المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة إلى خالد الفيصل (أمير منطقة مكة) .. أما آن للحرم أن يتنفس!!



كاشف الحقيقة
10-12-2007, Mon 10:29 PM
رسالة إلى خالد الفيصل (أمير منطقة مكة) .. أما آن للحرم أن يتنفس!!

- صالح محمد الدويش - 01/12/1428هـ

في مجلس الشيخ

في زخم الحياة ومشاغلها أصبحت أقصى أمانينا أن نجد لأنفسنا متسعاً من الوقت بعيدًا عن مصطلحات الأمتار ومواد البناء وعدد الأدوار، ولكنْ هو قَدرُنا حتى وإنْ كنَّا حول الحرم، لنْ أحدثكم برواية سندها ثقات ورواتها رجال عدول، بل بشهادة عيان لا تحتاج لتزكية, كنا بضعة رهط عقاريين نتساءل بعد خروجنا من كل صلاة في الحرم المكي الشريف ونرى عمليات التطوير التي لا تهدأ, سؤال أجزم أنه تساءل معنا فيه الكثير .. وماذا بعد ؟؟
بدأتْ الأبراج تعلو من كل جنبات الحرم، والقادم كما يقال أعظم!! فهل بعد عقد من السنين أو أكثر يستطيع الحرم أن يتنفس؟؟ وكيف سيصل الملايين إلى الكعبة دون طرقات؟؟ وهكذا بعد كل صلاة تلح علينا هذه الأسئلة ونتحرج في تداولها ففضل الزمان والمكان حول الحرم يجعلنا نصمت لتكون تساؤلاتنا حديث نفس وحسب.
وفي يوم من تلك الأيام كنا في مجلس الشيخ حمد بن سعيدان، وأخيه الشيخ إبراهيم بن سعيدان وحضر تلك الجلسة المباركة معالي الوزير السابق عبد العزيز الزامل، وعضو مجلس الشورى عبد الرحمن الزامل، وكان حديثنا هو حديث النفس الذي طالما حدثنا به أنفسنا بعد كل صلاة في الحرم المكي، فقد توافقت لغتنا ومفرداتها حيث كانت الزحام، الظواهر السلبية حول الحرم، مستقبل الساحات بعد مشاريع المنطقة المركزية وحديث حول مشروع جبل عمر الذي أصبح حاليا رئة مؤقتة يتنفس منها الحرم ستتلاشى بعد بنائه .. وأثناء تجاذبنا أطراف الحديث مع رموز عقارية تملك نظرة تطويرية تستحق الوقوف عندها كثيرا، طرح معالي الوزير السابق عبد العزيز الزامل رؤية إبداعية تسهم بشكل كبير جدا في فتح أكثر من رئة يتنفس منها الحرم، فإن كان السياسيون يطرحون مبادرات تتسم بالشجاعة فأنا ورهطي العقاري اتفقنا على أن نسمي هذه الرؤية المبادرة الإنقاذية لمحيط الحرم ليس اليوم، بل بعد عقود من الزمن، وسأتناول هذه الرؤية بعد أن أطرح تفاصيل ما دار في مجلس الشيخ.
مكة .. قلبٌ وقبلة:
مكة والحديث عنها يطول خير أرض الله أحب أرض الله إلى الله أحب البقاع إلى قلب رسول الله , قبلة المسلمين وقلب عالمه، تهفو لها القلوب وتشتاق, كرمها الله فأقسم بها, منها شع النور إلى العالم، مقصد الملايين كل عام وعلى أرضها كان تحقيق وعد الله لرسوله مكة، بكة، البلد الأمين، الحرم الآمن، البلد الآمن، أم القرى. أسماؤها كثيرة منها أربعة عشر اسمًا وردت في القرآن الكريم وأنى لمدينة في العالم أن تحظي بهذا التخليد, كان بناء البيت الحرام العامل الرئيسي لقيام مكة، استجابة لدعوة إبراهيم ـ عليه السلام ـ لتصبح مكة المكرمة بلد البيت العتيق، وملتقى الناس أمنا وأمانا وسلاما واطمئنانا, فيها أول بيـت وضع للنـاس وأول المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال.
العمران والتنمية في مكة هو شغلها الشاغل وهو حديثها منذ بزغت شمس الرسالة المحمدية .. قصة التطوير العمراني لمكة والحرم قصة للتاريخ .. لن تتوقف .. ولن تملها أذن .. لقد بدأت أول خطط التنمية العمرانية لمكة بعد بناء إبراهيم عليه السلام على يد قبيلة قريش قبل الإسلام قبل عدة سنوات من البعثة، وكان عمر الرسول وقتها بضعة وثلاثين سنة. وفي عهد الخلفاء الراشدين، تمت إزالة العديد من المنازل حول البيت وأضيفت إلى مساحة الحرم، وبنى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حائطا حول الحرم. وفي العصر الأموي، أجرى عبد الله بن الزبير توسعة كبيرة للحرم المكي، حيث بلغت مساحة المسجد 746496 مترا مربعا، كما أضاف الوليد بن عبد الملك توسعة أخرى عام 91هـ، 709م.
