المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أين يتجه الاقتصاد الأميركي ؟؟؟؟؟



نديم الشاشـة
13-04-2002, Sat 7:31 AM
الشرق الأوسط
متابعة لمقالي السابق المنشور يوم 31 مارس (آذار)، والذي سلط الضوء على آخر الاحصائيات التي ظهرت، حيث في تلك المقالة عبّرت عن مخاوفي من الأسباب المعرقلة لأي نمو اقتصادي في الولايات المتحدة، على الرغم من ظهور بوادر لارتفاع الأسهم آنذاك. اما الآن فقد تسارع معدل بيع الأسهم وعرفت أسعار ناسداك هبوطا وصل إلى 4% في الأسبوع الماضي حيث هبط المؤشر إلى 1770 نقطة بينما عرف مؤشر داو هبوطا بمقدار 1،2% ليصل إلى .10273 يبلغ العجز المالي الحالي في الولايات المتحدة 4،6% من الإنتاج الإجمالي المحلي وهناك مخاوف متزايدة من بلوغه مستوى 6% في السنوات القادمة. وإذا حدث ذلك، فان المستهلكين الأميركيين سيستمرون في الحفاظ على مستوى إنفاقهم بحيث يظل أكبر من امكانياتهم المالية، ووصلت الديون التي في عاتق المستهلكين إلى سبعة بلايين دولار في يناير (كانون الثاني) الماضي. وكانت الديون قد بلغت تريليون دولار في سنة 2001 ولحق الإفلاس بـ1.4 مليون شخص.
وتعود القوة الشرائية للمستهلكين (التي تشكل قروض العقار الجزء الأكبر منها) إلى الانخفاض الكبير لمعدلات الفائدة التي بلغت أدنى مستوى لها خلال الثلاثين سنة الأخيرة. وأثرت المداخيل المشتركة الواطئة تأثيرا سلبيا على ثقة المستثمرين بالسوق بشكل عام لذلك فان هذه العوامل مع بعضها أدت إلى العجز التجاري الحالي، وانهيار سوق الادخار المصرفي، وزيادة الميل للاستهلاك الذي أدى الى ارتفاع الديون، وكل هذه العناصر أصبحت مصدر خطر حقيقي على استقرار الولايات المتحدة الاقتصادي، ولن يكون مثيرا للاستغراب ان ادى هذا الوضع إلى ضعف الاقتصاد في المستقبل. واذا كان مسؤولو العلاقات العامة لا يتوقعون حصول تغيير جذري لمستوى الإنتاج المحلي الاجمالي فان الحس العام يشير إلى أن الهبوط الكبير امكانية قائمة.

* ماذا يحدث في فترات الكساد
* يؤدي تخفيض العجز التجاري إلى جعل الاقتصاد أكثر اعتمادا على النفس واكثر اكتفاء بذاته، وبالتالي يكون أقوى. تضع فترات الكساد الاقتصادي الشركات الضعيفة بدون القدرة على استثمار العمال المهرة ورؤوس الأموال بشكل فعال في مكان آخر، بينما تتمكن الشركات الأقوى من استخدام الكساد لرفع كفاءتها إلى أقصى ما يمكن وبذلك تتمكن من الاستفادة من مواردها وقدراتها عند بدء النمو مرة أخرى. ولهذا السبب يظهر الاقتصاد بعد فترة الكساد أكثر مرونة واكثر كفاءة، ويمتلك شكلا افضل لمواجهة المرحلة اللاحقة من النمو
* ماذا حدث في هذا الكساد
* سبب هذا «الكساد المصغر» ارتفاع العجز التجاري للولايات المتحدة إلى مستوى عال جدا. فالولايات المتحدة، تظل معتمدة، وبشكل استثنائي، على مجرى رؤوس الأموال الأجنبية، لدعم أسواقها المالية والاقتصادية. ويتميز الاعتماد على رأس المال الأجنبي بضخامته، حتى قبل حلول الكساد، بجعل اقتصاد الولايات المتحدة معرضا للتأثر وفق أهواء المستثمرين الأجانب، وجعله يستند على استمرار شراء الأجانب السلع الأميركية بشكل متواصل.
يكمن اختلاف هذا الكساد عن غيره في استمرار المستهلكين على الانفاق بشكل واسع، بسبب انخفاض معدل الفوائد. لكن هناك حدودا للفترة التي يمكن الاستمرار فيها بحافة الإنفاق هذه، وحدودا للكمية التي سيتمكن المستهلكون من انفاقها وسقفا لاسعار البيوت التي يمكن الوصول اليها. فليس أي من هذه العناصر قادراً على الاستمرار في الارتفاع بشكل أزلي.
استطاعت الكثير من الشركات الصغيرة البقاء لحد الآن، عن طريق استهلاك الموارد والمجال المتاح لها للبقاء. لكن استمرار الوضع لفترة أطول سيؤدي في الأخير الى تبخرها.

