المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جدوى للاستثمار : توقعات ببناء الميزانية السعودية على عجز وتغطيته دون استدانة



رادار الشاشة
16-12-2008, Tue 6:43 AM
توقعات ببناء الميزانية السعودية على عجز وتغطيته دون استدانة

http://www.aleqt.com/a/174150_5832.jpg
"الاقتصادية" من الرياض
عد تقرير اقتصادي أصدرته شركة جدوى للاستثمار، أن انهيار أسعار النفط وتراجع إنتاجه من شأنه خلق تداعيات كبيرة على الميزانية العامة للسعودية للعام المقبل 2009، خصوصاً أن إيرادات النفط تشكل نحو 85 في المائة من إجمالي الدخل الحكومي. لكن التقرير يؤكد أنه رغم ذلك، ستواصل الزيادة في الإنفاق الحكومي عام 2009 حتى في ضوء احتمال أن يؤدي ذلك إلى ظهور عجز ضئيل في الميزانية، الذي يمكن تغطيته بسهولة بالسحب من الاحتياطيات الأجنبية للدولة. وهذا يعني أنه في حالة حدوث عجز حقيقي مع نهاية العام فإن الدولة لن تضطر إلى الاستدانة لأنها بنت احتياطيات كبيرة خلال الأعوام الماضية.
ووفق التقرير، من المتوقع أن تأتي إيرادات النفط أقل بواقع 40 في المائة عام 2009 مقارنة بهذا العام لكن لن يدفع ذلك الحكومة كي تخفض من حجم الإنفاق حيث لا تزال إيرادات النفط تفوق ما أنفقته الدولة، حيث نقدر أن إنفاق الحكومة خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام بلغ نحو 60 في المائة من عائدات النفط، كما يعتقد أن الحكومة سترفع من حجم إنفاقها بمعدل 10 في المائة العام المقبل.
ويقول تقرير "جدوى" إن الحكومة أوضحت بجلاء التزامها بالمضي قدماً في الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، ومن شأن انخفاض تكلفة المشاريع وتراجع أسعار المواد الأولية أن يدعماه في ذلك. كذلك تستطيع الدولة التدخل لمساندة القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع الكبيرة (ربما يأخذ ذلك هيئة قروض من صناديق الإقراض المتخصصة بدلاً عن الإنفاق المباشر).

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

عد تقرير اقتصادي أصدرته شركة جدوى للاستثمار انهيار أسعار النفط وتراجع إنتاجه من شأنه خلق تداعيات كبيرة على الميزانية العامة للسعودية للعام المقبل 2009، خصوصاً أن إيرادات النفط تشكل نحو 85 في المائة من إجمالي الدخل الحكومي. لكن التقرير يؤكد أن الزيادة في الإنفاق الحكومي ستتواصل رغم ذلك عام 2009 حتى وفي ضوء احتمال أن يؤدي ذلك إلى ظهور عجز ضئيل في الميزانية، والذي يمكن تغطيته بسهولة بالسحب من الاحتياطيات الأجنبية للدولة.
ومن المتوقع أن تأتي إيرادات النفط أقل بواقع 40 في المائة عام 2009 مقارنة بهذا العام لكن لن يدفع ذلك الحكومة كي تخفض من حجم الإنفاق حيث لا تزال إيرادات النفط تفوق ما أنفقته الدولة، حيث نقدر أن إنفاق الحكومة خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام بلغ نحو 60 في المائة من عائدات النفط، كما يعتقد أن الحكومة سترفع من حجم إنفاقها بمعدل 10 في المائة العام المقبل.
ويقول تقرير "جدوى" أن الحكومة أوضحت بجلاء التزامها بالمضي قدماً في الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، ومن شأن انخفاض تكلفة المشاريع وتراجع أسعار المواد الأولية أن يدعمانه في ذلك. كذلك تستطيع الدولة التدخل لمساندة القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع الكبيرة (ربما يأخذ ذلك هيئة قروض من صناديق الإقراض المتخصصة بدلاً عن الإنفاق المباشر). ولا يزال الهدف الرئيس المعلن للدولة هو تطوير البنيات الأساسية المادية والاجتماعية. إضافة لذلك، سترتفع فاتورة الأجور والمرتبات الحكومية نتيجة زيادة تبلغ 5 في المائة سيتم تطبيقها في مطلع العام المالي الجديد في سياق خطة متعددة السنوات أعلن عنها في كانون الثاني (يناير) 2008.