وفي العصر العباسي، قام الخليفة أبو جعفر المنصور عام 137هـ، 754م بشراء العديد من الدور حول المسجد وأضاف مساحتها إليه . تضاعفت مساحة المسجد في هذه الزيادة، وأمر المنصور بزخرفة المسجد الحرام بالفسيفساء والذهب والنقوش الأخرى. في عام 161هـ، 777م أمر الخليفة العباسي محمد المهدي بشراء البيوت الواقعة بين المسجد الحرام والمسعى وهدمها وإضافتها إلى مساحة المسجد. وبلغ إجمالي التوسعة في عهد المهدي 120 ألف ذراع، وبلغ عدد الأبواب تسعة أبواب و38 منفذا، وأضاف ثلاث منائر جديدة. كما تم ترميم المسجد عام 271هـ، 884م في عهد الخليفة العباسي المعتمد على الله، وضم الخليفة أبو العباس المعتضد بالله دار الندوة، وجعل مكانها مسجدا، وأضاف منارة عرفت بمنارة باب زيادة, وأجريت عدة تحسينات أخرى.
في العصر المملوكي، تعرض المسجد لأمطار غزيرة أدت إلى سقوط مئذنة باب الحازورة، واجتاح السيل مرة أخرى وادي إبراهيم وأجياد، فدخلت المياه إلى المسجد الحرام، فسقط عمودان من أعمدة المسجد بما عليهما. كما شب حريق في السنة نفسها أتى على الجانب الغربي من المسجد، فتم تجديد المسجد وعمارته تجديدًا شاملاً خلال ذلك العصر. في العهد العثماني، أجرى السلطان سليمان عمارة للمسجد الحرام عام 972هـ، 1564م، وأهدى المسجد منبرا رخاميا مطعما بالمرمر، وأنشأ المدارس الأربع في الجهة الشمالية. في عهد السلطان سليم العثماني، بدأت عمارة أخرى للمسجد الحرام، وتمت في عهد خليفته السلطان مراد عام 984هـ، 1576م. بلغت مساحة المسجد الحرام في العمارة العثمانية الأخيرة 28003 أمتار مربعة. كما تمت عدة ترميمات وإصلاحات أخرى في نهاية العهد العثماني كانت آخرها عمارة السلطان محمود رشاد. تضاعف عدد الحجاج عاما بعد عام فأمر الملك عبد العزيز آل سعود عام 1375هـ، 1955م بتوسعة الحرمين الشريفين. بدأ العمل في هذه التوسعة في شعبان 1375هـ، 1955م على مراحل ثلاث وأصبحت مساحة المسجد في نهايتها 151 ألف متر مربع وتتسع لنحو 400 ألف مصلٍ. وفي عام 1406هـ، 1986م، أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بتنفيذ أكبر توسعة في تاريخ المسجد الحرام. بدأت خطوات التنفيذ لهذه التوسعة في الثاني من رجب 1409هـ، 15 من شباط (فبراير) 1989م. تتضمن هذه التوسعة ربط التوسعات الجديدة بالتوسعات السابقة، فضلاً عن إعداد وتجهيز سطح المسجد ليسع 90 ألف مصلٍ. قامت هذه التوسعة بإضافة جزء جديد إلى المسجد من الناحية الغربية بين باب العمرة وباب الملك. تبلغ مساحة التوسعة 76 ألف متر مربع وتتسع لنحو 190 ألف مصلٍ. كما تهدف التوسعة إلى تحسين وتجهيز الساحات الخارجية للمسجد بمساحة إجمالية تبلغ 59 ألف متر مربع تستوعب 130 ألف مصلٍ. وبذلك تصبح المساحة الإجمالية للمسجد الحرام بعد هذه التوسعة، شاملة سطح المسجد 361 ألف متر مربع، تستوعب نحو 730 ألف مصلٍ خلال موسم الحج. بلغت مساحة الطابق الأرضي 20 ألف متر مربع تستوعب 33 ألف مصلٍ، والدور الأول 47 ألف متر مربع تستوعب 77 ألف مصلٍ، ومساحة المسعى والمطاف 30 ألف متر مربع تستوعب 150 ألف مصلٍ. وأصبحت مساحة السطح بعد التحسين 42 ألف متر مربع تتسع لـ 90 ألف مصلٍ.

