المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خيارنا: إما الحوار وإما....



الفأل الحسن
08-10-2009, Thu 11:16 PM
عبدالله محمد الغذامي
يجب ألا ننسى أننا مجتمع محافظ، ومن طبيعة العقلية المحافظة أن تتوجس من أي رأي مختلف، ويجنح العقل المحافظ إلى التمسك بنظرية الرأي الواحد، من جهة، وبنظرية التكتم من جهة ثانية، وإذا جرى الإعلان عن رأي مختلف تحفزت الظنون والهواجس والتخوفات، وصارت هذه تعبر عن نفسها بطرق متنوعة، ولاشك أننا نشهد اليوم كمية وفيرة من ردود الفعل على الآراء المخالفة، وهي آراء دفع بها حس الحوار الذي صار هو المفردة الأكثر انتشاراً في خطابنا اليومي الحالي، وبما إن الحوار حادثة جديدة في مجتمعنا فإن مواجهتها ستكون أكثر شراسة واشد تعنتا من مجرد تبادل الآراء وتصارعها التقليدي، ولذا ستدخل لغة جديدة لمواجهة الطارئ المختلف، وكل من قرأ الإنترنت سيجد لغة هناك هي من الصرامة والتشدد بدرجة توازي ما يحس به الرافضون من انطلاق يرون أنه انفلات وتهديد للساكن الثقافي والهدوء النسقي في حياة المجتمع، وكلمة واحدة عن إصلاح التعليم ستكون كأنها حرب عالمية على الذات الساكنة وعلى حراس السكون، وكأن الإصلاح بحد ذاته مفسدة كبرى.
ولست ممن يأخذون المسألة مأخذاً شخصياً ولا ممن تستفزهم الردود لكي يندفعوا في مبارزة شخصية مع الخصوم، تلك مهمة لاتليق بمثقف يسعى إلى قراءة أنساق المجتع والتعرف على ردود فعله وعلى لغة التبادل الثقافي فيه وفي اوساطه المتنوعة، ولاشك أن المواقف المؤيدة لي تبدو كبيرة وقوية، وفي المقابل فإن الرافضين مازالوا يستخدمون الوسيلة التقليدية ذاتها، وهي وسيلة تقوم، أول ماتقوم، على تشويه الخصم، وذلك بإظهاره عاجزاً ومشبوهاً وعميلاً ومارقاً، وإذا افلحوا في تشويه الخصم فإنهم بذا يسقطون مقولته، حسب التصور التقليدي الذي يعرف الحق بالرجال، وليس الرجال بالحق. وهو مبدأ يتنافى مع الإسلام كقيم في العدالة والتقوى، وإذا تحقق نبذ الخصم تحقق إسقاط المقولة في ظنهم.
وفي هذا الشأن جرى ويجري الربط بين دعوة مراجعة المناهج عندنا وبين أمريكا، والذين يقولون هذا القول لايترددون في التأكيد في الوقت ذاته على ضرورة تطوير المناهج، وهم إذا يفعلون ذلك يقعون في تناقض واضح، حيث يميزون بين ذواتهم التي يمنحونها حصانة وطنية وبين الآخرين الذين سيتم وصفهم بأنهم عملاء وأجراء للغرب، وحينما يقولون أنهم يريدون تطوير المناهج فإنهم يسعون الى الادعاء بأننا نسعى الى تغيير المناهج، ثم يفترضون فروقاً جوهرية بيننا وبينهم، حيث يكون التطوير مطلباً وطنياً فيه اخلاص وتقوى، أما التغيير فهو خيانة وطنية ومروق فكري.
ولايخفى على متأمل ان يكشف التلاعب اللفظي هنا وهو ليس تلاعباً واعياً بل إن الدافع إليه هو المخاصمة وهي مخاصمة مفتعلة، إذ كيف يكون التطوير إذا لم يكن هناك خلل معترف به ولو ضمنيا عبر هذه الدعوة، ثم هل لك أن تطور شيئاً دون أن تغير فيه وتعيد صياغته وتنقله من طور إلى طور- كما هو المعنى البسيط لكلمة تطوير-...؟
ثم إذا كان التطوير مطلباً مجمعاً عليه فلماذا الفصل في الدعوى بين مخلصين ومارقين، ثم طرد المخالفين وحرمانهم من حق المشاركة في المصطلح نفسه، والادعاء بأنهم دعاة تغيير، ومن ثم فهم عملاء....؟؟!!!!.
الحق فيما أراه أن المسألة نزاع نسقي بين معسكرات ذهنية، وهي معسكرات تتوسل باللعبة اللغوية لتمرر دعواها، حيث هي تمثل النسق المحافظ الذي يخيفه الحوار من حيث المبدأ ويرى أن الإجماع هو في قبول رأي واحد تنتجه وتصنعه المؤسسة التي درجوا عليها بحيث إن أي مساس برمزية هذه المؤسسة سوف يكون انقلاباً كونياً وزلزالاً معرفياً يسحب التاريخ من تحت أرجلهم.