الفوائض الخارجية تتراجع

من شأن انخفاض إيرادات صادرات النفط التسبب في انخفاض كبير في فائض الحساب الجاري، لكن رغم ذلك سيظل الحساب الجاري سليماً بل سيؤمن تواصل ارتفاع احتياطي المملكة من الموجودات الأجنبية. وسيؤدي تراجع أسعار النفط وانخفاض حجم إنتاجه مع ارتفاع مستويات الاستهلاك المحلي منه إلى تراجع إيراداته إلى 172 مليار دولار العام المقبل، مما يعتبر أقل بواقع 41 بالمائة مقارنة بإيرادات عام 2008 لكنه يظل ضعف مستوى إيرادات عام 2003.
وسيؤدي الانخفاض الحاد في أسعار البتروكيمياويات والمعادن والمواد البلاستيكية إلى تراجع قيمة الصادرات غير النفطية عام 2009 لأول مرة في عقد من الزمان. ورغم انخفاض أسعار الواردات أيضاً إلا أن الاستمرار في تنفيذ المشاريع الحكومية وبواسطة الشركات التي لم تتأثر من الأزمة المالية سيؤدي إلى أن تسجل الواردات عاماً آخر يبلغ فيه النمو رقماً من خانتين، لذا نتوقع أن يتقلص الفائض التجاري إلى 90 مليار دولار في عام 2009 من نحو 225 مليار دولار هذا العام.
ولا يتوقع أن تشهد المدفوعات والمقبوضات الأجنبية الأخرى تغيراً يذكر في اتجاهاتها. ويمثل العائد على الموجودات الأجنبية لدى مؤسسة النقد المصدر الأساسي للإيرادات ويعتقد أن المؤسسة تنتهج سياسة استثمارية غاية في التحفظ مما يعني أن قيمة استثماراتها لم تتأثر بصورة كبيرة من انهيار أسواق المال العالمية، لكن أسعار الفائدة العالمية المتدنية جداً تعني أن العائد الاستثماري عليها سيأتي متدنياً العام المقبل. وسيؤدي التباطؤ في العمل في المشاريع إلى انخفاض المدفوعات الأجنبية إلى المقاولين الأجانب والتي تشكل أكبر نسبة من المدفوعات الخدمية.
وبصورة عامة، توقع التقرير أن يسجل الفائض في ميزان الحساب الجاري 8.4 في المائة من الناتج الإجمالي عام 2009 متراجعاً من مستوى 32.6 في المائة من الناتج الإجمالي لعام 2008. ويعد هذا الفائض جيداً بالمعيار التاريخي حيث شهد ميزان الحساب الجاري عجزاً في معظم حقبة التسعينيات فيما سجل الفائض رقماً من خانتين من الناتج الإجمالي حتى العام 2003. ومن المتوقع أن يتواصل الارتفاع في صافي الموجودات الأجنبية لدي مؤسسة النقد لكن بوتيرة تقل كثيراً مقارنة بالسنوات الأربع الأخيرة.

التضخم ينحسر

شكل التحكم في التضخم أحد أهم أهداف صانعي القرار الاقتصادي على المدى القصير حتى أيلول (سبتمبر) الماضي عندما شرعت حدة الأزمة المالية العالمية في الاشتداد. وتخطى التضخم 10 في المائة هذا العام مقارنة بمتوسط تاريخي بلغ 0,1 في المائة خلال الحقبة المنتهية عام 2006. ومن شأن الإجراءات الرامية إلى حث البنوك على الإقراض أن تفاقم من الضغوط التضخمية إذا صادفت النجاح، لكن انهيار أسعار السلع والارتفاع الحاد في قيمة الريال ترجحان احتمالات تراجع التضخم بصورة عاجلة خلال الـ 12 شهرا المقبلة. إن انحسار التضخم هو إحدى أهم حسنات الأزمة المالية العالمية بالنسبة للسعودية.

http://www.aleqt.com/a/174150_5833.jpg

أسعار السلع

تراجعت أسعار السلع بصورة ملحوظة، وعزز ارتفاع قيمة الدولار (وبالتالي الريال) من منفعتها على الاقتصاد السعودي. وارتفعت قيمة الريال منذ تموز (يوليو) الماضي بواقع 14 في المائة مقابل سلة من عملات شركائه التجاريين الرئيسين ومقابل أعلى مستوى سجله منذ عامين حسب الوزن التجاري المرجح.

