما) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يدعو بهذا الدعاء:
"اللهم استر عورتي، وآمن روعتي"
(أخرجه أبو داود والنسائي).
وفي حديث أبي هريرة (رضي الله تعالى عنه) قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم):
من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة"
(أخرجه الشيخان).
وفي حديث أبي برزة الأسلمي (رضي الله تعالى عنه) قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): أي للمنافقين:
"يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه: لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من يتبع عورة مسلم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه الله ولو في جوف بيته"
(أخرجه أحمد وأبو داود).
والعورة ما يُستقبح ظهوره للناس حسيًا كان، كالعورة المغلظة والتشوهات الخِلقِية، أو معنوياً كسيئ الأفعال والأقوال والأخلاق.
متى يجوز إفشاء السر :
1 - من يفعل الفواحش ويعلن بها خارجًا عما يجب الكتمان عليه؛ لأنه كاشف ستر نفسه
فإن الرجل إذا قارف السوء، ولم يره غير الله تعالى والكرام الكاتبين الذين يعلمون ما تفعلون، كان عليه أن يستتر بستر الله ويتوب إليه. فإن ذهب يحدِّث بذلك فكأنه يتمسح بالمذمة ويتفاخر بالمعصية، فيزداد قبحاً على قبح، ولم يكن للستر معنى. وإنما تنصرف مشروعية كتم السر والستر على صاحب المعصية إن كان ممن تبدر منه الزلة النادرة، وظاهره عند الناس جميل.
قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله تعالى، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه" (متفق عليه).
وقد قال تعالى: "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً" (النساء: 15).
فالظاهر أن طلب الشهداء في هذه الحال إنما هو في المرأة التي كثر منها ذلك واشتهر، جمعًا بين ما في هذه الآية وبين ما عُلِمَ في الشريعة من طلب الستر على من بدرت منه الزلة وأناب.
2 - انقضاء الأضرار والمفاسد المحتملة:
فانقضاء المضار والمفاسد التي يتضرر بها المكتوم عنه من جميع النواحي: بدنيًا ونفسيًا ومعنويًا وماليًا يجيز عدم التمسك بكتم السر. وهذا الجواز بعدم الكتمان يرتبط بما إذا كان سبب مشروعية الكتمان هو خوف الضرر. فأما إن كان السبب هو حمل الأمانة فلا يجوز كشف السر ما لم يأذن المكتوم عنه بإعلانها أو يعلنها هو بذاته.
3 - أن يأذن صاحب السر بإفشائه:
فإن أذن فلحامل السر أن يحدِّث به، فإذا حدّث به أحدًا أدّاه على أحسن وجه، واختار أجود ما سمع
4 - أن يكون الالتزام بكتم السر إلى أجل:
ومثال ذلك إن يأذن صاحب السر لحامله أن يحدِّث به بعد مرور زمن معين، سواء كان الزمن بضعة أيام، أو مرتبط بحدوث واقعة معينة أو خلافه، فمتى مرت المدة، أو وقعت الحادثة التي تم تعليق السر عليها جاز لحامل السر أن يرويه
5 - تغير الحكم الشرعي حيال صاحب السر:
كأن ينتقل حال المكتوم عنه ممن يشرع كتمان سره إلى أن يشرع كشف ستره وفضح أمره، كأن ينتقل من حال الإيمان إلى حال النفاق، والكفر والعياذ بالله، أو حال التستر بالفواحش إلى المجاهرة بها.