وهذا صحيح بكل تأكيد، والتاريخ كله يشير إلى ان التحولات الثقافية في أي مجتمع هي صراع أفكار بالدرجة الأولى، ونحن نشهد هذا الصراع، وفي المعتاد ان المعسكر الذي يمتلك الساحة في الأصل هو الذي سيكون أكثر حدية في استعمال اللغة، وأكثر تشبثاً في الالتفاف التعبيري فيها ليحافظ على مواقعه وعلى رمزيته، وسيدعي لنفسه حصانة خاصة لاتتوفر له إلا عبر نفيها عن الآخر المخالف، ولذا تجدهم يقولون بتطوير المناهج، ولايرون في ذلك غضاضة عليهم ويقولون بالإصلاح ولا يرون في ذلك شبهة وطنية عليهم.
وفي مقابل ذلك فإن الطرف الآخر سوف يجري نفيه لغوياً عبر تسمية مشروعه بمسميات مختلفة، ثم عبر نفيه المعنوي ليحسب على العدو، ثم يجري اتهامه في نزاهته وبراءته الدينية والوطنية مع أن الأصل في طلب الإصلاح والتطوير هو أصل مشترك، والوطنية حق مشترك، مثلما إن مواجهة العدو ورفض تدخله أمر لا مناقشة فيه.أما الدين فويل لمن راهن على دين احد من الناس وسيكون خصمه الله الذي يعلم السر واخفى.
لماذا- إذن يضعون المخالف في خانة المتهم ويضطرونه لأن يثبت كل مرة بأنه تقي ومخلص وبريء ونزيه، وأمام من سيكون إثبات ذلك...؟
طبعاً سيكون أمام الخصم الثقافي نفسه، وهو صار خصماً بقرار من نفسه لأنه هو الذي يفترض الخصومة ثم إن أي محاولة لإرضاء هذا الخصم لن تفلح لأن المقاصد هنا ليست شخصية بقدرما هي نسقية، والدليل على ذلك هو دليل واقعي إذا كلما اقنعت واحداً جاءك غيره ممن يقول القول ذاته مما يدل على ان النسق هو الذي يتكلم وليس الفرد، والنسق لايهدأ إلا إذا نفى المختلف او ارغمه على التسليم ولهذا فإننا لانتحاور هنا وإنما نتحارب.
هنا أقول للأخوة كلهم تعالوا للحوار، وأقول لهم أن لابديل للحوار إلا الحوار، وخيارنا هو:إما الحوار وإما الحوار.
وأحث الجميع على الدفاع عن مشروع الحوار وعدم السماح لأي طرف بأن يخرج عن روح الحوار، ولا عن لغة الحوار، وأول ذلك هو أن لانسمح لأي كان بأن يستفزنا ويخرجنا عن (الطور) ويعيدنا إلى الفحولية الجاهلية، والمبارزات الشخصانية، ولكل أن يقول رأيه ولكن علينا أن نفرق بين المعلومة الخاطئة والتشويه المتعمد وبين الرأي.ومن حق أي كان أن يقول رأيه، ولكن ليس من حقه أن يدعي انه يمثل المجتمع كل المجتمع بلا برهان إحصائي واقعي، كما أنه ليس من حق أي إنسان إن يسرب معلومات غير صحيحة، فقط لتشويه الخصم ونفي مقولته، وفي مقابل ذلك لأبد أن نحث الناس بمن فيهم الخصوم على الحوار وعلى مزيد من الحوار.
على أن الدعوة للإصلاح بشكل عام وجذري- بما في ذلك المناهج- هي دعوة مشتركة باتفاق وطني، فلماذا- إذن- يسعى بعضنا إلى محاربة بعضنا الأخر عبر ألاعيب لغوية ليست سوى حيل ثقافية لرفض الآخر المختلف واحتكار المجال للذات وتحقيق رمزية شخصية عبر النفي والإلغاء، هذه ليست لغة الحوار، وهذا ما يجب أن نصمد أمامه للمحافظة على ثقافة الحوار ومحاولة غرسها في بيئتنا الثقافية التي مازالت في طور (التمارين على الحوار) وهذا يحتاج إلى جهد كبير وإلى صبر منا ومن غيرنا على وعثاء هذا السفر الفكري والنفسي، والله المستعان على ماتصفون، ويكفي ان نتذكر الآية الكريمة:
{ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولايجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى} وهذا مبدأ عظيم لايستقيم حوار من دون تمثله.

