المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال إقتصادي من سيـاسـي مخضرم !



ماكـرو
06-05-2008, Tue 5:34 AM
هذا القومجي هو من افضل الكتاب السياسيين العرب بثقافته الواسعة وتحليلاته الموضوعية
ودهشت عندما رأيت مقاله اليوم في الشأن الاقتصادي والضغوط التضخمية ودهشت اكثر بعد قرائتي للمقال

لكي لا يغدو الاسبرين علاجا للغلاء
غسان الإمام

كان العجز عن تطوير الاقتصاد في مقدمة أسباب التخلف الاجتماعي وانهيار دولة القرون الوسطى الاسلامية. كان إجلاس التاجر المتلاعب بالأسعار على الخازوق حلا قرقوشيا مُفَضَّلا للمشكلة التموينية.
صدام يكره الموت البطيء بالخوازيق. قراقوش العراق الحديث ارتأى حلا تموينيا أسرع: سارق العلانية يعاقب سارق السر! فقد شنق باقة من التجار الجشعين في التسعينات. قراقوشات العراق اليوم يحاكمون طارق عزيز بتهمة ظالمة بقدر ما هي مضحكة. نسبوا اليه مشاركة قراقوش في إعدام التجار!
ليس غرضي هنا محاكمة الرجل. هذا حديث طويل. إنما أكتفي بالإشارة الى أن حكام العراق الشيعة يريدون الانتقام منه، لأنه نجا من محاولة اغتياله في الثمانينات بدحرجة قنبلة يدوية نحوه خلال زيارته لجامعة عراقية. اتهم صدام «حزب الدعوة» بأنه صاحب القنبلة. فدق المسامير في رأس مؤسسه باقر الصدر (أحد عموم مقتدى). أقول إذا كانت من محاكمة عادلة لطارق. فهي على استخذائه المخزي أمام صدام حسين. كم من امثاله يحيطون اليوم بصنّاع القرار، ويجبنون عن تقديم النصيحة والمشورة الصادقة.
من المشنقة والخازوق الى حبوب الاسبرين كعلاج للتضخم. الليبرالية الاقتصادية العربية عثرت على جملة علاجات سريعة في الصيدلية الرأسمالية. لإسعاد ملايين الأسر المنكوبة بغلاء الأسعار، وجدت الدولة العربية في زيادة الأجور والمرتبات تسوية دعائية تنقذ الراعي ولا تُفني القطيع.
هذه الحبة السحرية تسكّن الألم الجماهيري. حل مؤقت بالاسبرين طالما بقي تجار السلع الأساسية على قيد الحياة وقادرين على رفع الأسعار بعد زيادة الأجور. لست مطالبا بشنقهم أو إجلاسهم على الخوازيق، انما أقول ان الدولة يجب ان لا تكون جمعية خيرية توزع المنح والهبات. العلاج بالاسبرين سخرية من دافعي الضرائب. الدولة تعطي العاملين باليد اليسرى مما تجبيه منهم باليد اليمنى من ضرائب ورسوم.
دعم الأسعار حل أفضل، وربما فيه عدل أكبر. لكنه أيضا علاج بالاسبرين. الدولة تقدم السلع الأساسية بسعر أرخص، وتدفع من جيبها فرق الكلفة. الدعم نوعان: دعم أوسع يشمل المواطنين جميعا. ودعم أضيق يُمنح للفقراء فقط بالبطاقة التموينية. لكن مجال الاحتيال لاستخدام البطاقة أوسع. والدولة موزع وموصل سيئ. الرغيف الرخيص المدعوم حكوميا تسبب بنشوب حروب نووية بين المصريين الصابرين المنتظرين أمام المخابز.
جيب الدولة هنا هو ميزانيتها المالية التي تتحمل عبء الدعم. لا أدري ما إذا كان الرئيس مبارك مطلعا على نظريات جون مينارد كينز. كان أكبر عقل اقتصادي في القرن العشرين يدعو الحكومات الى عدم التخوف من عجز الميزانية. الرئيس المصري يفضل ان تتحمل الميزانية عبء دعم السعر، أيا كان الإرهاق للجيب الوحيد للدولة.
لتغطية عجز الميزانية، أقنع مفكرو الليبرالية الرأسمالية ليدي ثاتشر بممارسة التمليك الخاص. تستطيع الدولة ان تمارس «الستربتيز». بدلا من الاستدانة واصدار السندات، تبيع الدولة شركاتها وأطيانها وأملاكها. المُخَرِّف ريغان أعجب بستربتيز ثاتشر. قال إن الدولة المهيمنة على الاقتصاد هي الداء وليست الدواء.
كان الاعتذار عن «الخصخصة» بادعاء الرأسمالية ان الدولة تاجر خاسر ومدير أعمال سيئ. قالت ان الغرض تمليك صغار المساهمين أسهم شركات القطاع العام المباعة. الذي حدث ان أسماك القرش التهمت أسهم الشركات بسعر التراب، تحت الماء مع «شركائها» في السلطة والدولة.
