المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السعودية.. دعوات لتخليص سوق الأسهم من سيطرة "محافظ فوق القانون"



الرويلي
19-03-2008, Wed 2:55 PM
البوعينين والبدرة: هذه المحافظ موجودة ضمن إطار التحايل واختراق الأنظمة


بشكل أو بآخر، ساهم الفشل المتكرر للسوق السعودية في النهوض من كبوتها، بتحويل همسات المتداولين إلى أصوات أخذت تتعالى شيئا فشيئا، مطالبة بوضع حد نهائي لما يرونها "تلاعبات واختراقات" تدمر كيان السوق وتعمق خسائر المتعاملين على حد تعبيرهم.

وركز هؤلاء على التحدي الأبرز الذي يكمن في وجود ما أسموها "مَحَافظ فوق القانون"، تمارس صفقات بيع وشراء مؤثرة وخطيرة دون أن تخضع للرقابة أو المساءلة، داعين إلى "تخليص السوق من سيطرتها" حالا.

وحرصا على توازن الطرح في هذه القضية الحساسة، كان لا بد لـ"الأسواق نت" أن تستطلع رأي الجهة المعنية أولا، إلا أن محاولات الاتصال المتكررة بهيئة السوق لم تفلح في الحصول على أي تعليق بهذا الخصوص.




خرق لا قفز



من جهته استبعد الكاتب الاقتصادي فضل البوعينين أن تكون هناك محافظ تمارس عملها فوق القانون بالمعنى التقليدي الذي يتصوره البعض، مضيفا أنه إن كان من وجود لمثل هذه المحافظ فهو بواسطة تهربها من القانون وتحايلها عليه بطرق إدارة ذكية، حيث وصلت شلة من المضاربين إلى مستوى احترافي عال جعل من تتبع قيود تداولاتها أمرا عسيرا.

وعن تراجع الدور الذي كان منتظرا من نظام التداول الجديد أن يلعبه في ضبط كل صغيرة وكبيرة، أعرب البوعينين عن اعتقاده بأن حل مشاكل المخالفات والتلاعبات يقوم في جزء غير قليل منه على النظام، إلا أننا لا يجب أن نغفل ضرورة تمتع المتداولين بالأمانة.

وكشف البوعينين عن واحد من أساليب التحايل من خلال اعتماد بعض كبار المضاربين على التداول عبر الإنترنت، وتغيير مواقع اتصالهم بالشبكة كل حين بما يصعب متابعتهم، متوقعا أن يسهم تطوير الكفاءات وتبصيرها بكل خصائص ومزايا النظام الجديد في تقليص المخالفات بصورة ملموسة.

ولأنه حيثما يوجد قانون لا بد أن يكون هناك خارجون عنه، فقد رأى البوعينين أن السؤال الأهم هو: هل كل ما يحصل في السوق من سلبيات مرتبط بهؤلاء الذين يفترض أنهم "فوق القانون والمساءلة؟"، خالصا إلى إجابة مفادها أن معظم ما تعانيه السوق ناجم عن تصرفات أشخاص يحاربون القانون ويخرقونه وليسوا أشخاصا يقفزون فوقه جهارا.




كفاءة الرقابة المالية


وكحلٍّ لهذه الاختراقات ومن باب زيادة ضبطها، اقترح البوعينين عدم الاكتفاء بمتابعة حركة التداولات فحسب، بل دمجها مع مراقبة تناقل الأموال التي تتم بكفاءة عالية داخل المملكة، وتكشف عن أي تحرك للسيولة، وخصوصا عندما يكون غير متلائم مع الجهة المستهدفة، سواء كانت فردا أو مؤسسة.

وأكد البوعينين أن الرقابة على الأموال قد تكشف من الأسرار ما لا تكشفه الرقابة على التداولات، مستشهدا بحالات وُجدت فيها مئات الملايين من الريالات في حساب أناس بسطاء لا تتعدى دخولهم الآلاف، وهذه الرقابة المالية أدت بدورها للتوصل إلى خيوط تتعلق بتداولات الأسهم.

وتقاطعت رؤية المحلل الاقتصادي أمجد البدرة إلى حد بعيد مما ذكره البوعينين، مبينا أن حالات الخروج على أنظمة التداول تأخذ أشكالا مختلفة، ومن ذلك فتح حسابات لأفراد سعوديين أو أجانب بغير أسمائهم الحقيقية، حيث يقوم الشخص الذي فتح الحساب بتزويد المستفيد "المتخفي" بالرقم السري واسم المستخدم ليمارس التداول وكأنه هو الشخص عينه.

ووصف البدرة هذه الحالة بأنها إحدى ضرائب التكنولوجيا التي يصعب تجنب تسديدها، فالبيانات التي تصل إلى نظام التداول لا يمكن أن تفرق بين "زيد وعبيد" ما دام يستخدم نفس الرقم السري واللقب المسجل.



ثلاثية




كما لفت المحلل البدرة إلى أن السيطرة التامة على التداولات أمر غير قابل للتطبيق بحذافيره، مستدلا بما عاين وسمع خلال عمله من حالات "تداول بالوكالة"، حتى إنه عُرض عليه شخصيا إدارة محافظ بملايين الريالات بنفس الطريقة.