grawsha
08-10-2009, Thu 11:30 PM
في الحقيقة القضية ليست قضية اختلاط أو غير اختلاط..القضية اكبر من ذلك.. هناك امور اذا صلحت في البلد أصبحت قضايا أخرى مهمة من المسلمات...
يعني عندك مسالة الفساد المالي والاداري المستشري وبقوة في البلد, عندك مسالة فصل أوابقاء مسؤولين كبار (وزراء وغيرهم)في الدولة فقط لولائهم لفكر معين, بدون الاخذ في الاعتبار مسائل الكفاءة والرغبة في الاصلاح, وبعضهم خدم اكثر من 50 سنة.. عندك مثلا فصل السلطات الى تنفيذية وتشريعية وقضائية..حتى لايتم عزل مسؤول صالح وتقي بناء على رغبة شخصية وكلام النمامين..وغيرها الكثير ,.والله المستعان

عموما..الحمد لله في ديننا المسالة واضحة والاصلاح يقوم به من يرى في نفسه الصلاح وبطرق سلمية

قال – صلى الله عليه وسلم - :
"سيد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر ، فنهاه وأمره ، فقتله" [ الطبراني ( الأوسط) : 4227، وهو في السلسلة الصحيحة 374].

الفأل الحسن
08-10-2009, Thu 11:50 PM
في الحقيقة القضية ليست قضية اختلاط أو غير اختلاط..القضية اكبر من ذلك.. هناك امور اذا صلحت في البلد أصبحت قضايا أخرى مهمة من المسلمات...
يعني عندك مسالة الفساد المالي والاداري المستشري وبقوة في البلد, عندك مسالة فصل أوابقاء مسؤولين كبار (وزراء وغيرهم)في الدولة فقط لولائهم لفكر معين, بدون الاخذ في الاعتبار مسائل الكفاءة والرغبة في الاصلاح, وبعضهم خدم اكثر من 50 سنة.. عندك مثلا فصل السلطات الى تنفيذية وتشريعية وقضائية..حتى لايتم عزل مسؤول صالح وتقي بناء على رغبة شخصية وكلام النمامين..وغيرها الكثير ,.والله المستعان

عموما..الحمد لله في ديننا المسالة واضحة والاصلاح يقوم به من يرى في نفسه الصلاح وبطرق سلمية