على مستوى العالم

ويقول التقرير أن العالم يشهد حالياً أزمة مالية غير مسبوقة ساءت بسببها الأوضاع إلى درجة كاد عندها النظام المالي العالمي يتوقف تماماً عن العمل في مطلع تشرين الأول (أكتوبر). وقد تحسنت الأحوال منذ ذلك الحين ولكن بعد أن تبخرت ثروات طائلة في الهواء حيث اضطرت بعض البنوك إلى خفض قيمة أصولها بمئات المليارات من الدولارات وأعلنت مؤسسات مالية عملاقة إفلاسها وتم إنقاذ البعض الآخر بواسطة دعم من حكومات بلادها هذا عدا انهيار أسواق الأسهم.
وكانت الأزمة قد تزامنت مع تباطؤ الاقتصاد العالمي مما عجل بدخول معظم الاقتصادات في مرحلة الركود حيث يتوقع صندوق النقد الدولي انكماش اقتصادات الدول الصناعية العام المقبل لأول مرة منذ أربعينيات القرن الماضي. وقد أدى انحسار الطلب إلى انهيار أسعار السلع وتذبذب أسعار الصرف نتيجة لتدافع المستثمرين في البحث عن الملاذ الآمن.

http://www.aleqt.com/a/174150_5834.jpg

لا اقتصاد معصوم من الأزمة

ويعتقد التقرير أنه ليس هناك اقتصاد معصوما اليوم من آثار الأزمة المالية والركود العالمي الناتج عنها، أما في السعودية فقد تحول تركيز السياسة الاقتصادية من مكافحة التضخم إلى استعادة الثقة في القطاع المالي. ويمكن تلخيص تداعيات الأزمة المالية على اقتصاد المملكة فيما يلي :
- ستنخفض أسعار النفط كثيراً عما كان متوقعاً في السابق وسيفاقم خفض حجم الإنتاج من تداعيات ذلك على إيرادات النفط.
- صعوبة الحصول على التمويل وارتفاع تكلفته بالنسبة للشركات المحلية والأجنبية التي تمارس أنشطتها في المملكة.
- سيتباطأ النمو الاقتصادي حيث تؤدي العقبات المتعلقة بتأمين التمويل بأسعار مناسبة وانخفاض أسعار النفط إلى إعاقة تنفيذ المشاريع وتراجع الثقة.

- سيعني انخفاض إيرادات النفط انتهاء عهد الميزانيات الضخمة وفوائض الحساب الجاري الهائلة التي شهدتها السنوات الأخيرة.

- سيؤدي الانخفاض الحاد في أسعار السلع وارتفاع قيمة الريال إلى تراجع كبير في معدلات التضخم خلال الـ 12 شهراً المقبلة.

ماذا سيحدث ؟

نتيجة لذلك ستأتي البيانات الاقتصادية الرئيسة ضعيفة جداً عام 2009 مقارنة بالسنوات السابقة، لكن لن يعني ذلك انقضاء عهد الطفرة الاقتصادية حيث إن العوامل الاقتصادية الداخلية كانت وراء دفع الاقتصاد إلى الأمام طيلة السنوات القليلة الماضية ونعتقد أن الزخم الاقتصادي القوي الذي يتمتع به القطاع غير النفطي سيظل باقياً (وإن كان بمعدل أقل مما توقعناه سابقاً).
ومن شأن تقلص قائمة المشاريع التي كان يخطط لتنفيذها أن يؤدي للإحجام عن تنفيذ بعض المشاريع الهامشية وتمديد تنفيذ البعض الآخر على فترات زمنية أطول مما قد يساعد في إزالة بعض الاختناقات التي حدثت في الاقتصاد.

