المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بعد أن تجاوز التضخم 11% والإيجارات 23% .. ما الحل؟



الرويلي
10-09-2008, Wed 8:55 PM
استحوذت الإيجارات وارتفاع أسعار المساكن على النسبة الكبرى من التضخم في السعودية الذي وصل إلى 11.1% لشهر يوليو ، واحتلت الإيجارات المرتبة الأولى في هذا التضخم بنسبة 23.7%.

أن هذا التضخم الذي نشرت تفاصيله (الرياض) أمس الأول، سوف يواصل الصعود، ويتوقع أن يصل إلى 13% في الربع الأخير من العام الجاري.

علاج هذا التضخم المتراكم يكمن في معالجة الشق العقاري. ولكن كيف؟

أن واقع مشكلة ارتفاع أسعار المساكن المعدة للتأجير أو المعدة للتملك، هي تناقص المعروض منها، وتزايد الطلب المصحوب بالنمو السكاني المطرد، إضافة إلى ارتفاع القوة الشرائية خاصة للسعوديين العاملين في القطاع الخاص.

هذه العوامل مجتمعة أدت إلى ارتفاع أو استغلال أو رفع (سمها ما شئت) المنتجات السكنية (فلل ، أراضي، شقق) وهذا الأمر تعزز أكثر بالإعلان عن رفع رواتب العاملين في القطاع الحكومي، (صب الزيت على النار).

بكل بساطة ودون أي فلسفة صحفية أو مصطلحات اقتصادية، وبالرجوع إلى تجارب إقليمية وعالمية، الحل هو: رفع المعروض السكني من خلال أساليب عديدة منها: تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في نشاط الإسكان وفق نظام أحياء مكتملة الخدمات، ودعم الأفراد للبناء الشخصي. (فقط هي أمانة منطقة الرياض التي أخذت مبكرا بهذه الحلول التي تستهدف بناء أكثر من 100ألف وحدة سكنية خلال 5سنوات في الرياض).

أن ارتفاع عدد المنتجات السكنية سوف يدفع المطورين على المنافسة على خفض أسعارها، ورفع جودتها.. وهذه أولى وأهم خطوات معالجة التضخم العقاري.

لم تقتصر مشكلة تأمين مسكن للفرد أو العائلة مشكلة اجتماعية وحسب، بل أصبحت مشكلة دولة وتحولت إلى أزمة اقتصادية، فمعدل التضخم الذي تخطى 11.1% في يوليو الماضي شكل ارتفاع الإيجارات الأثر الأكبر فيه حيث وصلت نسبة الارتفاع إلى أعلى مستوى طبقاً لتقرير مصلحة الإحصاءات العامة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

ووصلت معدلات التضخم في المملكة العربية السعودية في الوقت الحالي، بحسب تقرير أصدره "دويتشه بنك"، إلى مستويات لم يسبق لها مثيل، إذ ان ارتباط الريال السعودي بالدولار لا يترك إلا مجالاً محدوداً فقط لأدوات السياسة النقدية المتاحة للسلطات في سبيل كبح جماح المزيد من الارتفاع في الأسعار، فإن سياسة المالية العامة هي السبيل الوحيد أمام الحكومة للتأثير في إجمالي الطلب.

التضخم - الذي يعد أساس المشكلة - عبارة عن الارتفاع المتزايد في أسعار الإيجارات والسلع والخدمات، سواء كان هذا الارتفاع ناتجا عن زيادة كمية النقد بشكل يجعله أكبر من حجم السلع المتاحة، أو العكس أي أنه ناجم عن زيادة في الإنتاج فائضة عن الطلب الكلي، أو بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، فضلا عن الدور المغذي للتوقعات التضخمية.