6 - أن يؤدي الكتمان إلى ضرر أبلغ من ضرر الإفشاء
أ - من هنا كشف علماء الحديث أحوال الرواة، ووقائع وقعت لهم تدل على فسق، أو قلة دين، أو تساهل في الكذب، أو نحوه، لا بغرض العيب على المسلمين بل بغرض تفويت الفرصة على هؤلاء؛ لئلا يغتر الناس بأحاديثهم، فإن استمرار الكذب وبناء الأحكام الشرعية على أحاديث منسوبة زورًا إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) أعظم ضررًا من كشف كذب الكاذبين
ب - مسألة الشهادة، فإن شهد المستور الحال أو الظاهر العدالة، بأن لم يعلم باطن حاله، يجوز لمن يعلم حقيقة أمره أن يقدح فيه ويبين السبب لئلا يظلم المشهود عليهم
ج - يُستثنى ما لو تعّين الإفشاء طريقًا لإنقاذ مسلم من هلكة أو نحوه، كأن يخبر ثقة بأن فلانًا خلا برجل ليقتله، أو امرأة ليزني بها، فيشرع التجسس، كما نقله النووي عن الأحكام السلطانية. فعن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق" (أخرجه أبو داوود). وقال الزبيدي: سكوت أبي عليه يدل على أنه عنده حديث حسن. وقال: والمراد بالحديث أن المسلم إذا حضر مجلسًا، ووجد أهله على منكر، يستر على عورتهم، ولا يشيع ما رأى منهم، إلا أن يكون أحد الثلاثة؛ فإنه فساد عظيم، وإخفاؤه ضرر كبير
قال الحليمي في كتابه: "المنهاج في شعب الإيمان": "الستر يكون في الفواحش التي لا تخرج من الملة، فأما إذا سمع مسلمًا يتكلم بكلام الكفر، فعرف به أنه من النافقين، فلا ينبغي أن يستر عليه .. وليعلم المسلمون أنه خارج من جملتهم، ولئلا يغتروا بما يظهره لهم، فيُنكحوه، أو يأكلوا ذبيحته، أو يصلوا خلفه، أو يوصي أحد منهم إليه بولاية أطفاله. ولأن من أظهر الكفر زالت حرمته، فإن الحرمة فيما أوجبنا ستره إنما لدين المتعاطي له، فإذا لم يكن دين فقد زالت العلة (المنهاج: 3/364). والله أعلم.
وواضح أن هذا الأمر يكون فيما كان من الأسرار من قبيل ستر العورات. أما إن كان من قبيل حمل الأمانة فإن الخيانة تجوز، ولو كان من حمَّلك الأمانة زنديقاً، إن التزمت له بحفظها.
فتوى مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من 1- 7 محرم 1414هـ الموافق 21- 27 حزيران (يونيو) 1993م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع السر في المهن الطبية ،
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله ،
قرر ما يلي :
أولاً : السر هو ما يفضي به الإنسان إلى آخر مستكتماً إياه من قبل أو من بعد، ويشمل ما حفت به قرائن دالة على طلب الكتمان إذا كان العرف يقضي بكتمانه، كما يشمل خصوصيات الإنسان وعيوبه التي يكره أن يطلع عليها الناس .
ثانياً : السر أمانة لدى من استودع حفظه، التزاماً بما جاءت به الشريعة الإسلامية وهو ما تقضي به المروءة وآداب التعامل .
ثالثاً : الأصل حظر إفشاء السر وإفشاؤه بدون مقتضٍ معتبر موجب للمؤاخذة شرعاً .
رابعاً : يتأكد واجب حفظ السر على من يعمل في المهن التي يعود الإفشاء فيها على أصل المهنة بالخلل، كالمهن الطبية، إذ يركن إلى هؤلاء ذوو الحاجة إلى محض النصح وتقديم العون فيفضون إليهم بكل ما يساعد على حسن أداء هذه المهام الحيوية، ومنها أسرار لا يكشفها المرء لغيرهم حتى الأقربين إليه .
خامساً : تستثنى من وجوب كتمان السر حالات يؤدي فيها كتمانه إلى ضرر يفوق ضرر إفشائه بالنسبة لصاحبه، أو يكون إفشائه مصلحة ترجح على مضرة كتمانه، وهذه الحالات على ضربين :
أ- حالات يجب فيها إفشاء السر بناءً على قاعدة ارتكاب أهون الضررين لتفويت أشدهما، وقاعدة تحقيق المصلحة العامة التي تقضي بتحمل الضرر الخاص لدرء الضرر العام إذا تعين ذلك لدرئه .
وهذه الحالات نوعان :
- ما فيه درء مفسدة عن المجتمع .
- وما فيه درء مفسدة عن الفرد .
ب- حالات يجوز فيها إفشاء السر لما فيه :
- جلب مصلحة للمجتمع .
- أو درء مفسدة عامة .
وهذه الحالات يجب الالتزام فيها بمقاصد الشريعة وأولوياتها من حيث حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال .
سادساً : الاستثناءات بشأن مَوَاطن وجوب الإفشاء أو جوزاه ينبغي أن يُنص عليها في نظام مزاولة المهن الطبية وغيره من الأنظمة، مُوَضّحةً ومنصوصاً عليها على سبيل الحصر، مع تفصيل كيفية الإفشاء، ولمن يكون، وتقوم الجهات المسؤولة بتوعية العامة بهذه المواطن .
ويوصي بما يلي :
دعوة نقابات المهن الطبية، ووزارات الصحة، وكليات العلوم الصحية، بإدراج هذا الموضوع ضمن برامج الكليات والاهتمام به وتوعية العاملين في هذا المجال بهذا الموضوع . ووضع المقررات المتعلقة به، مع الاستفادة من الأبحاث المقدمة في هذا الموضوع
البروكرات في شركات الوساطة يدورون في كل مكان فلان اشترى وفلان باع وفلان عنده كذا سهم وفلان ...الخ.
موظفوالدوائر الحكومية يدورون باسرار اعمالهم حتى في المنتديات: الشرطة والقضا والحسبة و...الخ.
موظفو القطاع الخاص من السعوديين ليسوا باحسن حال من غيره.
اسرار البيوت مكشوفة ولايوجد خطوط حمراء عند احد الكل يفشي سر الاخر.
الاصدقاء والزملاء والاخوة ...الخ لاحرج ان احدث غيرك بماحدثتني في لحظة بوح بين صديق وصيقه بدون اعتبار لاهمية سرك والضرر الذي قد يلحق بك.
مناسبة الحديث: ابحث لابني عن وظيفة في القطاع الخاص وصيت هنا وهناك معارف واصدقاء وكل ما قابلت احدهم سألته وش سويت في الموضوع ؟ والجواب دائما بالسلب ... احدهم قال : فلان يريد موظف ووصاني فقلت له عندي موظف ينفع فرد عليه من وين قال: سعودي قال : لا هذي اسرار ما يبي لها سعودي!!! تخيل سبب رفضه.
المهم تعال شف موقف الدين ممن يفشي اسرار الناس.
----------------------------------------------------------------------------------
إفشاء السر
أخرج أبو داود عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
{ المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس : سفك دم حرام , أو فرج حرام , أو اقتطاع مال بغير حق } .
وأخرج عنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
{ إذا حدث رجل رجلا بحديث ثم التفت فهو أمانة } ورواه الترمذي وقال حديث حسن .
وأخرج الإمام أحمد عن أبي الدرداء :
{ من سمع من رجل حديثا لا يشتهي أن يذكر عنه فهو أمانة وإن لم يستكتمه } . وأخرج عن أنس رضي الله عنه : { ما خطب نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال لا إيمان لمن لا أمانة له , ولا دين لمن لا عهد له } قال في الفروع : حرم في أسباب الهداية إفشاء السر . وفي الرعاية يحرم إفشاء السر المضر . انتهى .
وفى صحيح البخارى :
قال أنس رضي الله عنه : { أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا فبعثني في حاجة فأبطأت على أمي , فلما جئت قالت ما حبسك ؟ قلت بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة , قالت ما حاجته ؟ قلت إنها سر قالت لا تخبرن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا . قال أنس : والله لو حدثت به أحدا لحدثتك به يا ثابت } .
وذكر ابن عبد البر الخبر المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { من أسر إلى أخيه سرا لم يحل له أن يفشيه عليه } .
قال النبي (صلى الله عليه وسلم):
"المستشار مؤتمن"
(أخرجه أبو داوود والترمذي)
قال النبي (صلى الله عليه وسلم) :
"أدِّ الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك"
(رواه الحاكم وأبو داوود).
وفى حديث ابن عمر (رضي الله عنهما) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يدعو بهذا الدعاء:
"اللهم استر عورتي، وآمن روعتي"
(أخرجه أبو داود والنسائي).
وفي حديث أبي هريرة (رضي الله تعالى عنه) قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم):
من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة"
(أخرجه الشيخان).
وفي حديث أبي برزة الأسلمي (رضي الله تعالى عنه) قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): أي للمنافقين:
"يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه: لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من يتبع عورة مسلم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه الله ولو في جوف بيته"
(أخرجه أحمد وأبو داود).
والعورة ما يُستقبح ظهوره للناس حسيًا كان، كالعورة المغلظة والتشوهات الخِلقِية، أو معنوياً كسيئ الأفعال والأقوال والأخلاق.
