المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب تراجع الأسهم في الأسواق الناشئة



StockHunter
03-10-2008, Fri 1:30 PM
يتساءل المشككون فيما إذا كان الحفل أوشك على الانتهاء بالنسبة لاقتصادات الدول النامية بعد خمس سنوات من الارتفاع.

رغم أزمة الائتمان، ارتفع مؤشر المستهلك في "مورجان ستانلي" MSCI للأسواق الناشئة بنحو 40 في المائة في عام 2007، ما جعل كثيراً من المستثمرين يعتقدون أن العالم النامي في معزل عن المشكلات التي يواجهها الغرب.ولكن هذه الآمال المتمثلة في قدرة الأسواق الناشئة على المضي قدماً بغض النظر عن تلك المشكلات- وهي نظرية تعرف بفك الارتباط- تبدو الآن مضللة. فمنذ بداية العام، أخذت أسهم الأسواق الناشئة تتعثر، وبخاصة في الصين التي انخفض فيها مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 52 في المائة. كما انخفضت سوق الأسهم في روسيا بنسبة 27 في المائة منذ شهر كانون الثاني (يناير)، وانخفضت سوق الأسهم الهندية بنسبة 37 في المائة والسوق البرازيلية بنسبة 5 في المائة.
مع تدافع المستثمرين إلى الخروج من كل بلد من تلك البلدان تقريباً، بدا أن عدوى المشكلات المالية التي يواجهها الغرب انتقلت إلى تلك البلدان. ويخشى الكثير من المحللين أن تواصل الاقتصادات الأمريكية والأوروبية ترديها، الأمر الذي يضع مزيداً من الضغوط على النمو في العالم النامي.
إذن ما هي الأخطار المتبقية، وكما بدأ بعض المستثمرين والمحللين يقولون، هل الأساسيات الاقتصادية قوية لدرجة تكفي لاعتبار أن التجربة الساخنة للأشهر القليلة الماضية جعلت التقييمات تبدو مغرية مرة أخرى؟
من المؤكد أن المخاوف من حدوث تباطؤ اقتصادي في الغرب تترافق مع المخاوف من أن هناك سخونة زائدة عن الحد في كبريات الأسواق الناشئة. ذلك أن التضخم في حالة ارتفاع في البلدان الناشئة، إذ من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم في الصين من 4.8 في المائة هذا العام إلى 6.8 في عام 2009، وأن يرتفع معدل التضخم في البرازيل من 3.6 هذا العام إلى 5.3 في عام 2009، والهند من 6.4 في المائة إلى 8.4 والبرازيل من 9 في المائة إلى 14.6 في المائة وفقاً للخبراء الاقتصاديين في بنك إتش. إس. بي. سي.
هذه الارتفاعات ليست مدفوعة بأسعار السلع التي ما زالت قريبة من أعلى المستويات التاريخية فحسب، بل هي مدفوعة أيضاً بحدود الطاقة الصناعية لتلك البلدان. يقول فيليب بول، الرئيس العالمي لأبحاث الأسواق الناشئة في بنك إتش. إس. بي. سي: "ليس هناك استثمار كاف لإدامة النمو، ولذلك نرى أن الكثير من الاقتصادات تتعرض لضغوط خاصة بالقدرات، الأمر الذي يزيد من تكاليف الإنتاج. وهذا يضع ضغوطاً على التضخم." ويضيف أن من بين ما يدعى ببلدان "بريكس" BRICs – وهي البرازيل، وروسيا، والهند والصين- فإن الصين وحدها لديها قدرة أو طاقة احتياطية.
على صعيد السلع، فإن مزيداً من ضعف الأسعار من شأنه أن يلحق ضرراً كبيراً بمصادر الإيرادات للبلدان المنتجة للموارد كالبرازيل وروسيا.
يثير عامل السلع أيضاً السؤال المتمثل في مدى فائدة مصطلح "السوق الناشئة" في حقيقة الأمر. ذلك أنه ينضوي تحت هذا التعبير أكثر من 150 اقتصاداً مختلفاً كاختلاف إندونيسيا وتشيلي، وبعضها غني بالموارد والبعض الآخر ليس كذلك. هذا يفسر السبب الذي جعل أسواق الأسهم في البلدان المنتجة للسلع تسير على نحو أفضل هذا العام من البلدان التي يجب أن تستورد الموارد كالهند. حتى لو كان التضخم يتخم اقتصاداتها،كانت النظرية أنها كانت تستفيد من أسعار النفط والغذاء التي ما زالت عالية بالمقاييس التاريخية.