واعتبر محللون ماليون أن مؤسسة النقد السعودي نجحت خلال الفترة الماضية في المحافظة على سعر الريال مقابل الدولار في الربع الثالث رغم فارق أسعار الفائدة بين العملتين، الذي ارتفع خلال الربع الأخير من 2007إلى 66نقطة أساس لمصلحة العملة الأميركية مقابل 14نقطة في الربع الثالث. وعزت المؤسسة هذا التباين إلى "السيولة الزائدة بالريال في النظام المصرفي المحلي ونقص في السيولة بالدولار في الأسواق العالمية بسبب أزمة الرهن العقاري في أميركا".

"ساما" قالت انها اضطرت إلى التدخل لتوفير الريال في الأسواق العالمية وشراء الدولار، لمواجهة التوقعات التي تذهب إلى احتمال رفع سعر صرف عملتها بالنظر إلى تهاوي قيمة العملة الأميركية مقابل العملات الرئيسة، وإنها عمدت إلى إجراء عمليات مقايضة النقد الأجنبي مع البنوك المحلية لعدة فترات تصل إلى ستة أشهر بهدف امتصاص السيولة الزائدة بالريال وتوفير الدولار في النظام المصرفي السعودي.

وسجل معدل التضخم أعلى المستويات خلال 30عاماً، بعد أن دفعت الإيجارات وكلفة المواد الغذائية الأسعار للارتفاع في أكبر دولة تصدر النفط في العالم للشهر التاسع على التوالي. وتكافح السعودية التضخم وضغوطه مع ازدهار الاقتصاد مدعوماً بزيادة أسعار النفط إلى نحو خمسة أمثالها منذ عام 2002في ظل ربط عملتها الريال بالدولار الأميركي الذي دفع أسعار بعض الواردات صعوداً.

لقد أظهرت بيانات رسمية لمصلحة الإحصاءات العامة ان تكلفة مؤشر المعيشة في السعودية بلغت 117.3نقطة في 31يوليو مقارنة مع 105.6نقاط قبل عام... ولا تزال السعودية إحدى أبرز الدول الخليجية التي تعاني من تحدي التضخم الذي بات يشكل قلقا متناميا بالنسبة لصناع السياسة المالية في البلاد لاسيما بعد ان أعلنت مصلحة الاحصاءات العامة عن وصول معدلات التضخم إلى أكثر من 11%.

وبحسب هذه البيانات فقد ارتفعت تكلفة الأطعمة والمشروبات بنسبة 16% في يوليو مقارنة مع زيادة 15.8% في يونيو حزيران بينما زاد مؤشر مجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه بنسبة 19.8% مقابل 18.7% في يونيو. وزادت مجموعة الإيجار وحدها 23.7%.

وارتفعت نسبة التضخم الشهرية في السعودية 1.6% في يوليو مقارنة بشهر يونيو حين كان المعدل السنوي 10.6%، وسجل معدل التضخم 10.4% في مايو ايار و 10.5% في ابريل نيسان، وفي يونيو ارتفع 0.5% مقارنة بالشهر السابق وكان قد انخفض 0.2% في مايو وارتفع 0.9% في ابريل،

وآثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والإيجارات داخل السعودية قلقا متزايدا لدى المستهلكين خصوصا الطبقات المتوسطة التي بدأت تشكو من أوضاعها المعيشية.

وعلى الرغم من أن سوق العقارات في السعودية تشهد نموا لافتاً إلا انه يشهد نقصاً في المعروض مقابل المطلوب ما ساعد في تصاعد معدلات التضخم. وأدى نمو السوق أيضاً إلى ارتفاع كبير في حجم الاستثمارات العقارية التي تزيد عن 1.4تريليون ريال ما يجعل السعودية تحتل المرتبة الثانية كأكبر سوق عقاري في العالم. وتحتاج السوق إلى إيجاد شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص لتهيئة شركات التطوير العقاري لتوفير المسكن المناسب للمواطن، كما تحتاج لإيجاد آليات تمويل متطورة لتمويل المشاريع الإسكانية المقدرة بإجمالي يزيد عن 2.4تريليون ريال في العشرين سنة المقبلة.

