الجبل
18-03-2008, Tue 6:14 PM
!http://www.aleqt.com/nwsthpic/120446.jpg
- عبد العزيز محمد الطلاس - 11/03/1429هـ
وصلت أسعار القمح في الأسواق العالمية إلى مستويات قياسية بلغت نحو 2500 – 3000 ريال للطن واصل الموانئ السعودية، أي ثلاثة أضعاف السعر الذي تدفعه الصوامع للمزارع السعودي.
وهذا معناه أن الدولة أعزها الله ستدفع ستة مليارات ريال لشراء مليوني طن هي الكمية التي نستهلكها من القمح، وبزيادة قدرها 3 – 4 مليارات ريال ستذهب للمزارع الأمريكي والأسترالي والكندي وغيرهم. وعلى مدى عشرة أعوام سندفع فرقا قدره 40 مليار ريال. أي ميزانية دولة من دول العالم الثالث.
هذا على افتراض أن الأسعار العالمية ستقف عند هذا الحد. مع أن جميع المؤشرات تقول غير ذلك. أي أنه ليس هناك من يستطيع التنبؤ بالحد الذي ستقف عنده الأسعار العالمية للقمح نتيجة الظروف العديدة المتداخلة والمعقدة التي يمر بها العالم خلال المرحلة الحالية والمقبلة.
مما ينذر بشح في العرض وزيادة في الطلب على القمح تفرض قيوداً على التجارة العالمية للقمح وتجعل بيعه وتصديره يخضع لشروط واعتبارات عديدة وربما تجعل الكميات التي تتم تلبيتها من طلبات الدول محدودة بغض النظر عن الأسعار التي يمكن عرضها. وهذا ما حصل أخيرا لدولة مثل مصر حين اشترت بسعر 650 دولارا للطن. ولم تستطع الحصول على كامل احتياجاتها. مما جعلهم يشعرون بالقلق من توقف زراعة القمح في المملكة ودخولها منافسا على الشراء في الأسواق العالمية.
ولكي ندرك درجة الخطورة والمغامرة التي ندفع البلد لها بإيقاف زراعة القمح في هذا التوقيت فإننا نشير إلى تقرير نشر في "الفاينانشيال تايمز" البريطانية، ينقل تصريحات لمسؤولي وكالة زراعية تابعة للحكومة الأمريكية يؤكدون فيه توجه المملكة نحو إيقاف زراعة القمح.
بل ويحددون نسبة الخفض السنوية البالغة 12.5 في المائة. يتم تعويضه سنوياً بالاستيراد، الذي سيضعنا في أعلى قائمة المشترين في هذا العالم. وهو ما يفسر لنا وللقارئ الاهتمام الكبير بخططنا. إذ سنتحول إلى زبائن كبار لمزارعي القمح الأمريكي.
وهذا ما يؤكد لنا ولغيرنا نظرية المؤامرة، بغض النظر عن مصدرها ومن وراءها. والتي قد تدخل المملكة في أزمة كبيرة نتيجة النقص في الكميات المتاحة من القمح والدقيق.
حتى ولو رفعنا كمية المخزون الاستراتيجي من القمح إلى عامين كما يشير معالي وزير المياه، حفظه الله، ورغم التكاليف الباهظة التي ستترتب على رفع المخزون التي ولا شك ستصل إلى عشرات المليارات التي ستضاف إلى المليارات التي سيتم دفعها سنوياً للاستيراد.
وبعد هذه المقدمة المتشائمة ولا شك. فإننا هنا سنطرح تساؤلاً نصر على الحصول على إجابته. ألا وهو: كيف تم التوقيت لقرار وقف الزراعة؟ وما الدوافع والمبررات التي جعلتنا نختار هذا التوقيت الذي يمر فيه العالم بمرحلة المجهول، لكي نوقف زراعة القمح في المملكة؟
ومن وراء هذا التهويل غير المبرر الذي يوحى للمسؤولين بأن مخزون المملكة من المياه سينضب لو لم توقف الزراعة تماماً خلال هذه الفترة، وأنه من المستحيل دراسة ومناقشة أي حلول أو طروحات بديلة توفيقية توصلنا إلى مرحلة توازن وتجعلنا نتفادى أزمات لا يمكن التنبؤ بعواقبها .