جاءت العولمة بالحرية الاقتصادية. باتت الدولة حرة في تدليك وتدليع القطاع الخاص. في غياب رقابة الدولة أو هشاشتها، انفلت القطاع المالي والمصرفي من كل ضوابط نظرية أو أخلاقية. في العالم العربي، أدى تدليل الدولة للقطاع الخاص إلى انفلات مشابه بوجوه مختلفة: تسريح لعمال الشركات. هضم حقوق العاملين في الأجور وساعات العمل. احتيال على ضمانات وتأمينات التقاعد.
كانت المرأة العاملة الضحية الأكبر. أجرها أقل والجرأة على التحرش بها أكبر. تأميم «نقباء» الأمن لنقابات العمال حرم العاملين من مدافع حقيقي عنهم، فيما انعدمت الرقابة الحكومية على شروط وظروف العمل. مأساة الحريق الصناعي في الدار البيضاء دليل وشاهد على عدم فهم القطاع الخاص للدور الاجتماعي والأخلاقي للعمل الحر. الأزمة الاقتصادية العالمية كشفت مدى عجز الأمن الغذائي العربي. العرب من أكلة الخبز بعد فقدان اللحم. بات الحصول على الرغيف كفاحا يوميا شاقا وأحيانا خطرا. الانفلات الاخلاقي والخوف من الاعتماد على النفط العربي دفعا بالدول الكبرى المالكة لمخزون القمح والحبوب إلى تحويله إلى مادة لإنتاج النفط (إيثانول) مسببة تلويثا أكبر للبيئة، ومتجاهلة حاجة ملايين الفقراء في العالم إلى غذاء متوفر ورخيص. للتستر والتغطية، تبرع بوش بـ750 مليون دولار لهؤلاء البائسين، لكن طالب بسبعين مليار دولار، كتمويل إضافي لاستمرار حملة ذبح العراق.
في غياب التخطيط العربي المشترك لزراعة الأرض الزراعية، السودانية مثلا، يضطر الرئيس مبارك إلى القيام بنفسه بجهد فردي لشراء القمح من فرنسا وآسيا الوسطى، وتأمين ستة ملايين طن من القمح سنوياً، لإطعام 75 مليون مصري يتزايدون شهريا بواقع مائة ألف انسان. مع ذلك المعارضة الشعبوية والصحافة الغوغائية لا ترحم إنسانا يطل على عامه الثمانين.
قد تقول لي، قارئي العزيز، انك وصفت الدواء فما هو العلاج؟ لكي لا يغدو الاسبرين علاجا للتضخم والأزمة الغذائية العربية، أقول ان الاستثمار في الانسان علاج بطيء، غير مرئي دعائيا، لكنه هو الأجدى على المدى . أعني تحسين وتوسيع الخدمات الصحية والتعليمية الحكومية، وتخفيض الإنفاق الواسع على الخدمات الأمنية والمخابراتية. يمكن تشغيل ألوف الأطباء والمهندسين والخريجين العاطلين عن العمل، لا بد أيضا من ضمانات حقيقية لشيخوخة أجيال عاملة أو عاطلة عن العمل (نسبة البطالة العربية الحقيقية تزيد عن 25 بالمائة).
هناك ضرورة لرد الاعتبار لقيم العمل الزراعي والريفي، لتخفيف الضغط عن مدينة عربية باتت متخمة بالنازحين واحزمة البؤس. الاستثمار في الزراعة مربح، ربما أكثر من قطاع الخدمات (الفنادق الفارهة). هناك ضرورة لإحياء الضمير الاجتماعي، وتأهيله بثقافة التكافل والتضامن، للحد من شراهة المنافسة الفردية التي أحيتها موجة الليبرالية الاقتصادية.
يمكن إقامة حوار سلمي بين الدولة وغرف التجارة والصناعة، وجمعيات حماية المستهلك، واتحادات نقابات العمل، حول كيفية معالجة ومراقبة أسعار الغذاء، من دون مشانق وخوازيق. عمدت آخر حكومة اشتراكية في فرنسا إلى الزام المتاجر الغذائية والاستهلاكية الضخمة بالإعلان عن أسعار شرائها للسلع الأساسية، لكي يعرف المستهلك ما تجنيه من ربح بين عملية الشراء بالجملة والبيع بالتجزئة.
أخيرا أدعو خبراء الطاقة والاقتصاد إلى كشف سذاجة ادعاء نجاد وشافيز والقذافي بإمكانية توزيع عوائد النفط بشيكات على المواطنين. أيضا، تستطيع المصارف الإسلامية تقديم أكثر من حبة اسبرين للمؤمنين. تستطيع تقليد الاقتصادي البنغلاديشي محمد يونس، بمنح قروض ميسرة لرجال أعمال من الفقراء، ذلك أفضل عند الله من هبة تطعم جائعا اليوم، ولا تضمن حياة كريمة له غدا.
المصدر: http://www.asharqalawsat.com/leader.asp?section=3&issueno=10752&article=469582

