المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : $$الأزمـة العالـمية$$ تحليل رائع وواقعي



مستشار إعمار
23-11-2008, Sun 3:10 PM
على امتداد صفحتين من صحيفة الخليج الاقتصادي يوم امس لقاء رائع مع رجل الاعمال والخبير الاقتصادي العربي الاستاذ طلال أبوغزالة إن ما نشهده من تطورات في العالم هو تحول تاريخي في مسار التطور العالمي وليس مجرد أزمة اقتصادية يمكن التغلب عليها باجراءات محدودة، بل ستحتاج المعالجة الى تغيير جذري في النظام الاقتصادي الأمريكي بالدرجة الأساس يفرد للدولة دوراً رئيسياً في قيادة حركة النشاط الاقتصادي بكل ما لذلك من انعكاسات على الصعيد الاجتماعي علماً بأن هذه الأزمة ستستمر لمدة 10 سنوات تجري خلالها هذه التحولات لأن حجمها يفوق بكثير قدرات الاقتصاد العالمي فالمشتقات وحدها التي اتضح الآن انها اسواق وهمية يصل حجمها الى 500 تريليون دولار مقارنة مع 60 تريليون دولار اجمالي حجم الاقتصاد العالمي . واعتبر أن ما حصل في أسواق الرهونات العقارية وتحويلها الى سندات مالية جرى الاستثمار بها على نطاق شديد الاتساع هي عملية احتيال عالمية كبيرة لا مثيل لها في التاريخ، أدت بالنتيجة الى الازمة الهائلة التي نراها حالياً، وسينجم عنها صعود في دور اقتصادات الصين والهند وروسيا وصولاً الى منطقتنا العربية



التي ستشهد حكماً تكاملاً اقتصاديا فيما بينها ومع الدول المجاورة وكذلك مع هذه القوى الاقتصادية الصاعدة في اطار تشكل جديد للنظام الاقتصادي العالمي المتجه لتعدد المراكز المالية والنقدية على اساس عملات عالمية عدة بدلاً من تفرد الدولار . ورأى ان ما يحدث على صعيد انخفاض اسعار النفط ليس ناجماً عن الازمة العالمية بل هو تخفيض مصطنع تدفع نحوه الدول المتقدمة لتحسين قدرتها على معالجة ازمتها الاقتصادية ولو كان ذلك على حسابنا، محذراً من المشروعات التي تدعو لوضع اموال الصناديق السيادية الخليجية تحت ادارة صندوق النقد الدولي ليفقد صاحب المال حقه الطبيعي في إدارة امواله، التي هي ليست فوائض مالية كما يدعي الغرب وانما رأسمال وثروات تستخدم لتنمية الدول التي تملكها ومنطقتنا عموماً، ولذلك ينبغي ان تستثمر في هذه المنطقة ابتداء من دول الخليج وصولاً الى باقي الدول العربية، وهي اقتصادات قادرة على استيعاب هذه الاستثمارات بل وتحتاج الى اضعافها من الاستثمارات خلافاً للادعاءات بأن المنطقة لا يمكنها ان تستوعب هذه الأموال . وتالياً نص الحوار:




كيف انتقل الاقتصاد العالمي فجأة من ذروة الانتعاش ليدخل نفق الركود المظلم؟



إذا أردنا ان نفهم ما يجري في الاقتصاد العالمي فيجب ان نلتفت الى المسار التاريخي لتطور الاقتصاد وتحديداً في الولايات المتحدة الامريكية، فكما يقول ديغول لا يمكنك ان تصنع قرارات مهمة ما لم تنظر الى الخارطة وتقرأ في كتب التاريخ، فالأزمة التي نراها حالياً لها جذور تاريخية ترتبط بمراحل تطور الاقتصاد الامريكي الذي اتجه بفعل سلسلة ازمات متعاقبة ابتداء من افلاس العديد من البنوك في العام 1907 وتأسيس مجلس الاحتياطي الاتحادي من البنوك التي صمدت امام تلك الازمة مروراً بالكساد الكبير في 1929 والذي نجم عنه افلاس 16 ألف بنك وانخفاض سوق المال بنسبة 90% وصولاً الى حظر الرئيس روزفلت في العام 1933 التعامل بالقطع الذهبية، ليبدأ بعدها التوجه نحو تشجيع الانفاق من خلال اصدار روزفلت امراً بتأسيس بنك فاني ماي للرهون العقارية واعقبه انطلاق فريدي ماك وبدأ تشجيع الناس على شراء المنازل الى ان شهدنا في التسعينات من القرن الماضي وفي اعقاب أزمة العام 1987 في أسواق الأسهم اعتماد سياسة الاقراض الرخيص لتنشيط الانفاق على شراء الوحدات السكنية وتعزز ذلك اكثر عندما دعا الرئيس بوش عقب احداث 11 سبتمبر الامريكيين الى الانفاق لدعم الاقتصاد وخفض الاحتياطي المطلوب من البنوك ومؤسسات الاقراض مقابل القروض التي يمنحونها الى 2،5% .