الحمامة وذكريات مكة
في طفولتنا .. ما إن نسمع عن أحد معارفنا أنه عزم السفر للحج إلا وترتفع عقيرتنا مرددين: "حمامة نودي نودي .. سلمي على عبودي .. عبودي راح لمكة .. يجيب ثوب العكة".
ساعتها كنا نتطلع نحن لرؤية مكة , ورؤية الكعبة وحين تسنح لنا الفرصة لمرافقة آبائنا لرحلة العمرة أو الحج كنا نخلط التلبية بأهازيج الفرح لرؤية مكة وبيت الله الحرام - عفا الله عما سلف وكان - لقد كنّا نرى الحرم ومآذنه الشاهقة منذ أن ندخل مكة - شرفها الله - كان الحرم يستشرف المكان لا يحجزه حاجز، كانت المآذن تطل على كل مكة لا يقف أمامها أبراج شاهقة ولا عمائر باسقة .
وعاما تلو عام تختفي معالم الحرم للقادمين إليه ولا غرابة ففي كل يوم يمر في مكة تزداد الحاجة لتوسعة النطاق العمراني حول الحرم فأعداد الزائرين في ازدياد والأدوار في علو والأسعار في ارتفاع، واليوم بعد أن شهد الحرم أكبر توسعة له في التاريخ أصبح التطوير العقاري سمة من سمات ساحات الحرم فالرافعات ومنظر المهندسين والعمال ومواد البناء أصبح سلوكا مألوفاً لكل زائر للحرم ويمكننا أن نختصر هذه المشاهد لنسميها الزحف العقاري حول الحرم.
الزحف العقاري
كتاب العدل في مكة يؤكدون أن عمليات بيع وشراء واسعة تشهدها المنطقة المركزية والمناطق الجديدة خارج حدود الحرم، وهذا ما أكده عدد من المكاتب العقارية في المنطقة حيث لاحظوا نزوح إلى الأحياء الجديدة خصوصا بعد الإعلان عن المشاريع الضخمة والعملاقة حول الحرم، وهذا التحرك يعطي إشارة إلى عظم الزحف العقاري القادم حول الحرم .. وعلى كل حال فسنستعرض أهم المشاريع العملاقة التي طرقت أبواب المنطقة المركزية حول الحرم .. لنتعرف على حجمها ومدى تأثيرها في التطوير العمراني حول الحرم المكي، فالعمل يجري حالياً في عدة مشاريع تشيد حول الحرم وفي المنطقة المركزية. وحسب التقديرات الأخيرة، فإن حجم الاستثمار في مكة المكرمة ارتفع إلى 750 مليار ريال سعودي، وهو رقم بلا شك سيكون أثرا بعد عين مع هذه الثورة العقارية التي يُعلن عنها بين يوم وآخر فخلال السنوات القليلة الماضية، تم طرح عدد من المشاريع العملاقة منها مشروع جبل عمر، ومشروع درب الخليل لتطوير منطقة الهجلة، ومشروع جبل خندمة الواقع على الناحية الشرقية من الحرم المكي الشريف، إضافة إلى مشروع الشامية الذي يقع شمال الحرم المكي الشريف.
مشروع جبل عمر
يعد مشروع جبل عمر من أضخم المشاريع العقارية والعمرانية في العاصمة المقدسة لتطوير منطقة جبل عمر المحيطة بالحرم المكي الشريف، وقد بدأت أعمال التسوية والحفر فيه قبل أكثر من عامين وما زال العمل جارياً فيه. وبعد اكتمال المشروع سيشمل 40 برجاً تضم مئات الوحدات السكنية والغرف الفندقية، كما يشتمل المشروع على أنفاق وجسور, ويزيد عدد الوحدات السكنية فيه على 34 ألف وحدة، ويمتد المشروع على مساحة 230 ألف متر مربع، بين طريق أم القرى من الشمال ودحلة الرشد من الجنوب حتى شارع إبراهيم الخليل من الشرق وصولاً إلى الحفائر والطندباوي غرباً.
مشروع درب الخليل
يهدف هذا المشروع لتطوير منطقة الهجلة، ويعرف بـ "درب الخليل". وتقوم على تطوير المشروع الهيئة العليا لتطوير منطقة مكة المكرمة، وتقع منطقة الهجلة بين الطريق الدائري الأول والطريق الدائري الثاني، وبين شارعي إبراهيم الخليل والمسيال )الهجرة). ويعد هذا المشروع من المشاريع التطويرية الكبرى في المنطقة المركزية المقامة على منطقة مستوية.
