المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ولن تكون هناك نهاية أجمل من "ركود اقتصادي" محدود المدة يراوح من سنة إلى سنتين



عقيل
07-02-2008, Thu 10:12 AM
الفدرالي الأمريكي والفائدة.. تاريخ مملوء بالإثارة
سهيل الدراج - 30/01/1429هـ

اليوم هو 17 آب (أغسطس) من عام 2007م، والساعة هي 8:40 صباحاً بتوقيت نيويورك.. والخبر عاجل من مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي.. نتابع "الأسواق المالية تتعرض لانخفاض مستمر، الائتمان والسيولة انخفضا بشكل واضح، وحالة عدم التأكد زادت في الاقتصاد الأمريكي، وزاد معها احتمالات التأثير في النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية.. على الرغم من أن البيانات الاقتصادية الأخيرة أظهرت نمو الاقتصاد الأمريكي بمعدلات مقبولة، فإن لجنة السوق المفتوحة قررت خفض فائدة الخصم بمقدار 50 نقطة أساس (50 في المائة) لتصبح 5.75 في المائة بدلا من 6.25 في المائة، وإن اللجنة ستتابع الأسواق من كثب، ومستعدون للتدخل في أي وقت للسيطرة على حالة الإحباط التي تسود الأسواق المالية".. انتهى البيان العاجل.
كان هذا نص الخبر العاجل، الذي تلقته الأسواق المالية يوم 17 آب (أغسطس) بعد أن سقطت الأسواق المالية أكثر من 10 في المائة خلال أيام معدودة على وقع أزمة الرهن العقاري، التي عصفت بالقطاع المالي الأمريكي وأثارت الرعب في كثير من الأسواق العالمية.. مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي أو البنك المركزي هو الجهة صانعة السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الجهة المؤثرة في عرض النقود في المجتمع من خلال سياسات خفض ورفع الفائدة.. الفدرالي الأمريكي ومن خلال إعلانه المذكور دق ناقوس الخطر عالمياً، وأعلن رسمياً عن دخول الاقتصاد الأمريكي في دورة اقتصادية جديدة، ألا وهي خفض الفائدة التي تكون في الغالب مصاحبة لحالات تباطؤ الاقتصاد .. وللفدرالي الأمريكي تاريخ مثير خلال العقدين الأخيرين نبدأ بالوقوف عليه بدءا من عام 1992م.
عندما تسلم الرئيس الديموقراطي بيل كلينتون مقاليد الرئاسة في أواخر عام 1992م خلفاً لجورش بوش الأب كان الاقتصاد في حالة متعثرة كما هو الوضع في هذه الفترة.. وجاء بيل كلينتون ليعيد تشكيل التركيبة الاقتصادية، وصادف عصر التسعينيات حدثا مهما جداً وهو ثورة التكنولوجيا التي عرفت بثورة الدوت كوم، والتي كان أبطالها أجهزة الهواتف النقالة والحاسب الآلي ومواقع الإنترنت والتجارة الإلكترونية.. نما الاقتصاد الأمريكي في حقبة كلينتون ليشكل أطول فترة نمو في تاريخ الاقتصاد الأمريكي (نحو 8 سنوات) وصعدت الأسواق المالية خلال السنوات الثماني هذه إلى القمة، ووصل معها مؤشر "الناسداك" لأسهم التكنولوجيا إلى مستوى 5132 نقطة في العاشر من آذار (مارس) عام 2000م.
حاولت السلطات النقدية كبح جماح الاقتصاد الذي بدأ يظهر ضغوطاً تضخمية قوية، وبدأ معها الفدرالي الأمريكي بقيادة السيد ألن جرينسبان برفع الفائدة حتى وصلت ذروتها عند 6.5 في المائة في الشهر الخامس من عام 2000م.. وبعد أن بدأت بوادر فوز الجمهوريين بالحكم، وبدأوا بالسيطرة على الكونجرس ومجلس النواب، وبعد أن بلغت الفائدة مستوى يصعب معه الاقتصاد أن يواصل مسيرته، وخصوصاً أنه أنهك بعد نمو دام سبع أو ثماني سنوات.. وبعد أن وصلت شركات التكنولوجيا إلى قمة نموها، بدأ مسلسل الهبوط الصاروخي للمؤشرات الأمريكية وعلى رأسها الـ "ناسداك" ليسقط من 5132 إلى مستوى 1108 نقاط في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) عام 2002م، أي خلال نحو سنتين ونصف تقريباً.
مليارات الدولارات تبخرت في الهواء لتشكل أكبر فقاعة صابون حتى يومنا هذا، وظهرت بعدها كتابات ومقالات وأبحاث كثيرة تتحدث عن كيفية نشوء فقاعة الصابون وتكونها ثم انفجارها.. والآثار المدمرة التي تترتب عليها.. سقطت الأسواق إلى القاع، وخلال عملية السقوط حاول الفدرالي الأمريكي بكل ما أوتي من قوة التخفيف من هول الصدمة فبدأ بمسلسل خفض الفائدة لحفز الاقتصاد من جديد.. وبدأ السيد جرينسبان بالخفض التدريجي للفائدة من 6.5 في المائة إلى أن وصل إلى 1 في المائة في حزيران (يونيو) 2003م، وكان هذا المعدل هو الأضعف منذ أكثر من 40 سنة، وتمت عملية الخفض من خلال 13 قراراً للبنك المركزي الأمريكي.
وفي عام 2001.. وتحديدا في الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) الساعة 8:45 بتوقيت نيويورك، فوجئ العالم بأسره بالطائرات تضرب أبراج مركز التجارة العالمي في نيويورك، وبدأت الأسواق الأوروبية وفيوتشرات الأسواق الأمريكية بالانهيار السريع، خصوصاً بعد أن تم الإعلان عن مخطط إرهابي يستهدف الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الفور تم الإعلان عن عدم فتح الأسواق الأمريكية لذلك اليوم، وتم إغلاق الأسواق الأوروبية التي كانت تعمل وقت الهجوم، وصعد البترول بشكل لم يسبق له مثيل وصعد معه الذهب وانخفض الدولار بحدة.. استمر إغلاق الأسواق لمدة أربعة أيام إلى أن انتهى الأسبوع، وما إن جاء يوم الإثنين التالي 17 أيلول (سبتمبر) وقبل افتتاح الأسواق حتى أعلن الفدرالي الأمريكي خفضا مفاجئ للفائدة مقداره 0.5 في المائة ليخفف من آثار الانهيار المتوقع عند افتتاح الأسواق، وانخفضت الفائدة نصفا في المائة من 3 في المائة إلى 2.5 في المائة.
استمر مشروع خفض الفائدة حتى منتصف عام 2003م وهي الفترة التي بدأ الاقتصاد الأمريكي فيها بالتعافي وكان ذلك بالتزامن مع حرب الإطاحة بصدام، واستمرت الفائدة عند 1 في المائة لمدة سنة كاملة حتى منتصف عام 2004م، حيث بدأ النمو بالتصاعد وبدأ التضخم يظهر جلياً بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وارتفاع أسعار المواد الأولية عالمياً بسب النمو العالمي الكبير وبسبب انخفاض الدولار المتسارع الذي تأثر بتبني سياسة الدولار الضعيف من قبل الإدارة الجمهورية الحالية، وكان الرفع خلال هذه الفترة منتظماً بمقدار ربع في المائة فقط، ولم توجد أي حالة لأي قرار استثنائي لرفع الفائدة .. سبعة عشر قراراً اعتيادياً قام بها البنك المركزي الأمريكي لرفع الفائدة من أقل مستوياتها 1 في المائة في منتصف 2004م إلى 5.25 في المائة في منتصف 2006م.
وفي آب (أغسطس) من 2007م، أدرك الفدرالي الأمريكي أن خفضاً طارئاً سيسجل من جديد في التاريخ، ولكنه سيدون في تاريخ برنانكي وليس جرينسبان هذه المرة، فقد أعلن الفدرالي الأمريكي يوم الجمعة 17 آب (أغسطس) 2007م وفى تمام الساعة 8:50 بتوقيت نيويورك خفضا مفاجئ للفائدة مقداره 0.5 في المائة، مع اختلاف بسيط، وهو أن الفائدة التي تم تخفيضها هي فائدة الخصم أو ما يعرف بـ Discount Rate وهي الفائدة التي تستخدم بين البنوك لتسوية المقاصات والقروض وغير ذلك، أما ما يعرف بـ Fund Rate فقد تم خفضها فعلاً في الاجتماع العادي للفدرالي الأمريكي يوم 18 أيلول (سبتمبر).