يشتمل القطاع العقاري على مجالات عدة منها السياحي والديني والتجاري والاستثماري والإسكاني والتمويلي، يشكل القطاع السكني منها 70% من القطاع العقاري الذي يعتبر الثاني من حيث الحجم بعد قطاع النفط والغاز. وعلى الرغم من ان القطاع كبير إلى أنه الفجوة كبيرة بين العرض والطلب إذ قدرت دراسة أعدها القطاع الخاص الفجوة بين المطلوب والمعروض من الوحدات السكنية سوقياً في الفترة 2005إلى 2010بنحو 508.842حدة سكنية حيث يصل متوسط الطلب في هذه الفترة إلى نحو 1.080.630وحدة سكنية مقابل عرض يصل إلى نحو 571.788وحدة سكنية مما يشكل فرصة استثمارية كبيرة يمكن أن تتحول إلى أزمة إسكانية حادة إذا لم يتداركها بمعالجة العوائق وتعزيز الحوافز للمستثمرين.

وتدرك الدولة حجم الطلب على الإسكان كما تدرك أيضاً عدم استطاعتها توفير هذه الكميات الكبيرة من الوحدات السكنية من دون مشاركة القطاع الخاص، وهذا ما أكدته في خطة التنمية الثامنة. وبالرغم من ذلك فإن القطاع الخاص ليس جاهزا للقيام بهذا الدور، إلا بمساندة الدولة عن طريق تهيئة البيئة الاستثمارية المحفزة له للاضطلاع بهذا الدور من منظور تجاري. وتحتاج جاهزية القطاع الخاص إلى إيجاد شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص.

وتواجه شركات المسكن الميسر والاقتصادي في السعودية، معوقات كبيرة أبرزها ارتفاع أسعار الأراضي الذي تسبب في تغيير جدوى الدراسات التي أقامتها شركات المسكن الاقتصادي والشركات العقارية التي تسعى لإيجاد مساكن اقتصادية مختلفة، نتيجة الحاجة التي ظهرت للمساكن، إضافة إلى إعادة التوازن للإيجارات التي ارتفعت بسبب شبح التضخم الذي يجتاح البلاد.

وتشهد المدن والمجمعات القائمة في المملكة تطوراً كبيراً، وتركز على مشاريع المدن الاقتصادية الجديدة التي ترعاها الدولة التي تبلغ كلفتها 15مليار دولار. وستتضمن جميع تلك المشاريع تطوير عقارات تجارية وأخرى سكنية، حيث من المتوقع أن ينتقل إليها 1.5مليون شخص على المدى المتوسط وثلاث مرات ضعف هذا العدد مع العام 2020.

وتسعى العديد من الشركات السعودية إلى الاستفادة من هذه المشاريع، ما يتوافق مع توجه الدولة إلى تأسيس مبانٍ مرتفعة اهتماماً من قبل الشركات خصوصاً في جدة وذلك لتطوير مواقع مطلة على البحر الأحمر.

وخصصت الدولة 25مليار ريال من ميزانيتها للعام الحالي 2008تدفع للصندوق السعودي للتنمية العقارية على مدى خمس سنوات، وبدأ الصندوق في تحويل هذه المبالغ إلى قروض يستفيد منها المواطنون مباشرة وسيستفيد من الدعم الحكومي أكثر من 83ألف مواطن بواقع 16ألف قرض ستقدم سنويا. وتسعى الدولة من خلال الميزانية العامة إلى مواصلة دعم مؤسسات الإقراض الحكومي، عبر تعزيز موارد صندوق التنمية العقارية، وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد أصدر إعفاء لجميع المتوفين من سداد قروض الصندوق. ولن تؤثر تلك الإعفاءات في رأسمال الصندوق الذي يستفيد منه المواطنون في السعودية ببناء الوحدات السكنية. وستتولى وزارة المالية تعويض صندوق التنمية العقاري بالمستحقات المطلوبة على المتوفين، بعد التأكد من معلوماتهم، وبذلك لن تتأثر دورة رأسمال الصندوق وتستمر عملية تقديم القروض للمواطنين حسب الجدولة الموجودة لدى الصندوق.