وشدد البدرة في حديثه لموقعنا على أن هناك محافظ خارج القانون، ضمن ثلاثة اعتبارات أولها محافظ تستفيد من ضعف عملية الرقابة وعدم تواصلها أحيانا، بحكم أن الرقابة المكثفة والمتواصلة هي عملية مكلفة، وقد تتطلب صلاحيات لا تملكها الجهة المعنية مثل التتبع المباشر لرقم الاتصال وموقعه عبر الإنترنت.

أما الاعتبار الثاني فيحكمه وجود محافظ لأشخاص يصعب الوصول إليهم، بحسب البدرة الذي رفض توضيح هذه النقطة أكثر، منتقلا إلى الاعتبار الثالث مباشرة والذي يقوم برأيه على تضليل جهود الرقابة وتشتيتها عبر استخدام أكثر من موقع ومدينة لتنفيذ الصفقات، رغم أنها تابعة لمحفظة واحدة وشخص واحد.

وأخذ البدرة على هيئة السوق عدم اهتمامها الكافي بما يطرحه الإعلام في هذا الخصوص، مذكرا بأنه تكلم علنا في مقابلة تلفزيونية عن صفقة ملتبسة تمت على 8 ملايين سهم لواحد من أكبر المصارف السعودية، وكانت مكاسبها مليار ريال تقريبا، مطالبا بالكشف عن ملابساتها، إلا أن الجهة المعنية فضلت التحرك باتجاه مضارب آخر.



حتى يكتمل الإصلاح



بالمقابل، أجمع العديد من المتداولين الذين استطلع موقعنا آراءهم تجاه المسألة، أن "تخليص" السوق من المحافظ التي تتحايل على القانون ينبغي أن يكون على رأس أولويات الإصلاح الذي تخطط له الهيئة وتنفذ بعض خطواته، مشيرين إلى أن هذا الإصلاح سيبقى منقوصا طالما بقيت تلك المحافظ خارج إطار المراقبة بل والمساءلة أحيانا.

وقال المتداول عبيد بن ضاحي: كان معظم المتعاملين يتوقعون أن يتزامن تطبيق النظام المطور للتداول مع الكشف عن مزيد من حالات التلاعب وتوقيف أصحابها وتغريمهم، لكن شيئا من ذلك لم يحصل، مبديا أسفه البالغ من "تمادي بعض الهوامير" أكثر فأكثر، في ظل هذا الوضع الذي يشعرهم بأنهم أذكى من كل التقنيات وأعلى من الأنظمة.

وكانت هيئة السوق المالية قد بدأت منذ 20 أكتوبر/تشرين الأول 2007 في تطبيق نظام تداول جديد، أتاح خيارات متعددة في مراقبة الصفقات وإعطاء بيانات واضحة ومحددة بشأن جميع تفصيلاتها.

فيما تمنى المتداول محمد جار الله ألا تترك الهيئة أحدا خارج قبضة المحاسبة، وعندها فقط -والكلام له- سيعود للسوق السعودية اتزانها الذي ما زالت تفتقده، رغم تفعيل كثير من الأنظمة والتحسينات من قبيل زيادة عدد الشركات وإعادة الهيكلة واحتساب المؤشر، والتي لم ولن تغني عن الحزم في التعاطي مع جميع المخالفات دون تمييز.


"الكيماوي"!



واعترض بدر الحامدي على من يتهمون المتداولين بالمبالغة والمجانية في إطلاق الأحكام حول وجود محافظ وأشخاص يمارسون تداولاتهم خارج القانون، قائلا: إنه ما من أحد في السوق إلا ويلمس هذه الظاهرة، ويعلم أن هناك أفرادا لهم قدرات مالية جبارة تتحكم في مسار سوق الأسهم، حتى وصل الأمر بالمتداولين إلى تسمية أحدهم "الكيماوي"، لسطوته وقوة نفوذه، وهو نفس اللقب الذي كان يطلق على أحد أشد رجالات "صدام حسين" دموية وبأسا.

وفي ظل ظروف نقص الشفافية فإن الأرقام عن عدد وحجم المخالفات المرتكبة داخل السوق السعودية تبدو شحيحة جدا، علما أن الإعلام المحلي ينشر بين الحين والآخر معلومات غير مؤكدة عن متابعة هيئة السوق لعشرات قضايا التلاعب، إلا أن الإعلان الرسمي عنها يبقى محدودا.

وتعود آخر مرة أعلنت فيها الهيئة عن إدانة متلاعبين وتغريمهم إلى أواخر يونيو/حزيران 2007، حين ألزمت 4 مخالفين بسداد حوالي 12 مليون ريال، فيما شهدت نهاية 2006 واحدة من أبرز حالات التغريم قضت على مخالف واحد بدفع 90 مليون ريال (الدولار يساوي 3.75 ريالات).




http://www.alaswaq.net/articles/2008/03/19/14717.html