المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ........ مع اجازة نهاية الاسبوع ........ من هو قارون ؟



دبي
24-01-2008, Thu 5:20 PM
قارون باختصار قوة من المال و السياسة
اعطاه الله مالا لا يعد و لا يحصى
فتكبر و تجبر وكفر بنعمة الله فاذاقه الله العذاب في الدنيا و توعده بعذاب الاخرة

للمزيد اقراء ما تم نقله من بعض المواقع

********************





الدروس المستفادة من قصة قارون

القرآن الكريم به الكثير من القصص. ومن تلك القصص الداعية للتأمل والتوقف قصة قارون مع قومه، ومع موسى (عليه السلام)، قارون الذي يمثل القوة الاقتصادية الطاغية في وقته، وحتما فهو يملك أيضا النفوذ السياسي والقوة السياسية في القصر الفرعوني، وهو بذلك يمتلك مصادر القوة والوجاهة والكلمة المسموعة. وموسى (عليه السلام ) وأتباعه الذين يمثلون الجانب الإيماني الداعي إلى الله تعالى بالكلمة والموعظة الحسنة والتذكير بالآخرة، مع عدم نسيان نصيب الدنيا والأخذ منها بقدر الحاجة ، لكن كان الرفض الشديد من الجانب الأول وبكل قوة مفتخرا بماله وجاهه، فكان ما كان.
قال تعالى: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى﴾

قارون من قوم موسى (عليه السلام)أي من ضمن الجماعة المرسل إليهم موسى عليه السلام.
1- قارون ليس من أهل موسى لأن أهله إلا المؤمنون بدعوته ورسالته،لأن الأهل لا يعتمد على درجة القرابة.
2-قد يكون من الذين أمنوا بدعوة موسى (عليه السلام) في أول الأمر، ثم ما إن فتح الله عليه من الأموال والكنوز نسي ما كان يدعى إليه؛ لاشتغاله بثروته، فتمرد على الحق والخير.
قال تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ.﴾
1- فتح الله تعالى عليه أبواب الثراء الفاحش من : ذهب وفضة ومعادن مختلفة.... .
2- امتلاكه العلم والمعرفة في طرق جمع المال.
3- امتلاكه طرق تمويل واستثمار المال وطرق حفظه وحمايته.
4- عمل جماعات من الخدم والحشم في حماية ماله وحفظ مفاتحه.
3- ظلم وبغي قارون تجاوز الحد، إذ ظلم نفسه وظلم قومه وتطاول عليهم .
4- ملك أسباب الوصول إلى الثراء الاقتصادي، حتى كان القطب الأعظم، مقابل القطب السياسي فرعون،والاثنان يمثلان احتكار السوق والتجارة، واحتكار أفكار وعقول الجماهير الساذجة التي رضيت بالواقع.
قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾
1- وجود دعاة في القوم يذكرون قارون بالله تعالى، معينين لموسى وأخيه عليهما السلام.
2- قولهم (لا تفرح) يعني لا تفرح فرح البطرين الناسين حقوق الله تعالى ، الفرح المؤدي إلى ظلم العباد واستبدادهم- الفرح الذي لا يأتي إلا بتعذيب واضطهاد الفقراء والضعفاء.
3- قومه هنا المؤمنون بدعوة موسى الحرصين لهداية قارون، العارفين ما سيؤول إليه أمره إن لم يؤمن ، وهم يمثلون الجماعة المؤمنة التي ترفع صوتها لتغيير الواقع وإصلاح ما فسد منه.
4- وقد يكون من بين القوم من غير المؤمنين أيضا، الذين أدى بهم ظلم وطغيان قارون إلى حالة من الضعف المادي والفقر والجوع والمرض؛ نتيجة احتكار قارون طرق المعيشة، وعند مشاهدتهم ما يقوله المؤمنون لقارون، تحرك فيهم الجرأة والشجاعة لأن يقفوا في صف المؤمنين.
قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾
1- تربى على يد موسى وأخيه دعاة من الطراز الأول ورثوا الدعوة وقاموا بواجبهم الدعوي بالأسلوب الجميل والعبارة الموجزة، وحوارهم مع قارون خير دليل.
2- تذكير قارون بأن عمله هذا هو عمل المفسدين ، إن لم يؤمن ويصرف الأموال في عمارة الأرض، ومساعدة المحتاجين.
3- تذكير قارون بأن يوازن في الإنفاق، بأن يحسن إلى الناس كما أحسن الله تعالى عليه.
4- قارون كان يظن أن عمله هذا هو عمل المصلحين في نظره ، ولكن في نظر المصلحين هو عمل المفسدين، فعمله إن استمر فإنه سيؤدي إلى فساد في الأرض، ويصيب الإنسان والحيوان والنبات والجماد.
قال تعالى: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾
1- التباهي بالعلم (على علم عندي)، علم لم يتعلمه من أحد لا يعترف بذلك، وهذه الكنوز والأموال هي نتيجة جدي واجتهادي وذكائي، لا دخل لأحد في ذلك.
2- حبه لأمواله سد عليه منافذ التفكير السليم، والتصرف الصحيح.
3- دخوله في دائرة كفران النعمة وكفر الإنكار والجحود.
4- حبه للتفاخر والتباهي والعظمة أمام الجماهير الحاضرة.
5- في قوله دلالة على أنه لا يعتمد على أحد في علمه، وأنه لا يريد أن يظهر ذلك.
6- حبه للظهور والتملك منعه من أن يعترف بوجود إله واحد أحد لا شريك له.
7- بما أنه يعتقد أن هذه الأموال نتيجة علمه، إذاً لا دخل لأحد فيه فلي الحق في التصرف كيف أشاء، حسب قوله.
8- على علم عندي، يعني لي الحق في اتخاذ الناس عبيدا، وكل ما عندهم فمن فضلي.
قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً.﴾
1- أدعى قارون العلم، لكنه نسي علوم التاريخ والسير وسقوط الظلم والطواغيت، وما جرى لأسلافه السابقين وما حل بهم نتيجة كفرهم وعنادهم.
2- وجود من هو أقوى منه، وأكثر جمعا وأموالا وعلما، جاء عليه العذاب والهلاك لكفرهم.
3- العلم والمال لا يمنعان وقوع العذاب والهلاك، وقد يأتي العذاب نتيجة التصرف الغير السليم للعلم والمال.
4- حب قارون للمال سد عليه منافذ التفكير السليم والاتعاظ لما مضى من هلاك الأقوام التي سبقته، نتيجة كفرهم وطغيانهم.