متى يجوز إفشاء السر :
1 - من يفعل الفواحش ويعلن بها خارجًا عما يجب الكتمان عليه؛ لأنه كاشف ستر نفسه
فإن الرجل إذا قارف السوء، ولم يره غير الله تعالى والكرام الكاتبين الذين يعلمون ما تفعلون، كان عليه أن يستتر بستر الله ويتوب إليه. فإن ذهب يحدِّث بذلك فكأنه يتمسح بالمذمة ويتفاخر بالمعصية، فيزداد قبحاً على قبح، ولم يكن للستر معنى. وإنما تنصرف مشروعية كتم السر والستر على صاحب المعصية إن كان ممن تبدر منه الزلة النادرة، وظاهره عند الناس جميل.
قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله تعالى، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه" (متفق عليه).
وقد قال تعالى: "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً" (النساء: 15).
فالظاهر أن طلب الشهداء في هذه الحال إنما هو في المرأة التي كثر منها ذلك واشتهر، جمعًا بين ما في هذه الآية وبين ما عُلِمَ في الشريعة من طلب الستر على من بدرت منه الزلة وأناب.
2 - انقضاء الأضرار والمفاسد المحتملة:
فانقضاء المضار والمفاسد التي يتضرر بها المكتوم عنه من جميع النواحي: بدنيًا ونفسيًا ومعنويًا وماليًا يجيز عدم التمسك بكتم السر. وهذا الجواز بعدم الكتمان يرتبط بما إذا كان سبب مشروعية الكتمان هو خوف الضرر. فأما إن كان السبب هو حمل الأمانة فلا يجوز كشف السر ما لم يأذن المكتوم عنه بإعلانها أو يعلنها هو بذاته.
3 - أن يأذن صاحب السر بإفشائه:
فإن أذن فلحامل السر أن يحدِّث به، فإذا حدّث به أحدًا أدّاه على أحسن وجه، واختار أجود ما سمع
4 - أن يكون الالتزام بكتم السر إلى أجل:
ومثال ذلك إن يأذن صاحب السر لحامله أن يحدِّث به بعد مرور زمن معين، سواء كان الزمن بضعة أيام، أو مرتبط بحدوث واقعة معينة أو خلافه، فمتى مرت المدة، أو وقعت الحادثة التي تم تعليق السر عليها جاز لحامل السر أن يرويه
5 - تغير الحكم الشرعي حيال صاحب السر:
كأن ينتقل حال المكتوم عنه ممن يشرع كتمان سره إلى أن يشرع كشف ستره وفضح أمره، كأن ينتقل من حال الإيمان إلى حال النفاق، والكفر والعياذ بالله، أو حال التستر بالفواحش إلى المجاهرة بها.
6 - أن يؤدي الكتمان إلى ضرر أبلغ من ضرر الإفشاء
أ - من هنا كشف علماء الحديث أحوال الرواة، ووقائع وقعت لهم تدل على فسق، أو قلة دين، أو تساهل في الكذب، أو نحوه، لا بغرض العيب على المسلمين بل بغرض تفويت الفرصة على هؤلاء؛ لئلا يغتر الناس بأحاديثهم، فإن استمرار الكذب وبناء الأحكام الشرعية على أحاديث منسوبة زورًا إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) أعظم ضررًا من كشف كذب الكاذبين
ب - مسألة الشهادة، فإن شهد المستور الحال أو الظاهر العدالة، بأن لم يعلم باطن حاله، يجوز لمن يعلم حقيقة أمره أن يقدح فيه ويبين السبب لئلا يظلم المشهود عليهم
ج - يُستثنى ما لو تعّين الإفشاء طريقًا لإنقاذ مسلم من هلكة أو نحوه، كأن يخبر ثقة بأن فلانًا خلا برجل ليقتله، أو امرأة ليزني بها، فيشرع التجسس، كما نقله النووي عن الأحكام السلطانية. فعن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق" (أخرجه أبو داوود). وقال الزبيدي: سكوت أبي عليه يدل على أنه عنده حديث حسن. وقال: والمراد بالحديث أن المسلم إذا حضر مجلسًا، ووجد أهله على منكر، يستر على عورتهم، ولا يشيع ما رأى منهم، إلا أن يكون أحد الثلاثة؛ فإنه فساد عظيم، وإخفاؤه ضرر كبير
قال الحليمي في كتابه: "المنهاج في شعب الإيمان": "الستر يكون في الفواحش التي لا تخرج من الملة، فأما إذا سمع مسلمًا يتكلم بكلام الكفر، فعرف به أنه من النافقين، فلا ينبغي أن يستر عليه .. وليعلم المسلمون أنه خارج من جملتهم، ولئلا يغتروا بما يظهره لهم، فيُنكحوه، أو يأكلوا ذبيحته، أو يصلوا خلفه، أو يوصي أحد منهم إليه بولاية أطفاله. ولأن من أظهر الكفر زالت حرمته، فإن الحرمة فيما أوجبنا ستره إنما لدين المتعاطي له، فإذا لم يكن دين فقد زالت العلة (المنهاج: 3/364). والله أعلم.