وأصبحت عمليات الاقراض مقابل الرهون العقارية ثم بيع هذه الرهون الى شركات الاستثمار غير خاضعة للرقابة، لنشهد بالنتيجة سلسلة لا متناهية من التعاملات في اطار ما يعرف بالمشتقات وهي في حقيقتها تعاملات وهمية تبدأ من التوسع في اعطاء القروض لشراء المنازل بحيث تشمل الاشخاص الذين لا يكفي دخلهم لسداد هذه القروض وليس لديهم الضمانات لتغطيتها، وذلك بناء على شهادة ملاءة يحضرها المقترض من مكاتب متخصصة مفادها انه مؤهل للاقتراض، وقد اعتمدت البنوك عند تمويل هؤلاء رغم معرفتها بعدم اهليتهم مالياً على وجود المنازل المشتراة لديها كضمانات مقابل القروض وبالتالي امكانية تحقيق مكاسب من هذه الضمانات بفعل الارتفاع المستمر في اسعار المنازل المرهونة وبعد اعطاء القروض يتم اصدار شهادات رهون مقابلها وتباع القروض وكذلك الشهادات الى شركات الاستثمار التي تقوم بدورها بتجميع الرهونات وتصدرها في سندات استثمار وتصنف السندات بحسب درجة المخاطر ليجري بيعها الى كل مؤسسات الاستثمار في العالم وبالتالي فإن السندات عالية المخاطر والتي تدر العائد الأكبر قد لا يجرى شراؤها بسبب ارتفاع مخاطرتها، وعندها تضعها الشركات المصدرة في محافظ تؤسسها لهذا الغرض وتسجل عائدها دفتريا كدخل لها لتحقق بهذه الطريقة ارباحا خيالية، والواقع ان هذه عملية احتيال كبيرة مارستها المؤسسات المالية وشركات الرهون والاستثمار على نطاق واسع لا مثيل له في التاريخ . والرهونات هي جزء من أزمة المشتقات يضاف اليها المضاربات بالأسعار وعقود البيع الآجل وصفقات التبادل “سواب” ليصل حجم المشتقات المالية التي تسببت بالأزمة الحالية الى رقم خيالي هو 500 تريليون دولار وفقاً لبنك التسويات الدولي وهو احد مؤسسات البنك الدولي، وقد اشتق لهذا المبلغ رقم جديد فبعد التريليون نتحدث الآن عن كوادريليون وهي الألف تريليون ما يعني ان حجم المشتقات هو نصف كوادريليون .



ولكي نعرف الحجم الحقيقي للأزمة يجب مقارنة هذا الرقم بحجم الاقتصاد العالمي بكامله وهو 60 تريليون دولار وبحجم السوق الامريكي البالغ 30 تريليون دولار فيما يبلغ الدخل القومي الامريكي 15 تريليون دولار، أي ان المشتقات وحدها هي اضعاف مضاعفة لاجمالي الاقتصاد العالمي وكانت تتحرك خارج انظمة الرقابة والازمة تبدأ منها أي من السوق الموازي أو الوهمي لكنها لا تنتهي عندها فكل ما رأيناه حتى الآن هو انهيار البورصات والسندات المرتبطة بالرهون العقارية وهذه لا تدخل في صلب الاقتصاد لأن المضاربات عليها ليست جزءا من الدخل القومي، وقد بدأت الازمة تتحرك الآن الى الاقتصاد الحقيقي وظهرت اول معالمها على هذا الصعيد في الصعوبات الكبيرة التي تواجه شركات صناعة السيارات وهذا مؤشر واضح من ضمن مؤشرات عديدة على ان الاقتصاد العالمي يدخل الى ركود حاد اكثر قسوة حتى من ركود عقد الثلاثينات من القرن الماضي في ازمة ستستمر على صعيد الاقتصاد الامريكي وبعض الاقتصادات المتقدمة لمدة 10 سنوات على الاقل ولن يستطيعوا الخروج منها إلا باحداث تغييرات جوهرية في النظام الاقتصادي الامريكي والانظمة المشابهة التي بالغت في السنوات الأخيرة في ابتعاد الدولة عن القيام بدورها المهم في الرقابة على حركة الاقتصاد .