في الوقت الذي كان يتوقع فيه المحللون أن رفعاً للفائدة بات وشيكاً للسيطرة على التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية وفي العالم ولإنقاذ الدولار الذي بلغ مستويات قياسية في الهبوط، ظهرت إلى السطح مشكلة تدهور قطاع المساكن وما نتج عنها من مشاكل في القروض والصناديق الاستثمارية والرهن العقاري، الأمر الذي هدد الاقتصاد الأمريكي بالانهيار وربما الاقتصاد العالمي، وبعد موجة عنيفة من البيع بدأت من الولايات المتحدة وانتقلت إلى أوروبا ثم آسيا فالأسواق الناشئة وبعد تدخلات مباشرة من البنوك المركزية لضخ السيولة أفاق الفدرالي المركزى على حقيقة مهمة وهي أن الخيارات أمامه أصبحت قليلة جداً، وهي إما انهيار الاقتصاد الأمريكي بالكامل وربما العالمي بقيادة البنوك، وإما القبول بالتضحية بالنمو الاقتصادي.. لم يستغرق بن برنانكي كثيراً بالتفكير في الأمر لأن الوقت يمضي، و خزائن الفدرالي التي أنهكها بوش لن تستطيع أن تدعم الاقتصاد إلى ما لا نهاية.. لذلك كان الخيار الأمثل هو خفض الفائدة الطارئ وإنقاذ الاقتصاد، ليس ذلك فحسب، بل إن برنانكي صرح أن الفدرالي سيتدخل لإجراء المزيد من الخفض إن استدعى الأمر.
وبالفعل قام الفدرالي بإجراء خفض للفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع تشرين الأول (أكتوبر) 2007م، وربع نقطة آخر في اجتماع كانون الأول (ديسمبر) 2007م، إضافة إلى استمراره هو والبنوك المركزية الأوروبية واليابانية في ضخ السيولة اللازمة في النظام المالي الأمريكي.. ولكن تجري الرياح أحياناً بما لا تشتهي السفن.. فما إن انتهى العالم من الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية وعادت الأسواق للعمل من جديد حتى عادت المخاوف مرة أخرى من تأثير أزمة الرهن العقاري في القطاع البنكي وفي النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم.. وبدأت الأسواق العالمية من الشرق إلى الغرب مرورا بأسواق الشرق الأوسط بنزيف حاد، فقد فيه مؤشر "داو جونز" الصناعي نحو 14 في المائة خلال ثلاثة أسابيع وفقدت فيه الكثير من الأسواق الناشئة ما يزيد على 20 في المائة.. وأعلن دخول 43 سوقاً عالمياً في مرحلة الأسواق الهابطة Bear Market .. وما انتهت الولايات المتحدة الأمريكية من إجازة مارتن لوثر كينج وفي صباح يوم الثلاثاء 22 كانون الثاني (يناير) 2008م حتى خرج الفدرالي الأمريكي بقيادة بن برنانكي بقرار مفاجئ لخفض الفائدة بمقدار 0.75 في المائة إلى 3.5 في المائة، ولم يخف خطاب الفدرالي يومها نبرة القلق التي تسيطر على صانعي السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية .. استقبلت الأسواق الخبر بارتياح تام، وأخذت الأسواق العالمية باستعادة بعض الخسائر التي منيت بها خلال الأسابيع الماضية .. وفي يوم 30 كانون الثاني (يناير) 2008م أعلن الفدرالي الأمريكي مرة أخرى في اجتماعه الاعتيادي خفضا للفائدة بمقدار 0.5 في المائة لتصل الفائدة إلى 3 في المائة، وبذلك يكون الفدرالي الأمريكي قد خفض الفائدة بمقدار 1.25 في المائة خلال ثمانية أيام مما يعكس حالة الهلع الشديد التي يعيشها متخذ القرار في الولايات المتحدة.
بن برنانكي المحسوب على الجمهوريين، الذي ظلمه الزمن بأنه كان خلفا لجرينسبان لم تستطع شخصيته الأكاديمية في إقناع "وول ستريت" بجدوى قراراته، كما أن اسقلالية الفدرالي الأمريكي أصبحت على المحك، خصوصاً بعد أن أشار جرينسبان في كتابة The Age of Turbulence إلى أن مجلس الاحتياطي الأمريكي أصبح يخضع لضغوط السياسيين بدرجة كبيرة.