كما أن هناك عدة مشاريع تطويرية لا تزال في طور الدراسة من قبل الهيئة كمشروع تطوير منطقة الهجرة ومشروع تطوير منطقة المسيال ومشروع الكدوة ومشروع الخندريسة ومشروع المسفلة والطندباوي ومشروع التيسير ومشروع إعمار أجياد الذي تقوم الهيئة بدراسة تطوير أجزاء منه بالتنسيق مع أحد المطورين وعدد من الملاك الذين تقدموا للهيئة برغبتهم في التطوير.
إن العقارات في مكة والمدينة تقع في صدارة الطلب من قبل عشرات الملايين من المسلمين الساعين لحج بيت الله وزيارة مدينة رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في فترة الحج وشهر رمضان على وجه الخصوص. إذ يصل معدل الزوار خلال السنة إلى نحو ثلاثة ملايين معتمر من داخل المملكة ومن دول الخليج، ونسبة الحجاج تتزايد بنسبة تقترب من 3 في المائة.
ومن المعلوم أنَّ التطوير العقاري في مكة المكرمة يستحوذ على ما يزيد على 40 في المائة من استثمارات السوق العقاري السعودي , فالاستثمار العقاري في السنوات الماضية كان يتصدر الاستثمارات الخاصة في السوق السعودي قبل أن تهب موجة سوق الأسهم والأوراق المالية، ويقدر الاستثمار في العقارات حاليا بنحو 1.5 تريليون ريال، أي ما يعادل نصف إجمالي الاستثمارات العقارية في دول مجلس التعاون الخليجي.
ولا شك في أن ما يشهده محيط الحرم المكي حاليا يعد قفزة نوعية في السوق العقاري عبر مشاريع مختلفة تشيد حول المسجد الحرام وفي المنطقة المركزية، وقد صنفت المنطقة المركزية كأعلى سعر متر مربع يصل إلى قرابة 400 ألف ريال (105 آلاف دولار) من خلال الأراضي التي تطل على المسجد الحرام مباشرة، وحسب التقديرات الأخيرة فإن حجم الاستثمار في مكة المكرمة ارتفع إلى 750 مليار ريال (200 مليار دولار).
ومع وصول سعر المتر إلى هذه الأرقام الفلكية تتنامى مشكلة الزحام في محيط الحرم حتى شغلت العديد من المهتمين بهذا الموضوع، وقد كانت دراسة هندسية سعودية قام بها معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج في جامعة أم القرى، أوصت بتأجيل مشاريع التطوير الكبرى القادمة في المنطقة المركزية المحيطة، وتمثل دائرة مركزها الكعبة المشرفة وقطرها 1500 متر تقريبا، حتى تتم إعادة تخطيط المنطقة المركزية. الدراسة التي قام بإعدادها الدكتور محمد بن عبد الله إدريس، وهو أستاذ التصميم العمراني المشارك في معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، أوصت بتكليف جهة متخصصة لتطوير مخطط عمراني شامل للمنطقة المركزية يراعي ظروف المنطقة البيئية والطبيعية ويحقق احتياجات مستخدميها مع زيادة المساحة المخصصة للفرد لخفض الكثافة في المنطقة المركزية التي بلغت نحو ستة أشخاص لكل متر مربع بعد قيام عدة مشاريع كبرى على مستوى المباني والخدمات، ورفع الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام، في حين لم تراع الفراغات العمرانية التي تساعد على سهولة الحركة بين تلك المساكن والمسجد الحرام ذهابا وإيابا.