هل سيقتصر التغيير على الولايات المتحدة الأمريكية أم أنه سيشمل العالم أيضاً؟



على الصعيد العالمي سنشهد تحولات عميقة بفعل هذه الأزمة، فما كنا نقوله سابقاً عن التحول الذي يجري باتجاه إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد لم يعد أمراً يحدث بالتطور التدريجي البطيء كما كان الأمر في الماضي بل إن فقاعة الائتمان التي تنفجر الآن ستجعل مسار هذا التطور يشهد ثورة سريعة أول معالمها هو تغير النظام النقدي في العالم فلن يبقى الدولار الأمريكي هو العملة العالمية الوحيدة لقياس القيمة عالمياً بل ستكون هناك عدة عملات دولية وسيجري القياس على أساس سلة عملات وبدأنا نسمع الآن أصواتاً هامسة سترتفع نبرتها سريعاً تطالب بتعدد العملات في النظام الاقتصادي العالمي كي لا يبقى العالم بأسره عرضة للانهيار في حال تعرض اقتصاد العملة المهيمنة إلى أزمة قوية كما يحدث الآن، كما ستكون هناك عدة مراكز للحركة المالية دولياً بدلاً من بقاء السوق النقدي الدولي في الولايات المتحدة كما هو الحال الآن، ومن التحولات الجذرية التي سنشهدها كذلك قيام القوى الاقتصادية الصاعدة مثل الصين والهند وروسيا التي قد تكون أغنى دولة في العالم بما لديها من موارد بدور أساسي في النظام الاقتصادي الجديد، وهنا سيكون لمنطقتنا العربية دور مهم أيضاً عبر تكتل اقتصادي سينشأ بينها حكماً لا بفعل اتفاقيات التجارة والسوق الحرة وإنما بدفع من المصالح الطبيعية لدولنا وسيمتد هذا التكتل إلى الدول الإسلامية ويرتبط بالتالي مع الصين والهند عبر تكامل اقتصادي واسع بين كل هذه الدول، وفي المؤسسات الاقتصادية الدولية سينتهي الاحتكار الأمريكي والأوروبي لإدارة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فلا يجوز أن تبقى السيطرة على هذه المؤسسات محتكرة لدول معينة مادمنا نتحدث عن نظام اقتصادي دولي واقتصاد عالمي يشارك فيه الجميع بينما القرارات تتخذ وفقاً لحصص التصويت في هذه المؤسسات التي تستحوذ على أغلبيتها الدول الغربية المتقدمة بل يفترض أن يكون التصويت على أساس عالمي مشتركاً بين جميع الدول، فنحن أمام تغيير جذري في الاقتصاد العالمي لا محالة .



وعلى صعيد منطقتنا العربية ما التطورات المرتقبة بفعل هذه الأزمة؟



بالإضافة إلى تصاعد أهمية المنطقة في النظام الاقتصادي العالمي ينبغي أن ننتبه بصورة خاصة إلى ما يجري على صعيد أسعار النفط، ولا أزال مقتنعاً أن السعر العادل للنفط يجب ألا يقل عن 150 دولاراً للبرميل قياساً إلى أسعار السلع الأخرى التي هي أقل أهمية من النفط فبرميل المياه المعدنية على سبيل المثال يصل سعره إلى 300 دولار والمشروبات الغازية 126 دولاراً والعطر 1،166 مليون دولار، بينما عندما نصل إلى أسعار النفط تبدأ الدول الغربية تتذمر وتحملنا المسؤولية عن ما يحدث في العالم نتيجة ما يعتبرونه ارتفاعاً في هذه الأسعار، علماً بأن النفط العربي لا يشكل سوى 20% من النفط المستخدم في العالم وإن نملك 75% من الاحتياطي العالمي، فلماذا توجه الاتهامات لنا ولا يشير أحد إلى مسؤولية من ينتجون 80% من النفط المستخدم عالمياً وكذلك الدول النفطية خارج أوبك التي تستحوذ على 60% من الإنتاج العالمي، وكأنه لا يحق لنا أن نملك النفط الذي ننتجه بينما يحق لغيرنا من المنتجين أن يملكوا نفطهم بما في ذلك الدول المنتجة من خارج أوبك مثل روسيا .