قال – صلى الله عليه وسلم - :
"سيد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر ، فنهاه وأمره ، فقتله" [ الطبراني ( الأوسط) : 4227، وهو في السلسلة الصحيحة 374].
وش جابنا عند الاختلاط ياشيخ!!! نحن حول الحوار نتمتم... من خلال الحوار المخلص نستطيع ان نحقق العدل والاصلاح والديمقراطية ... اما الحوار على الطريقة القاسمية ( نسبة الى برنامج فيصل القاسم ... الاتجاه المعاكس) فلن نصل الا الى الدوران في الحلقات المفرغة... ويمكن ما تراه الان من حوارات ساخنة وعمياء في بعض الاحيان مقصود للحفاظ على اوضاع معينة ربما يكون من ضمنها ما ذكرته انت من اوضاع مزرية

alrajel
09-10-2009, Fri 12:16 AM
مقال قيم يطرح قضيه يحتاج الغالبيه منا اعادة قرأتها عدة مرات ,
احيانا نرى امامنا كثير من هذه الامثله فى الانترنت خاصه من يجريد غيره
من الصفات الحسنه حتى يوصل بعضهم لاعظم التهم من خلال
تصوير نفسه بانه مكتمل الصفات ولو انه ماهو وراء كيبورد
كان خذ ساطوره وسيح دم من يحاوره ...العدل والاتزان واحترام الاخر واجب,
جزاك الله خير اخى الكريم

ابو المحاميد
09-10-2009, Fri 1:59 AM
مقال يبدو أنه كتب في فترة سابقة ... ويبدو أن المقال يحكي واقع الحال حاليا ...

ولكن الحوار مع من ؟؟؟ الحوار مع شخص مثل جمال خاشقجي ... وهو يكتب متشنجا ومسفا ؟؟؟
والحوار أين ... وأكثر الصحف مقفلة كما يبدو ... حتى أمام كتابها الدوريين إذا خالفوا توجهها وبوصلتها ؟؟؟

يبدو أننا سوف نستمر في الجدل العقيم ... وأحد أهم الأسباب أننا لم نتفق على المرجعية للحوار ...

رادار الشاشة
09-10-2009, Fri 3:56 AM
مقال يبدو أنه كتب في فترة سابقة ... ويبدو أن المقال يحكي واقع الحال حاليا ...

ولكن الحوار مع من ؟؟؟ الحوار مع شخص مثل جمال خاشقجي ... وهو يكتب متشنجا ومسفا ؟؟؟
والحوار أين ... وأكثر الصحف مقفلة كما يبدو ... حتى أمام كتابها الدوريين إذا خالفوا توجهها وبوصلتها ؟؟؟

يبدو أننا سوف نستمر في الجدل العقيم ... وأحد أهم الأسباب أننا لم نتفق على المرجعية للحوار ...

عندك بديل للحوار أخي الفاضل؟ (ومثلك يعرف ان الحوار لا يعني الاقتناع بالرأي الآخر لكن ايجاد آلية للتعامل مع الاختلافات ضمن اطار حضاري قانوني مرتب )

ان رفضت الحوار كبدأ... وش البديل؟

azeiz
09-10-2009, Fri 4:57 AM
عندك بديل للحوار أخي الفاضل؟ (ومثلك يعرف ان الحوار لا يعني الاقتناع بالرأي الآخر لكن ايجاد آلية للتعامل مع الاختلافات ضمن اطار حضاري قانوني مرتب )

ان رفضت الحوار كبدأ... وش البديل؟

أخي الكريم ...

ومن قال أنه لابد من بديل ؟؟
نحن بلد إسلامي ومحافظ ولدينا علماء في الشرع أكثر من أي بلد في الدنيا فإن عرضت أمور تحتاج للنقاش والحوار ناقشها أهل الإختصاص ..وليس من العقل ولا من المنطق أن يتحدث كل من هب ودب في دين الله وشرعه ...بل يجب عليهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ...
ومن يخرج عن سياسة البلد فليس له إلا درة عمر رضي الله عنه ..وهي بديل مناسب للحوار ..

وكما تعلم أخي الكريم أن المحاورين أنواع ويختلفون في أهدافهم فمن هدفه معرفة الحق ومن ثم اتباعه نوقش وبين له الحق ومن هدفه إفساد المجتمع وتغريبه فليس له إلا الدرة ...فنعم العلاج هي .

رادار الشاشة
09-10-2009, Fri 5:20 AM
أخي الكريم ...