قال تعالى: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ.﴾
1- ليقوم قارون إخفاء عجزه أمام الجماهير وأمام الدعاة، قام بخطة لإلهاء الجماهير وهو الخروج بزينته بماله وذهبه وحليه ليسحر أعين وقلوب الحاضرين من الذين يبهرهم المال ويسلبهم عقولهم .
2- عرض القوة المادية والاقتصادية، في ظنه أنها تقهر المقابل وتغريه، وتثبطه عما يدعوا إليه.
3- إلهاء السواد الأعظم من الجماهير عما يدعوا إليه موسى (عليه السلام) وأتباعه.
4- بعمله هذا قد يريد ميل قلوب بعض المؤيدين لموسى (عليه السلام) لجانبه.
قال تعالى: ﴿قَالََ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ.﴾
1- صنف في كل زمان ومكان، وهم أكثر الناس يتمنون أن يكون عندهم ما عند الغني من المال والكنوز.
2- هذا الصنف يمتاز بضعف الإيمان وتأرجحه وعدم ثباته في الشدائد.
3- قد ينطبق عليه صفة التحامل، إذ أكدوا بحظيّة قارون.
4- شعورهم بالدونية والازدراء من أنفسهم نتيجة لفقرهم، أو لضعفهم أمام قارون.
5- قد يكون هذا اختبار من الله تعالى ليمتحن به المؤمنين، ويمحصهم بمال قارون وزينته.
قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ.﴾
1- صنف آخر وعى الحق والحقيقة، علم حقيقة الدنيا والآخرة، وهم عارفين بالنفوس المريضة العالقة بحب الدنيا.
2- صنف يعلم أن الآخرة خير وأبقى من كنوز الدنيا وليس كنوز قارون فقط.
3- دعاة قوم موسى – بعد أن وعظوا قارون – قاموا بواجبهم الدعوي والإيماني بتذكير هؤلاء الذين سيطر على عقولهم وقلوبهم عرض قارون لزينته، تذكيرهم بأهمية الإيمان والعمل الصالح للنجاة في الدنيا والآخرة.
4- صنف علموا أن القناعة خير علاج لمواجهة زينة قارون وماله.
5- لعل هذا التذكير يقلل من عدد الساقطين، لذا عمد الدعاة إلى بيان أهمية العمل الصالح في الدنيا والآخرة، وتحريك الجانب الإيماني الذي كشف عن ضعفه في قلوب بعض المؤمنين بهذا العرض .
قال تعالى: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ. ﴾
1- يسير هذا الكون وفق سنن إلهية كونية إلى يوم القيامة.
2- خسف قارون وثروته هو جزاء عمله السيئ وظلمه وطغيانه وبغيه، وكفره بموسى (عليه السلام) ودعوته.
3- أنصار الطغاة في الرخاء كثيرون، لأنهم أصحاب مصالح مشتركة، لكن إن يتعلق الأمر بأمر مصيري فلا أحد يعرف أحد ، ألا ترون معي أن قارون رغم قوته وثروته لم يتقدم أحد لنصرته ولو بكلمة واحدة عند وقوع العذاب.
قال تعالى: ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ.﴾
1- بيان أهمية التذكير الإيماني إذ أوقد فيهم تذكير إخوانهم السابق لهم جذوة الإيمان الخامد في قلوبهم في لحظة من لحظات الغفلة والنسيان، بسبب عرض قارون بزينته، حيث أنابوا إلى الله تعالى بعد ما رأوا مصير قارون أمام أعينهم وما صار إليه . أيقنوا أن الله تعالى هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء، وأن لا علاقة الحظ في ذلك فقط هو توريث المال باتخاذ الأسباب المؤدية إلى ذلك، لأن الله تعالى هو الواهب المعطي المانع، يعطي من يشاء ويمنع عن من يشاء للاختبار والابتلاء.
2- نجاة المؤمنين وهلاك الظالمين، هذا شأنهم إلى يوم القيامة.
الدروس والعبر
1- الدعوة بين الأغنياء وأصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي، وعدم تركهم وإهمالهم.
2- صاحب الثروة والجاه إن لم يكن مؤمنا بالله تعالى فهو حتما سيظلم ويطغى على عباد الله .
3- يمثل قارون اليوم مؤسسات وشركات الاحتكار ومنظمات التجارة والاقتصاد التي تبتز أموال الفقراء والضعفاء من عباد الله بحجج واهية، أو مساعدتهم بشروط قاسية.
4- سيطرة فئة قليلة من الأثرياء على خيرات الملايين من الناس ومنعهم من العيش بأمان وطمأنينة، وما نلاحظه في أفريقيا وآسيا من جوع وفقر ومرض، وما سببه إلا الدول الغنية والحكومات الفاسدة والشركات الاحتكارية.
5- بصورة مباشر أو بغير مباشر الثروة تؤدي إلى السياسة، والمشاركة في صناعة القرار السياسي والاقتصادي، وقد تخفى على الكثير من الناس هذا الأمر.
6- حماية المال العام وثروة الدولة باسم الأمن العام، أو الأمن القومي، أو باسم مصلحة الشعب، حيلة قديمة.
7- خداع السذج من الناس بتوظيف بعض العمال العملاء لحماية الممتلكات الخاصة باسم ممتلكات الشعب.
8- إلهاء الأنظمة الفاسدة جماهيرها بمناسبات: ( فنية- حفلات، مهرجانات ، بطولات، مسابقات) عند شعورها بالخطر، أو لغرض تمرير بعض القرارات، أو لإخفاء ما يجري خلف الكواليس.
9- وجود دوما من يدافع عن الظالم الباغي الذي يربط بينهم مصالح مادية مشتركة.
10- عند الشدة والعسرة لا أحد ينتصر لأحد، لأن عقد المصالح إلى زوال، وقد يحيك بعضهم للبعض الدسائس في السر.
11- وجود فئة أو جماعة مؤمنة تفكر وتنظر بعين الرضا إلى الأمور في كل زمان ومكان، وهي تضع مصلحتها جانبا لأجل مصلحة الجماهير.