جـذور الأزمـة

نشأت المشكلة من انهيار الطفرة في نشاط الإنترنت مطلع العقد وما أعقبها من فترات من أسعار الفائدة المتدنية. وكانت أسواق الأسهم الأمريكية (مؤشر إس آند بي 500) قد ارتفعت خلال الفترة من نهاية 1982 إلى نهاية 1999 بمتوسط 14.7 في المائة في العام حيث حققت أسعار الأسهم (خاصة شركات الانترنت) بنهاية 2000 مستويات ارتفاع قياسية ولكنها شرعت في الهبوط بعد فترة وجيزة من ذلك (انخفض مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 42 في المائة بين آب (أغسطس) 2000 وتشرين الأول (أكتوبر) 2002 وأنهار مؤشر ناسداك لشركات التكنولوجيا بنسبة 78 في المائة من أعلى إلى أدنى نقطة كان قد سجلهما خلال تلك الفترة). ودفع انتهاء فترة طفرة شركات الإنترنت وما نتج عنها من ركود خفيف مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى إجراء خفض كبير في أسعار الفائدة وإبقائها تحت مستوى 2 في المائة لمدة تقارب ثلاث سنوات. وبدورها شجعت أسعار الفائدة المنخفضة وأسعار الأسهم المتدنية على خلق استثمارات ضخمة في صناعة العقار حيث ارتفع إجمالي قيمة رهون العقارات السكنية الأمريكية من ستة تريليونات دولار عام 2001 إلى 11.2 تريليون دولار عام 2006.
وشجعت أسعار الفائدة المنخفضة على تنفيذ عمليات إقراض ضخمة ومن ثم خلق مخاطر في القطاع المالي نتيجة للزيادة الهائلة في التمويل العقاري بنظام الرهن إلى المقترضين من ذوي التصنيفات الائتمانية المتدنية والدخل الضعيف وغير المنتظم (عرفت هذه الفئة من الرهون العقارية "بالقروض الرديئة"). وشكلت قروض الرهن الرديئة هذه 15 في المائة من سوق الرهن العقاري عام 2006 مقارنة بنسبة 3 في المائة فقط عام 2003. ثم لجأت البنوك بعد ذلك إلى إعادة تدوير مخاطرها هذه في شكل منتجات مالية جديدة معقدة وصرفتها إلى مؤسسات مالية أخرى لجأ معظمها إلى الاقتراض كي يتمكن من تمويل شراء تلك المنتجات في الوقت الذي كانت تعوزها فيه الخبرة اللازمة لتفهم وإدارة المخاطر التي تنضوي عليها.
وعندما أخذت أسعار الفائدة ترتفع بدأت أعداد متزايدة من المقترضين في التخلف عن تسديد ديونهم العقارية مما خلق مخاوف بشأن الجدارة الائتمانية للمنتجات المالية ذات الصلة، وشرع المستثمرون في الابتعاد عن تلك المنتجات المالية وما شابهها مما أدى إلى نضوب مصادر التمويل. ونتيجة لاستخدام البنوك نظام المحاسبة الذي يقيم الأصول حسب الأسعار السائدة في السوق فقد اضطرت إلى خفض قيمة أصولها بمستوى كبير في الوقت الذي لم يوجد فيه مشترون، مما أدى تفاقم عمليات خفض قيمة الأصول وإلى تراجع الثقة بالمؤسسات المالية ونجم عنه بالتالي انهيارات حادة في أسعار أسهمها.

http://www.aleqt.com/a/174150_5835.jpg

الضحية الأولى

وكانت أول ضحية لقروض الرهن الرديئة هي الشركة الأمريكية نيو سينشري فاينانشيال التي انهارت في نيسان (أبريل) 2007 مؤذنة بانطلاق الأوضاع التي تطورت فيما بعد إلى الأزمة الراهنة. ثم شهد سبتمبر من العام الماضي تأميم الحكومة البريطانية لشركة قروض الرهن العقاري "نورثرن روك" ثم انهيار البنك الاستثماري بير ستيرنز في آذار (مارس) 2008 نتيجة قروض الرهن الرديئة. وتم في مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي تأميم عملاقي الرهن العقاري في أمريكا فاني ماي وفريدي ماك الذين تمثل دورهما هو شراء الرهون العقارية في السوق الثانوية وإعادة تدويرها وبيعها مرة ثانية إلى مؤسسات مالية أخرى وذلك بسبب الخسائر الكبيرة التي تكبداها جراء إخفاق المقترضين في تسديد ديونهم العقارية، وأعقب ذلك انهيار ليمان برزرز في 14 أيلول (سبتمبر)، وكان وقتها رابع بنك استثماري في الولايات المتحدة وكان لهذا البنك حيازات كبيرة من مشتقات الرهن العقاري المتعثرة والأوراق المالية المرتبطة بالرهن العقاري.
وأدى انهيار بنك ليمان برزرس (أكبر عملية إعلان إفلاس في تاريخ الولايات المتحدة) إلى تعميق الأزمة المالية حيث شهد المستثمرون تلاشي قيمة أسهمهم وسنداتهم لدى البنك ولم يكن في استطاعتهم وقف الأوامر التي كان بنك ليمان طرفاً فيها.
وعجز أحد أكبر صناديق أدارة السيولة في الولايات المتحدة وكان يمتلك حيازات كبيرة من سندات ليمان عن المحافظة على القيمة الدفترية للسهم ألتي تبلغ دولار واحد وهو معيار يعتبر أساسياً لتحديد مدى جدارة تلك الصناديق بالبقاء (حيث تشير قيمة السهم التي تقل عن دولار واحد إلى أن المستثمرين قد خسروا أموالهم). ونتج عن ذلك عمليات سحب كبيرة (تم سحب 65 مليار دولار من صناديق إدارة السيولة خلال أيلول (سبتمبر) مما جعل تلك الصناديق تتردد في الاستثمار في أدوات الدين قصير الأجل التي تعتمد عليها الكثير من البنوك والشركات غير المالية في تمويل عملياتها اليومية (الأوراق التجارية) ومن ثم تفشت الأزمة المالية في القطاعات الأخرى للاقتصاد المتهالك سلفاً.