وتشهد المدن السعودية، موجة غلاء غير مسبوقة في كافة أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية، وقد زاد هذا الارتفاع الكبير في الأسعار من الأعباء والمطالب التي تواجه أرباب الأسر من الموظفين وذوي الدخول المحدودة، فضلاً عن شريحة البسطاء الذين يمثلون غالبية السكان، خاصة مع بداية شهر رمضان المبارك الذي يشهد تزايدا للاستهلاك والأسعار.

ولا تزال التصريحات الرسمية لتفسير ظاهرة التصاعد الكبير في أسعار المواد الغذائية وإيجارات المساكن المسبب الرئيس للتضخم متناقضة إلى درجة أثارت ارتباكا لدى الرأي العام، ففي الوقت الذي ينتقد فيه البعض موجة ارتفاع الأسعار على اعتبار انها غير مبررة على الإطلاق، يرى آخرون "ان الأسعار منطقية إذا قورنت بتأثيرات السوق العالمي".

وحاولت الحكومة السعودية مواجهة تأثير الأسعار الصاعدة على سكانها من خلال إجراءات بينها منح علاوات غلاء معيشة للعاملين في القطاع الحكومي وتقديم إعانات اجتماعية ودعم بعض الأسعار، لكن مثلها مثل بقية جيرانها في منطقة الخليج العربي فإن ربط الريال السعودي بالدولار الأميركي يرغم السعودية على أن تحذو حذو السياسة النقدية الأمريكية في وقت يخفض فيه مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأميركي" أسعار الفائدة لتفادي انحسار اقتصادي.

ويحد ربط الريال السعودي بالدولار من قدرة المملكة على مواجهة التضخم، وكان وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف قد أكد لأعضاء مجلس الشورى خلال جلسة استضافة فيها مجلس الشورى لمناقشة التضخم، أنه ليس من المصلحة خفض قيمة الريال أمام الدولار، مشيراً إلى أن قرار فك ارتباط الريال بالدولار "قرار اقتصادي لا سياسي"، لافتاً إلى أن المملكة ستبقي سياستها في مجالي النقد وسعر الصرف من دون تغيير في الوقت الحالي. ووعد بالتصدي للتضخم المرتفع في البلاد. وقال: "سيلمس المواطن الحلول التي تتبناها الحكومة لمواجهة التضخم، الذي سيتراجع معدله خلال الأشهر المقبلة".

ويعتبر التضخم نتاجاً لعوامل اقتصادية متعددة، قد تكون متعارضة فيما بينها، فالتضخم ظاهرة معقدة ومركبة ومتعددة الأبعاد في آن واحد ناتجة عن اختلال العلاقات السعرية بين أسعار السلع والخدمات من ناحية، وبين أسعار عناصر الإنتاج (مستوى الأرباح والأجور وتكاليف المنتج) من جهة أخرى. كما أنه انخفاض قيمة العملة مقابل أسعار السلع والخدمات، والذي يعبر عنه ب"انخفاض القوة الشرائية".

وتشير دراسات إلى أن السعودية أقل دولة خليجية لديها نسبة تملك مساكن، حيث يمتلك نحو 22في المائة من المواطنين السعوديين مساكن. في حين تصل هذه النسبة إلى 90في المائة في الإمارات و 86في المائة في الكويت. وفي دراسات أخرى، يظهر أن 55في المائة من السعوديين لا يستطيعون تملك منازلهم من دون مساعدة مالية، كما أن أكثر من نصفهم يقطنون مساكن مستأجرة، علما أن أكثر من 75في المائة من المجتمع هم من فئة الشباب أقل من 30عاما، ما يستدعي التوسع في التمويل العقاري.