النمو الاقتصادي، الرهن العقاري، التضخم، الدولار الأمريكي، البطالة، قطاع المنازل ومشاكل الهدج فندز هي عبارة عن عناوين لفصول مريرة في حقبة الجمهوريين، ولن تكون هناك نهاية أجمل من "ركود اقتصادي" محدود المدة يراوح من سنة إلى سنتين على الأكثر ويبدأ من الربع الثاني من عام 2008م.. نعم هذه هي الحقيقة من وجهة نظرنا الاقتصادية البعيدة عن العاطفة ..ويبدو أن القدر سيقود الديموقراطيين مرة أخرى إلى الوصول إلى الحكم وتسلم الاقتصاد منهكاً كما حدث قبل 16 سنة، لكن الاختلاف الوحيد بين الحقبتين هو أن الديمقراطيين تسلموا الحكم من بوش الأب، والآن سيتسلمونه من بوش الابن.

الرويلي
07-02-2008, Thu 11:03 AM
نبيل المبارك : استمرار خفض الفائدة الأمريكية.. تحدي "2008م" لدول الخليج


في مطلع كل عام جديد أكتب عن أبرز تحديات هذا العام من الناحية الاقتصادية. وقد كان مقال "الاقتصادية" المنشور يوم الأربعاء العاشر من كانون الثاني (يناير) 2007م تحت عنوان "التضخم... التحدي الأبرز في عام 2007م أمام دول الخليج" وهو ما كان ولا يزال!

وها نحن ندلف لعام 2008م بتحديات جديدة تضاف إلى التحديات السابقة. وسيكون التحدي الحقيقي وذو الطبيعة المتخصصة طبقا من الأطباق الساخنة الجديدة في منطقة الخليج خلال عام 2008م وهو استمرار خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة!! بطبيعة الحال كان هناك تداخل في طبيعة التحديات فقد كانت السياسة النقدية الخليجية وقضية ضعف الدولار المرتبطين به ارتباطا كاثوليكيا رغم أن "الزوجات مسلمات حسب الدستور" أطباق لا تنقصها السخونة وكأن قدر المنطقة وقدر شعوبها أن تكون دائما على صفيح ساخن!

وقد كان الطبق الأبرز قبل وبعد انعقاد القمة الخليجية الأخيرة في الدوحة في نهاية العام موضوع "إمكانية فك ربط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي"! وقد صدر العديد من التصريحات من عدد من مسؤولي السياسات النقدية وحتى "مسؤولي الخارجية!!"

في بعض دول الخليج حول الموضوع وكانت تشير إلى إمكانية ذلك الفك أو تخفيضه من خلال توسيع قاعدة الربط مع سلة عملات يكون للدولار النصيب الأكبر منها، إلى الدرجة التي أصبحت المسألة مجرد مسألة وقت لا أكثر ولا أقل بالنسبة للكثيرين، رغم مراهنتي المستمرة على أنه لن يكون هناك فك للارتباط الخليجي بالدولار وبالذات سعودياً وذلك لسبب بسيط هو أن نظرة صانع السياسة عموماً والسياسة النقدية خصوصاً تختلف عن المعطيات الاقتصادية التي يتحدث عنها الجميع. بما في ذلك غلاء المعيشة ومنطقية الفك مع استمرار التراجع في قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية العالمية من يورو وجنيه استرليني وين ياباني؟ هذا بغض النظر عن صواب ذلك أم خطأه.