وهذا يذكرنا بالهالات الإعلامية التي صاحبت دخول الألفية الثالثة، ودفعت العالم لصرف المبالغ الطائلة. والتي تبين فيما بعد أنه لم يكن من مبرر لها. ثم بعد ذلك أتت إنفلونزا الطيور وما صحبها من تهويل دفع الكثير من الدول لشراء كميات من مخزون الأدوية التي لم يستخدم إلا جزء يسير منها. ثم تبين فيما بعد أن عدد الوفيات من الإنفلونزا البشرية تفوق بعشرات الأضعاف عدد وفيات إنفلونزا الطيور.
إن الخطر من وقف الزراعة يأتي من جانبين كلاهما أكبر وأشرس من الآخر.
الأول هو الجانب الأمني والاجتماعي الذي تطرقنا إليه في مقالنا السابق والذي سيطول معظم المناطق الزراعية وغير الزراعية.
والآخر هو الأمن الغذائي الذي عايشنا جانباً يسيراً منه عندما اختفى الدقيق في بعض أسواق المملكة. وردة الفعل التي نشأت. رغم أن النقص لم يكن حاداً ولا عاماً ولم يكن يستمر فترات طويلة. ورغم تطمينات المسؤولين في الصوامع بأن الدقيق متوافر وأن الأزمة لا تتعدى مسألة تلاعب بعض الأجانب برغيف عيشنا.
بدلا من التعامل مع الأزمات بعد وقوعها ورمي الاتهامات على بعضنا بعضا. فالأولى أن نضع خططا استراتيجية متأنية وواقعية لتفادي وقوع مثل هذه الأزمات. والمسألة تكون أكثر إلحاحا عندما تتعلق بغذاء الشعب ورغيف العيش. هنا يجب أن نطيل التفكير ونعيد حساباتنا مرة بعد مرة لتفادي البركان الشعبي الذي سينفجر لا قدر الله من جراء ذلك.
هناك حلول بديلة يجب طرحها للنقاش قبل اتخاذ قرار إيقاف الزراعة. أسهلها أن تتم مداولة الزراعة بين المشاريع بحيث يزرع كل مشروع مرة كل موسمين أو ثلاثة وتعديل أسعار شراء القمح لكي تغطي ذلك. كما يمكن توجيه جزء من المليارات التي ستدفع لاستيراد القمح لإنشاء مراكز لأبحاث القمح يتم التركيز فيها على استنباط أصناف جديدة قصيرة العمر وذات احتياجات مائية قليلة وإنتاجية عالية. وهذا أمر متاح لتوفر مثل هذه الأصناف في العديد من دول العالم.
ويؤكد هذا التوجه النتائج التي توصلت لها بعض الشركات الزراعية لدينا بتخفيض استهلاك هكتار القمح من سبعة آلاف إلى أربعة آلاف متر مكعب. أي نحو 40 في المائة وبجهود فردية غير منظمة. فكيف لو كان ذلك توجها لدى وزارة الزراعة مدعوما بالإمكانات المادية والبشرية. إنه ولا شك سيكون حلا أسهل وأكثر واقعية من إيقاف الزراعة.
حتى لحظة كتابة مقالنا هذا لم نقرأ عن تفاعل وزارة المياه بنشر إجابات للتساؤلات التي طرحناها في مقالنا السابق حول الدراسات المائية وعرضها للاطلاع وإبداء الرأي حولها. مع تقديرنا لمعالي وزير المياه الذي تفضل مشكوراً بالاتصال بنا لكي يؤكد مخاوفه حول نضوب المياه وإصرار وزارته على المضي في اتجاه إيقاف زراعة القمح.
الأخ العزيز علي الشدي تطرق في عموده الذي يكتبه في "الاقتصادية" لقضية الأمن الغذائي وأشاد مشكوراً بالمقال الذي نشرناه حول الأمن المائي والأمن الغذائي وأورد ضمن مقاله جملة مفادها أن أسوأ خبر قرأناه هذا العام هو أن المملكة ستستورد القمح. ثم أورد رأيه حول أهمية أن ننتج احتياجنا فقط من القمح بأسلوب رشيد دون استنزاف للمياه، والذي تلقى على أثره اتصالا من معالي وزير المياه تلته زيارة لمكتب معاليه سمع خلالها من التهويل ما أوصله لمرحلة العطش، وجعله يعيد النظر فيما قاله ثم عاد وأكد الهاجس الذي يؤرقه ويؤرق الجميع، ألا وهو الأمن الغذائي.
وهنا نود التأكيد للأخ الكاتب على أن ما سمعه في مكتب الوزير لا يزال بحاجة للمزيد من البحث والنقاش لكي يتم نفيه أو إثباته.
