المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جدل بريطاني حول النية لإصدار سندات إسلامية حكومية



Alfahhad
21-03-2008, Fri 11:51 PM
"الاقتصادية" من لندن - 14/03/1429هـ

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

عاد الحديث عن الشريعة الإسلامية في بريطانيا إلى الصحف مجددا، هذه المرة في صفحات الاقتصاد وتحديدا منذ إلقاء اليستير دارلنج وزير الخزانة البريطاني بيان الميزانية في مجلس العموم الأسبوع الماضي.
ومع أن الوزير لم يذكر في خطابه البرلماني سوى الخطوط العريضة وبعض التفاصيل حول الضرائب والرسوم التي تهم الناس، إلا أن الصحف فتشت في مشروع الميزانية.
الأسطر القليلة في مشروع الميزانية الذي يضمه مجلد ضخم هي عن عزم حكومة رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون إصدار صكوك إسلامية لتمويل الميزانية العامة للدولة. ومع الزيادة الكبيرة في الدين الحكومي الذي وصل إلى 70 مليار دولار تحتاج الحكومة إلى بحث سبل تمويل للعجز بأشكال مختلفة.
وسبق أن أعلن أن الحكومة البريطانية تبحث إصدار صكوك، لكن الإعلان عن ذلك في الميزانية جاء بعد جدل حامي الوطيس حول تصريحات أسقف كانتربري د. روان ويليامز.
وكان الأسقف قال إن تضمين بعض بنود الشريعة الإسلامية في القوانين واللوائح البريطانية قد يكون أمرا لا مفر منه. وتعرض الأسقف لانتقادات عنيفة، لم تهدأ آثارها حتى الآن وهو ما جعل ذكر الصكوك الإسلامية في الميزانية السنوية الرسمية مثار جدل.
وقد لا تبدو الصكوك غريبة عن بريطانيا، التي تسعى لأن يكون حي المال والأعمال في عاصمتها لندن (سيتي اوف لندن) مركزا لعمليات التمويل الإسلامي الدولية. ويصل حجم سوق التمويل الإسلامي إلى أكثر من ربع تريليون دولار (300 مليار دولار تقريبا) ويتوقع تضاعفه في مدة وجيزة. لكن إصدار الصكوك ـ سندات الدين المطابقة للشريعة الإسلامية ـ اقتصر على الشركات في الدول الغربية، ومن ثم قد تكون الحكومة البريطانية أول حكومة غربية تصدر صكوكا، ربما تليها اليابان وتايلاند هذا العام.
وتحظى الصكوك، وقضايا التمويل الإسلامي عموما، باهتمام متزايد الآن في الأوساط الغربية مع شدة أزمة الانكماش الائتماني العالمي ومخاوف الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة وربما في العالم.
وفي نهاية الشهر الماضي شباط (فبراير)، ومطلع هذا الشهر أصدرت مؤسستا التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز وموديز تقريرين عن سوق الصكوك يشيران إلى احتمال تضاعف حجمهما في غضون سنوات قليلة.
وذكر تقرير ستاندرد اند بورز، التي تمنح تصنيفا لنحو 22 نوعا من الصكوك أغلبها إيجارة ومشاركة، أن سوق الصكوك تضاعفت العام الماضي إلى 60 مليار دولار، فيما يقدر تقرير موديز أن إجمالي حجم الصكوك بعد نمو العامين الأخيرين وصل إلى 79.3 مليار دولار. وتتوقع موديز نموا في إصدار الصكوك خلال 2008 بما بين 30 و35 في المائة.
ومع تعمق أزمة الإقراض في العالم، يلجأ مستهدفو التمويل إلى أدوات التمويل الإسلامي تلك التي تعد رافعة لاستثمار قدر كبير من الفوائض النفطية في الدول الخليجية. ومن ثم ينتظر أن يتسع سوقها خارج منطقة الخليج والدول الآسيوية إلى الدول الغربية والاقتصاديات الرئيسة التقليدية.
وتحظى الصكوك الإسلامية بتصنيف ائتماني جيد، إذ إنها تخضع لضوابط هيئات شرعية تضم علماء دين يضمنون ألا تمر بعمليات توريق للدين تكشفها على مخاطر كتلك التي أدت إليها أزمة القروض العقارية الرديئة في الولايات المتحدة. فتوريق الدين محظور في إطار قواعد التمويل الإسلامي عامة.
إلا أنه مع زيادة الاهتمام بالصكوك، وخاصة من جانب أسواق دول غير الدول الإسلامية في الخليج وآسيا، يتزايد القلق أيضا لدى هيئات العلماء المشرفة على تلك الصكوك. فالمتمولون الغربيون لا يهمهم كثيرا الالتزام الصارم بقواعد الشريعة بقدر ما يهمهم توافر التمويل الآمن طويل المدى. ويرى بعض العلماء أن بعض أنواع الصكوك، خاصة في دول الخليج، أصبحت تمر بعلميات توريق لا تطابق القواعد الصارمة للشريعة.
وعلى الرغم من تلك الصورة المتفائلة لسوق الصكوك الإسلامية، لا يمكن تجاهل تعرضها لبعض آثار أزمة الانكماش الائتماني العالمي في الأشهر الأخيرة. فقد أُجلت عدة إصدارات للصكوك بسبب التضييق في شروط الاقتراض والتمويل عموما في أعقاب انهيار سوق العقار الأمريكية وانكشاف البنوك ومؤسسات المال والتمويل على مخاطر القروض العقارية الرديئة في السوق الأمريكية.