ومن خلال هذا النقاش غير المنتهي لا تزال الأسعار العامة في زيادة مستمرة سواء للسلع الأساسية أو الكماليات مما صعد بمؤشرات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، وقد تكون الصورة أكثر سوءا في عام 2008م في مقابل صورة مغايرة للاقتصاد الأمريكي الذي يمر في حالة أشبه بالركود قد تكون قوية في عام 2008م بحكم تداعيات أزمة الرهن العقاري التي حدثت في آب (أغسطس) 2007م وقد تنكشف أزمات مالية أخرى مثل القروض الاستهلاكية! وقبل الخوض في بحر هذا الموضوع أؤكد أنه ليس لدي موقف مسبق من قضية فك الارتباط أو عدم فكه لأن المعطيات التي لدي لا تكفي لأخذ موقف أولا. وثانيا لأن مثل هذا القرار يحتاج إلى نظرة عميقة في شؤون السياسة الدولية وتأثيرات القرار على التعاطي السياسي مع موقف الابتعاد عن الدولار.

ويكفي الإشارة إلى أن البتريورو بدأ يأخذ مساحة من الحوار الأمريكي الأوروبي (العالمي) مقابل البترودولار على المستوى السياسي قبل الاقتصادي! ويكفي الإشارة إلى كل لبيب أن نسبة الاحتياطيات بالدولار تراجعت منذ بداية العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" في 1999م ومن المتوقع لها (أي احتياطيات الدول من الدولار) أن تتراجع أكثر خلال السنوات القليلة المقبلة لمصلحة عملات أخرى على رأسها اليورو. ويبقى السؤال هو عن مدى سرعة هذا التراجع؟ وهل المسألة سنوات أو عقود ليصبح الدولار أقل من 50 في المائة من احتياطيات العالم؟

ومع هذه الصورة الضبابية، زادت وتيرة التقارير التي تصدر من كل مكان محلياً وخارجياً حول تلك المواضيع سواء كانت بنوكا دولية أو محلية أو شركات استشارات مالية حتى صندوق النقد العربي على غير المعتاد أصدر تقريرا حول ضرورة التحرك فيما يخص ربط العملات الخليجية بالدولار. طبعا أكثر ما يخيفني عمليا عندما أرى تقارير المؤسسات المالية الدولية، لسبب بسيط جداً. لأني أعرف أن "الذيب لا يهرول عبثاً". ويكفي معرفة ماذا فعلت الذياب في نمور شرق آسيا في عام 1997م من خلال توصياتها، عفوا أقصد تعليماتها التي منعت تطبيق سياسات كان يمكن أن تكون أكثر حنكة ووطنية!!

وعليه نقول:

أولا: علينا معرفة أن نسبة المعلوم عن عناصر اتخاذ القرار سواء كانت بفك الربط مع الدولار أو عدمه قد لا تتجاوز نسبة 10 في المائة على أفضل تقدير، فالمعلومات المتوافرة عن السياسات المالية والنقدية على المستوى الخليجي ضئيلة إلى حدود متدنية. وبغض النظر عن صواب ذلك أو عدمه، هذه حقيقة أولى يجب عدم إغفالها عندما يتعلق الأمر برأي أو آخر.

ثانياً: الأدوات المتوافرة للسياسة المالية والنقدية هي محدودة لعدد كبير من الأسباب ومن ضمنها حداثة الأنظمة وعدم عمق الهيكلة الاقتصادية التي تسمح بتأثير القرارات سواء من المستوى الكلي إلى الجزئي أو بالعكس كتغذية عكسية لتأثير القرارات الحكومية وهيمنة القرار السياسي على الاقتصادي. وبكل أسف يتم التعامل مع تلك الحقائق إعلامياً بأساليب بدائية!!

ثالثاً: لا يوجد استقلالية للسياسات النقدية خليجياً، وهذا ليس بالضرورة عيباً ولكنه حقيقة بحكم طبيعة الأنظمة السياسية الخليجية وعدم القدرة على التحرك في هذا البحر المتلاطم بشكل مستقل على الأقل خلال المدى المنظور.

ومع ذلك ودون التحيز لرأي أو آخر، نسأل أسئلة بسيطة عن الكيفية التي ستتصرف بها دول الخليج مع حدث شبه مؤكد في 2008م عندما تصبح أسعار الفائدة الأمريكية في حدود 1 في المائة فقط، كما حدث ذلك في 2003م بسبب حالة الركود الاقتصادي التي يبدو أنها تسوء أكثر فأكثر، مقابل حالة التضخم التي تعيشها دول الخليج والتي يبدو أنها تسوء أكثر فأكثر؟ هل يصل الفرق بين سعر إعادة الشراء العكسي وإعادة الشراء في المملكة على سبيل المثال إلى 500 نقطة أساس بدلا من 150 نقطة أساس حالياً وهو أمر نادر الحدوث؟ وهل ستستمر المراهنة الخليجية على أن ما يحدث للدولار هو مؤقت وليس دائما؟


http://www.aleqt.com/article.php?do=show&id=7928



http://www.thegulfbiz.com/vb/showpost.php?p=2234739&postcount=1

صـياد الأسهم
07-02-2008, Thu 1:31 PM
نبيل المبارك : استمرار خفض الفائدة الأمريكية.. تحدي "2008م" لدول الخليج




في مطلع كل عام جديد أكتب عن أبرز تحديات هذا العام من الناحية الاقتصادية. وقد كان مقال "الاقتصادية" المنشور يوم الأربعاء العاشر من كانون الثاني (يناير) 2007م تحت عنوان "التضخم... التحدي الأبرز في عام 2007م أمام دول الخليج" وهو ما كان ولا يزال!