12- تربية الدعاة على أسلوب الحوار والتفكير الهادئ.
13- التأكيد على التربية الإيمانية والروحية إلى جانب التربية الدعوية.
14- الفرح الذي ينشط القلب والتفكير والمزاج، الفرح بالحسنات والأعمال الصالحة فرح مطلوب، أما الفرح الذي ينسي الآخرة ويؤدي إلى البطر والغرور فهو فرح مذموم.
15- جمع المال وسيلة وليس غاية.
16- صاحب المال عند بعده عن الله تعالى، يعتقد أنه بحنكته وذكائه وشطارته جمع هذا المال ولا دخل لله في ذلك.
17- العلم المؤدي إلى المعرفة تصنع القوة الاقتصادية والسياسية وتساهم في صنع الحضارات.
18- الترف عامل من أقوى العوامل وأشدها تأثيرا في سقوط الأفراد والأمم والجماعات والدول، إلى هاوية الهلاك، وخاصة إن كان هذا الترف يبدأ من رأس السلطة السياسية والاقتصادية، فإن ساعة الهلاك تكون وشيكة.
19- أصحاب الإيمان الضعيف يتمنون أن يكون لهم مثل ما عند الأغنياء من أموال وكنوز( سيارات، عقارات، قصور، أرصدة،.....، ) لحسبهم أن ذلك مردّه إلى الحظ والنصيب.
20- عمر الظلم قصير مهما طال وتجبر.
21- نهاية قارون درس لكل دولة أو فرد أو حكم أو حزب أو مؤسسة، دكتاتوري، طاغي، متجبر ، على رقاب العباد إلى يوم القيامة.
22- هلك الله تعالى مال قارون معه لكي لا يفتن الذين من بعده ويتنافسوا على الدنيا، فيصبح في المجتمع قارونات عدة فينسوا الآخرة، ويكون دعوتهم أشد لتعلقهم بالدنيا.
23- اليوم عندما يسهّل الله تعالى زوال قارون وخاصة عن طريق القوة يبقي على ماله أحيانا ًليرى كيف يتعامل الآخرون مع هذا المال من سلب وغصب واقتتال من اجله، والذي ينجوا لا ينجوا من الفتنة وذلك لمنافسة بعضهم البعض على الاستحواذ أكثر.
24- وجود الجماعة المؤمنة، العالمة، المفكرة، التي تستطيع أن تحلل المواقف وتفسرها.
25- وجود الجماعة الحريصة لهداية الحيارى من الناس، في خضم الصراع النفسي والاجتماعي والاقتصادي، التي تشهده المجتمعات.
26- نشر الفكر الوسطي المعتدل بعيدا عن العنف والتطرف، بالوسائل الممكنة والمتاحة.
27- العلم إن لم يرافقه التقوى يؤدي إلى الكفر والإلحاد.
28- ضرورة وجود جماعة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في المجتمع.
29- ضرورة وجود جماعة، أو مجموعة منظمة ، أو مؤسسة خاصة تقول للغني ، من أين لك هذا؟ وخاصة إن كان هذا الغني في موقع من مواقع السلطة، ولم يعرف عنه الغنى من قبل، ومحاسبته أمام القانون.
30- استغلال الفرص للقيام بواجب الدعوة والتذكير، وخاصة المناسبات.
31- الله تعالى يعطي زينة الدنيا للمؤمن وللكافر عند اتخاذه الأسباب.
32- عند الأزمات على الجماعة أن تركز على التربية الداخلية، والحفاظ على الموجود لتقليل عدد المتساقطين.
33- الدعوة إلى العمل الدنيوي إلى جانب العمل الأخروي، مع مراعاة أن لا يطغى جانب على جانب.
34- تقوية الاقتصاد الداخلي والاكتفاء الذاتي،لمواجهة حالات التضخم أو العجز المالي، أو بسبب طوارئ السوق العالمية.
35- التربية بالأحداث خير معين للجماعة لتمحيص الصف الداخلي، وكشف المعادن من الدعاة.
36- الجماعة الناجحة هي التي تفسح المجال مرة أخرى لعودة المتساقطين للانضمام لصفوفها، بعد اختبارهم وتزكيتهم.
37- الصمود أمام الفتن يتطلب إيمان راسخ في قلب ثابت.
38- السقوط في طريق الدعوة والإيمان سنة ماضية إلى يوم القيامة؛ لذا يجب معرفة الأسباب المؤدية إلى ذلك علاجها.
39- ضرورة بقاء جذوة الإيمان متقدة في قلوب الدعاة ، ليتمكنوا من القيام بواجبهم الدعوي، وهذا يتطلب خلوات فردية أو جماعية لمراجعة الذات، أو النظر في سير الصالحين وكيف تعاملوا مع الدنيا .
40- الولوج في عالم التجارة والمال واجب مطلوب لتحقيق الكفاية المادية للفرد وللجماعة،ولأجل ذلك لابد من استثمار العقول النقية والتقية في ذلك.
41- تربية الدعاة أولا، والمؤمنين ثانيا على الرضا بما قسمه الله تعالى من زينة الدنيا من أموال وثروات في الفقر والغنى، إذ أكثر ما نخشاه هو فتح زينة الدنيا المؤدي إلى النكوس والقعود، ثم السقوط في النهاية إذا كانت البداية فاسدة.
42- تربية الدعاة على فقه التوازن الدنيوي والأخروي، لأن أكثر الساقطين في طريق الدعوة سببه المال أو إحدى طرق جمعه وامتلاكه.
43- يمكن أن يتكرر صور العذاب والهلاك في الوقت الحاضر ، بصور شتى .إن هلك قارون موسى فإن هناك قارونات كثر على مر التاريخ. وما أكثر اليوم من يقول : ( إنما أوتيته على علم عندي) .
44- عدم ذكر أسماء الدعاة دلالة على الإخلاص والصدق مع الله تعالى .
45- نجاة المؤمنين وهلاك الظالمين مستمر إلى يوم القيامة
----------- منقول ------
http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show_det&id=1033&select_page=17