افكار محمد يونس البنغلاديشي الحاصل على جائزة نوبل: شركات على غرار الجمعيات الخيرية:

الافكار بإختصار شديد:
http://www.youtube.com/watch?v=0C3XQ3BTd4o

الافكار بالتفصيل والصور:

http://www.youtube.com/watch?v=E615UKQWAWo
http://www.youtube.com/watch?v=CKD8zR7thMI
http://www.youtube.com/watch?v=TeOP_DXyqt8

الفأل الحسن
06-05-2008, Tue 7:21 AM
العالم ينتحر كاحد الحلول المطروحة.
لا سبيل للخروج من الازمة الا بالرجوع الى الله .
العالم كله حتى في بلاد المسلمين يغفل عن ان لهذا الكون خالق واحد وهو المدبر وهو المقدر للاقدار.
انسان اليوم يعتمد على منتجات عقله بمعزل عن الخالق المدبر الوهاب ( اولئك الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا)

سراب سهم
06-05-2008, Tue 7:33 AM
عين العقل

تصدق ومنذ فترة ليست قصيرة ... أحلم بامتلاك مزرعة والقيام عليها بنفسي حتى لو كان هذا شاقاً ,,,, ولكن نبقى للأسف أسرى لحياة الرفاهية

ماكـرو
06-05-2008, Tue 8:26 AM
اخي الفال الحسن: شكرا لمداخلتك وجزاك الله خير واتفق معك
اخي سراب سهم: رايت مقابلة رجل اعمال امريكي كبير وشريك سابق لجورج ساورس قال فيها للصحفي: لا تدرس Mba ، تعلم كيف تكون مزارع او تعلم لك صنعة يدوية !!

thedeaf
06-05-2008, Tue 10:50 AM
نعم .. يجب استثمار الانسان ... كما ذكر
مقال رائع ..شكرا اخي الجبسه