المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لـعبـه أيـدولـوجـيـة



أبـو مـهـنـد
15-10-2009, Thu 10:55 PM
بقلم د. محمد الحضيف (http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.authors&authorsID=672)

أعيانا الحديث عن التطرف و(الإرهاب)، ومتى يكون المواطن (صالحا) أو (إرهابيا). أعيانا أيضا، كيف نخاطب من يصفنا بما ليس فينا.. كيف (نتحاور) معه، ونقنعه بأننا لسنا كذلك. ما زلت أتذكر في هذه المسألة بالذات، خطبة جمعة جميلة، لشيخي أبي محمد، الشيخ عبدالوهاب الطريري، حين تحدث عن من ابتلي بمثل هؤلاء.. فقال: "لو أن شخصا قال لآخر.. (يا حمار)، هل يرد عليه، ويقول انتظر، دعني (أثبت) لك أني لست حمارا".

منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، و(الإرهاب) مطية لتحقيق الأهداف و(الأجندات) الخاصة. الولايات المتحدة اخترعت (وصفة) من مجموعة خطوات وآليات، لسرقة ثروات الشعوب، واحتلال الدول..لتأكيد هيمنتها وسيطرتها على العالم، وسمتها: "الحرب على الإرهاب". نجحت أمريكا في تسمية (خصم) رئيس لها، وصفته بالإسلام (المتطرف).. وشنت لذلك حملة، وجيشت العالم من ورائها، لحربه والقضاء عليه.


الوصفة الأمريكية للإرهاب تم تعميمها. فهاهي إسرائيل تقتل الفلسطينيين، وتبرر ذلك بأنهم إرهابيين، والصين تقمع بوحشية مواطنيها، من أبناء الأقلية المسلمة في تركستان، الذين يطالبون بحقوق المواطنة، وتصفهم بالإرهابيين. في العالم العربي والإسلامي، طبقت (الوصفة) الأمريكية بإخلاص منقطع النظير. جرت حرب من كل نوع، ضد كثير من مظاهر التدين..من منع الحجاب، إلى رفض تطبيق الشريعة. في فضاء واسع، من تونس إلى باكستان.. وفي ما بينهما، تفاوت (القوم) في توظيف الإرهاب لـ(إرهاب) الناس، وحرمانهم من أدنى حقوقهم: حقهم في الاختيار الشخصي، وممارسة شعائر دينهم. خلال هذه (الحرب) سقط ضحايا أبرياء كثر، لم يسأل عنهم أحد..لأنهم (إرهابيون)..!!


لدينا في المملكة، تبدو الصورة أكثر سخرية. الشعب كله متدين، وشذت منه فئة قليلة جدا من الشباب.. فتطرفت، ومارست عنفا أعمى. لكن (أصحابنا).. وكلاء (المشروع الأمريكي) في المنطقة، آلوا على أنفسهم إلا أن يكونوا أوفياء للمنتج الأمريكي، بنسخته الأصلية، في الظلم والبغي.. أو ما سمي: “الحرب على الإرهاب”. لقد أعيد إنتاج الوصفة الأمريكية محليا.. وطبقت بطريقة أكثر همجية وتخلفا، فصارت سبيلا ووسيلة، لتصفية الحسابات الشخصية، وتحقيق الأجندات الخاصة.. القادمة من (وراء البحار) ..!


لن أوغل كثيرا، في تاريخ (توظيف) لعبة الإرهاب العبثية، في ساحتنا المحلية..لإقصاء (الآخر) وقتله معنويا.. لتحقيق (مشروع) وأجندات شخصية. أسوق مثالا حديث جدا. بالأمس القريب، كانت هناك حملة منظمة..(غير مهنية وغير أخلاقية)، ضد عالم دين، قال القول الذي يدين الله به، في مسألة (شرعية)، ما كان يسعه، إلا أن يقول الذي قاله فيها.. تحديدا. فأتهم بأنه (يحرض) على الدولة، و(يشجع) الإرهاب.. وضد (العلم) والتطور والتقدم..!! كيف هذا..؟!


الذي قاله الشيخ، يدخل في باب العلم و(الثقافة). فهو لم يقد تنظيما، ولم يسير حركة احتجاج.. ولا (أفتى) بما يشي أن الدولة (خرجت) عن جادة الإسلام. لذلك.. لا يمكن أن نتكلم، هنا في بلدنا تحديدا، عن احترام الرأي الآخر، ولا عن (المنطق)، أو أي شكل من أشكال الحوار.. عبر الفعل الثقافي، لمحاربة الإرهاب، ما دام أن (الإرهاب) لعبة يستخدمها الذي بيده وسائل (القوة)، أيا كانت تلك الوسائل..لـ(إنهاء) وتصفية، ما يرى أنه الطرف (الأضعف)، في سبيل إنجاز أجندة خفية، مستغلا (فرصة) تاريخية.


تستطيع أمريكا، وهي تقتل يوميا بطائراتها، عشرات الأطفال والمدنيين الباكستانيين والأفغان الأبرياء، أن تقول إنها (تحارب) الإرهاب. يستطيع كذلك، (وكلاء المشروع) التغريبي عندنا، أن يمارسوا نفيا وإقصاء، وتدميرا لذوات الناس المخالفين..مهما نصع تاريخهم، وعلا مقامهم.. بشبهة (التعاطف) مع الإرهاب، مادام أن (الحرب) على الإرهاب، صارت هي (الوصفة) السحرية، التي تقربك من المسؤول.. لتكون (وزيرا)، أو (مستشارا)، أو كاتبا مرموقا.. تدعى للمحافل، وتنال (الجوائز).


لا تستطيع أن تحاور، أو تكتب عن الإرهاب، ما دمت (مصنفا).. لا تستطيع أن تقول (لكن)، ومادام أن تهمة (الإرهاب)، لعبة (أيدولوجية)، تستخدم لتحقيق أجندات شخصية، ولإقصاء (الخصوم) المفترضين، وهزيمتهم ودحرهم.