**************************************

دبي
24-01-2008, Thu 5:21 PM
قارون وفتنة العصر



في رحاب الآيات :
يقص الله سبحانه وتعالى علينا في الآيات البينات قصة رجل من بني إسرائيل آتاه الله مالاً كثيراً، وعلماً غزيراً، فبغى بماله، وتكبر بعلمه، ومارس البغي والكبر على الناسن ففتن الجاهلين، الذين لا يعلمون حقائق الأمور، أصحاب النظرة الدنيوية غير السوية وعلم العالمون أهل العلم النافع والعقيدة الصحيحة والثوابت الإيمانية والنفوس السويِّة، عَِلموا حقائق وثوابتها فلم يقفوا مكتوفي الأيدي، بل نصحوا لقارون ونصحوا للجاهلين، فازادوا قارون عناداً وتكبراً وطغياناً، ورفض العلم العلم النافع، والنصيحة المخلصة الصواب، فازداد الجاهلون فتنة بزينة قارون وماله، وعم فساده الديار والعباد، وكان لابد من رحمة الله وأمره الفاصل في تلك القضية الخطيرة.
الجزاء من جنس العمل :
وفي وسط الفتنة وطغيانها، يرحم الله تعالى عباده من هذه المأساة الطاغية، وينزل سبحانه عقابه برأس الفتنة، فيفيق الغافلون الجاهلون من غفلتهم وفتنتهم ويعلمون جهلهم وقصور نظرتهم، ويزداد العالمون إيماناً ويقيناً وتثبيتاً ومكانة وعلماً، ويجني الطاغي الباغي ثمرة طغيانه وبغيه ويعرف نهاية غروره وكفرانه بأنعم الله.
القصة تجسد القضية :
وتظل تلك القصة شاهدة ومجسدة لجانب من جوانب الصراع الدائم بين الحق والباطل، والاعتدال والطغيان، والعلم والجهل، والهداية والفتنة، وعشاق الفانية والعاملين للباقية.
تلك القصة المتكررة في تاريخ البشرية دائماً، والتي ازدادت استعاراً في عصرنا المادي، حيث طغت التربية المادية الدارونية الحيوانية الجسدية، على التربية السوية المتزنة الإيمانية.
فزهى العلم المادي الخالي من القيم الدينية، وطغى العلم المادي بعلمهم وبغوا، وازدادوا في طغيانهم وفاض بعد أن جمعوا بين بلايا قارون وأمراض قوم لوط، وعقائد عاد وثمود، وتأله فرعون والنَّمرود وفلسفة أبي لهب، وأبي جهل، ومسيلمة الكذاب، ولينين، وماركس، وهولاكو، وريان، ورادوفان، وساتر، وسلمان رشدي وغيرهم من بني جلدتنا.
بطل القصة ومسلكه مع قومه :
يقول الله تعالى ( إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم )(2).
يقول الدكتور الزحيلي(3):أي أن قارون الذي أصبح مضرب المثل والغنى والثروة والظلم والعتو كان من بني اسرائيل تجبر وتكبر بكثرة ماله، وتجاوز الحد في ظلمهم وطلب منهم أن يكونوا تحت إمرته مع أنه قريبهم.