* ارتفاع أسعار الوقود
* تستنفد احتياطات النفط بمعدل 6% سنويا، ويتنامى الطلب بمعدل 2% سنويا، لذلك على الصناعة النفطية أن تستثمر 8% من الاحتياطي النفطي سنويا. وهذا الشيء لا يحدث حاليا لأن اسعار البترول منخفضة وهذا يقلل من الحوافز للبدء بعمليات التنقيب والحفر، التي قد تسبب رفع اسعار البترول في السنوات المقبلة.
وأدى التوتر في منطقة الشرق الأوسط إلى رفع اسعار البترول، وقد يؤول ذلك إلى اجهاض الآمال القائمة حاليا باقتراب شفاء الاقتصاد الاميركي. فزيادة في اسعار البترول لا تتجاوز دولاراً واحداً ستؤدي إلى استنزاف خمسة بلايين دولار من الاقتصاد الأميركي، وهذا سيقلل من تحقق الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية.

* حروب التنافس التجاري
* بدأت الخطوات المتخذة، تجاه الضرائب المفروضة على السلع المستوردة، تعطي نتائج كارثية. ولم تتوقع الحكومة الأميركية ما ترتب عن تلك الاجراءات من مشاكل كبيرة. واذا كانت بلدان العالم الأخرى عاجزة عن فعل شيء، بينما تفرض الولايات المتحدة ضرائب جمركية على السلع الاجنبية تجعلها عاجزة على المنافسة مع نظيرتها الأميركية. ومقابل ذلك، فرض الاتحاد الاوروبي ضرائب على الحديد المستورد من أميركا. ولا بد أن من السذاجة لأميركا أن تظن بان أوروبا ستكتفي بفرض الضرائب على الحديد، إذ أن هناك احتمالا كبيرا ان تشمل الضرائب سلعا اخرى مثل الفواكه والانسجة والسيارات. وانتقاما من الضرائب التي فرضتها الولايات المتحدة على الخشب الكندي، قام الكنديون باعادة الضريبة الجمركية على الطماطم الأميركية. قد يظن البعض أنه لن تكون لهذه التعريفات الجمركية أثر كبير على الاقتصاد العالمي، لكن فرض ضريبة على سلعة ما يطلق الشرارة لردود فعل سلبية على سلع أخرى وتقييدات أخرى على التجارة الدولية.

* ما هي توقعاتنا وآمالنا للمستقبل
* من المتوقع أن تحقق الشركات معدل نمو يبلغ 5 او 6% في أحسن الأحوال. ولتجاوز نسبة الـ6% على الشركات أن تحسن بشكل كبير جدا من كفاءتها التنفيذية، وهذا احتمال ضئيل، إذا أخذنا بنظر الاعتبار الظروف الحالية. على المستثمرين أن يقبلوا بنسبة 5 أو 6% بالنسبة لكل المدخرات المالية، ونأمل ألا تكون هذه الصورة مجرد تفاؤل لا اساس له لما يخفي المستقبل.