المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إهانة ملحمية لبوش



الجبل
18-12-2008, Thu 7:21 PM
إهانة ملحمية لبوش




عندما فعل الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف فعلته الشهيرة؛ ضرب الطاولة بحذائه في الأمم المتحدة قبل نحو 50 سنة، قال هارولد مكميلان، رئيس الوزراء البريطاني الذي اشتهر ببروده: "أرغب في ترجمة ذلك، إذا تسنى ليّ الأمر".

وجورج بوش الذي طأطأ رأسه أمام أحذية طائرة من صحافي عراقي حانق في مؤتمر صحافي في بغداد يوم الأحد، اعترف بأن الأمر أربكه. فقد كان هذا التصرف إهانة ملحمية وجهت إلى شخص ارتكب سلسلة من الحماقات. لكن الإهانة، مثلما الحذاء، مضت مباشرة فوق رأسه. وبوش الذي دفن سمعة أمريكا في كل أنحاء العالمين العربي والإسلامي بين أنقاض العراق، لم ينس، ولا ينسى، ولن ينسى هذا الحدث.

لقد دمرت إدارة بوش، استناداً إلى ذرائع زائفة، دولة العراق وبعثرت طبقتها الوسطى في كل أنحاء الشرق الأوسط، ونشرت الجهادية، وفتحت الباب أمام حرب طائفية ستلقي بظلالها على المنطقة لفترة طويلة مقبلة. وبغزو هذه الإدارة العراق، فإنها أيضا جعلت إيران قوة إقليمية.

والتغطية المجتهدة من قبل مؤسسات، مثل مكتب المحاسبة الحكومية الأمريكي، تكشف أن فريق بوش لم يكن لديه أي استراتيجية تتجاوز تحقيق النصر. وبالكاد أمكن لها أن تشغل الطاقة الكهربائية، أو تجعل المياه تتدفق من الصنابير.

لكن بذهاب بوش وظهور باراك أوباما، هناك توقعات كبيرة في كل أنحاء المنطقة، وهناك بعض القشات المفعمة بالأمل في الرياح. والاتفاقية الأمريكية العراقية حول وضع القوات الأمريكية وانسحابها على مراحل، مثلا، رُفضت بشكل جماعي في تشرين الأول (أكتوبر)، لكن مجلس الوزراء العراقي وافق عليها في الشهر الماضي. وما حدث بين الفترتين هو أن الأمريكيين صوتوا بشكل حازم من أجل التغيير. واتصل زعيم أقرب وأقوى حليف عراقي لإيران ـ من طهران ـ بوزرائه في بغداد وطلب منهم تغيير تصويتهم.

وكما هو شأن انسحاب منظم من العراق، فإن إدارة أوباما المقبلة يمكن لها أن تؤثر على الأحداث وتحيي هيبة أمريكا في المنطقة بطريقتين أساسيتين. الأولى، توضيح أنها تنوي أن تتابع بكل طاقتها تسوية شرق أوسطية تعطي حلا عادلا للفلسطينيين وأمنا لإسرائيل.

والثانية، أن تسعى إلى صفقة حاسمة مع إيران تعطي لطهران حصة في استقرار المنطقة، وتعطي الأمن لجيران إيران. ويمكن لذلك أيضا أن يزيد من فرص النجاح في العراق وفي النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. ويمكن لمثل هذه السياسة أن تؤثر أيضا على نتيجة الانتخابات التي تجري العام المقبل في كل من إسرائيل وإيران.

يعتمد ملالي إيران على الكراهية لأمريكا في إكراه مواطنيهم المؤيدين لأمريكا بالفطرة وإجبارهم على الطاعة. والإسرائيليون يكرهون فكرة أي صدع في العلاقة مع حليفهم الرئيسي. وحين واجهوا تهديد حدوث مثل هذا الصدع عام 1992 طردوا إسحق شامير المنادي بالتحرر عن الآخرين، وانتخبوا صانع السلام إسحق رابين.