الرويلي
02-05-2009, Sat 3:59 PM
استثماراتنا الحكومية داخل المملكة البالغة الآن مئات المليارات يديرها صندوق الاستثمارات العامة التابع لوزارة المالية... أي أن وزارة المالية هي التي تدير تلك الاستثمارات الضخمة... ولأن العمل الاستثماري يتطلب عقلية استثمارية ونهجاً استثمارياً... ولأن الأسلوب الذي تم به الإشراف على شركة سنابل الاستثمارية بعد صدور قرار مجلس الوزراء بتأسيسها لا يعطي الانطباع بذلك فقد أثار هذا أمامي علامة استفهام كبيرة حول طريقة إدارتنا لاستثماراتنا الحكومية برمتها.
لقد صدر قرار مجلس الوزراء الموقر في 14/7/2008 بتأسيس شركة للاستثمار الحكومي اسمها شركة سنابل برأسمال يبلغ عشرين مليار ريال، قابل للزيادة، وقيل في القرار إن غرضها الاستثمار في الأسهم والسندات وغيرهما من الأصول المالية، وكان ذلك قبل حصول الأزمة المالية العنيفة التي أدت لانهيار أسواق الأسهم العالمية والمحلية انهياراً شديداً، حيث انحدر مؤشر سوقنا المالي على سبيل المثال من حوالي اثني عشر ألفا إلى ما يقارب أربعة آلاف... ووقتها أي بعد حصول الانهيارات كتب كثيرون وقال كثيرون إن ما حصل يمثل فرصة ذهبية لشركة سنابل هبطت عليها من السماء، ولذلك دعوا وزارة المالية لاقتناص هذه الفرصة والشروع في الاستثمار في السوق المنهار، وعندما لاحظ هؤلاء أنه (ما فيه لا حس ولا خبر) من الشركة تساءلوا عن السر في تأخر الشركة في مزاولة نشاطها وعدم اقتناصها الفرص الذهبية، وكثرت التساؤلات وثارت علامات الاستفهام ومع كل ذلك لم يكن لكل هذا أي أثر وبقيت الشركة تغط في سباتها العميق في غرف نوم وزارة المالية.
بدأت بعد ذلك الأسواق المالية ومعها سوقنا المالي رحلة صعود ملحوظة إلى أعلى على نحو يبدو أنه رحلة عودة بطريقة تدريجية متذبذبة، حيث ارتفع مؤشر سوقنا المالي على سبيل المثال ما يقارب 37% فوصل خمسة آلاف وستمئة صاعدا مما يقارب الأربعة آلاف وحينذاك لاحظنا أن شركة سنابل قد استيقظت فجأة من النوم إذ فوجئنا بتصريح من مدير عام صندوق الاستثمارات العامة المشرف على شركة سنابل يبلغنا فيه أن الشركة ستزاول عملها بعد أسبوع، وقد قال البعض رداً على هذا التصريح (صح النوم) لكن مع ذلك فقد قلنا لا بأس فإن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي، وكنا نظن أن المقصود من تصريح مدير صندوق الاستثمارات العامة أن الشركة ستبدأ العمل الاستثماري الفعلي بعد أسبوع... لكن اتضح لنا في وقت لاحق من خلال مقابلة أجرتها قناة العربية مع مدير عام الصندوق صاحب التصريح أن هذا الاستيقاظ من النوم هو مؤقت وأن الشركة ستعود للنوم مرة أخرى مدة ستة إلى ثمانية أشهر قبل أن تباشر النشاط الفعلي، أو أنها تحتاج كل هذه الفترة الطويلة لتشرب القهوة وتأخذ بعض المنبهات (لتصحصح) على الآخر، إذ قال سعادته في تصريحه ما معناه إن الهيئة الاستشارية للشركة ستبدأ اجتماعاتها لتضع خطة العمل أو الاستراتيجية الاستثمارية وإن ذلك سيستغرق ستة إلى ثمانية أشهر.
ما هذا الكلام...؟؟ وهل هو معقول... ماذا كانت وزارة المالية تعمل طيلة تلك السنة التي مرت بعد تأسيس الشركة...؟؟ وهل وضع خطة العمل يحتاج ثمانية أشهر...؟؟
طبعاً هذا الكلام غير مقنع... والمقنع أن وزارة المالية لكونها وزارة خزانة وتعمل بطريقة (احفظ للناس ولا تصلح لهم) فقد أعطت الشركة منوماً بعد انهيار الأسواق العالمية لأنها لا تريد أن تباشر الشركة عملها إلا بعد انتهاء الأزمة العالمية!!! لكن الشركة فيما يبدو استيقظت من النوم بعد أن حصلت الارتفاعات الكبيرة في الأسواق العالمية وسمعت أصداء ذلك وأرادت الوزارة إعادتها إلى النوم مرة أخرى حتى لا تباشر العمل الاستثماري إلا بعد أن تكون الأزمة المالية قد انتهت... أي بعد أن تكون الطيور قد طارت بأرزاقها، ووصلت الأسعار إلى حدود عالية.