وها نحن ندلف لعام 2008م بتحديات جديدة تضاف إلى التحديات السابقة. وسيكون التحدي الحقيقي وذو الطبيعة المتخصصة طبقا من الأطباق الساخنة الجديدة في منطقة الخليج خلال عام 2008م وهو استمرار خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة!! بطبيعة الحال كان هناك تداخل في طبيعة التحديات فقد كانت السياسة النقدية الخليجية وقضية ضعف الدولار المرتبطين به ارتباطا كاثوليكيا رغم أن "الزوجات مسلمات حسب الدستور" أطباق لا تنقصها السخونة وكأن قدر المنطقة وقدر شعوبها أن تكون دائما على صفيح ساخن!

وقد كان الطبق الأبرز قبل وبعد انعقاد القمة الخليجية الأخيرة في الدوحة في نهاية العام موضوع "إمكانية فك ربط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي"! وقد صدر العديد من التصريحات من عدد من مسؤولي السياسات النقدية وحتى "مسؤولي الخارجية!!"

في بعض دول الخليج حول الموضوع وكانت تشير إلى إمكانية ذلك الفك أو تخفيضه من خلال توسيع قاعدة الربط مع سلة عملات يكون للدولار النصيب الأكبر منها، إلى الدرجة التي أصبحت المسألة مجرد مسألة وقت لا أكثر ولا أقل بالنسبة للكثيرين، رغم مراهنتي المستمرة على أنه لن يكون هناك فك للارتباط الخليجي بالدولار وبالذات سعودياً وذلك لسبب بسيط هو أن نظرة صانع السياسة عموماً والسياسة النقدية خصوصاً تختلف عن المعطيات الاقتصادية التي يتحدث عنها الجميع. بما في ذلك غلاء المعيشة ومنطقية الفك مع استمرار التراجع في قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية العالمية من يورو وجنيه استرليني وين ياباني؟ هذا بغض النظر عن صواب ذلك أم خطأه.

ومن خلال هذا النقاش غير المنتهي لا تزال الأسعار العامة في زيادة مستمرة سواء للسلع الأساسية أو الكماليات مما صعد بمؤشرات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، وقد تكون الصورة أكثر سوءا في عام 2008م في مقابل صورة مغايرة للاقتصاد الأمريكي الذي يمر في حالة أشبه بالركود قد تكون قوية في عام 2008م بحكم تداعيات أزمة الرهن العقاري التي حدثت في آب (أغسطس) 2007م وقد تنكشف أزمات مالية أخرى مثل القروض الاستهلاكية! وقبل الخوض في بحر هذا الموضوع أؤكد أنه ليس لدي موقف مسبق من قضية فك الارتباط أو عدم فكه لأن المعطيات التي لدي لا تكفي لأخذ موقف أولا. وثانيا لأن مثل هذا القرار يحتاج إلى نظرة عميقة في شؤون السياسة الدولية وتأثيرات القرار على التعاطي السياسي مع موقف الابتعاد عن الدولار.

ويكفي الإشارة إلى أن البتريورو بدأ يأخذ مساحة من الحوار الأمريكي الأوروبي (العالمي) مقابل البترودولار على المستوى السياسي قبل الاقتصادي! ويكفي الإشارة إلى كل لبيب أن نسبة الاحتياطيات بالدولار تراجعت منذ بداية العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" في 1999م ومن المتوقع لها (أي احتياطيات الدول من الدولار) أن تتراجع أكثر خلال السنوات القليلة المقبلة لمصلحة عملات أخرى على رأسها اليورو. ويبقى السؤال هو عن مدى سرعة هذا التراجع؟ وهل المسألة سنوات أو عقود ليصبح الدولار أقل من 50 في المائة من احتياطيات العالم؟

ومع هذه الصورة الضبابية، زادت وتيرة التقارير التي تصدر من كل مكان محلياً وخارجياً حول تلك المواضيع سواء كانت بنوكا دولية أو محلية أو شركات استشارات مالية حتى صندوق النقد العربي على غير المعتاد أصدر تقريرا حول ضرورة التحرك فيما يخص ربط العملات الخليجية بالدولار. طبعا أكثر ما يخيفني عمليا عندما أرى تقارير المؤسسات المالية الدولية، لسبب بسيط جداً. لأني أعرف أن "الذيب لا يهرول عبثاً". ويكفي معرفة ماذا فعلت الذياب في نمور شرق آسيا في عام 1997م من خلال توصياتها، عفوا أقصد تعليماتها التي منعت تطبيق سياسات كان يمكن أن تكون أكثر حنكة ووطنية!!

وعليه نقول:

أولا: علينا معرفة أن نسبة المعلوم عن عناصر اتخاذ القرار سواء كانت بفك الربط مع الدولار أو عدمه قد لا تتجاوز نسبة 10 في المائة على أفضل تقدير، فالمعلومات المتوافرة عن السياسات المالية والنقدية على المستوى الخليجي ضئيلة إلى حدود متدنية. وبغض النظر عن صواب ذلك أو عدمه، هذه حقيقة أولى يجب عدم إغفالها عندما يتعلق الأمر برأي أو آخر.