وواضح أن هذا الأمر يكون فيما كان من الأسرار من قبيل ستر العورات. أما إن كان من قبيل حمل الأمانة فإن الخيانة تجوز، ولو كان من حمَّلك الأمانة زنديقاً، إن التزمت له بحفظها.
فتوى مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من 1- 7 محرم 1414هـ الموافق 21- 27 حزيران (يونيو) 1993م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع السر في المهن الطبية ،
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله ،
قرر ما يلي :
أولاً : السر هو ما يفضي به الإنسان إلى آخر مستكتماً إياه من قبل أو من بعد، ويشمل ما حفت به قرائن دالة على طلب الكتمان إذا كان العرف يقضي بكتمانه، كما يشمل خصوصيات الإنسان وعيوبه التي يكره أن يطلع عليها الناس .
ثانياً : السر أمانة لدى من استودع حفظه، التزاماً بما جاءت به الشريعة الإسلامية وهو ما تقضي به المروءة وآداب التعامل .
ثالثاً : الأصل حظر إفشاء السر وإفشاؤه بدون مقتضٍ معتبر موجب للمؤاخذة شرعاً .
رابعاً : يتأكد واجب حفظ السر على من يعمل في المهن التي يعود الإفشاء فيها على أصل المهنة بالخلل، كالمهن الطبية، إذ يركن إلى هؤلاء ذوو الحاجة إلى محض النصح وتقديم العون فيفضون إليهم بكل ما يساعد على حسن أداء هذه المهام الحيوية، ومنها أسرار لا يكشفها المرء لغيرهم حتى الأقربين إليه .
خامساً : تستثنى من وجوب كتمان السر حالات يؤدي فيها كتمانه إلى ضرر يفوق ضرر إفشائه بالنسبة لصاحبه، أو يكون إفشائه مصلحة ترجح على مضرة كتمانه، وهذه الحالات على ضربين :
أ- حالات يجب فيها إفشاء السر بناءً على قاعدة ارتكاب أهون الضررين لتفويت أشدهما، وقاعدة تحقيق المصلحة العامة التي تقضي بتحمل الضرر الخاص لدرء الضرر العام إذا تعين ذلك لدرئه .
وهذه الحالات نوعان :
- ما فيه درء مفسدة عن المجتمع .
- وما فيه درء مفسدة عن الفرد .
ب- حالات يجوز فيها إفشاء السر لما فيه :
- جلب مصلحة للمجتمع .
- أو درء مفسدة عامة .
وهذه الحالات يجب الالتزام فيها بمقاصد الشريعة وأولوياتها من حيث حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال .
سادساً : الاستثناءات بشأن مَوَاطن وجوب الإفشاء أو جوزاه ينبغي أن يُنص عليها في نظام مزاولة المهن الطبية وغيره من الأنظمة، مُوَضّحةً ومنصوصاً عليها على سبيل الحصر، مع تفصيل كيفية الإفشاء، ولمن يكون، وتقوم الجهات المسؤولة بتوعية العامة بهذه المواطن .
ويوصي بما يلي :
دعوة نقابات المهن الطبية، ووزارات الصحة، وكليات العلوم الصحية، بإدراج هذا الموضوع ضمن برامج الكليات والاهتمام به وتوعية العاملين في هذا المجال بهذا الموضوع . ووضع المقررات المتعلقة به، مع الاستفادة من الأبحاث المقدمة في هذا الموضوع