عضو مجلس إدارة شركة الجوف للتنمية الزراعية – رئيس اللجنة التنفيذية
- عبد العزيز محمد الطلاس - 11/03/1429هـ
وصلت أسعار القمح في الأسواق العالمية إلى مستويات قياسية بلغت نحو 2500 – 3000 ريال للطن واصل الموانئ السعودية، أي ثلاثة أضعاف السعر الذي تدفعه الصوامع للمزارع السعودي.
وهذا معناه أن الدولة أعزها الله ستدفع ستة مليارات ريال لشراء مليوني طن هي الكمية التي نستهلكها من القمح، وبزيادة قدرها 3 – 4 مليارات ريال ستذهب للمزارع الأمريكي والأسترالي والكندي وغيرهم. وعلى مدى عشرة أعوام سندفع فرقا قدره 40 مليار ريال. أي ميزانية دولة من دول العالم الثالث.
هذا على افتراض أن الأسعار العالمية ستقف عند هذا الحد. مع أن جميع المؤشرات تقول غير ذلك. أي أنه ليس هناك من يستطيع التنبؤ بالحد الذي ستقف عنده الأسعار العالمية للقمح نتيجة الظروف العديدة المتداخلة والمعقدة التي يمر بها العالم خلال المرحلة الحالية والمقبلة.
مما ينذر بشح في العرض وزيادة في الطلب على القمح تفرض قيوداً على التجارة العالمية للقمح وتجعل بيعه وتصديره يخضع لشروط واعتبارات عديدة وربما تجعل الكميات التي تتم تلبيتها من طلبات الدول محدودة بغض النظر عن الأسعار التي يمكن عرضها. وهذا ما حصل أخيرا لدولة مثل مصر حين اشترت بسعر 650 دولارا للطن. ولم تستطع الحصول على كامل احتياجاتها. مما جعلهم يشعرون بالقلق من توقف زراعة القمح في المملكة ودخولها منافسا على الشراء في الأسواق العالمية.
ولكي ندرك درجة الخطورة والمغامرة التي ندفع البلد لها بإيقاف زراعة القمح في هذا التوقيت فإننا نشير إلى تقرير نشر في "الفاينانشيال تايمز" البريطانية، ينقل تصريحات لمسؤولي وكالة زراعية تابعة للحكومة الأمريكية يؤكدون فيه توجه المملكة نحو إيقاف زراعة القمح.
بل ويحددون نسبة الخفض السنوية البالغة 12.5 في المائة. يتم تعويضه سنوياً بالاستيراد، الذي سيضعنا في أعلى قائمة المشترين في هذا العالم. وهو ما يفسر لنا وللقارئ الاهتمام الكبير بخططنا. إذ سنتحول إلى زبائن كبار لمزارعي القمح الأمريكي.
وهذا ما يؤكد لنا ولغيرنا نظرية المؤامرة، بغض النظر عن مصدرها ومن وراءها. والتي قد تدخل المملكة في أزمة كبيرة نتيجة النقص في الكميات المتاحة من القمح والدقيق.
حتى ولو رفعنا كمية المخزون الاستراتيجي من القمح إلى عامين كما يشير معالي وزير المياه، حفظه الله، ورغم التكاليف الباهظة التي ستترتب على رفع المخزون التي ولا شك ستصل إلى عشرات المليارات التي ستضاف إلى المليارات التي سيتم دفعها سنوياً للاستيراد.
وبعد هذه المقدمة المتشائمة ولا شك. فإننا هنا سنطرح تساؤلاً نصر على الحصول على إجابته. ألا وهو: كيف تم التوقيت لقرار وقف الزراعة؟ وما الدوافع والمبررات التي جعلتنا نختار هذا التوقيت الذي يمر فيه العالم بمرحلة المجهول، لكي نوقف زراعة القمح في المملكة؟
ومن وراء هذا التهويل غير المبرر الذي يوحى للمسؤولين بأن مخزون المملكة من المياه سينضب لو لم توقف الزراعة تماماً خلال هذه الفترة، وأنه من المستحيل دراسة ومناقشة أي حلول أو طروحات بديلة توفيقية توصلنا إلى مرحلة توازن وتجعلنا نتفادى أزمات لا يمكن التنبؤ بعواقبها .
وهذا يذكرنا بالهالات الإعلامية التي صاحبت دخول الألفية الثالثة، ودفعت العالم لصرف المبالغ الطائلة. والتي تبين فيما بعد أنه لم يكن من مبرر لها. ثم بعد ذلك أتت إنفلونزا الطيور وما صحبها من تهويل دفع الكثير من الدول لشراء كميات من مخزون الأدوية التي لم يستخدم إلا جزء يسير منها. ثم تبين فيما بعد أن عدد الوفيات من الإنفلونزا البشرية تفوق بعشرات الأضعاف عدد وفيات إنفلونزا الطيور.