إننا أمام هذه الأرقام والمشاريع والظواهر نخشى أن تُحل مشاكل الافتراش ونقع في مشاكل الاختناق العمراني، فحالياً الكل يدرك أن الحرم يتنفس من رئة واحدة فقط وهي أرض مشروع جبل عمر فكيف سيكون الحال إذا اكتملت المشاريع وعلا البينان, وكيف يكون الوصول إلى الحرم ومن أي الطرق؟؟ وحين يكون الحديث عن الطرق وسهولة الوصول إلى أي موقع فلا يتبادر إلا أذهاننا سوى المثل المشهور (كل الطرق تؤدي إلى روما (وما درج هذا المثل إلى لسهولة الوصول إلى روما, ولا أبالغ حين أجزم أن مكة أولى بهذا المثل فهي قبلة المسلمين والأنظار تتوجه إليها من كل صوب وحدب خمس مرات في اليوم, ولكن من المتناقضات المضحكات المبكيات أن تشتهر روما بسهولة الوصول إليها وحين نفتش عن مثل في السياق نفسه عن مكة لا نجد إلا المقولة المشهورة (أهل مكة أدرى بشعابها) وللمعلومية فقائل هذا المثل ـ رحمه الله ـ قد عانى معاناة لا نستطيع وصفها حتى يصل إلى مراده في مكة, أوليس المثل هو نتاج تجربة !! ولنتأمل الفرق!!
واليوم بعد أن نرى المشاريع العملاقة تتسارع حول الحرم أيها يحظى بالظهور أولاً ؟؟ أخشى ما أخشاه أن يأتي حكيم على طراز (حكيم الشعاب) ويرى أنَّ الوصول إلى الحرم أصبح من الصعوبة بمكان فيطلق مقولة قد تجري مثلاً .. كل الطرق لا تؤدي إلى الكعبة !!
إننا أمام مشكلة حقيقية لا نبالغ في طرحها، فقد أوصى عدد من الدراسات إضافة لدراسة الدكتور الدريس التي ذكرناها سابقا في أن يعاد النظر في منح تصاريح البناء حول الحرم حتى تخرج الهيئة العليا لتطوير منطقة مكة المكرمة برؤية استراتيجية مدروسة للحد من ظاهرة الحصار العقاري حول الحرم، وأجزم أن المقصود هو المصلحة العامة، ولسنا نطالب هنا بإيقاف التنمية بل بوضع حلول إبداعية تسهل من وصول الزوار والمعتمرين والحجاج إلى الحرم بانسيابية وراحة.
إننا نقف صفاً واحداً مع أمير المنطقة الذي جاء إلى منطقة مكة وأعلن أنَّ هدفه في عسير كان السياحة أما هدفه في مكة فهو الكعبة وسهولة الوصول إليها.
وقد بدأ فعليا في تطبيق هدفه السامي حيث بدأت تسجل عدد من الظواهر السلبية التسول، الباعة الجائلون ومفترشو ساحات الحرم المكي الشريف تراجعا كبيرا للمرة الأولى خلال السنوات العشرين الماضية وفقا للتقارير الصادرة عن الجهات الرسمية في العاصمة المقدسة، ومما يحسب في هذا المجال تفعيل دور لجنة مكافحة الظواهر السلبية التي قد كونت للحد هذه الظواهر في منطقة الحرم المكي واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإيقافها، وكانت قد صدرت توجيهات الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة الخاصة بتهيئة المنطقة المركزية المحيطة بالحرم المكي من أجل راحة المعتمرين والمصلين القادمين للبيت الحرام. ومن الجهود الفاعلة التي قام بها أمير المنطقة مطالبته جميع الإدارات العاملة بإعداد خطة عمل متكاملة لمكافحة الظواهر السلبية ومنعها في أرجاء مكة المكرمة بشكل عام والمناطق المحيطة منها بالمسجد الحرام على وجه الخصوص كالتسول والباعة الجائلين والافتراش وبقية الظواهر الأخرى التي قد تعوق الحركة وتشغل المعتمرين والمصلين عن أداء عباداتهم وشعائرهم.