صندوق الاستثمارات العامة كما يبدو من مسماه هو صندوق استثماري، أي أنه هو ذراع الحكومة (التابع لوزارة المالية) في استثمار فوائضنا المالية في الداخل... ولكن من يتابع أنشطة هذا الصندوق يدرك أنه ليس صندوقا استثماريا على الإطلاق... فالعمل الاستثماري هدفه تنمية المال المستثمر بالحصول على الربح واقتناص الفرص المواتية لتحقيق ذلك... وهذا ليس منهج الصندوق أبداً... فهو في حقيقة أمره صندوق لدعم التنمية يوفر التمويل للمشاريع الحيوية المحتاجة لذلك... وفيما عدا القروض التي يوفرها أحيانا ويستعيدها فموجوداته المالية جامدة لا تتحرك إطلاقا حتى لو وقعت السماء على الأرض وثارت الزلازل والبراكين... وهذا لا يعني أنه لا يقوم بدور تنموي، بل يقوم بذلك، ولكن يعني أنه لا يقوم بدور استثماري، ولا يستخدم منهجاً استثمارياً، ولا يدار بعقلية استثمارية.
وشركة سنابل الاستثمارية يشرف عليها هذا الصندوق الذي تشرف عليه وزارة المالية، وهذا يفسر لنا لماذا نامت تلك الشركة في عز تلك الضجة الكبرى والانهيارات الضخمة التي أوجدت الفرص الاستثمارية الهائلة لمن يحسن العمل الاستثماري، ويفسر لنا لماذا صحت عدة لحظات ثم عادت للنوم من جديد... كما أن هذا يؤكد لنا أن تلك الشركة الاستثمارية ستدار بالطريقة والنهج والعقلية نفسها التي لا يمكن أن تتحمل أي درجة من المخاطرة ومستعدة أن تتنازل عن الأرباح الطائلة المحتملة بنسبة 90% إذا كان هناك احتمال بأن تخسر عدة ملاليم بنسبة 10%.
إن نهج وزارة المالية كان وما يزال وسيظل (احفظ للناس ولا تصلح لهم) وهذا النهج غير الاستثماري يطبقه صندوق الاستثمارات العامة وطبقته شركة سنابل بصدودها ونومها العميق، وستظل تطبقه في المستقبل طالما أنها تحت إشراف وزارة المالية... فهل يمكن القول بعد هذا إن وزارة المالية مؤهلة لإدارة استثماراتنا الحكومية... أم إن المفروض تكوين هيئة استثمارية مستقلة ترتبط بمجلس الوزراء مباشرة يناط بها الإشراف على النشاط الاستثماري الحكومي وفق عقلية ونهج استثماري سليم...؟؟
الوطن السعودية ـ عبدالله ناصر الفوزان 02/05/2009
لقد صدر قرار مجلس الوزراء الموقر في 14/7/2008 بتأسيس شركة للاستثمار الحكومي اسمها شركة سنابل برأسمال يبلغ عشرين مليار ريال، قابل للزيادة، وقيل في القرار إن غرضها الاستثمار في الأسهم والسندات وغيرهما من الأصول المالية، وكان ذلك قبل حصول الأزمة المالية العنيفة التي أدت لانهيار أسواق الأسهم العالمية والمحلية انهياراً شديداً، حيث انحدر مؤشر سوقنا المالي على سبيل المثال من حوالي اثني عشر ألفا إلى ما يقارب أربعة آلاف... ووقتها أي بعد حصول الانهيارات كتب كثيرون وقال كثيرون إن ما حصل يمثل فرصة ذهبية لشركة سنابل هبطت عليها من السماء، ولذلك دعوا وزارة المالية لاقتناص هذه الفرصة والشروع في الاستثمار في السوق المنهار، وعندما لاحظ هؤلاء أنه (ما فيه لا حس ولا خبر) من الشركة تساءلوا عن السر في تأخر الشركة في مزاولة نشاطها وعدم اقتناصها الفرص الذهبية، وكثرت التساؤلات وثارت علامات الاستفهام ومع كل ذلك لم يكن لكل هذا أي أثر وبقيت الشركة تغط في سباتها العميق في غرف نوم وزارة المالية.
