المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تنظيم السيولة هو الإصلاح الحقيقي للسوق



الرويلي
06-08-2008, Wed 2:44 PM
محمد سليمان العنقري

منذ أشهر عديدة وسوق المال السعودي بانحدار مستمر يرافقه تراجع كبير بمعدلات السيولة اليومية إلى أن وصلت دون 4 مليار ريال وإذا كانت الأسباب متعددة ما بين عوامل خارجية وتنظيمية تحاول هيئة سوق المال من خلالها إيصال السوق إلى الكفاءة بكل جوانبها إلا أن استمرار ارتفاع تحكم القرار الفردي بمسار السوق يجعل من عمليات التنظيم والتطوير ضعيفة الأثر على المدى القصير والمتوسط فما زالت المحافظ الكبيرة التي تعتبر صانعة للسوق فردية وبالتالي هي تتعامل مع التنظيمات وفق رغباتها ومصالحها فقرار الكشف عن كبار الملاك أوضح عن رغبة جامحة لدى الأفراد لإخفاء أسمائهم من خلال إعادة توزيع مراكزهم في العديد من الشركات وقد يكون أغلبها صغيرة إلى متوسطة الحجم.

ويطرح هذا الانحدار الذي يعيشه السوق هذه الأيام وغيره من الفترات التي تزامنت مع تطبيق العديد من الأنظمة كنظام تداول الجديد وإعادة هيكلة القطاعات وغيرها أسئلة عن مدى جدوى تطبيق الأنظمة وتطوير آليات السوق إذا كانت القوى المحركة له مزاجية ومصالح ترغب بأن يكون السوق متماشياً وفق ما يحقق أهدافها بمعزل عن أهمية تطوير السوق وتحويله إلى واجهة حقيقية للاقتصاد السعودي ومصدر جذب للاستثمار من الداخل والخارج وإذا استثنينا المستثمرين الإستراتيجيين فهم لا يتعاملوا مع السوق يومياً بل هم أصحاب مراكز ذات نفس طويل جداً.

فإن الفئة التي تحرك السوق وترفع مستويات التدوير فيه يومياً أغلبهم أفراد وينقسمون إلى فئتين فقط ما بين أصحاب محافظ ضخمة وأصحاب محافظ صغيرة أتخمت بالخسائر جراء استمرار تحكم الفئة الأولى بمسار السوق في مراحل عديدة خصوصاً الآونة الأخيرة.

ويبدو أننا اليوم أصبحنا بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الإصلاح الأهم بتركيبة المتداولين وإعادة توزيع خريطة القوى المؤثرة بالسوق فلا يمكن أن ينشط أي سوق بالعالم بدون السيولة واستمرار وضعها على هذا التوزيع المضر بالسوق لن تجدي نفعاً كثرة الأنظمة ما لم تتعدد القنوات المالية الفاعلة بتعاملات السوق وإذا كانت مؤسسات الوساطة الجديدة أحد الحلول التي يمكن معها تفعيل التقدم نحو الاستثمار المؤسسي من خلال زيادة عدد الصناديق الاستثمارية إلا أن ضعف مراكزها المالية حالياً لن يعطي نتائج إلا بعد فترة طويلة نسبياً فمن الضروري اليوم التفكير بدفع المؤسسات المالية الكبيرة بالمملكة وهي التي تملك الحصص الأكبر من حجم السوق بتأسيس أذرعة استثمارية تتفاعل مع تحركات السوق كما يجب فتح تعاملات السوق أمام صناديق المؤسسات المالية العالمية والتي تبدي اهتماماً كبيراً بدخول السوق السعودية فمن غير الممكن أن يبقى السوق تحت رحمة من يرغبون تسيير حركته وفق رغباتهم ويرفضون أو يتعاملون مع التطوير والتحديث الحالي لأنظمة السوق بسلبية مطلقة لأنها ستحاصر تعاملاتهم والتي في أغلبها ذات أهداف قصيرة وأضرار فادحة لن يتعافى منها السوق بسهولة.

السيولة واستقرار معدلاتها أصبحت مصدر قلق لتعاملات السوق المستقبلية ما لم يتم معالجة هذا الأمر بشكل سريع يهدف إلى إعادة التوازن لحركة السوق وإبقاء الأسعار عند مستوياتها العادلة فهؤلاء المتنفذين الحاليين يستفيدون من عدم معرفة الأفراد ضعيفي الخبرة بالأسواق باقتناص أسعار الشركات دون قيمتها العادلة وأيضاً بيعهم شركات فوق قيمتها المستحقة بل وبأرقام فلكية إلى درجة أصبح السوق نشازاً بين أسواق المنطقة دون استثناء.