إن الخطر من وقف الزراعة يأتي من جانبين كلاهما أكبر وأشرس من الآخر.
الأول هو الجانب الأمني والاجتماعي الذي تطرقنا إليه في مقالنا السابق والذي سيطول معظم المناطق الزراعية وغير الزراعية.
والآخر هو الأمن الغذائي الذي عايشنا جانباً يسيراً منه عندما اختفى الدقيق في بعض أسواق المملكة. وردة الفعل التي نشأت. رغم أن النقص لم يكن حاداً ولا عاماً ولم يكن يستمر فترات طويلة. ورغم تطمينات المسؤولين في الصوامع بأن الدقيق متوافر وأن الأزمة لا تتعدى مسألة تلاعب بعض الأجانب برغيف عيشنا.
بدلا من التعامل مع الأزمات بعد وقوعها ورمي الاتهامات على بعضنا بعضا. فالأولى أن نضع خططا استراتيجية متأنية وواقعية لتفادي وقوع مثل هذه الأزمات. والمسألة تكون أكثر إلحاحا عندما تتعلق بغذاء الشعب ورغيف العيش. هنا يجب أن نطيل التفكير ونعيد حساباتنا مرة بعد مرة لتفادي البركان الشعبي الذي سينفجر لا قدر الله من جراء ذلك.
هناك حلول بديلة يجب طرحها للنقاش قبل اتخاذ قرار إيقاف الزراعة. أسهلها أن تتم مداولة الزراعة بين المشاريع بحيث يزرع كل مشروع مرة كل موسمين أو ثلاثة وتعديل أسعار شراء القمح لكي تغطي ذلك. كما يمكن توجيه جزء من المليارات التي ستدفع لاستيراد القمح لإنشاء مراكز لأبحاث القمح يتم التركيز فيها على استنباط أصناف جديدة قصيرة العمر وذات احتياجات مائية قليلة وإنتاجية عالية. وهذا أمر متاح لتوفر مثل هذه الأصناف في العديد من دول العالم.
ويؤكد هذا التوجه النتائج التي توصلت لها بعض الشركات الزراعية لدينا بتخفيض استهلاك هكتار القمح من سبعة آلاف إلى أربعة آلاف متر مكعب. أي نحو 40 في المائة وبجهود فردية غير منظمة. فكيف لو كان ذلك توجها لدى وزارة الزراعة مدعوما بالإمكانات المادية والبشرية. إنه ولا شك سيكون حلا أسهل وأكثر واقعية من إيقاف الزراعة.
حتى لحظة كتابة مقالنا هذا لم نقرأ عن تفاعل وزارة المياه بنشر إجابات للتساؤلات التي طرحناها في مقالنا السابق حول الدراسات المائية وعرضها للاطلاع وإبداء الرأي حولها. مع تقديرنا لمعالي وزير المياه الذي تفضل مشكوراً بالاتصال بنا لكي يؤكد مخاوفه حول نضوب المياه وإصرار وزارته على المضي في اتجاه إيقاف زراعة القمح.
الأخ العزيز علي الشدي تطرق في عموده الذي يكتبه في "الاقتصادية" لقضية الأمن الغذائي وأشاد مشكوراً بالمقال الذي نشرناه حول الأمن المائي والأمن الغذائي وأورد ضمن مقاله جملة مفادها أن أسوأ خبر قرأناه هذا العام هو أن المملكة ستستورد القمح. ثم أورد رأيه حول أهمية أن ننتج احتياجنا فقط من القمح بأسلوب رشيد دون استنزاف للمياه، والذي تلقى على أثره اتصالا من معالي وزير المياه تلته زيارة لمكتب معاليه سمع خلالها من التهويل ما أوصله لمرحلة العطش، وجعله يعيد النظر فيما قاله ثم عاد وأكد الهاجس الذي يؤرقه ويؤرق الجميع، ألا وهو الأمن الغذائي.
وهنا نود التأكيد للأخ الكاتب على أن ما سمعه في مكتب الوزير لا يزال بحاجة للمزيد من البحث والنقاش لكي يتم نفيه أو إثباته.
عضو مجلس إدارة شركة الجوف للتنمية الزراعية – رئيس اللجنة التنفيذية