والواقع أن المستفيد الأكبر من مبيعات النفط هي الدول المتقدمة فقد بلغ دخل الدول الصناعية الكبرى من الضرائب على وارداتها النفطية للفترة من العام 1996 إلى العام 2000 حوالي 1،3 تريليون دولار بينما لم يتجاوز دخل الدول النفطية من المبيعات خلال الفترة نفسها 800 مليار دولار، فالضرائب على النفط تحقق دخلاً أكبر من إيرادات المنتجين، وحتى الإيرادات الجزء الأكبر منها يذهب إلى الشركات النفطية الكبرى التي حققت ازدهاراً في كل الحالات سواء ارتفع سعر النفط أو انخفض، والأهم من ذلك أن الانخفاض الذي نشهده حالياً في أسعار النفط لا علاقة له بالأزمة المالية العالمية ولا بأساسيات السوق النفطية بقدر ما هو ناجم عن سعي الدول المتقدمة المتضررة من الأزمة لتخفيض الأسعار من أجل الحصول على نفط رخيص لمعالجة مشكلاتها على حساب المنتجين بما في ذلك التحرك لتخزين النفط بهذه الأسعار لضمان الإمدادات بأقل كلفة عندما تعود الأسعار إلى الارتفاع، فهل يعقل أن يكون الطلب على النفط قد انخفض إلى النصف خلال شهرين لتهبط الأسعار في هذه المدة إلى النصف، هل انخفض استهلاك المصانع والسيارات والطائرات وتوليد الكهرباء إلى النصف في هذه المدة القياسية؟ هذا أمر مستحيل وبالتالي فإن انخفاض الأسعار ليس ناجماً عن الأزمة وانخفاض الطلب بفعلها، لأن تحديد أسعار النفط يتحكم به دائماً القرار السياسي للدول المستوردة، في الماضي كان القرار بيد الشركات ثم أصبح بيد هذه الدول من خلال المضاربات العالمية عليه فباخرة النفط تباع عبر المضاربات عدة مرات قبل أن تصل إلى وجهتها، وبالتالي يمكن التحكم بالأسعار بواسطة هذه الآلية، هذا فضلاً عن دور العوامل النفسية والمعنوية التي تصنعها الدول المستهلكة عندما تكرس قناعة عالمية بأن أسعار النفط ستنخفض، ويبدأ الحديث عن تأثر الدول النفطية وخسارتها لجزء مهم من دخلها بفعل الأزمة بهدف تحميل هذه الدول كلفة معالجة الأزمة كي تحمي نفسها من أضرارها، وقبل ذلك كان الحديث يجري عن الضغوط التي تتعرض لها الدول النامية والدول الفقيرة من ارتفاع أسعار النفط وكأنهم قلقون فعلا عليها بينما الواقع يقول ان 50% من سكان العالم يعيشون على موارد تشكل 1% من الثروة العالمية وفقا لتقارير البنك الدولي، فأين هو الاحساس بالعدالة تجاه فقراء العالم في ظل هذا الواقع . ان قلقهم الحقيقي هو على مصالحهم في لحظة يتهدد فيها تقدمهم بفعل الازمة الحالية .



لكن الدول المتقدمة تعتبر ان ما تراكم لدينا من فوائض نفطية يرتب علينا التزامات اتجاه العالم في ظل الازمة الحالية؟



فكرة ان ايراداتنا من النفط هي فوائض هدفها الايحاء بأن هذه الاموال فائضة عن حاجتنا وبالتالي يمكن استخدامها كاحتياطي عالمي لمعالجة الازمات، بينما هي في الحقيقة رأسمالنا الاساسي الذي حولناه عبر استخراجه وبيعه من ثروات طبيعية الى رأسمال نقدي نستخدمه في تنمية دولنا كما هو الحال بالنسبة لكافة دول العالم التي تستخدم ثرواتها لتنمية اقتصادها، ولذلك عندما يتحدثون عن فوائض نفطية في الصناديق السيادية وكأنهم يقولون لنا ليس من حقكم ان تنموا اقتصاداتكم، بينما الواقع ان كل ما نملك من اموال لا يكفي لاستثمارات البنية التحتية اللازمة لدولنا ونحن نحتاج اكثر منها لخدمة التنمية في بقية المجالات من الصحة الى التعليم الى الانتاج الى الخدمات، ولذلك توقعت مسبقا المشروع الذي جاء يسوقه جوردن براون رئيس الوزراء البريطاني في المنطقة مؤخرا ويقوم على وضع اموال الصناديق السيادية تحت ادارة صندوق النقد الدولي وينزع منا بالتالي حقنا الطبيعي في ادارة اموالنا بحيث لا تعود لنا سلطة القرار على هذه الاموال، التي ستستلم ادارتها عمليا من خلال الصندوق الدول المتقدمة، وينسى الغرب انه حتى الامس القريب كان يصدر مبادئ سلوك ليقيد حركة الصناديق السيادية ليأتي الآن بفكرة وضعها تحت سلطة صندوق النقد بالكامل، والغريب ان براون يعلن عند وصوله انه يريد دورا اساسيا للسعودية ودول الخليج في ادارة الشأن المالي العالمي، وينسى اننا نقرأ تصريحاته في الصحف البريطانية قبل مجيئه الى المنطقة والتي يعلن فيها أنه ذاهب الينا لخدمة الاسر البريطانية، ندرك ان هذا واجبه ولكن من حقنا ايضا ان ننفق اموالنا على تنمية شعوبنا ولذلك يفترض ألا نبقي من دخل النفط ما يعتبرونه فائضا، بل ان ندرج هذا الدخل بالكامل في ميزانياتنا التطويرية وعندما لا تستوعب الميزانيات هذه الاموال علينا ان نضيف بنودا جديدة اليها لتستوعب الايرادات النفطية بكاملها .