ثانياً: الأدوات المتوافرة للسياسة المالية والنقدية هي محدودة لعدد كبير من الأسباب ومن ضمنها حداثة الأنظمة وعدم عمق الهيكلة الاقتصادية التي تسمح بتأثير القرارات سواء من المستوى الكلي إلى الجزئي أو بالعكس كتغذية عكسية لتأثير القرارات الحكومية وهيمنة القرار السياسي على الاقتصادي. وبكل أسف يتم التعامل مع تلك الحقائق إعلامياً بأساليب بدائية!!

ثالثاً: لا يوجد استقلالية للسياسات النقدية خليجياً، وهذا ليس بالضرورة عيباً ولكنه حقيقة بحكم طبيعة الأنظمة السياسية الخليجية وعدم القدرة على التحرك في هذا البحر المتلاطم بشكل مستقل على الأقل خلال المدى المنظور.

ومع ذلك ودون التحيز لرأي أو آخر، نسأل أسئلة بسيطة
عن الكيفية التي ستتصرف بها دول الخليج
مع حدث شبه مؤكد في 2008م
عندما تصبح أسعار الفائدة الأمريكية
في حدود 1 في المائة فقط،
كما حدث ذلك في 2003م
بسبب حالة الركود الاقتصادي
التي يبدو أنها تسوء أكثر فأكثر،
مقابل حالة التضخم التي تعيشها
دول الخليج والتي يبدو أنها تسوء أكثر
فأكثر؟ هل يصل الفرق
بين سعر إعادة الشراء العكسي
وإعادة الشراء في المملكة
على سبيل المثال إلى 500 نقطة أساس
بدلا من 150 نقطة أساس حالياً
وهو أمر نادر الحدوث؟
وهل ستستمر المراهنة الخليجية
على أن ما يحدث للدولار
هو مؤقت وليس دائما؟


http://www.aleqt.com/article.php?do=show&id=7928



http://www.thegulfbiz.com/vb/showpost.php?p=2234739&postcount=1



مقال هام للغايه
وعلى وزراء الماليه والمسؤولين عن السياسه النقديه في دول الخليج
الإستيقاض بسرعه قبل ان يبتلعنا طوفان التضخم
وعندها لن ينفعنا أي مسكنات بعد ان يستفحل المرض في جسد اقتصاداتنا

يجب ان يكون هناك تدرج في فك الأرتباط بالدولار
مع تشكيل سلة عملات قويه وتنويع مصادر الأحتياطات

هناك خطر قادم يجب التنبه له قبل فوات الأوان

الاحمري
07-02-2008, Thu 4:58 PM
الفدرالي الأمريكي والفائدة.. تاريخ مملوء بالإثارة
سهيل الدراج - 30/01/1429هـ