وظلم ذي القربى أشد غضاضة على المرء من وقع الحسام المهند

وقال الشيخ ابن السعدي(4) رحمه الله تعالى : يخبر الله تعالى، عن حالة قارون، وما فعَل وما فُعل به، ونُصح ووعظ فقال (تعالى ) : (إن قارون كان من قوم موسى (5)أي من بني إسرائيل الذين فُضِّلوا على العالمين، وفاقوهم في زمانهم، وامتن الله عليهم بما أمتن به، فكانت حالهم مناسبة للاستقامة.
ولكن قارون هذا، انحرف عن سبيل قومه (فبغى عليهم)(6)، وطغى بما أوتيه من الأموال العظيمة (أ. هـ) .
هكذا تبدأ القصة فتعين اسم بطلها (قارون) وتحدد قومه (قوم موسى) وتقرر مسلكه مع قومه هو مسلك البغي (فبغى عليهم )(7) .
سبب البغي :
قال تعالى : (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة )(8) .
قال الدكتور الزحيلي (9) : أي وأعطيناه من الأموال النقدية العينية المدخرة التي يثقل بحمل مفاتيح خزائنها العصبة (رضي الله عنهما ) القوية من الناس، قال ابن عباس (رضي الله عنهما) : إن مفاتيح خزائنه كان حملها أربعون رجلاً من الأقوياء (أ .هـ).
وقال الأستاذ سيد قطب رحمه الله (10) : إن سبب البغي هو الثروة (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة )(11)، ثم تمضي بعد ذلك في إستعراض الأحداث والأقوال والأنفعالات التي صاحبتها في النفوس.
لقد كان قارون من قوم موسى، فآتاه الله مالاً كثيراً، يصور كثرته بأنه كنوز ـ والكنز هو المخبوء المدخرة من المال الفائض عن الاستعمال والتداول بأن مفاتح هذه الكنوز تعيي المجموعة من أقوياء الرجال... من أجل هذا بغي قارون على قومه .
ولا يذكر (الله سبحانه وتعالى) فيم كان البغي ليدعه مجهلا يشمل شتى الصور .
فربما بغي عليهم بظلمهم وغضبهم أرضهم وشياءهم كما يصنع طغاة المال (والجاه) في كثير من الأحيان (12).
وربما بغي عليهم يحرمانهم حقهم في ذلك المال، حق الفقراء في أموال الأغنياء، كي لا يكون دُولةً بين الأغنياء، كي لا يكون دولةً بين الأغنياء وحدهم ومن حولهم محاويج إلى شيء منه، فتفسد القلوبن وتفسد الحياة وربما بغي عليهم بهذه وبغيرها من الأسباب (أ. هـ ) .
من صور البغي الحديثة :
ومن صور البغي الحديثة استغلال الأغنياء حاجة الفقراء والعاملين، والتعاقد معهم على العمل بأجور متدنية لا تكفي أعباء المعيشة اليومية، ولا تؤمن للمتعاقد والعامل حياته، وحياة من يعول، وكلما ارتفعت الأسعار العالمية واشتدت حاجة الناس للمال، زاد بغي الأغنياء سواء كانوا دولاً أو شركات أو أفراد وقللوا من رواتب الناس، وقد يتعاقد أحدهم على راتب ويظل يعمل به لمدة خمسة عشرين عاماً لا يؤيد علاوة واحدة والأسعار تزيد بجنون من حوله والأدهى والأمر أن يساوم صاحب المال المتعاقد على تخفيض الراتب أو انهاء التعاقد، وكلما أشتد حاجة الناس زاد البغي وهذا ما نراه في رواتب العمال والمتعاقدين الذين يعطون أجراً شهرياً يصرفه رب المال في سويقات قليلة، وهذا يفجر الحقد في النفوس، وجعل الناس يحقدون على الأغنياء بسبب هذا البغي وهذا الظلم، وقد ترتب على هذا البغي أمراً أمراضاً خطيرة، فقد ترك الرجال أسرهم ونساءهم في دولتهم لضعف الرواتب فضاع الرجل في مكان التعاقد، وضاعت الأسرة والمرأة في الموطن الأصلي، وتفككت العلاقات وضاعت القيم كل ذلك ببغي الطغاة بأموالهم وسلطانهم.
معالجة أهم أمراض العصر:
" وعلى أية حال فقد وجد (قارون ) من قومه من يحاول رده عن هذا البغي، وإرجاعه إلى المنهج القويم، الذي يرضاه الله في التصرف بهذا الثراء وهو نهج لا يحرم الأثرياء ثراءهم، ولا يحرمهم من المتاع المعتدل بما وهبهم الله من المال، ولكنه يفرض عليهم القصد والاعتدال وقبل ذلك يفرض عليهم مراقبة الله الذي أنعم عليهم، ومراعاة الآخرة وما فيها من حساب قال تعالى :( إذا قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد من الأرض، إن الله لا يحب المفسدين)(13).
قال الدكتور الزحيلي(14): أي قال له جماعة من بني إسرائيل من النصحاء، حينما أظهر التفاخر والتعالي: لا تبطر ولا تفرح بما أنت فيه من المال، فإن الله لا يحب الأشريين البطرين الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم ولا يستعدون للآخرة، أي يبغضهم ويعاقبهم كقوله تعالى (كي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور ) (15).
" وفي هذا القول، جماع ما في المنهج الإلهي القويم من قيم، وخصائص تفرده بين سائر مناهج الحياة(لا تفرح ) : فرح المزهو المنبعث من الاعتزاز بالمال، والاحتفال بالثراء، والتعلق بالكنوز والابتهاج بالملك والاستحواز.. لا تفرح فرح البطر الذي ينسي النعم بالمال، وينسى نعمته، وما يجب لها من الحمد والشكران . لا تفرح فرح الذي يستحقه المال، فيشغل به قلبه ويطير له لبه ويتطاول به على العباد.
(إن الله لا يحب الفرحين)،فهم يررونه (أي المال) بذلك أي الله، الذي لا يحب الفرحين المأخوذين بالمال، المتباهين، المطاولين بسلطانه على الناس (أ.هـ) (16).
وهنا نقول : لقد عالجت الآية الكريمة في قوله تعالى (لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين )(17) عالجت أهم مواقف العصرالحديث، وهو الفرح بالمال، والتعالي على الناس به، ومحاولة إذلال عباد الله بمال الله وقد انتقلت العدوى الفيرو (18) مالية من فرد إلى فرد، ومن جماعة إلى جماعة، ومن بلد إلى بلد حتى أصبح في العالم بلدان تذل بلداناً أخرى بثرائها وتسيطر على شعوبها بما تقدمه لها من معوقات ومساعدات، وتتحكم في سياساتها الداخلية والخارجية وحتى تحديد نسلها، وعلاقة الرجل بزوجه، بهذا المال.
وترى أفراد هذه الدول يتعالون ويتطاولون على أبناء الدول الفقيرة، ويفرحون بما آتاهم الله من ثروات طبيعية، وقوى بشرية، وتقدم تقني ولهذا أصبحت هذه الشعوب قارونية الهوية والمسلك والسلوك.
ومن هنا أصبحت القارونية ظاهرة عالمية سبق القرآن فيها العالم الحديث فعالجها معالجة إسلامية عالمية فريدة.
المنهج الالهي في التمتع بنعم الدنيا:
النصيحة الثانية التي نصح بها العالمون قارون تجلت في قوله تعالى ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة )(19) أي قد حصل عندك من وسائل الآخرة ما ليس عند غيرك من الأموال، فابتغ بها، ما عند الله، وتصدق ولا تقتصر على مجرد نيل الشهوات وتحصيل الملذات(20).
وقال الدكتور الزحيلي في ذلك (21) : أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة ( استعملها ) في طاعه ربك والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة فإن الدنيا مزرعة الآخرة (أ . هـ).
وفي هذا يتمثل اعتدال المنهج الإلهي القويم، المنهج الذي يعلق قلب واجد المال بالآخرة، ولا يحرمه أن يأخذ بقسط من المتاع في هذه الحياة، بل يحضه على هذا، ويكلفه إياه تكليفاً كي لا يتزهد الزهد الذي يهمل الحياة ويضيعها .
لقد خلق الله طيبات الحياة ليستمتع بها الناس، وليعملوا في الأرض لتوفيرها وتحصيلها فتنموا الحياة وتتجدد وتتحقق خلافة الإنسان في الأرض، ذلك على أن تكون وجهتهم في هذا المتاع هي الآخرة، فلا تنحرفوا عن طريقها، ولا يشتغلون بالمتاع عن تكاليفها، والمتاع في هذه الحالة لون من ألوان الشكر للمنعم، وتقبل لعطاياه وانتفاع بها، فه طاعة من الطاعات يجزي عليها العبد بالحسنى وهكذا يحقق هذا المنهج التعادل والتناسق في حياة الإنسان )(22).
وهذا درس إلهي لمن يتصور أن التدين معناه حرمانهم من متع الحياة، وأن الدين يدفعنا نحو الانعزال عن الحياة، وقد ظن البعض أن المرأة إذا امتثلت شرع ربها فقد دفنت في البيت، الذي يجب أن لا تخرج منه إلا للزواج أو الدفن، هذا فهم كنسي للحياة لقد خلق الل النعم لينعم بها الإنسان بلا بغي ولا أهمال.
أن التصورات الخاطئة للإسلام ولشرع الله جعل الناس ينفرون من دين لم يتعَّرفوه، وشرع لم يتعلَّموه، إن في الزواج سنة، وفي الجماع صدقة، وفي إحكام الزواج صدقة، وفي مداعبة الزوج صدقة، وحسنة، والتمتع بنعم الله، بشرع الله شكر الله، غفل عنه الغافون فتاهوا في متع الحياة .
الموعظة الحسنة :
ونصل معاً في مشاهدة قصة قارون إلى الموعظة الثالثة التي وعظه بها العالمون من قومه حيث قالوا له كما قال الله تعالى (ولا تنس نصيبك من الدنيا )،أي ما أباح الله فيها من المشاكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح (والمراكب) فإن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاًَ، ولزَورِكَ (أي زوارك) عليك حقاً فآت كل ذي حق حقه(23).
وقال الشيخ السعدي (24): أي لا نأمرك أن تتصدق، واستمتع بدنياك، لا يثلم دينك، ولا يضر آخرتك(أ.هـ).
وهذه هي وسيطة الاسلام في الحياة، قال ابن عمر (رضي الله عنهما) اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ) (25).
وهكذا يحقق هذا المنهج التعادل والتناسق في حياة الإنسان (تعادل وتناسق) يمكنه من الارتقاء الروحي الدائم من خلال حياته (السوية ) المتعادلة التي لا حرمان فيها، ولا اهدار لمقومات الحياة الفطرية البسيطة (26).
وأحسن كما أحسن الله إليك:
أما النصيحة والموعظة الرابعة التي وعظ بها قارون فهي قول قومه له (وأحسن كما أحسن الله إليك)(27) أي أحسن إلى خلقه كما احسن هو إليك بهذه الأموال (28).
فهذا المال هبة من الله وإحسان فليقابل بالإحسان فيه، إحسان التقبل وإحسان التصرف، والإحسان به إلى الخلق وإحسان الشعور بالنعمة وإحسان الشكران. (29).