لكنك تتجاهل القدرة الاستيعابية لاقتصاداتنا وما يشاع عن ان الطفرة النفطية تسببت بحدوث التضخم لدينا لأننا غير قادرين على استيعاب اموالها؟



- طبعا هم يبتكرون لنا دائما هذه النظريات لنقتنع بأننا غير قادرين على الاستيعاب وبالتالي يجب ان يتدفق ما يزيد عن حاجتنا الى اقتصاداتهم، والواقع ان نظرة فاحصة لوضعنا الاقتصادي تكشف اننا بحاجة لانفاق كل دخل النفط في دولنا، ففي منطقة الخليج وحدها لا تزال هناك احتياجات كبيرة على صعيد المرافق العامة من المطارات الى الموانئ الى الكهرباء الى الطرق المعبدة، ثم هناك العمق الجغرافي لدول الخليج والتي تشكل المساهمة في تنميته مصلحة حقيقية لهذه الدول فحتى من منطلق العائد الاقتصادي تختزن الدول العربية عموماً فرصاً استثمارية لا حدود لها وهي قادرة على استيعاب الاستثمارات مهما تزايد حجمها فمن السودان الى مصر الى سوريا الى اليمن الى كافة الدول العربية يمكن للاستثمارات الخليجية ان تحقق عوائد مجزية للغاية وأفضل من العوائد التي يجري تحقيقها في المناطق الاخرى، كما اننا لم نشهد تأميما لأية مشروعات في هذه الدول منذ الستينات ولم يجر الاستيلاء على أية اصول او مصادر الاموال كما رأينا عدة مرات في الدول الغربية .



وإذا راجعنا التاريخ القريب سنجد ان دول الخليج واجهت بعد الطفرة النفطية الاولى في السبعينات من القرن الماضي عجزا في ميزانياتها ولم يأتها احد ليغطي هذا العجز فلماذا يطلب منها ان تحل ازمات الآخرين، بل ان السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو المنطق الذي يحكم الحديث عن الثروات الخليجية وقدرة هذه الثروات على معالجة الازمة المالية عندما يكون حجم المشتقات وحدها هو 500 تريليون دولار وهذه عمليا مبالغ وهمية تبخرت من الاقتصاد العالمي .



وعلى العموم أنا أؤيد ان تستثمر دول الخليج بعض اموالها كرأسمال في مناطق العالم المختلفة ضمن رؤيا استراتيجية لمستقبلها ودورها لا أن يجري التعامل مع اموالها كفوائض لحل الأزمات التي صنعتها الدول الغربية بأيديها ولم نصنعها نحن، بل من حقنا أن نطالب بتعويضات عن الاضرار التي تصيبنا الآن بفعل الأزمة الناتجة عن سياستهم وهذا أمر ستطالب به العديد من دول العالم مستقبلاً من ضمنها بعض الدول الأوروبية، وقد تكون هذه بداية تشكل النظام العالمي الجديد من خلال ما نلحظه الآن من دور فرنسي ومعه الاتحاد الأوروبي يحاول التمايز عن السياسة الأمريكية في إدارة الأزمة وقد دفع نحو انعقاد قمة العشرين في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني .



هناك من يرى ان تفوق الولايات المتحدة السياسي يشكل ضمانة لاقتصادها بدليل الاقبال على سندات الخزينة الأمريكية وارتفاع سعر صرف الدولار؟



الاقبال على سندات الخزينة قد يرجع الى الضغط على دول العالم لشراء هذه السندات، وبهذا المعنى التفوق السياسي الأمريكي يدعم سندات الخزينة، لكن الأمر المهم هنا هو ان الولايات المتحدة اصبحت بذلك أكبر مقترض في العالم وهذه التزامات على الخزينة الأمريكية، فهم يقترضون من كل دول العالم والصين وحدها لديها تريليون دولار في سوق السندات الأمريكي هذا فضلاً عن فائض ميزانها التجاري وفائض ميزان مدفوعاتها مع الولايات المتحدة، وبالتالي هذه ورقة قوة بيد الصين، فعندما تضغط أمريكا على العالم من أجل شراء سندات الخزينة بهدف معالجة أزمتها الراهنة فهي بالنتيجة ترتب التزامات جديدة على اقتصادها وتعرضه لتعقيدات جديدة في المستقبل، أما بالنسبة لسعر صرف الدولار فيجري التحكم به عبر السياسات التي يتبعها مجلس الاحتياطي الاتحادي وقد كان جرينسبان يحدد يومياً أسعار الصرف التي يريدونها للعملات في الأسواق العالمية، فمن خلال تغيير سعر الفائدة يوجهون سعر صرف الدولار الى المستويات التي تخدم مصالحهم، وهم يحققون هذا الهدف ايضاً عبر التحكم بتدفقات السيولة فعندما يجدون ان انخفاض الين الياباني على سبيل المثال لا يحقق مصالح الاقتصاد الأمريكي يضخون الدولارات لشراء الين فيرتفع سعر صرفه، أي ان سعر صرف الدولار يخضع لقرار سياسي ويتحكم به مجلس الاحتياطي الاتحادي، والتطور المهم على هذا الصعيد يتمثل في ان الأوروبيين أصبحوا يعتمدون نفس هذه السياسات للتحكم بسعر صرف اليورو وفقاً لمصالحهم، فالغرب ليس كتلة واحدة كما نعتقد بل هناك تنافس يجري بينهم دون صدام من خلال اجراءات يقوم بها كل طرف لحماية مصالحه ونحن يفترض ان نتبع هذا المنهج عبر تطبيق السياسات والاجراءات التي تخدم مصالحنا الاقتصادية وخصوصاً في المرحلة الحالية التي يشهد فيها العالم تحولاً تاريخياً وليس مجرد أزمة اقتصادية، ويجب أن لا ننخدع هنا بدعوتنا للمساهمة في حل الأزمة أولاً ثم البحث في تغيير النظام الاقتصادي العالمي ليصبح أكثر عدالة لأن من حقنا أن نعرف قبل أن نساهم في معالجة الأزمة كيف سنضمن سلامة اقتصاداتنا من خلال النظام الجديد وما هو دورنا المستقبلي فيه بدلاً من ان ندفع كل مرة ضريبة الأزمات التي يصنعها الغرب ويأتينا بعدها ليقول لنا هذه الأزمة لا بد ان يشارك الجميع في حلها .



لكن الى أي مدى يمكن للدول الخليجية والعربية ان تعالج انعكاسات الأزمة على اقتصاداتها؟



الأزمة على الصعيد العالمي هي أزمة ما يعرف بالأسواق الوهمية اي المشتقات والتي انتقلت الى أزمة في الأسواق المالية لتصل الى الاقتصاد الحقيقي، لكن في منطقتنا الأزمة هي فقط في الأسواق المالية فالمشتقات لا تدخل في تكوين اقتصاداتنا ولكن تأثر أسواقنا المالية جاء من تعاملاتنا مع المؤسسات الغربية ومن وجود الاستثمارات الغربية في دولنا، أما على صعيد الاقتصاد الحقيقي فنحن في وضع آمن بفعل دور الدولة في حركة الاقتصاد لدينا عبر رأسمالية الدولة التي ستعتمدها الولايات المتحدة الآن، الرقابة الحكومية على القطاع المصرفي في دولنا منعت دخوله في المتاهات التي وقعت فيها البنوك العالمية، ولذلك استبعد ان تصل مؤسساتنا الى أوضاع صعبة كالتي تواجهها المؤسسات الغربية حالياً وان حدثت بعض المشكلات بقدر تعاملنا مع تلك المؤسسات وأسواق الأسهم ستستطيع في النهاية التماسك والتعويض لأن انهيارها ليس ناجماً عن ضعف اقتصاداتنا بقدر ما هو انعكاس لعقلية القطيع التي تحكم عادة الاستثمار بالأسهم، فما هو المبرر ان تنهار أسعار سهم بنك ليس لديه خسائر أو شركة اسمنت تحقق أرباحاً جيدة، خصوصاً وان الأساسيات في اقتصادنا سليمة والمشكلات الطارئة بفعل الأزمة سيجري حلها بسرعة من خلال المعالجات التي تتم الآن، بالاستناد الى الثروة التي تراكمت لدى دول الخليج في السنوات الماضية والتي تشكل أرضية صلبة يستند اليها الاقتصاد العربي عموماً وليس الاقتصاد في دول الخليج فقط، وما نخسره الآن سنعوضه عبر عودة أسعار النفط الى الارتفاع ففي العام 2009 ستعود أسعار النفط الى أكثر من 100 دولار للبرميل وستتضح سلامة الأوضاع في مؤسساتنا واقتصادنا وستجد رؤوس الأموال العربية في الخليج فرصاً جيدة للاستثمار في الدول العربية عموماً .