الرسالة الأمريكية

عقب الرسالة التي أطلقتها الحكومة الأمريكية بأنها لن تتدخل لإنقاذ أي مؤسسة أياً كان حجمها، وعقب اتضاح مدى فداحة الخسائر جراء انهيار ليمان برازرز جدت فترة أصبحت فيها البنوك تهتم فيها فقط بحماية أوضاعها المالية وأحجمت عن تقديم القروض، ونتج عن ذلك حرمان البنوك المتعثرة من الحصول على التمويل الذي تحتاج إليه مما أدى بالتالي إلى تعرض أسهم البنوك من شاكلة ليمان برازرز إلى ضغوط عالية جداً. وقد أعقبت تلك الفترة موجة متلاحقة من عمليات الاندماج واستحواذ الحكومات على المؤسسات المالية.
لقد أسهمت خطط الإنقاذ الحكومية في خلق تحسن تدريجي في الأوضاع المالية العالمية من الضغوط القاسية التي تعرضت لها، وقد شملت تلك الخطط ضخ البنوك المركزية لمبالغ هائلة في أسواق المال وشراء الحكومات حصصاً في الشركات المالية وإجراء خفض كبير في أسعار الفائدة. لكن تظل الأوضاع المالية هشة جداً ولا نرجح أن تعود الأمور إلى سابق عهدها إلا عقب انقضاء فترة من الزمن.

الملامح المستقبلية للاقتصاد العالمي

طرأت الضغوط في أسواق المال في ظل نمو هزيل في معظم اقتصاديات الدول المتقدمة حول العالم مما أدى إلى ضعف الملامح المستقبلية للاقتصاد العالمي. وتشير بيانات النمو الصادرة عن الفصل الثالث من العام الجاري، والتي لا تعكس بعد أسوأ تداعيات الأزمة المالية، تشير إلى حدوث انكماش في اقتصادات الولايات المتحدة وأوربا واليابان والمملكة المتحدة، ولم تأت البيانات الاقتصادية اللاحقة إلا بما هو أسوأ.
وحدث صندوق النقد الدولي في تشرين الثاني (نوفمبر) من توقعاته حول أداء الاقتصاد العالمي بحيث تضمنت خفضاً كبيراً في التقديرات التي أعلنها قبل شهر من مستوى 3.9 بالمائة إلى 3.7 في المائة لهذا العام ومن 3 في المائة إلى 2.2 في المائة للعام المقبل. والآن يتوقع أن يكون النمو عام 2009 عند أدنى مستوى له منذ عام 2001 مع حدوث انكماش في الاقتصادات المتقدمة لأول مرة منذ أربعينيات القرن الماضي.
كذلك تم خفض تقديرات النمو في الاقتصاديات الناشئة لتكون حوالي 5.1 في المائة للعام المقبل أي بأعلى من أي نسبة تم تحقيقها طيلة حقبة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. والآن تكدح الكثير من الأسواق الناشئة لشق طريقها في ظل انهيار أسعار السلع والتذبذبات الحادة في أسعار الصرف والهروب السريع للرساميل الأجنبية إضافة إلى المشكلات في قطاع الخدمات المصرفية.
وتبدو هذه المشكلات أكثر عمقاً في دول أوروبا الشرقية فقد تضررت الإمكانات التصديرية حتى بالنسبة للدول التي تتمتع بمعطيات اقتصادية أساسية محلية قوية. ورغم ذلك ستوفر الأسواق الناشئة الديناميكية الرئيسة لتحريك الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل حيث يتوقع أن تحقق الصين على وجه الخصوص نمواً بنسبة 8.5 في المائة.