ويعد قطاع العقارات في السعودية احد أهم الفرص الاستثمارية المتميزة، من حيث ترتيب الأولوية لدى الكثير من المستثمرين، حيث تستعد السوق العقارية في السعودية للظهور من جديد كإحدى أفضل القنوات الاستثمارية بين الأسواق التجارية. ويتمتع السوق العقاري السعودي بارتفاع قيم السيولة المستثمرة الداخلة والتي ترتفع باستمرار تبعا لارتفاع الطلب على كل مكونات النشاط العقاري، إضافة إلى أن النشاط العقاري لدى المملكة يعتبر من أفضل الفرص الاستثمارية التي يتوجب استغلالها لما تحتويه من عوائد مرتفعة عند ارتفاع درجة الأمان المصاحبة للاستثمارات.

وشدد خبراء اقتصاديون على أهمية توجه الدولة لضبط العوامل المتاحة على الأقل لإيقاف ارتفاعات مؤشر التضخم في البلاد لاسيما وأن هناك خيارات يمكن التعامل معها داخلياً في الوقت الذي يمكن فيه تلمس الأعذار لبعض العوامل الخارجة عن التحكم والإرادة. وقالوا إن مؤشر التضخم سيمضي قدماً ليحقق معدلات أعلى مما هو مسجل وهو الأمر الذي لا بد أن يوافقه تحرك داخلي من قبل السلطات الاقتصادية والمالية في البلاد منها زيادة جرعة ضبط السيولة وتوافرها داخل البلاد، إضافة إلى ما هو معمول به حالياً من زيادة نسبة الاحتياطي القانوني لدى البنوك وكذلك استمرار سياسة الترشيد في الإنفاق الحكومي.

وتشهد العاصمة الرياض وباقي المحافظات السعودية، موجة غلاء غير مسبوقة في الإيجارات ومواد البناء والشقق السكنية وأسعار الأراضي السكنية والتجارية كافة أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية، وقد زاد هذا الارتفاع الكبير في الأسعار من الأعباء والمطالب التي تواجه أرباب الأسر من الموظفين وذوي الدخول المحدودة، فضلاً عن شريحة البسطاء. وبدت التصريحات الحكومية لتفسير ظاهرة الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية متناقضة إلى درجة أثارت ارتباكا لدى الرأي العام.

من جهتها، أكدت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) أن هناك عدة عوامل قد تساعد على استمرار الضغوط التضخمية بشكلٍ عام خلال الفترة القادمة والتي تتمثل في العوامل المحلية، حيث لا تزال وتيرة الإنفاق الحكومي في ازدياد يضاف إليها الإنفاق الأهلي خاصة خلال فترة المواسم والأعياد التي تقع في الربع الثالث هذا العام، الأمر الذي سيعزز جانب الطلب على كافة السلع خاصة الغذائية والخدمات وقد يؤدي إلى المزيد من الضغوط التضخمية في الاقتصاد.

وفي المقابل، شهدت بعض الدول العربية تضخما يزداد حدة يوما بعد يوم وذلك يصبح الآن بؤرة تهتم بها وسائل الإعلام والأحوال في الدول العربية الأخرى باستثناء الدول الخليجية لا تدعو إلى التفاؤل ايضا. حيث شهدت مصر تنمية اقتصادية جيدة خلال العامين الأخيرين، يتوقع الخبراء ان ينمو اقتصادها في هذا العام بنسبة نحو 8% ، ولكن حالة التضخم تظل تقلق الناس دائما. اظهر احدث الإحصاء الوارد من مديرية الإحصاءات المركزية المصرية أن نسبة التضخم الحضرية المصرية صعدت من 19.7% في مايو إلى 20.2بالمائة لتصل إلى مستواها الأعلى قرابة العشرين سنة الأخيرة. ويرجع السبب الرئيسي في نسبة التضخم العالية التي واجهتها بعض الدول العربية هو: اولا، ان بعض الدول ألغت علاوة وقود مؤخرا مما ادى الى الارتفاع الحاد لأسعار الوقود وارتفاع نسبة التضخم ارتفاعا عاليا، ثانيا، ان النقد في العديد من الدول الخليجية المنتجة للنفط يرتبط بالدولار الامريكي، وجعل انخفاض سعر الدولار الامريكي اسعار واردات هذه الدول ترتفع بصورة متواصلة، لتقلل الارباح الناجمة عن صادراتها من النفط تقللا كبيرا.