على أن المحللين يصرون على أن عوامل أخرى ساعدت العديد من هذه البلدان. أحد هذه العوامل هو الوضع الجيد لمالياتها العامة، ذلك أن مدى تعرضها للدين الأجنبي والإدارة النقدية والمالية لاقتصاداتها شهدت تحسناً كبيراً منذ الأزمات العديدة التي تعرضت لها الأسواق الناشئة في تسعينيات القرن الماضي.
كانت قراءة مجموعة "بريكس" على هذه الأصعدة جيدة. فالبنوك في البلدان الناشئة لم تلجأ للحصول على قروض كبيرة من الخارج، الأمر الذي قلل من تعرضها لمشكلات الائتمان التي واجهها الغرب. ذلك أن الدين الأجنبي المترتب على البنوك الصينية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي هو 2 في المائة فقط، وبالنسبة للهند 4 في المائة، والبرازيل وروسيا 13 في المائة، وفقاً لبنك دويتشه. كما أن جميع هذه البلدان سارعت إلى رفع أسعار الفائدة لمعالجة الخطر التضخمي.
يستدل من توقعات بنك إتش. إس. بي. سي أن احتياطي الصين من العملات الأجنبية باستثناء الذهب سيكون في هذا العام 1,900 مليار دولار، والهند 330 ملياراً، والبرازيل 205 مليارات دولار. وحتى روسيا، ورغم الصراع في جورجيا، فمن المتوقع أن تزيد احتياطياتها على 500 مليار دولار في نهاية هذا العام. وكما يعبر بعض المحللين عن هذا الوضع، فإن جميع هذه البلدان لديها أموال في البنك تمكنها من مواجهة أية تطورات سيئة في الأسواق المالية أو المناخ الاقتصادي العالمي.
علاوة على ذلك، فإن لدى البرازيل وروسيا أصولاً في باطن الأرض. إذ تنتج روسيا مثلاً أكثر من مليار دولار يومياً من احتياطياتها النفطية الهائلة، في حين أن البرازيل منتج كبير للذرة، القمح، السكر والنفط. كما أن العديد من بلدان أمريكا اللاتينية وإفريقيا غنية بالموارد، وتظهر علائم على تحسن الاستقرار السياسي والاقتصادي فيها، في حين أن منطقة الشرق الأوسط غنية بالنفط.
على أن هناك اختلافاً كبيراً في الآراء حول السلع. فإذا تعرضت مؤشرات السلع التي انخفضت بأكثر من 20 في المائة إلى انخفاضات كبيرة أخرى، فإن ذلك سيخفض التضخم ولكنه سيلحق في الوقت نفسه ضرراً بماليات الدول المصدرة. بيد أن المحللين يلاحظون أن سعر النفط البالغ مائة دولار للبرميل من شأنه أن يوفر مبالغ كبيرة لبلدان مثل روسيا.
من الميزات الأخرى التي تتمتع بها مجموعة "بريكس" هي إمكانية فك ارتباطها بالدول المتقدمة عبر تناقص اعتمادها على الأسواق المتقدمة كوجهة لصادراتها. فهي تصدر الآن للأسواق الناشئة الأخرى أكثر من أي وقت مضى، في الوقت الذي يعزز الطلب المحلي اقتصاداتها أكثر مما تعززه أهواء المستهلك الأمريكي أو الأوروبي. كما أنها تنفق مبالغ طائلة على البنى التحتية.
في حالة روسيا، بالكاد تذهب 5 في المائة من صادراتها إلى الولايات المتحدة، رغم أن البرازيل التي تبلغ نسبة صادراتها إلى الولايات المتحدة 14 في المائة، والهند 15 في المائة والصين نحو 20 في المائة ستتأثر أكثر من روسيا إذا مال النمو الأمريكي بعد أدائه القوي في الربع الثاني إلى الضعف مرة أخرى. كما أن تقوية الدولار ستعود بالفائدة على هذه الاقتصادات الناشئة الأخرى، وبخاصة اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وآسيا التي ترتبط عملاتها بالدولار، وعانت ضغوطا تضخمية أخرى بسبب ضعف الدولار.
رغم ذلك، ستتعرض بعض البلدان النامية الأخرى للضغط مع تردي الأحوال المالية وارتفاع معدلات التضخم فيها. وتعتبر كازاخستان التي يوازي دينها الخارجي 71.4 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي مثالاً واحداً على بلد نعم بالأوقات الجيدة ربما أكثر من اللازم بقليل، حيث إنها تستدين مبالغ طائلة لتمويل التوسع في قطاعها العقاري. كما أن المكسيك مكشوفة كثيراً للاقتصاد الأمريكي لأن صادراتها تعتمد عليه بنسبة 85 في المائة، في حين يعتمد العديد من بلدان أوروبا الوسطى والشرقية على منطقة اليورو فيما يتعلق بمكاسب صادراتها، بالإضافة إلى العجوزات الكبيرة في حساباتها الجارية.
