المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا يصيد شيئاً من يريد صيد كلّ الطيور !



croom
07-10-2009, Wed 2:19 AM
السلام عليكم

http://up.mrkzy.com/images/images/io9rhdfn4zjefiaaou9y.jpg


عندما تتلبّد السماء بغيوم العاصفة: في هذه الأيام أصبحت الحالة الاقتصادية هي الشيء الوحيد الأكثر عصفاً و تقلّباً من حالة الطقس. فمع احتفال فورد بالذكرى المئوية للموديل T التاريخي نراها تسجل أفدح خسارة فصليّة في تاريخها .

و شركات الطيران الكبرى أقلعت إلى موسم الإجازات الصيفية حاملةً المزيد من الحبر الأحمر إلى سجلات هذه الصناعة المشرفةِ أصلاً على الغرق بالخسائر. (شركة American Airlines تخسر يومياً 3.3 مليون دولار).

و شركة Yahoo التي كانت في فترةٍ من الزمن نجمة الإنترنت القيادية المتألقة تكافح اليوم بحثاً عن أي ملجأ –مهما كان كريهاً- كي تحافظ على استقلاليتها و حسب.

- وحدها الأعشاب الفصليّة و الأشجار المنخورة يملؤها الذعر من الشتاء:

في خضم كل هذا السواد العاصف و التوقعات المتشائمة تلمع رقعٌ ساطعة من النجاحات المشرقة.

فشركة Honda تسجل 1.7 بليون دولار ربحاً فصلياً -في نهاية الشهر السادس 2008- كرقمٍ قياسي جديد لشركةٍ تكاد تعتاد مثل هذا الإنجاز.

وشركة Southwest Airlines سجلت أيضاً فصلاً رابحاً في سلسلة نجاحاتها - بزيادة 15% عن العام الماضي، و مواصِلةً لفصولٍها الثمانية و الستين الرابحة المتواصلة – و أمّا شركة Netflix الرائدة في مجال الأفلام السينمائية عبر الإنترنت فقد حققت نتائج تفوق التوقعات و تمكنت من زيادة قاعدة مشتركيها لتصل إلى رقم الـ 8.4 مليون منزل الذي أذهل كل منافسيها.

ترى كيف حققت هذه الشركات الثلاث هذا الازدهار المذهل بينما يكافح الأقران كي يفلتوا من كوارث قاضية و يكادون ييئسون من الخروج بالتعادل و لا يفكرون بالربح أصلاً؟

إن الإجابة على التساؤل لا تنحصر في هذا الشركات الثلاث بل تنبع من منطق المنافسة الذي تعمل به.

- يخسر كلّ شيء من يحاول الحصول على كلّ شيء:

أولاً: إن الشركات المتفوقة الأداء تعمل بالمنطق القائل " لم يعد يكفي أن تكون مُجيداً في كل النواحي" كلا! إن الشركة يجب أن تكون هي الذروة القصوى في مجالٍ ما.

يجب أن تكون الأكثر تخصّصاً و تميّزاً، أو الأكثر اعتماديةً، أو الأكثر حساسيةً و تجاوباً، أو الأكثر سهولةً و راحةً في تلبية الاحتياجات. لقد اعتاد كثيرٌ من الشركات على محاولة السير في وسط الطريق –حيث يمكن الالتقاء بكلّ الزبائن- و لكن اليوم، في عصر المنافسة الفائقة و الابتكار المتواصل فإن وسط الطريق يصبح الطريقَ نحو الدمار. في تكساس يقول المثل الدارج " لا يوجد في وسط الطريق سوى الخطوط الصفراء و حيوانات الأرماديللو المدعوسة" و نضيف إليها هنا " و الشركات التي كانت عظيمةً في يومٍ من الأيام و تموت الآن موتاً بطيئاً".

لا ريب في أنّ كلّاً من الشركات الثلاث المذكورة تتفهّم الذروة التي تقف عليها. فشركة Honda هي الأسطورة في تركيزها على أداء محرّكاتها و التزامها الثابت بالتقدّم من الشريحة الدنيا low end -سلع الشريحة الدنيا هي السلع الأرخص في خطِّ منتجاتٍ معيّن- في سوق السيارات نحو أعلى سلسلة القيمة value chain -سلسلة القيمة هي سلسلة الشركات التي تتضمن الشركة الأولى الصانعة للمنتج و الشركات الأخرى التي تضيف إليه المزيد من المزايا قبل أن يباع للمستهلك-.

و الاستخدام الآخر لهذا المصطلح يعني سلسلة المراحل من تصميم و تصنيع و تسويق و دعم و التي يضيفُ كلٌ منها مزيداً من القيمة إلى المنتج، و شركة Southwest Airlines كانت تركّز -و تنجح- في الجمع بين التذاكر الرخيصة و الخدمة الممتازة ، و كلُ ما عدا ذلك كان تشتتّاً لا تنزلق إليه أبداً.