اليوم هو 17 آب (أغسطس) من عام 2007م، والساعة هي 8:40 صباحاً بتوقيت نيويورك.. والخبر عاجل من مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي.. نتابع "الأسواق المالية تتعرض لانخفاض مستمر، الائتمان والسيولة انخفضا بشكل واضح، وحالة عدم التأكد زادت في الاقتصاد الأمريكي، وزاد معها احتمالات التأثير في النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية.. على الرغم من أن البيانات الاقتصادية الأخيرة أظهرت نمو الاقتصاد الأمريكي بمعدلات مقبولة، فإن لجنة السوق المفتوحة قررت خفض فائدة الخصم بمقدار 50 نقطة أساس (50 في المائة) لتصبح 5.75 في المائة بدلا من 6.25 في المائة، وإن اللجنة ستتابع الأسواق من كثب، ومستعدون للتدخل في أي وقت للسيطرة على حالة الإحباط التي تسود الأسواق المالية".. انتهى البيان العاجل.
كان هذا نص الخبر العاجل، الذي تلقته الأسواق المالية يوم 17 آب (أغسطس) بعد أن سقطت الأسواق المالية أكثر من 10 في المائة خلال أيام معدودة على وقع أزمة الرهن العقاري، التي عصفت بالقطاع المالي الأمريكي وأثارت الرعب في كثير من الأسواق العالمية.. مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي أو البنك المركزي هو الجهة صانعة السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الجهة المؤثرة في عرض النقود في المجتمع من خلال سياسات خفض ورفع الفائدة.. الفدرالي الأمريكي ومن خلال إعلانه المذكور دق ناقوس الخطر عالمياً، وأعلن رسمياً عن دخول الاقتصاد الأمريكي في دورة اقتصادية جديدة، ألا وهي خفض الفائدة التي تكون في الغالب مصاحبة لحالات تباطؤ الاقتصاد .. وللفدرالي الأمريكي تاريخ مثير خلال العقدين الأخيرين نبدأ بالوقوف عليه بدءا من عام 1992م.
عندما تسلم الرئيس الديموقراطي بيل كلينتون مقاليد الرئاسة في أواخر عام 1992م خلفاً لجورش بوش الأب كان الاقتصاد في حالة متعثرة كما هو الوضع في هذه الفترة.. وجاء بيل كلينتون ليعيد تشكيل التركيبة الاقتصادية، وصادف عصر التسعينيات حدثا مهما جداً وهو ثورة التكنولوجيا التي عرفت بثورة الدوت كوم، والتي كان أبطالها أجهزة الهواتف النقالة والحاسب الآلي ومواقع الإنترنت والتجارة الإلكترونية.. نما الاقتصاد الأمريكي في حقبة كلينتون ليشكل أطول فترة نمو في تاريخ الاقتصاد الأمريكي (نحو 8 سنوات) وصعدت الأسواق المالية خلال السنوات الثماني هذه إلى القمة، ووصل معها مؤشر "الناسداك" لأسهم التكنولوجيا إلى مستوى 5132 نقطة في العاشر من آذار (مارس) عام 2000م.
حاولت السلطات النقدية كبح جماح الاقتصاد الذي بدأ يظهر ضغوطاً تضخمية قوية، وبدأ معها الفدرالي الأمريكي بقيادة السيد ألن جرينسبان برفع الفائدة حتى وصلت ذروتها عند 6.5 في المائة في الشهر الخامس من عام 2000م.. وبعد أن بدأت بوادر فوز الجمهوريين بالحكم، وبدأوا بالسيطرة على الكونجرس ومجلس النواب، وبعد أن بلغت الفائدة مستوى يصعب معه الاقتصاد أن يواصل مسيرته، وخصوصاً أنه أنهك بعد نمو دام سبع أو ثماني سنوات.. وبعد أن وصلت شركات التكنولوجيا إلى قمة نموها، بدأ مسلسل الهبوط الصاروخي للمؤشرات الأمريكية وعلى رأسها الـ "ناسداك" ليسقط من 5132 إلى مستوى 1108 نقاط في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) عام 2002م، أي خلال نحو سنتين ونصف تقريباً.
مليارات الدولارات تبخرت في الهواء لتشكل أكبر فقاعة صابون حتى يومنا هذا، وظهرت بعدها كتابات ومقالات وأبحاث كثيرة تتحدث عن كيفية نشوء فقاعة الصابون وتكونها ثم انفجارها.. والآثار المدمرة التي تترتب عليها.. سقطت الأسواق إلى القاع، وخلال عملية السقوط حاول الفدرالي الأمريكي بكل ما أوتي من قوة التخفيف من هول الصدمة فبدأ بمسلسل خفض الفائدة لحفز الاقتصاد من جديد.. وبدأ السيد جرينسبان بالخفض التدريجي للفائدة من 6.5 في المائة إلى أن وصل إلى 1 في المائة في حزيران (يونيو) 2003م، وكان هذا المعدل هو الأضعف منذ أكثر من 40 سنة، وتمت عملية الخفض من خلال 13 قراراً للبنك المركزي الأمريكي.
وفي عام 2001.. وتحديدا في الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) الساعة 8:45 بتوقيت نيويورك، فوجئ العالم بأسره بالطائرات تضرب أبراج مركز التجارة العالمي في نيويورك، وبدأت الأسواق الأوروبية وفيوتشرات الأسواق الأمريكية بالانهيار السريع، خصوصاً بعد أن تم الإعلان عن مخطط إرهابي يستهدف الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الفور تم الإعلان عن عدم فتح الأسواق الأمريكية لذلك اليوم، وتم إغلاق الأسواق الأوروبية التي كانت تعمل وقت الهجوم، وصعد البترول بشكل لم يسبق له مثيل وصعد معه الذهب وانخفض الدولار بحدة.. استمر إغلاق الأسواق لمدة أربعة أيام إلى أن انتهى الأسبوع، وما إن جاء يوم الإثنين التالي 17 أيلول (سبتمبر) وقبل افتتاح الأسواق حتى أعلن الفدرالي الأمريكي خفضا مفاجئ للفائدة مقداره 0.5 في المائة ليخفف من آثار الانهيار المتوقع عند افتتاح الأسواق، وانخفضت الفائدة نصفا في المائة من 3 في المائة إلى 2.5 في المائة.
استمر مشروع خفض الفائدة حتى منتصف عام 2003م وهي الفترة التي بدأ الاقتصاد الأمريكي فيها بالتعافي وكان ذلك بالتزامن مع حرب الإطاحة بصدام، واستمرت الفائدة عند 1 في المائة لمدة سنة كاملة حتى منتصف عام 2004م، حيث بدأ النمو بالتصاعد وبدأ التضخم يظهر جلياً بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وارتفاع أسعار المواد الأولية عالمياً بسب النمو العالمي الكبير وبسبب انخفاض الدولار المتسارع الذي تأثر بتبني سياسة الدولار الضعيف من قبل الإدارة الجمهورية الحالية، وكان الرفع خلال هذه الفترة منتظماً بمقدار ربع في المائة فقط، ولم توجد أي حالة لأي قرار استثنائي لرفع الفائدة .. سبعة عشر قراراً اعتيادياً قام بها البنك المركزي الأمريكي لرفع الفائدة من أقل مستوياتها 1 في المائة في منتصف 2004م إلى 5.25 في المائة في منتصف 2006م.
وفي آب (أغسطس) من 2007م، أدرك الفدرالي الأمريكي أن خفضاً طارئاً سيسجل من جديد في التاريخ، ولكنه سيدون في تاريخ برنانكي وليس جرينسبان هذه المرة، فقد أعلن الفدرالي الأمريكي يوم الجمعة 17 آب (أغسطس) 2007م وفى تمام الساعة 8:50 بتوقيت نيويورك خفضا مفاجئ للفائدة مقداره 0.5 في المائة، مع اختلاف بسيط، وهو أن الفائدة التي تم تخفيضها هي فائدة الخصم أو ما يعرف بـ Discount Rate وهي الفائدة التي تستخدم بين البنوك لتسوية المقاصات والقروض وغير ذلك، أما ما يعرف بـ Fund Rate فقد تم خفضها فعلاً في الاجتماع العادي للفدرالي الأمريكي يوم 18 أيلول (سبتمبر).