ومن قال أنه لابد من بديل ؟؟
نحن بلد إسلامي ومحافظ ولدينا علماء في الشرع أكثر من أي بلد في الدنيا فإن عرضت أمور تحتاج للنقاش والحوار ناقشها أهل الإختصاص ..وليس من العقل ولا من المنطق أن يتحدث كل من هب ودب في دين الله وشرعه ...بل يجب عليهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ...
ومن يخرج عن سياسة البلد فليس له إلا درة عمر رضي الله عنه ..وهي بديل مناسب للحوار ..



وكما تعلم أخي الكريم أن المحاورين أنواع ويختلفون في أهدافهم فمن هدفه معرفة الحق ومن ثم اتباعه نوقش وبين له الحق ومن هدفه إفساد المجتمع وتغريبه فليس له إلا الدرة ...فنعم العلاج هي .


حتى علماء الشرع يكون بينهم خلافات, وليس عندنا طبعا ولاية فقيه ( فليس للعلماء سلطة مباشرة, لكن سلطتهم من اتباع الناس لهم وقبولهم لهم ) , وحتى لو كان عندنا, ستظل الاختلافات في الرأي موجودة.. واختلفوا في أزمة الخليج مثلا ....لذلك لا بد من التعايش الحضاري وايجاد قناة ووسيلة للتعامل مع الاختلافات بطريقة حضارية .. ولا بد من الحوار, والتعددية امر جاءت به الشريعة الاسلامية (ويقول بهذا الشيخ سلمان العودة ) ... والاختلاف في طبيعة البشر.. لكن ان وجد لدينا وسيلة حضارية للتعامل مع الاختلافات استفدنا...

لكن لو قلنا بعلاج الكي, وكل مع اعتقد ان معه الحق ان العلاج هو في الكي.. كيف ستكون الامور؟ نعم مثل ما تفضلت المحاورون تتفاوت اهدافهم الخ, لكن بما اننا لا نستطيع ان نحكم على نيات بعضنا البعض.. الحوار وسيلة رائعة لتجاوز الخلاف... ولا يعني الحوار قبول رأي المخالف ابدا... لكن المقصود بهذه الكلمة (الفضفاضة) ضد الصراع..

يعني مثلا تكون الخلافات في "مجلس شورى" يتحاورون فيه ثم يصوتون على ما هو فيه خير للمجتمع الذي يمثلهم المجلس ( كلامي نظري طبعا لا اقصد مجلسنا او غيره ) ... لكن في النهاية الكل يقبل بالنتيجة حتى لو لم ترضيه.. بحكم الاغلبية.. واذا كانت الاغلبية مسلمة.. سيكون هؤلاء يمثلونهم في النهاية والاحمق وغيره حتى لو له صوت صوته بيكون ضعيف.. لكن مكسب الاستقرار والوحدة بيكون كبير جدا...

وفي المقابل غرس قيم "فرض رأيك عندما تكون في السلطة" لا يمكن ان تكون مفيدة, وهي في احسن احوالها على الاطلاق ينصر الله الاسلام بالظالم الجبار... بينما الحوار من باب "امرهم شورى بينهم" أفضل وأسلم... بينما لو كان الجميع ضد فكرة فرض الرأي ومؤمن بالتعايش والحوار لن يستطيع أحد كائنا من كان ان يفرض على المسلمين ما لا يريدونه. فلو سمحنا لانفسنا فرض كل شيء بالقوة, لن نستطيع ان ننكر على الغير عندما يتعامل معنا بالاسلوب نفسه!

رادار الشاشة
09-10-2009, Fri 5:21 AM
ربما المقال التالي للشيخ سلمان العودة يوضح الفكرة العامة للمقصود بشكل أفضل...

