المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دفتريوس: الخليج والأزمة المالية و"اللا نظام" العالمي الجديد



الاصمخ
27-09-2008, Sat 7:26 AM
الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

وهذا الأسبوع يكتب جون زاويته حول الأزمة المالية العالمية ومواقف الدول منها، ويدعو إلى إعادة بناء هيكل النظام المالي العالمي بمشاركة الدول النامية ودول الخليج.

يجب أن يكون للنصاديق السيادية الخليجية كلمتها

مما لا شك فيه أن وزير الخزينة الأمريكي، هنري بولسون، يواجه معضلة صعبة، حيث عليه أن يوازن بين مطالب المصارف التي تضغط للحصول على سيولة تنقذها من وضعها الحالي، وبين الاتجاهات السياسية المتناقضة في الكونغرس.
وفي إطار سعيه لتنفيذ رؤيته الاقتصادية في ظل العاصفة التي تضرب الأسواق حالياً، فإن بولسون ينسق مع مدير المصرف الاحتياطي الفيدرالي، بين بيرنانكيه، رغم الفوارق والاختلافات بينهما على مستوى الخلفية الاجتماعية والشخصية، حيث أن أحدهما مصرفي عريق، فيما الآخر أكاديمي.
وفي شهادتهما أمام الكونغرس حول خطة الإنقاذ التي ستكلّف أكثر من 700 مليار دولار، سُجلت كلمات حملت في طياتها دعوات إلى "الاشتراكية المالية" وذلك لوقف "المقامرة" التي قد تشهدها الأسواق بمبلغ من هذا الحجم، سيخرج من جيوب دافعي الضرائب.

ومع أن هذه الأزمة تتركز في مصارف الولايات المتحدة، غير أنه يصعب ألا تكون آثارها ملموسة حول العالم، فبنوك بريطانيا وأوروبا ما تزال تحاول معرفة مدى انكشافها أمام المخاطر، أما في الإمارات العربية المتحدة، فقد قام المصرف المركزي بوضع 14 مليار دولار بتصرف البنوك لتخفيف الضغط على السيولة، وخاصة بدبي.
وقد سبق لنا وقلنا في مقال سابق أن المنطقة فيها قرابة ترليون دولار موظفة في مشاريع عقارية، وثلث هذا المبلغ في الإمارات، وبالتالي، فإن الحكومة لا ترغب برؤية أي تزعزع في هذا النشاط، خاصة إذا كان الأمر يقتصر على صعوبات في التمويل.
وتأتي أزمة السيولة هذه في وقت غادرت فيه السيولة الأجنبية أسواق المنطقة بعد تلاشي الأمل بتعديل أسعار الصرف وفك ارتباط العملات المحلية بالدولار، ونتج عن ذلك تراجع في مستويات السيولة وتسجيل البورصات الخليجية خسائر كبيرة تعادل ثلث قيمتها.

ويكفي لمعرفة الحجم الحقيقي للأزمة أن ندرك بأنها انتقلت إلى الأمم المتحدة، فمن النادر أن تناقش الجمعية العمومية للمنظمة أزمة مالية كما حدث في الجلسات الأخيرة، وقد توجه الرئيس الأمريكي، جورج بوش، إلى نظرائه بالتأكيد على أن واشنطن تقوم بـ"خطوات جريئة،" لوقف تفاقم الأمور.
أما الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، الذي يلعب دوراً في نزع فتيل أزمات القوقاز بين روسيا وجورجيا وأزمة الشرق الأوسط، فقد قدم صورة بانورامية للوضع حين قال إن العالم في القرن الـ21، لا يمكن أن يدار بمؤسسات القرن العشرين، مقترحاً عقد قمة عالمية بعد الانتخابات الأمريكية تضم الدول الصناعية السبع، إلى جانب البرازيل وروسيا والهند والصين لدراسة إمكانية وضع نظم قانونية للرأسمالية.
وبالفعل، فإن المشرعين متخلفون عن ركب النشاط المصرفي بشكل كبير، خاصة وأن البنوك طورت الكثير من التقديمات والمنتجات المالية التي يستثمر فيها الكثير من الأشخاص دون أن يفهمونها.
ويبدو أن النقص واضح في المشرّعين القادرين على رؤية الأمور بشكل كلي هذه الأيام، ولم تكن المؤسسات العالمية بدورها بمستوى التحديات المطلوبة، حيث صدرت تعليقات عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمنظمة الاقتصادية للتعاون والتنمية تطال الأزمة، لكن تلك المؤسسات غابت بشكل شبه كامل على مستوى وضع الحلول.

كان هناك جهود في السابق ترمي إلى توسيع مجموعة الدول الصناعية السبع لتضم دولاً نامية مثل البرازيل والصين والهند وروسيا وجنوب أفريقيا، لكن ذلك لم ينجح بسبب رفض بعض الأعضاء، على خلفية القلق من دور الكيانات النامية.


وبشكل عام، فإن أهم ما سيخرج به العالم بعد انتهاء الأزمة المالية هو ضرورة بدء السعي نحو وضع هيكل لبناء مالي جديد، ويجب أن يكون للصناديق السيادية السريعة النمو في الشرق الأوسط دور في هذه الخطط الجديدة، ورغم أن دول الخليج لا يمكنها طلب مقعد في المنظومة الجديدة بعد، إلا أن أحداً لا يمكنه أن يتجاهل 1.5 ترليون دولار موجودة بين يديها كاستثمارات عالمية.