عمق الركود

من الواضح جداً أن تحول الأوضاع الاقتصادية العالمية يحتاج إلى بعض الوقت حيث يجعل التذبذب المستمر من الصعوبة بمكان التنبؤ بعمق الركود ومدة بقائه ويرى معظم المحللين أن الاقتصاد الأمريكي سينهض من الركود خلال النصف الثاني من العام المقبل بينما تبدأ دول الاتحاد الأوروبي الانتعاش بنهاية ذلك العام بينما يتوقع محللون آخرون فترات زمنية أطول لعودة الانتعاش. ولكن الشيء الواضح أن عام 2009 سيكون عاماً سيئاً للاقتصاد العالمي.

كيف أثرت الأوضاع العالمية في السعودية؟

خلفت الأزمة المالية العالمية والركود الناتج عنها تداعيات كبيرة على السعودية حيث سينخفض معدل النمو ويتأخر تنفيذ المشاريع وستسجل الميزانية بعض العجز كما ستثار بعض قضايا السياسة الاقتصادية بعيدة المدى فيما يتعلق بدور الدولة في تسيير القطاع المصرفي والتشريعات المالية وإدخال نظام الرهن العقاري الذي تحتاج الحكومة التفكير فيه ملياً قبل إجازته.
ولن تكون جميع نتائج الأزمة المالية سلبية على الاقتصاد السعودي، بل هناك بعض الإيجابيات، فعلى سبيل المثال سيساعد انخفاض أسعار السلع على خفض معدلات التضخم وخفض تكاليف المشاريع. ونعتقد أن الإصلاحات الاقتصادية والطفرة في الاستثمارات التي شهدتها السنين القليلة الماضية تعني أن المملكة في وضع جيد يمكنها من مقاومة آثار الأوضاع الاقتصادية المالية الصعبة بينما لا تزال المعطيات الأساسية للاقتصاد قوية. وسنستعرض في الفقرات التالية أهم القضايا الناشئة عن الاضطراب الذي ساد خلال الشهور القليلة الماضية.


الأوضاع المالية السعودية

تطورت الأوضاع المالية في المملكة بشكل سلبي، حيث ارتفعت أسعار الفائدة التي تقرض بها البنوك بعضها البعض (أسعار الفائدة بين البنوك) بشدة منذ نهاية أيار (مايو) مما أدى إلى نضوب الاقتراض بين البنوك. وقد ارتفع سعر الاقتراض بين البنوك بالريال لأجل ثلاثة أشهر من 2.14 في المائة في الرابع من أيار (مايو) إلى 4.67 في المائة في 12 من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. لكن سياسة مؤسسة النقد ساعدت على خفض سعر الاقتراض بين البنوك بالريال لأجل ثلاثة أشهر إلى 3.45 في المائة في 13 كانون الأول (ديسمبر) الجاري. إلا أن بيئة الاقتراض لا تزال تمثل تحدياً.
ومن المؤشرات التي تدل على صعوبة أوضاع الاقتراض الفرق بين سعر فائدة الاقتراض بين البنوك بالريال لأجل ثلاثة أشهر (السعر الذي تدفعه البنوك التجارية للودائع أجل ثلاثة أشهر من بنوك تجارية أخرى) وسعر إعادة الشراء العكسي الذي تطلبه ساما (السعر الذي تدفعه ساما مقابل ودائع البنوك التجارية). وكانت الفروقات بين السعرين قد سجلت خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في نيسان (أبريل) بلغت 0.02 نقطة مئوية في المتوسط ثم قفزت إلى أعلى نقطة لها في 12 تشرين الأول (أكتوبر) مسجلة 2.67 نقطة مئوية ثم تراجعت إلى 1.45 نقطة مئوية في 13 كانون الأول (ديسمبر). ورغم أن الارتفاع في أسعار الفائدة بين البنوك السعودية كان قد بدأ قبل تزايد الضغوط في أسواق الاقتراض بين البنوك على مستوى العالم إلا أنه يظل مرتبطاً بالاضطراب المالي العالمي.

الفأل الحسن
16-12-2008, Tue 7:38 AM
احسنت بارك الله فيك

وائل محمد
16-12-2008, Tue 7:53 AM
بارك الله فيك ... يبي له وقت الواحد يقراه ويدقق فيه

مشكور على النقل

سويعات الاصيل
16-12-2008, Tue 9:53 AM
بارك الله فيك

الرويلي
16-12-2008, Tue 10:02 AM
شكراً لك..!

lafee
16-12-2008, Tue 11:40 AM
الكاش ملك..!
اذا فيه عجز