مفردة العيش ومشتقاتها مادة مستخدمة في اللغة العربية، ومستبطنة فيها بوضوح، غير أن المفهوم المعاصر لكلمة (التعايش) بات ذا صخب وجدل شديد؛ جعل بعض المهتمين الإسلاميين يحسّون بأن هذا الكلمة حُقنت بمفاهيم ذات دلالات سلبية شائعة، تجعل الشريعة كلأ مباحا، وهناك تخوفٌ من أن هذا المفهوم قد يكون خلفه تذويب لأسس الإسلام، وتقديم أنصاف العقائد وخليط من الإسلام، وهذه دعاية مسيئة بحق للوجه الإيجابي لهذا المفهوم، ودعاية مسيئة بحق الإسلام، إضافة إلى أن نسبته إلى الفكر الغربي الذي أشاعه بهذا الاسم أوجد شيئا من التخوف المشروع بأن ترويجه الغربي تم بإرادة متنفذة؛ لتغييب القيم الإسلامية، وإدماج المشرق مع الغرب وذوبان هويته، وعلى تقديرنا لهذا التحفظ غير أن انتشار المفهوم بهذا الاسم (التعايش) في أدبيات مختلفة لا ينفي إطلاقا أساس المعنى المحفوظ والمعترف به والمقدم في النصوص الإسلامية.

إنه لا ينبغي التحفظ من هذا المصطلح أو غيره لكونه محقونا أو مشحونا؛ إذ لا مشاحة في الاصطلاح - كما قيل، ويفترض أن يكون التعامل معه بهدوء وواقعية؛ برده إن كان خطأ، وفرزه إن كان قابلا، وهذا ما يدعونا إليه الدين الإسلامي وقواعده، ذلك أن (الْكَلِمَة الْحِكْمَة ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ، فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا)، رواه الترمذي، وقال: غريب.

إن المفهوم السلبي للتعايش بمعنى التنازل عن العقيدة أو تقديم نصف عقيدة أو بعض دين مرفوض تحت أي مسمى جاء به، «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ» (البقرة: من الآية 85)، بيد أن المفهوم الإيجابي له بالتوصل إلى مستويات أخلاقية في الحوار والاتفاق على أسس العيش والتصالح، وتقدير الاختلاف، والاعتراف به، والاعتراف بالتعددية؛ أمر جاءت به الشريعة الإسلامية، ومن الجدير بالتنبيه عليه أن القرآن الكريم جاء بمصطلحات ربما تكون أوسع معنى، وأشمل تعاملا من مصطلح التعايش، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا» (الحجرات: من الآية 13)، فلفظ «التعارف» ليس مقصورا على الاسم والقبيلة، إنما هو خطاب للبشرية بالمعنى الواسع في تبادل المعارف والعلوم والمحاسن والفضائل.

ويقول تعالى: «وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» (المائدة: من الآية 2)، فالتعاون على الخير والمصلحة مفهوم شرعي ناصع، متفق عليه، سواء مع الموافق أو المخالف؛ لأنه تعاون على معنى صحيح، وهو البر والتقوى، وليس الإثم والعدوان، وذلك المفهوم (التعاوني) و(التعارفي) في غاية التبشير للناس، وتقديم أفضل القيم التي ترفع بني الإنسان، وتقربهم من هداية الله بدينه العظيم (الإسلام).

ومن المقرر أن أوضاع البشرية وأحداثها وقانون الاختلاف هي بإذن الله القدري الكوني، «وْلو شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُوا»، «وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ» (هود: 118 - 119)، وذلك الاعتراف بالاختلاف والتعدد يحمل في داخله معرفة ضرورية بوجود الشر والخطأ و... إلخ المجافية لقيم الفضيلة والأخلاق والتقوى، وليس معنى التعايش قبول هذه الأوضاع السيئة وتبريرها بطريقة منطقية، ولا إبطال قانون المقاومة، والدفع بالتي هي أحسن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... فهذه قيم شرعية ثابتة، لا مزايدة عليها.

إن معنى التعايش هو قبول التصالح الدنيوي والوجود والجوار في الاتفاق على جملة من الأخلاق الإنسانية التي تتيح فرصة لتبادل الحوار والإقناع.

والمؤمن مُصلحٌ آمرٌ بالمعروف والخير، ناهٍ عن المنكر والشر، حريص قدر المستطاع على دفع الباطل بالحق والجهل بالعلم... عارف بمواقعه، معتدل في رؤيته للإصلاح، فالرؤية المثالية التي يحمل بعضنا الناس عليها هي بمثابة حملهم على جبل وَعْر، والناس فيهم الضعيف والكبير وذو الحاجة والمختلف والمتفق؛ من قد لا يتحملون ذلك.

ولَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الطَّائِفَ فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئا قَالَ: (إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ). فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ - يعني الصحابة - وَقَالُوا نَذْهَبُ وَلاَ نَفْتَحُهُ!

فَقَالَ: (اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ)، فَغَدَوْا فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ.

فَقَالَ: (إِنَّا قَافِلُونَ غَدا إِنْ شَاءَ اللَّهُ).

فَأَعْجَبَهُمْ، فَضَحِكَ النَّبِي (ص).

ومن الافتئات على مقاصد الشريعة ودعوة الإسلام أن تصطفي مجموعة نفسهاتحت أي مسمى، تحتكر الصواب، والرؤية الصائبة المطلقة، وتعتبر الخارج عن سلطتها مفتونا حلال الدم أحيانا، معلنة عن بيعة ملزمة عندها هي مفرق الحق من الباطل بين الناس، وهذا أنموذج هو في نفسه فتنة، ولا عهد لنا به في الشريعة الإسلامية التيحقنت دماء من لا يؤمنون بها أصلا، من يهود ونصارى وغيرهم، بموجب عقد واتفاق على مر عصور التاريخ.

إن النموذج العظيم للتعايش هو أنموذج المدينة المنورة، عاصمة الإسلام، وحامية بيضته وحوزته، ومنطلق دعوة آخر الأنبياء (ص) ففي مرحلتها الأخيرة وفترة التمكين شاء الله ألا تكون المدينة للصحابة والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار فقط، بل شاء أن يشاركهم فيها اليهود والوثنيون والمنافقون وضعفاء الإيمان، جنبا إلى جنب، بل وشاء الله أن يموت رسول الله (ص) ودرعه مرهونة عند يهودي، كما في الصحيحين، في إشارة إلى أن هذا المعنى محكم ثابت، لا يمكن نسخه أو العبث فيه.

إن التعايش هو نوع من التعاون والتعارف في المشترك الحضاري والإنساني، وتبادل الخبرات التي تعين الإنسان على عمارة الأرض، ونشر قيم الخير التي يتفق الناس على الاعتراف بها، وذلك كله نوع من فتح المجال لنشر الإسلام ودعوته، وذلك كله لا يعني الدعوة لأفكار المختلف أو شرعيته دينيا، بل القبول في التعايش الدنيوي لفتح الحوار دينيا ودنيويا.

والصحابة (رض) أدركوا أنهم أصحاب ديانة تختلف جوهريا عن الديانات الأخرى، فالفارق عميق وأصيل وراسخ في العقيدة والإيمان والكتب والعبادة... لكن ثمة معنى مشترك، ومصلحة دنيوية جامعة أحيانا «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضا أَرْبَابا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» (آل عمران: 64).

والرسل هم أعظم الخلق إيمانا، ومع ذلك عايشوا قومهم على رغم الكفر المطلق والإيمان المطلق، فنوح - عليه السلام - مكث ألف سنة إلا خمسين عاما في قومه، يقول الله جل وعلا: «قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارا* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاّ فِرَارا* وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارا* ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارا* ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارا* فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارا» (نوح: 5-10)، فهو يدعوهم، ويجادلهم بالتي هي أحسن، وبالحوار الهادئ الموضوعي الذي من خلاله يصل الحق إلى أصحاب العقول السليمة، وهذا جزء من التعايش.

إن التعايش لا يعني ترك رأيك الخاص الفردي، فضلا عن عقيدتك ودينك، فالرأي الذاتي هو جزء من شخصية المرء، ولا يملك أحد أن يطالب الآخرين بتغييره أو مخالفته، إلا أنه يبقى في النهاية مجرد رأي شخصي، والمطلوب هو التخلي عن التعصب المحتقن، والانفعال الجاري في غير قناته، وإحلال الحوار والدعوة بالتي هي أحسن محله؛ فالتعايش ترك التعصب للرأي والإكراه فيه، لا ترك الرأي نفسه أو المساومة عليه، وبين هذا وذاك بون عظيم.