في الوقت الذي كان يتوقع فيه المحللون أن رفعاً للفائدة بات وشيكاً للسيطرة على التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية وفي العالم ولإنقاذ الدولار الذي بلغ مستويات قياسية في الهبوط، ظهرت إلى السطح مشكلة تدهور قطاع المساكن وما نتج عنها من مشاكل في القروض والصناديق الاستثمارية والرهن العقاري، الأمر الذي هدد الاقتصاد الأمريكي بالانهيار وربما الاقتصاد العالمي، وبعد موجة عنيفة من البيع بدأت من الولايات المتحدة وانتقلت إلى أوروبا ثم آسيا فالأسواق الناشئة وبعد تدخلات مباشرة من البنوك المركزية لضخ السيولة أفاق الفدرالي المركزى على حقيقة مهمة وهي أن الخيارات أمامه أصبحت قليلة جداً، وهي إما انهيار الاقتصاد الأمريكي بالكامل وربما العالمي بقيادة البنوك، وإما القبول بالتضحية بالنمو الاقتصادي.. لم يستغرق بن برنانكي كثيراً بالتفكير في الأمر لأن الوقت يمضي، و خزائن الفدرالي التي أنهكها بوش لن تستطيع أن تدعم الاقتصاد إلى ما لا نهاية.. لذلك كان الخيار الأمثل هو خفض الفائدة الطارئ وإنقاذ الاقتصاد، ليس ذلك فحسب، بل إن برنانكي صرح أن الفدرالي سيتدخل لإجراء المزيد من الخفض إن استدعى الأمر.
وبالفعل قام الفدرالي بإجراء خفض للفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع تشرين الأول (أكتوبر) 2007م، وربع نقطة آخر في اجتماع كانون الأول (ديسمبر) 2007م، إضافة إلى استمراره هو والبنوك المركزية الأوروبية واليابانية في ضخ السيولة اللازمة في النظام المالي الأمريكي.. ولكن تجري الرياح أحياناً بما لا تشتهي السفن.. فما إن انتهى العالم من الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية وعادت الأسواق للعمل من جديد حتى عادت المخاوف مرة أخرى من تأثير أزمة الرهن العقاري في القطاع البنكي وفي النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم.. وبدأت الأسواق العالمية من الشرق إلى الغرب مرورا بأسواق الشرق الأوسط بنزيف حاد، فقد فيه مؤشر "داو جونز" الصناعي نحو 14 في المائة خلال ثلاثة أسابيع وفقدت فيه الكثير من الأسواق الناشئة ما يزيد على 20 في المائة.. وأعلن دخول 43 سوقاً عالمياً في مرحلة الأسواق الهابطة Bear Market .. وما انتهت الولايات المتحدة الأمريكية من إجازة مارتن لوثر كينج وفي صباح يوم الثلاثاء 22 كانون الثاني (يناير) 2008م حتى خرج الفدرالي الأمريكي بقيادة بن برنانكي بقرار مفاجئ لخفض الفائدة بمقدار 0.75 في المائة إلى 3.5 في المائة، ولم يخف خطاب الفدرالي يومها نبرة القلق التي تسيطر على صانعي السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية .. استقبلت الأسواق الخبر بارتياح تام، وأخذت الأسواق العالمية باستعادة بعض الخسائر التي منيت بها خلال الأسابيع الماضية .. وفي يوم 30 كانون الثاني (يناير) 2008م أعلن الفدرالي الأمريكي مرة أخرى في اجتماعه الاعتيادي خفضا للفائدة بمقدار 0.5 في المائة لتصل الفائدة إلى 3 في المائة، وبذلك يكون الفدرالي الأمريكي قد خفض الفائدة بمقدار 1.25 في المائة خلال ثمانية أيام مما يعكس حالة الهلع الشديد التي يعيشها متخذ القرار في الولايات المتحدة.
بن برنانكي المحسوب على الجمهوريين، الذي ظلمه الزمن بأنه كان خلفا لجرينسبان لم تستطع شخصيته الأكاديمية في إقناع "وول ستريت" بجدوى قراراته، كما أن اسقلالية الفدرالي الأمريكي أصبحت على المحك، خصوصاً بعد أن أشار جرينسبان في كتابة The Age of Turbulence إلى أن مجلس الاحتياطي الأمريكي أصبح يخضع لضغوط السياسيين بدرجة كبيرة.

النمو الاقتصادي، الرهن العقاري، التضخم، الدولار الأمريكي، البطالة، قطاع المنازل ومشاكل الهدج فندز هي عبارة عن عناوين لفصول مريرة في حقبة الجمهوريين، ولن تكون هناك نهاية أجمل من "ركود اقتصادي" محدود المدة يراوح من سنة إلى سنتين على الأكثر ويبدأ من الربع الثاني من عام 2008م.. نعم هذه هي الحقيقة من وجهة نظرنا الاقتصادية البعيدة عن العاطفة ..ويبدو أن القدر سيقود الديموقراطيين مرة أخرى إلى الوصول إلى الحكم وتسلم الاقتصاد منهكاً كما حدث قبل 16 سنة، لكن الاختلاف الوحيد بين الحقبتين هو أن الديمقراطيين تسلموا الحكم من بوش الأب، والآن سيتسلمونه من بوش الابن.



مقال جدا رائع جزيل الشكر لمن نقله

متوقع
07-02-2008, Thu 6:11 PM
يعني انتم مستفيدين من الدولارات اللي بالبنوك ولا بفك العمله او ربطها ..

الامرين سيان بالنسبة لي كمواطن فالتضخم لن يراوح مكانه فكوه او كتفوه جعل الله الدولار يساوي ريالين الا ربع يا كريم .