باختصار، فإن المستقبل المتوقع للبلدان النامية يختلف من بلد إلى بلد بناء على العوامل السياسية والعوامل الاقتصادية المحلية.

لكن بالنسبة لمعظم الأسواق الناشئة، فإن الإمكانات في المدى الطويل أكثر إشراقا مما قد تشي به حالة الاضطراب التي شهدتها الأسواق في الآونة الأخيرة، وهذا محل خلاف. وهناك أسباب تدعو للأمل في أن تتمكن من مواصلة أدائها بشكل أفضل من منافساتها الغربية على صعيد النمو، وأن تفيد من انتقال الثروات من البلدان المتقدمة إلى البلدان النامية. ويقول نايجل رينديل من شركة "آر.بي.سي كابيتال ماركت": "من حيث السنوات وليس الأشهر، فإن اقتصادات الأسواق الناشئة تبدو في وضع أفضل. ومن الأرجح أن تواصل النمو بقوة، بقوة تفوق الاقتصادات الغربية، وبخاصة الولايات المتحدة ومنطقة اليورو".
تسهم البلدان النامية منذ عام 2000 بقدر متزايد في الناتج العالمي. ويقدر صندوق النقد الدولي أن تشكل هذه الاقتصادات أكثر من 80 في المائة من النمو العالمي في هذا العام- وذلك ارتفاعاً من أقل من 50 في المائة في بداية الألفية – لأنها تشكل الآن 18,100 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي للعالم، وهي حصة تبلغ 30 في المائة. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تنمو هذه النسبة إلى 35 في المائة أو 28,850 مليار دولار بحلول عام 2013.
لكن ماذا عن أسواق الأسهم في تلك البلدان؟ خلال موجة التفاؤل التي تفجرت في العام الماضي بشأن أسهم البلدان الناشئة، حققت هذه الأسهم مضاعفاً أعلى للمكاسب مما حققته الأسهم في البلدان المتقدمة، وفقاً لمؤشر المستهلك في "مورجان ستانلي" MSCI. انعكس هذا الوضع الآن، حيث إنه يتم تداول أسهم الأسواق الناشئة بأسعار أقل كثيراً من أسعار أسهم البلدان المتقدمة مرة أخرى. ومن الممكن أن يشجع هذا متصيدي الصفقات الذين يؤمنون بإمكانات نموها في المستقبل.
لكن على العموم، إذا اتخِذت بلدان "بريكس" الأربعة مقياساً وأن النمو هو المعيار الصحيح لقياس عافية اقتصاد ما، يتوقع المحللون عموماً أن تنجو الأسواق الناشئة من المصاعب الحالية.
تظهر التوقعات التي يتفق عليها الجميع أن من المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى 9.2 في المائة في العام المقبل، وذلك من أعلى مستوى له وهو 11.9 في المائة في عام 2007، وبالنسبة للبرازيل سيتراجع النمو من 5.4 في المائة في عام 2007 إلى 3.8 في عام 2009، وروسيا من 8.1 في المائة في 2007 إلى 7 في المائة في العام المقبل، والهند من 9 في المائة العام الماضي إلى 7.7 في المائة في العام المقبل.
ما زالت مستويات النمو هذه قوية نسبياً ومن المؤكد أن تتفوق على أداء البلدان الغربية، ما يشي بهبوط سلس وليس خشناً وبمستقبل مشرق في المدى الطويل.
يقول دالينو أريبورنو، رئيس إدارة الأسواق الناشئة في بنك دويتشه: "بحلول عام 2015، ستشكل الأسواق الناشئة الحالية هذه الأيام جزءاً أكبر من الاقتصاد العالمي".
ويضيف أريبورنو قائلاً: "إنني متأكد أننا عندما ننظر إلى الوراء في السنوات المقبلة، سنقول إن الفترة الواقعة بين عامي 2005 و 2015 كانت عقداً مميزاً، مميزاً بسبب انتقال الثروة من العالم المتقدم إلى العالم النامي". ويضيف معلقاً: "في السنوات القليلة المقبلة، ستواصل رؤية القوة الاقتصادية وتتحول شرقاً".

ديفيد أوكلي، وراشيل مورارجي، وجوناثان ويتلي - - 20/09/1429هـ (http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=143061)