و Netflix تعي بأن الذروة التي تقف عليها هي أنها لا تكتفي بتزويد زبونها بالتشكيلة الأوسع من الأفلام بل تساعده على القيام باختياراتٍ أذكى.

- عندما تكون الأشرعة سائبةً فإنّ الرياح المتقلّبة هي التي تختار للسفن الطريق:


ثانياً: الشركات المتفوقة الأداء تؤمن بأنه في زمن الغليان المتفجّر فإن الإستراتيجية الفضلى هي الالتزام بما تؤمن به.

بالرغم من أن كثيراً من المفكرين و الكتاب في دنيا الأعمال يندّدون بافتقار قادة الأعمال إلى شجاعة الإقبال على التغيير. فإننا نرى في الواقع أنّ مشكلة كثير من الشركات الكبرى هي أنّها لا تفعل شيئاً سوى التغيير. ينطنطون من استشاري إلى آخر، و من بدعةٍ إدارية إلى أخرى جديدة لم يسمع بها أحد، و يتقلّبون بين الشرائح المختلفة من الزبائن المستهدفين.

و هكذا نرى الشركات الكبرى الثلاث (GM, Ford, and Chrysler) في ديترويت عاصمة صناعة السيارات الأمريكية ترتدي موديلاً جديداً من الإستراتيجية في كل سنة! يتفرّعون نحو صناعاتٍ جديدة ثمّ يعودون للتركيز على السيارات، يندفعون نحو منتجات الهامش الربحي الأكبر من سيارات الدفع الرباعي الضخمة الفخمة و السيارات الرياضية ثمّ نراهم الآن يرتدّون إلى التنافس المجنون على تصنيع السيارات الصغيرة.

(قبل مدة قصيرة كانت هذه الشركات الثلاث تناشد الحكومة الأمريكية تقديم المزيد من الإعانات لانتشالها من ورطتها المالية – تلقّت في البداية 25 بليوناً، و تطالب الآن بخمسين بليوناً أخرى!).

مقارنةً بما سبق فإن شركات Honda و Southwest و Netflix تتمسك بأسلحتها تمسكاً مدهشاً حتى في أشدِّ بيئات العمل تقلّباً.

لا شكّ في أن هذه الشركات تدخل تحسيناتٍ وتعديلات كثيرةً على جوانب عملها، فشركة Southwest تعدّل في شروط السفر على طائراتها حتى تصبح أكثر قبولاً و جاذبية لدى مسافري الأعمال، و شركة Netflix تجرّب العمل بالتنزيل الرقمي بدلاً من الإرسال البريدي، و لكن هذه الشركات لديها اختيارٌ إستراتيجي بعيد المدى و هي لا تقيّد هذا الخيار بمتابعة أسعار الوقود المتذبذبة أو ملاحقة آخر التطورات في وادي السليكون.

و لعل التلخيص الأفضل لفكرتنا السابقة هو قول الخبير الإداري البارز جيم كولينز: "إن علامة انخفاض المستوى ليست رفض التغيير، بل هي التذبذب المزمن"

- البعيد عن الخاطر بعيد عن الجيب:
ثالثاً: العنصر الثالث في تفسير هذا التفوق الاستثنائي في الأداء في هذه الفترة الاستثنائية من الضيق و الاضطراب هو أنّ الشركات الثلاث المتفوقة التي تحدثنا عنها تتواصل مع زبائنها ليس بناءً على أسعار المنتجات و خصائصها و حسب، بل تعتمد في ذلك أيضاً على تمثّل الهوية و التعاطف. لقد أصبحت تلك الشركات غير قابلةٍ للاستبدال في أعين زبائنها.

قام الباحثون في مؤسسة Gallup بتمييز مستوياتٍ متصاعدة لمتانة الارتباط بين الشركة و عملائها تتدرج من الثقة فالائتمان التام ثم الافتخار ثم إلى الشغف. و لاختبار شغف الزبائن بالشركات كان الباحثون يسألونهم سؤالاً بسيطاً " هل يمكنكم تخيّل العالم دون وجود هذا المنتج أو هذه العلامة التجارية؟"

إنّ تحقيق الإجابة السارّة على هذا السؤال لهدفٌ صعبٌ جداً و لكنّ الشركات العظيمة (كالتي تحدثنا عنها) هي التي تتمسّك به وتفلح في تحقيقه.

لا تتردّد سل نفسك بصدقٍ و موضوعية: " هل يمكن لزبائني العيش من دوني؟" لأنّه إذا كان الجواب "أجل! و لم لا؟" فإنّهم سيفعلون ذلك حتماً في يومٍ من الأيام.

بيل تايلور / مجلة عالم الابداع


(إهداء الى مدراء شركاتنا )

الرويلي
07-10-2009, Wed 9:11 AM
شكرا لك..!

مقال رائع..

البايفوت
07-10-2009, Wed 9:34 AM
جزاك الله خير