الليل
13-12-2008, Sat 2:59 PM
http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=2997&id=8589&Rname=284
كتاب اليوم
صلاح الدين خاشقجي
التحليل الفني.. علم أم هرطقة؟
في ظل التراجعات الكبيرة والتقلبات الحادة في أسواق المال العالمية، سواء كانت أسواقاً لتبادل السلع أو العملات أو الأسهم، يبحث المتداولون عن استراتيجيات وطرق لتساعدهم على فهم حركة الأسواق واتجاه الأسعار في الفترة المقبلة. في علم الاقتصاد، النظرية الوحيدة التي تشرح حركة الأسواق هي نظرية العرض والطلب. فانعدام الثقة والتشاؤم السائد حول مستقبل هذه الأزمة وتبعاتها يحجمان من قوى الطلب بشكل كبير، مما أدى إلى انهيار الأسعار بهذا الشكل المفاجئ.
يمكن تفسير ما يحصل الآن من اختلال في موازين العرض والطلب في أسواق المال عن طريق التحليل الأساسي، والذي يعنى بتحليل موقف الأوراق المالية من سلع وشركات ماليا واقتصاديا. فنتائج نمو الاقتصاديات الرئيسية في العالم كانت أسوأ مما توقعه المحللون في الإجمال. وهذا سيزيد الشكوك حول مستقبل التدفقات النقدية في شتى الصناعات، وبالتالي فإن تزايد هذه الشكوك سينسحب على ثقة المتداولين، والأسواق عموما.
هناك أيضا بعض المتداولين الذين يعتمدون بشكل أساسي على "التحليل الفني" للتنبؤ بحركة الأسعار مستقبلا. معارضا أهم أساسيات علم الاقتصاد القائلة إنه لا يمكن الاعتماد على معلومات الأسعار التاريخية للتنبؤ بحركتها في المستقبل. بدأ التحليل الفني بالانتشار بشكل واسع بدءا من ستينيات القرن الماضي في أسواق العملات تحديدا، حتى أخذ طريقه إلى أسواق السلع فأصبح أحد أهم مكونات المعلومات التي يعتمد عليها المضاربون على النفط في وول ستريت. التحليل الفني يقوم على دراسة منحنيات وخطوط وزوايا يرسمها "المحلل" تبعا لوجهة نظره، ليصل إلى قنوات سعرية ومستويات دعم ومقاومة تجعل لبعض الأرقام وقعا سحريا. فالكل رأى مدى الهلع الذي أصاب السوق السعودية عندما هوت سابك تحت سعر الخمسين ريالاً، والذي أدى إلى وصول شركات كثيرة إلى أسعار دون قيمتها الدفترية الاسمية وحتى دون أسعار الاكتتاب.
يعكف الآن بعض الاقتصاديين من جامعة أم آي تي على دراسة بعض الأنماط الأساسية المستخدمة على نطاق واسع في التحليل الفني، مثل نمط الرأس والكتفين، والذي يعد أحد أهم المؤشرات السلبية. فعند ظهور هذا النمط المكون من ثلاث نقاط، يفترض بالأسعار أن تهوي إلى ما تحت الكتفين. بالطبع بدأ الباحثون من موقفهم التقليدي من التحليل الفني، فبالنسبة لهم، فإن جني أرباح أعلى مما يحققه السوق عن طريق تتبع نمط الرأس والكتفين والبيع كلما ظهر هذا النمط يعتبر هرطقة وضرباً من ضروب التنجيم. المفاجأة كانت عندما طبقوا هذه الاستراتيجية على حركة الأسواق في المئة سنة الأخيرة، فقد وجدوا أن تتبع نمط رأس وكتفين فقط، يعود على المتداول بعائد ربح سنوي لا يقل عن 10% سنويا، وهو أعلى بنحو 3% من معدل العائد على استراتيجيات الاستثمار طويل الأجل!
يقول الباحثون إن السبب قد يعود إلى عوامل نفسية لدى المتداولين. فبالإضافة إلى قوى العرض والطلب، فإن المتداولين يريدون لأنماط التحليل الفني أن تصبح جزءا من السوق. فعندما يصل سعر ورقة مالية ما إلى سعر ويحاول اختراقه صعودا مرة واثنان وثلاث ويفشل في ذلك، فإن هذا السعر يتحول إلى نقطة مقاومة نفسية قوية. ستبقى قوى العرض والطلب المحرك الأساسي للأسعار على المدى الطويل، ولكن ذلك لا يمنع من بعض التقلبات الغريبة والمبنية على أرقام سحرية يرغبنا فيها أو يحذرنا منها رأس وكتفان أو رجل مشنوق أو مطرقة مذيلة تظهر بين حين وآخر.