المضاربات والقرارات السياسية تتحكم بسوق النفط



الحقيقة الواضحة ان سوق النفط لا تحكمه معايير العرض والطلب بل تقرر مساره المضاربات والقرارات السياسية، وهو سوق مضاربات احتكاري فمنذ العام 1973 عقد اجتماع في السويد لشركات النفط الكبرى تقرر فيه رفع سعر النفط الى اربعة اضعاف ما كان عليه حينها وقبلها في العام 1972 عقد في طهران مؤتمر نفطي تقرر من قبل المشاركين فيه احداث زيادة سنوية في الاسعار بنسبة 5% تتوزع بواقع 2،5% مقابل التضخم و2،5% مقابل النضوب المستقبلي للنفط ما يعني ان سعر البرميل يصل الآن الى 140 دولارا، علماً بأنه لا يوجد في المدى منظور بديل لموارد النفط والغاز والفحم كمصدر اساسي للطاقة عالميا، وجميع الخبراء في العالم يدركون هذه الحقيقة بغض النظر عن ما يشاع من قرب الاعتماد على البدائل الاخرى، وإن كان ذلك برأيي في مصلحتنا فمن الافضل ان تبقى موارد النفط لدينا لسنوات اطول لأن قيمتها سترتفع .







دور رئيسي للحكومة في إدارة الاقتصاد الأمريكي



عن التغييرات التي يتوقعها طلال أبو غزالة في النظام الاقتصادي الامريكي قال : لكي تحل الازمة سيجد صانعو القرار في الولايات المتحدة انفسهم مضطرين لتطبيق سياسات اقتصادية اساسها دور رئيسي للحكومة في إدارة الاقتصاد والرقابة عليه، وقد بدأ ذلك يحدث بالفعل الآن من خلال خطة الانقاذ المالي القائمة على قيام الحكومة بضخ 700 مليار دولار الى البنوك لمنع انهيارها وتملكها بالتالي لحصص مهمة في هذه البنوك، لكن التغيير الذي نتحدث عنه سيكون أشمل من ذلك، لكنه لا يعني انهيار الرأسمالية كما يتوقع البعض، بل سنشهد تحولاً نحو رأسمالية مدارة وموجهة ومراقبة، أي رأسمالية الدولة المطبقة في العديد من المناطق وبضمنها دولنا العربية حيث تقوم الدولة بدور جوهري في ادارة الاقتصاد والرقابة عليه، وهذا الأمر مطبق أيضاً بدرجة أقل في الدول الأوروبية، ولذلك فالحديث الذي لا يزال المسؤولون الأمريكيون يرددونه عن حتمية الحفاظ على الاقتصاد الحر سيتغير وسيتجهون كمخرج وحيد من الأزمة الحالية الى رأسمالية الدولة، وهذا يقتضي تحولات كبرى في الدستور والتشريعات والقوانين والفلسفة الاقتصادية عموماً، وسيطرح قضايا اجتماعية جوهرية سينخرط فيها المجتمع الأمريكي بأكمله من الكونجرس الى الصحافة الى الخبراء الى منظمات المجتمع المدني والمثقفون والسياسيون، وقد بدأت هذه النقاشات الآن حيث تطرح تساؤلات حول مدى عدالة تدخل الحكومة لإنقاذ من لا يستطيع تسديد ثمن المنزل الذي يسكنه فيما هي لا تنقذ من لا يملك منزلاً ويسكن في العراء، وستطرح لاحقاً قضايا اجتماعية أكثر عمقاً فهل تقتصر مسؤولية الحكومة على خدمة المستثمرين والبنوك باعتبارهم جزءاً من الأزمة الحالية وتتناسى بقية أفراد المجتمع من الذين لا يملكون أموالاً لاستثمارها . والواقع أن التغييرات المنتظرة في الاقتصاد الأمريكي ضرورية لمنع تكرار الأزمة مستقبلاً وليس بهدف الخروج منها الآن فقط .