آية كافية في منع الفساد في الأرض:
قال تعالى( ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) (33)قال ابن السعدي رحمه الله : (الفساد) بالتكبر والعمل بمعاصي الله والاشتغال بالنعم عن المنعم (34) وقال ابن كثير رحمه الله : أي لا تكن همتك بما أنت فيه أن تفسد في الأرض وتسيء إلى خلق الله (إن الله لا يحب المفسدين )(35).
فالفساد بالبغي والظلم، والفساد بالمتاع المطلق من مراقبة الله ومراعاة الآخرة، والفساد بملء صدور الناس بالحرج والحسد والبغضاء، والفساد بإنفاق المال في غير وجهه أو إمساكه عن وجهه على كل حال ( إن الله لا يحب المفسدين )(36)، فكم من أناس أفسدوا في الأرض بما يمولونه من محطات فضائية يجمعون فيها الفاتنات ويبثون برامج الرقص والغناء والمسابقات التافهة وبرامجهم تناقش قضايا فساد وإفساد، وقد ترك لهؤلاء القوم العنان يبثون ما شاءوا وكأنهم أحرار في أموالهم وفي تبني ما يشاءون من المفاسد.
وهكذا كل مصدر الفساد والإفساد تندرج تحت قوله تعالى : (إن الله لا يحب المفسدين).
يقول صاحب تفسير الظلال رحمه الله (وهكذا ) أي قارون نموذج متكرر في البشر، فكم من الناس يظن أن علمه وكده هما وحدهما سبب غناه، ومن ثم فهو غير مسؤل عما ينفق وما يمسك، غير محاسب على ما يفسد بالمال وما يصلح، غير حاسب لله حساباً، ولا ناظر إلى غضبه ورضاه(40).
الإسلام والملكية الفردية والجماعية :
كما يقول صاحب تفسير الظلال رحمه الله فإن الإسلام يعترف بالملكية الفردية ويقدر الجهد الفردي الذي بذل في تحصيلها من وجوه الحلال التي يشرعها، ولا يهَّون من شأن الجهد الفردي أو يلغيه، ولكنه في الوقت ذاته يفرض منهجاً معيناً للتصرف في الملكية الفردية، كما يفرض منهجاً لتحصيلها وتنميتها وهو منهج متوازن متعادل لا يحرم الفرد ثمرة جهده ولا يطلق يده في الاستماع به حتى الترف (والإسراف)، ولا في امساكه حتى التقتير.
يفرض (الإسلام ) للجماعة حقوقها في هذا المال ورقابتها على طريق تحصيله، وطرق تنميته وطرق انفاقه والاستمتاع به، وهو منهج خاص واضح الملامح مميز السمات(41).
وتطاول الطاغي وأعرض واستكبر:
لم يستمع (قارون) إلى نداء قومه، ولم يشعر بنعمة ربه ولم يخضع لمنهجه القويم، وأعرض عن هذا كله في أستكبار لئيم، وفي بطر ذميم ومن ثم جاءه قول ربه (أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً ولا يسأل عن ذنوبه المجرمون)(42)
وهكذا مشهد التطاول والإعراض عن المنهج والتعالي على الفطنة والإصرار على الفساد والإعترار بالعلم والمال(43).
موكب الفتنة :
ونصل مع قصة قارون إلى موكب الفتنة حين خرج قارون بزينته على قومه، فتطير قلوب فريق منهم، وتتهاوى نفوسهم، ويتمنون لأنفسهم مثل ما أوتي قارون، ولقلة علمهم، ولقراءاتهم الخاطئة بجهلهم للأحداث يظنون أنه أوتي حظاً عظيماً يتشهاه المحرومون الجاهلون.
على حين يقرأ العالمون الأحداث ومعطياتها قراءة صحيحة بعلمهم، فيستيقظ الإيمان في قلوبهم فيعتزون به على فتنة المال وزينة قارون وموكبه الفاتن، ويقومون بواجبهم الشرعي والعلمي والنفسي والإجتماعي والتاريخي فيذكرون أخوانهم المبهورين المأخوذين يذكرونهم في ثقة المؤمنين وملوك العارفين .
قال تعالى واصفاً موكب الفتنة : (فخرج على قومه في زينته، قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم، وقال الذين أوتو العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون (44).
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير ذلك: إنه خرج ذات يوم على قومه في زينة عظيمة، وتجُّمل باهر من مراكب وملابس عليه وعلى خدمه وحشمه، فلما رآه من يريد الحياة الدنيا، ويميل إلى زخرفها وزينتها تمنوا أن لو كان لهم مثل الذي أعطى قالوا (يا ليت مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم )(45) أي : ذو حظ وافر في الدنيا.
فلما سمع مقالتهم أهل العلم النافع قالوا : (ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاًً )(46) ، أي جزاء الله لعباده المؤمنين الصالحين في الدار الآخرة خير مما ترون، كما في الحديث الصحيح يقول الله تعالى (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)(47)واقرؤوا إن شئتم (فلا تعلم نفس ما أخف لهم من قرة أعين جزءً بما كانوا يعملون )(1) وقوله (ولا يلقاها إلا الصابرون ) (48).
قال السدي : وما يلقى الجنة إلا الصابرون كانه جعل ذلك من تمام كلام الذين أوتوا العلم، قال ابن جرير: وما يلقي هذه الكلمة إلا الصابرون عن محبة الدنيا، الراغبون في الدار الآخرة، وكأنه جعل ذلك مقطوعاً من كلام أولئك وجعله من كلام الله عز وجل وأخباره بذل(49).
وقال صاحب الظلال رحمه الله : وهكذا وقفت طائفة منهم أمام فتنة الدنيا وقفة المأخوذ المبهور المتهاوي المتهافت.
ووقفت طائفة أخرى تستعلي على هذا كله بقيمة الإيمان، والرجاء فيما عند الله والاعتزاز بثواب الله، والتفت قيمة المال وقيمة الإيمان في الميزان وفي كل زمان ومكان تستهوي زينة الأرض بعض القلوب وتبهر الذين يريدون الحياة الدنيا ولا يتطلعون إلى ما هو أعلى وأكرم منها، فلا يسألون بأي ثمن اشترى صاحب الزينة زينته، ولا بأي الوسائل نال ما نال من عرض الحياة الدنيا من مال أو منصب أو جاه ومن ثم تتهافت نفوسهم وتتهاوى كما يتهافت الذباب على الحلوى (المسمومة ) ويتهاوى ويسيل لعابهم على ما في أيدي الحظوظين من متاع، غير ناظري إلى الثمن الباهظ الذي أدوه، ولا الطريق الدنس الذي خاضوه، ولا إلى الوسيلة التي اتخذوها.
فأما لمتصلون بالله فلهم ميزان آخر يقيم الحياة في نفوسهم، وفي نفوسهم قيم أخرى غير قيم المال والزينة والمتاع.
وهم أعلى نفساً وأكبر من أن يتهاووا ويتصاغروا أمام قيم الأرض جميعاً ولهم من استعلائهم بالله عاصم من التخاذل أمام جاه العباد وهؤلاء هم (الذين أوتوا العلم )(50).
العلم الصحيح الذي يقوّمون به الحياة حق التقويم (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون) (51).
وقال رحمه الله: " ثواب الله خير من هذه الزينة وما عند الله خير مما عند قارون، والشعور على هذا النحو درجة رقيقة لا يلقاها إلا الصابرون.
الصابرون على معايير الناس ومقاييسهم الصابرون على فتنة الحياة وإغرائها، الصابرون على الحرمان مما يتشهاه الكثيرون، وعندما يعلم الله منهم الصبر كذلك يرفعهم إلى تلك الدرجة، درجة الاستعلاء على كل ما في الأرض والتطلع إلى ثواب الله في رضى وثقة واطمئنان )( أ. هـ ).
القصة وموازين القرن العشرين الميلادي:
وهكذا أخوة الإسلام تجسد الآيات قصة قارون، وتجسد فتنة العصر، وكل عصر، وخاصة العصر الذي نعيش فيه، حيث ترجح الآن كفة الذين يريدون الحياة الدنيا.
ويجسدون القارونيين في القرن العشرين الميلادي وبداية القرن الحادي والعشرين، يجسدونهم على ما آتاهم الله من بنايات شاهقة، وسيارات فارهة، وأموال طائلة، وخدم وحشم، وزينة وجمال أجساد، فتراهم يسارعون في جمع الأموال بالطرائق المشروعة وغير المشروعة، وباستغلال عباد الله، ويمنعون عباد الله حقوقهم المشروعة، ويفتنونهم بأموالهم وزينتهم وتكبرهم ومظاهرهم الكاذبة، ونرى من يكذب ويقلد هذه الفئة القارونية ويرفعها إلى درجة عالية، ولكن الله الرحمن الرحيم له عباد فطن يعلمون حقائق الأمور تراهم رغم ثرائهم، ورغم ما أعطاهم الله من فضله، تراهم متواضعين متصدقين حامدين عابدين شاكرين. يخافون ربهم ويخشون عذابه، ويرجون ثوابه وهؤلاء هم (عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً) (52).
وإذا فتن الجاهلون الناس كانوا هم في جانب العلم والقيم والفضيلة وهؤلاء هم الأمرون بالمعروف الناهون عن المنكر.
ولكن عندما تشتد الفتنة وتستعر يأمر الله بانقاذ الناس من التفنة، وهذا ما يجسده المشهد التالي من قصة قارون، وندعوكم أخوة الإسلام إلى مواقع الأحداث حيث المشهد الحاسم للقضاء على الطاغية ورأس الفتنة.
وجاء أمر الله :
وتنقلنا الآيات في نقل مباشر إلى مواقع الأحداث في قصة قارون، حيث تسجل لنا اللحظة الحاسمة في حياة قارون والمفتونين به، والناصحين العالمين فتصور لنا الآيات المشهد الأخير من فتنة العصر فعندما بلغت الفتنة ذروتها، وتهافتت أمامها النفوس، وتهاوت القيم، وهنا يأمر الله سبحانه وتعالى بوضع حد لتلك الفتنة، ليرحم عباده الضعفاء من أغرائها، ويثبت فؤاد أهل العلم النافع والدين القيم، ويحطم كبرياء الطاغين، ويجيء المشهد الثالث حاسماً فاصلاً موجزاً معجزاً موجعاً ففي زحمة الأحداث، واشتداد الجدل والنقاش وأمام الأعين (الزائغة ) والنفوس(الحائرة) نرى المشهد الأخير لقارون في الحياة (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين)(53).
وهكذا في جملة قصيرة ، وفي لمحة خاطفة (فخسفنا به وبداره الأرض)(54)،فابتلعته، وابتلعت داره، وهوى في بطن الأرض، التي علا فيها، واستطال فوقها جزاء وفاقاً وذهب ضعيفاً عاجزاً لا ينصره أحد، ولا ينتصر بجاه أو مال وهوت معه الفتنة الطاغية التي جرفت (جُهال الناس) وردتهم الضربةُ القاضية إلى الله، وكشف عن قلوبهم قناع الغفلة والضلال (55).
المشهد الأخير:
وجاء المشهد الأخير (وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون)(56).
وقفوا يحمدون الله أن لم يستحب لهم ما تمنوه بالأمس، ولم يؤتهم ما أوتي قارون وهم يرون المصير البائس الذي انتهى إليه (في لحظة )، وصحوا إلى أن الثراء ليس آية على رضى الله فهو (سبحانه ) يوسع الرزق لى من يشاء من عباده، ويضيقه لأسباب أخرى غير الرضى والغضب، ولو كان دليل رضاه ما أخذ قارون هذا الأخذ الشديد العنيف.
إنما هو الابتلاء الذي قد يعقبه البلاء وعلموا أن الكافرين لا يفعلون، وقارون لم يجهر بكلمة الكفر، ولكن اغتراره بالمال ونسبته إلى ما عنده من العلم جعلهم يسلكونه في عداد الكافرين، ويرون في نوع هلاكه أن هلاك الكافرين(57).
إسدال الستار :
ويستدل الستار (كما قال صاحب تفسير الظلال رحمه الله ) على هذا المشهد (الإيماني الرائع) وقد انتصرت القلوب المؤمنة( يرحمه الله ) وقد رجحت قيمة الإيمان في كفة الميزان.
تعقيب وتعليق:
ثم يأخذ (سبحانه وتعالى ) في التعقيب في أنسب أوان (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين )(58) .
(تلك الدار الآخرة ) التي تحدث عنها الذين أوتوا العلم (النافع) العلم الحق الذي يقوم الأشياء قيمتها الحقيقية.
تلك الدار الآخرة العالية الرتبة البعيدة الآفاق .
تلك الدار الآخرة (نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فساداً )(59).
فلا يقوم في نفوسهم خاطر الاستعلاء بأنفسهم لأنفسهم، والاعتزاز بأشخاصهم وما يتعلق بها.
إنما يتوارى شعورهم بأنفسهم يملأها الشعور (بعظمة الله ) ومنهجه في الحياة أولئك الذين لا يقيمون لهذه الأرض وأشيائها وأعراضها وقيمها وموازينها حساباً ولا يبغون فيها كذلك فساداً .
أولئك هم الذين جعل الله لهم الدار الآخرة تلك الدار العالية السامية (60).
والعاقبة للمتقين :
الذين يخشون الله، ويراقبونه، ويتحرجون من غضبه، ويبتغون رضاه.
وفي تلك الدار الآخرة يقع الجزاء، كما كتب الله على نفسه، الحسنة بأضعافها وبما هو خير منها، والسيئة بمثلها رحمة بضعف الخلق وتيسراً (61) .
(من جاء بالحسنة فله خير منها، ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون)(62).
الخلاصة :
نستخلص من المشاهد السابقة لقصة قارون ومن أقوال المفسرين، ومن الآيات البينات أن الدنيا من دون الإيمان لا قيمة لها عند الله، وأن إقبال الدنيا على الإنسان ليس دليلاً على رضى الله سبحانه وتعالى، وإدبارها عن العبد ليس دليلاً على عدم رضاه عليه، إنما رضا الله سبحانه وتعالى على العبد يكون بالشكر وتوفيقه إليه والإيمان بالله والعمل بأركان، والهواية للتوحيد وملازمته والتوفيق للعمل الخالص والمداومة عليه والنية الخالصة لله سبحانه وتعالى، ولولا خوف الله على عباده الفتنة لأعطى كل نعيم الدنيا للكافرين.
وهنا يبرز خطأ القارونيين الذين يظنون أن الدنيا إذا أعطيت لهم كانت دليلاً على رضا الله عليهم، وهذه فتنة العصر وكل عصر.
فالشكر على نعمة العلم، وعلى نعمة المال، وعلى نعمة الجاه، وحمد المنعم سبحانه وتعالى على نعمه وعدم الانشغال بالنعمة عن المنعم، واعطاء عباد الله حقوقهم من نعم الله هو سلوك المؤمنين الحامدين العابدين الشاكرين.
أما التكبر والطغيان بالعلم والمال والجاه والسلطان والمنصب والجمال فهو فيروس القارونيين الذي استشرى فيهم كالطاعون فأهلكهم في الدنيا والآخرة والعياذ بالله.
فاحذوا أخي المسلم فتنة العلم، وفتنة المال، وفتنة الصحة، وفتنة المنصب، وفتنة الأولاد، وفتنة العشيرة والأحباب وأحذري أختي المسلمة فتنة العلم الذي يدفعك إلى البعد عن منهج الله والبحث عن الشبهات والرخص، وأحذري فتنة الصحة والجمال إن كنت من الجميلات، واحذري فتنة الإعجاب من الجاهلين، واحذري فتنة العصر واحذري من يبعدونك عن نصيبك في الدنيا والإنسان للناس والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