*مصرفي سعودي
كتاب اليوم
صلاح الدين خاشقجي
التحليل الفني.. علم أم هرطقة؟
في ظل التراجعات الكبيرة والتقلبات الحادة في أسواق المال العالمية، سواء كانت أسواقاً لتبادل السلع أو العملات أو الأسهم، يبحث المتداولون عن استراتيجيات وطرق لتساعدهم على فهم حركة الأسواق واتجاه الأسعار في الفترة المقبلة. في علم الاقتصاد، النظرية الوحيدة التي تشرح حركة الأسواق هي نظرية العرض والطلب. فانعدام الثقة والتشاؤم السائد حول مستقبل هذه الأزمة وتبعاتها يحجمان من قوى الطلب بشكل كبير، مما أدى إلى انهيار الأسعار بهذا الشكل المفاجئ.
يمكن تفسير ما يحصل الآن من اختلال في موازين العرض والطلب في أسواق المال عن طريق التحليل الأساسي، والذي يعنى بتحليل موقف الأوراق المالية من سلع وشركات ماليا واقتصاديا. فنتائج نمو الاقتصاديات الرئيسية في العالم كانت أسوأ مما توقعه المحللون في الإجمال. وهذا سيزيد الشكوك حول مستقبل التدفقات النقدية في شتى الصناعات، وبالتالي فإن تزايد هذه الشكوك سينسحب على ثقة المتداولين، والأسواق عموما.
هناك أيضا بعض المتداولين الذين يعتمدون بشكل أساسي على "التحليل الفني" للتنبؤ بحركة الأسعار مستقبلا. معارضا أهم أساسيات علم الاقتصاد القائلة إنه لا يمكن الاعتماد على معلومات الأسعار التاريخية للتنبؤ بحركتها في المستقبل. بدأ التحليل الفني بالانتشار بشكل واسع بدءا من ستينيات القرن الماضي في أسواق العملات تحديدا، حتى أخذ طريقه إلى أسواق السلع فأصبح أحد أهم مكونات المعلومات التي يعتمد عليها المضاربون على النفط في وول ستريت. التحليل الفني يقوم على دراسة منحنيات وخطوط وزوايا يرسمها "المحلل" تبعا لوجهة نظره، ليصل إلى قنوات سعرية ومستويات دعم ومقاومة تجعل لبعض الأرقام وقعا سحريا. فالكل رأى مدى الهلع الذي أصاب السوق السعودية عندما هوت سابك تحت سعر الخمسين ريالاً، والذي أدى إلى وصول شركات كثيرة إلى أسعار دون قيمتها الدفترية الاسمية وحتى دون أسعار الاكتتاب.
يعكف الآن بعض الاقتصاديين من جامعة أم آي تي على دراسة بعض الأنماط الأساسية المستخدمة على نطاق واسع في التحليل الفني، مثل نمط الرأس والكتفين، والذي يعد أحد أهم المؤشرات السلبية. فعند ظهور هذا النمط المكون من ثلاث نقاط، يفترض بالأسعار أن تهوي إلى ما تحت الكتفين. بالطبع بدأ الباحثون من موقفهم التقليدي من التحليل الفني، فبالنسبة لهم، فإن جني أرباح أعلى مما يحققه السوق عن طريق تتبع نمط الرأس والكتفين والبيع كلما ظهر هذا النمط يعتبر هرطقة وضرباً من ضروب التنجيم. المفاجأة كانت عندما طبقوا هذه الاستراتيجية على حركة الأسواق في المئة سنة الأخيرة، فقد وجدوا أن تتبع نمط رأس وكتفين فقط، يعود على المتداول بعائد ربح سنوي لا يقل عن 10% سنويا، وهو أعلى بنحو 3% من معدل العائد على استراتيجيات الاستثمار طويل الأجل!
يقول الباحثون إن السبب قد يعود إلى عوامل نفسية لدى المتداولين. فبالإضافة إلى قوى العرض والطلب، فإن المتداولين يريدون لأنماط التحليل الفني أن تصبح جزءا من السوق. فعندما يصل سعر ورقة مالية ما إلى سعر ويحاول اختراقه صعودا مرة واثنان وثلاث ويفشل في ذلك، فإن هذا السعر يتحول إلى نقطة مقاومة نفسية قوية. ستبقى قوى العرض والطلب المحرك الأساسي للأسعار على المدى الطويل، ولكن ذلك لا يمنع من بعض التقلبات الغريبة والمبنية على أرقام سحرية يرغبنا فيها أو يحذرنا منها رأس وكتفان أو رجل مشنوق أو مطرقة مذيلة تظهر بين حين وآخر.
*مصرفي سعودي