تحت ظل هذه الظروف الصارمة، وضعت الدول الخليجية سياساتها المعنية واحدة بعد اخرى، لكبح التضخم. اذ تبنت الحكومة السعودية 17قرارا تتعلق بالتنمية الاقتصادية وحياة الشعب، مستعدة لبذل اقصى جهودها لتسيطر على ارتفاع نسبة التضخم.

اضافة الى ذلك، خففت حكومات بعض الدول حدة الضغط المفروض على عامة الناس عن طريق تقديم العلاوات وزيادة الرواتب. على سبيل المثال، زادت الامارات العربية المتحدة رواتب الموظفين بنسبة 70بالمائة، كما زادت مصر رواتب الموظفين الحكوميين بنسبة 15بالمائة، وقدمت علاوات اللوازم المعيشية الاساسية بالاضافة الى خفض الرسوم الجمركية للدواجن المستوردة، وحظرت تصدير الاسمنت والأرز لضمان قضاء اهاليها فترة التضخم بسلاسة. ولكن، هل تساعد هذه الاجراءات في خفض نسبة التضخم، وذلك لا يزال بحاجة الى المراقبة.

والتضخم بالنسبة للبعض ظاهرة نقدية فقط. وبالنسبة للبعض الآخر انعكاس للتناقضات الرأسمالية. والبعض يرى فيه مرضاً اقتصادياً في حين يرى فيه البعض الآخر علامة لمشكلة اجتماعية تتمثل برغبة الكثيرين بالاستهلاك أكثر من العمل. ومعنى التضخم تخفيض قيمة النقد وازدياد كمية النقد التي يتداولها الناس بسرعة أكبر من تزايد السلع التي يستطيعون شراءها وتتضح حالة التضخم عندما يستهلك الأفراد أكثر مما يشتغلون . وعندما يكون هناك تضخم، تتسع فكرة الاقتراض من أجل البناء أو شراء الأرض بشكل خاص.

ويمكن وضع بعض المعايير البسيطة لتحديد اللحظة التي يصبح فيها ارتفاع الأسعار تضخمياً فقبل كل شيء، هناك تضخم عندما ترتفع الأسعار الوطنية بشكل أسرع من ارتفاع الأسعار العالمية ففي هذه الحالة تكبح الصادرات وتسهّل الواردات ويخشى في نهاية الأمر من تراجع احتياطي العملات وتوسع عجز الميزان التجاري. ويصاحب ارتفاع معدلات هناك تضخم إلى جانب ارتفاع الأسعار مظاهر اقتصادية واجتماعية غير عادية، حيث لا تكون هناك مصلحة في الاستثمار في المشاريع الإنتاجية فتتجه الرساميلة إلى المضاربة بأرباح كبيرة وفورية، إضافة إلى أن التضخم يصعب مسألة زيادة الدخول على الأشخاص المسنين وصغار المستخدمين موظفي الدولة ويقلل من إمكانياتهم في المحافظة على قدرتهم الشرائية.



الرياض السعودية

(ابو وسن)
10-09-2008, Wed 9:03 PM
جريدة الرياض لا يوخذ منها شيء في المواضيع الاقتصادية ابدا
الوضع تغير الان وبدأ البيع ماركت في العقارات