انهيار اقتصادي في “إسرائيل” خلال 2009



عن أنشطة مجموعة طلال أبو غزالة قال: نحن نتحرك في إطار هذه التوقعات ونوسع أعمالنا ونضاعف قدراتنا المهنية لنستطيع ان نخدم اقتصاداتنا ابتداء من الإمارات وصولاً الى كل الدول العربية وبالنسبة لنا سنة 2009 ستكون من أفضل سنوات النمو لنا لا على صعيد تدقيق الحسابات والدراسات والاستشارات بل وكذلك على صعيد عمليات التقييم فقد أسسنا شركة لتقييم الاسماء والعلامات التجارية، وشركة لتقديم الاستشارات للمشاريع العقارية وكذلك أطلقنا شركة للاستشارات إضافة لشركاتنا الأخرى التي هي الأكبر حجماً في قطاعاتها على مستوى الوطن العربي أما شركتنا لحماية الملكية الفكرية فهي الأكبر حجماً على المستوى العالمي ولدينا مشروع لجمعية الاسماء التجارية العربية من اجل ان يعرف أصحاب هذه الاسماء قيمتها، كما نتجه لإقامة مشروع للمحافظة على الأسماء والمؤشرات الجغرافية وقد شاركنا في مؤتمر عقد في جدة مؤخراً لهذا الغرض وتحدثنا فيه عن ضرورة حماية الأسماء المرتبطة بمقدساتنا من الاستخدام التجاري عالمياً، والتحرك كذلك للدفاع عن تراثنا في مواجهة الاستغلال الصهيوني له واعتباره من موروثاتهم، وبالمناسبة ينبغي ان نوضح للرأي العام ان ما يشاع عن سلامة اقتصاد الاحتلال الصهيوني من الأزمة العالمية ليس صحيحاً وسنشهد انهياراً اقتصادياً لديهم خلال العام ،2009 وقد ثبت الآن ان ما كان يروج له عن فائدة التعاون الاقتصادي معهم أدى الى مشكلات وأزمات في المناطق التي خصصت لهذا التعاون عبر ما يعرف باتفاقيات “الكويز” في بعض الدول العربية لأن هذه مناطق مصطنعة اعطيت تسهيلات في مواجهة مناطق صناعية أصيلة موجودة لدينا منذ مئات السنين، وبالتالي فإن ما هو مصطنع لا يمكن أن يدوم والاحتلال الصهيوني بأكمله مصطنع وأشدد على كلمة الاحتلال وليس الصراع أو النزاع فالقضية ليست خلافاً بين طرفين بل هي احتلال تجرى مواجهته عربياً (انتهى)
تحياتي للجميع

waheb
23-11-2008, Sun 4:52 PM
شكرا لك موضوع رائع والحديث من شخص مالي متخصص

للحفظ

مستشار إعمار
24-11-2008, Mon 8:39 AM
شكرا لك موضوع رائع والحديث من شخص مالي متخصص

للحفظ

العفو اخي الكريم وتمنياتي للجميع أن تعم الفائدة
بالتوفيق

MOHAND2002
24-11-2008, Mon 9:31 AM
واعتبر أن ما حصل في أسواق الرهونات العقارية وتحويلها الى سندات مالية جرى الاستثمار بها على نطاق شديد الاتساع هي عملية احتيال عالمية كبيرة لا مثيل لها في التاريخ، أدت بالنتيجة الى الازمة الهائلة التي نراها حالياً، وسينجم عنها صعود في دور اقتصادات الصين والهند وروسيا وصولاً الى منطقتنا العربية

وما نخسره الآن سنعوضه عبر عودة أسعار النفط الى الارتفاع ففي العام 2009 ستعود أسعار النفط الى أكثر من 100 دولار للبرميل وستتضح سلامة الأوضاع في مؤسساتنا واقتصادنا وستجد رؤوس الأموال العربية في الخليج فرصاً جيدة للاستثمار في الدول العربية عموماً .

شكرا مستشار اعمار

الفأل الحسن
24-11-2008, Mon 9:34 AM
احسنت بارك الله فيك لابد من توعية الناس بأن الموضوع ليس مجرد انهيار اسواق اسهم بل الموضوع اكبر من ذلك بكثير