وفي حقيقة الأمر أننا لسنا أمام مشكلة الوصول إلى الحرم فقط، بل إننا نخشى مع هذا الزحف العقاري أن نفتقد الهوية العمرانية، فمما لا شك فيه أنَّ التطوير العقاري هو تنمية كلنا نسعى لها، وحراك نهضوي نفرح بتفاصيله العمرانية، فكيف إذا كان هذا التطوير في أقدس وأحب البقاع إلى الله حول الحرم المكي الشريف؟ ولكن في الوقت الذي تصعد فيه الأبراج وترتقي من دورٍ إلى آخر تبدأ تندثر معالم أحياء طالما عشقنا أبوابها الخشبية ذات النقوش الحجازية وشبابيكها المزخرفة والمشغولة ولستُ هنا أندبها ـ وإنْ حُق لي ذلك ـ بل أندبُ هويةً معماريةً طالما تغنينا بها معشر المطورين، واستعرضنا بها في محافلنا المحلية والدولية، فالمنطقة المركزية حول الحرم المكي تفتقد الربط المعماري فيما بينها مع ازدياد وتيرة أعمال البناء والهدم والردم، فالأجواء الإيمانية الروحانية التي كانت تغمر الزائر لتلك البقعة وتستمر معه بعد خروجه من الحرم حتى يصل إلى مكان إقامته تلاشت إن لم تكن نُسيتْ وأصبحت ضرباً من حديث "كان يا ما كان"، حيث كانت الروح المعمارية داخل وخارج الحرم مترابطة، كانت رواية تاريخية متسلسلة الأحداث، كانت هوية لم نتعمد بناءها ولم نتعب في اكتشافها من حولنا، واليوم أصبحنا نفتقد تلك المشاعر فور خروجنا من أبواب الحرم وارتطامنا بأكوام من الأسمنت والحديد تسمتْ مجازًا "برج عقاري".
إن المطورين يحتاجون إلى وقفة تأمل صادقة مع أنفسهم، لا لإعادة الحسابات في عدد الأدوار ومساحتها، بل للوصول إلى آلية مشتركة مع أمانة العاصمة المقدسة في إعادة الهوية العمرانية في محيط الحرم المكي من خلال التصاميم المستقبلية للمشاريع العملاقة القادمة, فالمطور العقاري هو في حقيقة الأمر صانع حضارة, فهل يدرك قيمة صناعته؟!
وإنْ أتيح لي أن أغرق في أحلام يقظة عقارية فسأحلم بيوم نرى فيه المنطقة المركزية حول الحرم وقد استعادت هويتها التاريخية من خلال تطوير الممرات والطرقات والواجهات والأبراج والمساكن .. بشكل يجعلنا نشعر بتميز المكان وعبق الزمان .. وأن نرى كل الزوار والمعتمرين وقد بدوا مطمئنين لا يشغلهم عن أداء العبادة التفكير في الطرق يسلك حتى يصل للحرم ؟؟ وكلي أمل ألا تكون أحلام يقظتي أضغاث أحلام !!
وعودا إلى مجلس الشيخ فقد طرح معالي الوزير السابق فكرة تسهم في تخفيف مشكلات الوصول إلى الحرم مستقبلاً من خلال إلزام جميع المستثمرين العقاريين والمطورين بجعل الدور الأرضي لكافة المباني ممرات للمشاة بحيث تكون مواقف السيارات في (البادروم) ثم تعلوها ممرات المشاة ويبدأ العقار فعليا من الدور الأول أو الدور الثاني وبهذه الطريقة نكون قد جعلنا للحرم أكثر من رئة يتنفس منها.
إن اقتراح معالي الوزير السابق لا يسهم فقط في سهولة الوصول إلى الحرم، بل سوف يسهم في زيادة كفاءة وفاعلية مؤسسات الخدمة العامة سواء كانت شرطة أو دفاعا مدنيا أو إسعافا أو غيرها.
وهذه المبادرة إن صحت تسميتها ستكون خريطة الطريق إلى الحرم، إن العقاريين يدركون أن الأخذ بمثل هذه الأفكار قد يعكر صفو استثماراتهم ولكنها المصلحة العامة التي ستحل أزمة التنفس العقاري عند الحرم، إضافة إلى التخطيط الاستراتيجي الذي يجعلنا نبني اليوم للغد وما بعده، ولنستفد من تجاربنا في هذا المجال حول الحرم، فما إن نبني إلا ونضطر للهدم مرة أخرى لحل مشكلة ما, وكل هذا بسبب غياب التخطيط الاستراتيجي عن عمليات التطوير العمراني.
كلي أمل أن ينتقل حوارنا في مجلس الشيخ ليكون حديث الساعة في مجلس الأمير, وكلي ثقة أنه سيكون محل اهتمامه، وثقتي تأتي من إعلان سموه أن سهولة الوصول إلى الكعبة من أول اهتماماته.
وباعتبار معالي المهندس عبد العزيز الزامل صاحب الطرح الإبداعي أرى أن يكون أحد أعضاء فريق العمل الخاص ببلورة رؤية استراتيجية للمنطقة المركزية.
والله ولي التوفيق.