----منقول ----
http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det_bot&select_page=nafahat&id=63 (http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det_bot&select_page=nafahat&id=63)

TA&T
24-01-2008, Thu 5:50 PM
بارك الله فيك

متذبذب
25-01-2008, Fri 10:41 PM
طيب من هو قارون عصرنا الحالي ؟

الغوازي
25-01-2008, Fri 10:49 PM
جزاك الله خير 0
اللهم اخسف من اكل اموال الشعب كما خسفت بقارون وداره 0

zonal
25-01-2008, Fri 11:11 PM
طيب من هو قارون عصرنا الحالي ؟











هههههههههههههههههههههههههههههههه

براون
25-01-2008, Fri 11:13 PM
طيب من هو قارون عصرنا الحالي ؟










لأصحاب اللغة العربية الفصحى ما هو جمع قارووون ؟

suliman
25-01-2008, Fri 11:20 PM
لأصحاب اللغة العربية الفصحى ما هو جمع قارووون ؟




"""قوارين"""

متذبذب
26-01-2008, Sat 9:33 AM
لأصحاب اللغة العربية الفصحى ما هو جمع قارووون ؟




قارونون ------> جمع مذكر سالم
قارونات ------> جمع مؤنث سالم
قوارين ------> جمع تكسير
:) :) :)

الجمع الصحيح
قارونيين

وسم
26-01-2008, Sat 9:57 AM
طيب من هو قارون عصرنا الحالي ؟







ياكثر القوارين عد واغلط

براون
26-01-2008, Sat 10:08 AM
قارونون ------> جمع مذكر سالم
قارونات ------> جمع مؤنث سالم
قوارين ------> جمع تكسير
:) :) :)

الجمع الصحيح
قارونيين






أحنا في هالبلد جمعنا المجد من أطرافه ((قارونيين وقارونات)) والحسابه بتحسب ;)

متذبذب
26-01-2008, Sat 10:28 AM
أحنا في هالبلد جمعنا المجد من أطرافه ((قارونيين وقارونات)) والحسابه بتحسب ;)

و الله ما مثلك بهالدنيا بلد

فوق فوق هام السحب يا قارونيين
و تحت تحت اسفل سافين يا مواطنين