بدأت بعد ذلك الأسواق المالية ومعها سوقنا المالي رحلة صعود ملحوظة إلى أعلى على نحو يبدو أنه رحلة عودة بطريقة تدريجية متذبذبة، حيث ارتفع مؤشر سوقنا المالي على سبيل المثال ما يقارب 37% فوصل خمسة آلاف وستمئة صاعدا مما يقارب الأربعة آلاف وحينذاك لاحظنا أن شركة سنابل قد استيقظت فجأة من النوم إذ فوجئنا بتصريح من مدير عام صندوق الاستثمارات العامة المشرف على شركة سنابل يبلغنا فيه أن الشركة ستزاول عملها بعد أسبوع، وقد قال البعض رداً على هذا التصريح (صح النوم) لكن مع ذلك فقد قلنا لا بأس فإن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي، وكنا نظن أن المقصود من تصريح مدير صندوق الاستثمارات العامة أن الشركة ستبدأ العمل الاستثماري الفعلي بعد أسبوع... لكن اتضح لنا في وقت لاحق من خلال مقابلة أجرتها قناة العربية مع مدير عام الصندوق صاحب التصريح أن هذا الاستيقاظ من النوم هو مؤقت وأن الشركة ستعود للنوم مرة أخرى مدة ستة إلى ثمانية أشهر قبل أن تباشر النشاط الفعلي، أو أنها تحتاج كل هذه الفترة الطويلة لتشرب القهوة وتأخذ بعض المنبهات (لتصحصح) على الآخر، إذ قال سعادته في تصريحه ما معناه إن الهيئة الاستشارية للشركة ستبدأ اجتماعاتها لتضع خطة العمل أو الاستراتيجية الاستثمارية وإن ذلك سيستغرق ستة إلى ثمانية أشهر.
ما هذا الكلام...؟؟ وهل هو معقول... ماذا كانت وزارة المالية تعمل طيلة تلك السنة التي مرت بعد تأسيس الشركة...؟؟ وهل وضع خطة العمل يحتاج ثمانية أشهر...؟؟
طبعاً هذا الكلام غير مقنع... والمقنع أن وزارة المالية لكونها وزارة خزانة وتعمل بطريقة (احفظ للناس ولا تصلح لهم) فقد أعطت الشركة منوماً بعد انهيار الأسواق العالمية لأنها لا تريد أن تباشر الشركة عملها إلا بعد انتهاء الأزمة العالمية!!! لكن الشركة فيما يبدو استيقظت من النوم بعد أن حصلت الارتفاعات الكبيرة في الأسواق العالمية وسمعت أصداء ذلك وأرادت الوزارة إعادتها إلى النوم مرة أخرى حتى لا تباشر العمل الاستثماري إلا بعد أن تكون الأزمة المالية قد انتهت... أي بعد أن تكون الطيور قد طارت بأرزاقها، ووصلت الأسعار إلى حدود عالية.
صندوق الاستثمارات العامة كما يبدو من مسماه هو صندوق استثماري، أي أنه هو ذراع الحكومة (التابع لوزارة المالية) في استثمار فوائضنا المالية في الداخل... ولكن من يتابع أنشطة هذا الصندوق يدرك أنه ليس صندوقا استثماريا على الإطلاق... فالعمل الاستثماري هدفه تنمية المال المستثمر بالحصول على الربح واقتناص الفرص المواتية لتحقيق ذلك... وهذا ليس منهج الصندوق أبداً... فهو في حقيقة أمره صندوق لدعم التنمية يوفر التمويل للمشاريع الحيوية المحتاجة لذلك... وفيما عدا القروض التي يوفرها أحيانا ويستعيدها فموجوداته المالية جامدة لا تتحرك إطلاقا حتى لو وقعت السماء على الأرض وثارت الزلازل والبراكين... وهذا لا يعني أنه لا يقوم بدور تنموي، بل يقوم بذلك، ولكن يعني أنه لا يقوم بدور استثماري، ولا يستخدم منهجاً استثمارياً، ولا يدار بعقلية استثمارية.
وشركة سنابل الاستثمارية يشرف عليها هذا الصندوق الذي تشرف عليه وزارة المالية، وهذا يفسر لنا لماذا نامت تلك الشركة في عز تلك الضجة الكبرى والانهيارات الضخمة التي أوجدت الفرص الاستثمارية الهائلة لمن يحسن العمل الاستثماري، ويفسر لنا لماذا صحت عدة لحظات ثم عادت للنوم من جديد... كما أن هذا يؤكد لنا أن تلك الشركة الاستثمارية ستدار بالطريقة والنهج والعقلية نفسها التي لا يمكن أن تتحمل أي درجة من المخاطرة ومستعدة أن تتنازل عن الأرباح الطائلة المحتملة بنسبة 90% إذا كان هناك احتمال بأن تخسر عدة ملاليم بنسبة 10%.
إن نهج وزارة المالية كان وما يزال وسيظل (احفظ للناس ولا تصلح لهم) وهذا النهج غير الاستثماري يطبقه صندوق الاستثمارات العامة وطبقته شركة سنابل بصدودها ونومها العميق، وستظل تطبقه في المستقبل طالما أنها تحت إشراف وزارة المالية... فهل يمكن القول بعد هذا إن وزارة المالية مؤهلة لإدارة استثماراتنا الحكومية... أم إن المفروض تكوين هيئة استثمارية مستقلة ترتبط بمجلس الوزراء مباشرة يناط بها الإشراف على النشاط الاستثماري الحكومي وفق عقلية ونهج استثماري سليم...؟؟
الوطن السعودية ـ عبدالله ناصر الفوزان 02/05/2009