* مستشار عقاري

المصدر جريدة الاقتصادية http://www.aleqtisadiah.com/news.php?do=show&id=107671

كاشف الحقيقة
11-12-2007, Tue 6:25 AM
تلخيص الموضوع في الفقرة الاخيرة
وعودا إلى مجلس الشيخ فقد طرح معالي الوزير السابق فكرة تسهم في تخفيف مشكلات الوصول إلى الحرم مستقبلاً من خلال إلزام جميع المستثمرين العقاريين والمطورين بجعل الدور الأرضي لكافة المباني ممرات للمشاة بحيث تكون مواقف السيارات في (البادروم) ثم تعلوها ممرات المشاة ويبدأ العقار فعليا من الدور الأول أو الدور الثاني وبهذه الطريقة نكون قد جعلنا للحرم أكثر من رئة يتنفس منها.
إن اقتراح معالي الوزير السابق لا يسهم فقط في سهولة الوصول إلى الحرم، بل سوف يسهم في زيادة كفاءة وفاعلية مؤسسات الخدمة العامة سواء كانت شرطة أو دفاعا مدنيا أو إسعافا أو غيرها.

كاشف الحقيقة
11-12-2007, Tue 6:50 AM
ارجو التفاعل

داود المقرن
12-12-2007, Wed 10:49 AM
يقول الأمير خالد الفيصل بلى آن للحرم ان يتنفس


http://www.aleqtisadiah.com/news.php?do=show&id=107887

كاشف الحقيقة
14-12-2007, Fri 2:36 AM
أرجو أن يلقا المقال صدى لدى المسؤلين في أمارة مكة المكرمه لما فيه من المصلحة العامه وشكراَ

عبدالعزيز الدوسري
16-12-2007, Sun 2:03 PM
فكرة رائعة وغير مستغربة ممن يهتم بأمر بيت الله الحرام وزائريه