المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما كل ما يلمع ذهب (خلق أزمة طاقة.. على الطريقة الأمريكية)



الجبل
02-10-2007, Tue 9:18 PM
http://www.aleqt.com/admpic/21.jpg

د. أنس بن فيصل الحجي - أكاديمي وخبير في شؤون النفط


عندي قناعة تامة أن تحويل نفايات الحيوانات إلى طاقة، سواء عن طريق حرقها لتسخين الماء، أو عن طريق تحويلها إلى غاز لتوليد الكهرباء، هو من أفضل وأنجح مشاريع الطاقة المتجددة. كما أنني مقتنع أن استخدام غاز الميثان المستخرج من النفايات المنزلية والصناعية أكثر أهمية وأنجح اقتصادياً من مشاريع توليد الطاقة من روث الحيوانات. هذه المشاريع من أفضل مشاريع الطاقة المتجددة بسبب انخفاض تكاليفها، وجدواها الاقتصادية، وإمكانية انتشارها في أي مكان، خاصة في الدول الفقيرة. باختصار، أؤيد هذه المشاريع لأنها أكثر ديمقراطية من غيرها من مشاريع الطاقة المكلفة التي لا تستطيع الدول الفقيرة القيام بها، ولأنها تسهم في التخفيف من فجوة الطاقة بين الأغنياء والفقراء.

إلا أن أخبار العديد من مشاريع الطاقة المتجددة خففت من تفاؤلي بمستقبل هذه المصادر البديلة. فالنجاح الذي حققته هذه المصادر يشوبه الكثير من الإشكالات التي تتجاهلها عادة وسائل الإعلام.

الخبر الأول نشرته وسائل الإعلام الأمريكية عن مدجنة ضخمة اسمها "وينينج بولتري فارم" في مدينة فورت ريكفري في ولاية أوهايو الأمريكية. يقول الخبر إن هذه المزرعة تقوم باستخراج الغاز من روث الدجاج ثم تحوله إلى كهرباء. على أثر ذلك قام بعض الكتاب المعادين للنفط، خاصة المتطرفين بيئياً، بكتابة مقالات أشادوا فيها بـ "الإنجاز العظيم" للمزارع الأمريكي من "القلب الأمريكي", الذي "يحارب الإرهاب من مزرعته" عن طريق "إيجاد بديل للنفط" وتخفيف "اعتماد الولايات المتحدة على النفط المستورد"!

الخبر الثاني، الذي لقي تغطية إعلامية أكبر، وإشادة أضخم، يتحدث عن مزرعة "بريدج ووتر فارم" في ناحية وليامز في شمال غرب أوهايو التي تنتج غاز الميثان من روث البقر ثم تحوله إلى كهرباء. المزرعة تحتوي على نحو ثلاثة آلاف بقرة, إضافة إلى حيوانات أخرى.

الخبر الثالث هو قيام كريستي ويتمان مديرة حماية البيئة الأمريكية (المنصب بمرتبة وزير)، بزيارة مكب نفايات في مدينة أتلانتا يقوم بتحويل النفايات إلى غاز، الذي يتم توصيله إلى مصنع أسمنت مجاور للمكب. الزيارة لاقت حينها تغطية إعلامية ضخمة، كما نتج عنها قيام العديد من الكتاب بتمجيد عمليات "الطاقة البديلة" التي "ستخفف من اعتماد الأمة الأمريكية على النفط المستورد". حتى "القمامة" دخلت في سياسة الولايات المتحدة الشرق أوسطية.

ما كل ما يلمع ذهب

ذهلت عندما اكتشفت أن المزرعة الأولى ليست إلا مزرعة دجاج وليس فيها أي أنشطة لتحويل روث الدجاج إلى غاز، ولا يوجد حتى دليل واحد على وجود هذه العمليات. قام صاحب المزرعة بقبض الإعانات الحكومية، ولم يقم حتى الآن بعمل أي شيء، ولكن معادي النفط مقتنعون بأن هناك مزرعة في أوهايو تقوم بإنتاج الطاقة من روث الدجاج!

أما المزرعة الثانية فإنها تنتج الكهرباء فعلاً، ولكن وسائل الإعلام لم تذكر حقائق أخرى منها أن سكان المنطقة يقاضون أصحاب المزرعة ويطالبون بإقفالها، وأن أصحاب المزرعة ألغوا أرقام هواتفهم حتى الشخصية منها، وقاموا بإلغاء موقعهم على الإنترنت، وعزلوا المزرعة عن العالم الخارجي بسبب العداء الشديد من السكان للمزرعة لدرجة أن المسؤول الزراعي الحكومي في المنطقة لا يستطيع الاتصال بصاحب المرزعة. إذا كانت هذه المزرعة تقوم بكل هذا المجهود "الوطني" الذي "يخفف من واردات النفط" وبالتالي يحارب الإرهاب، كما يدعي بعض الكتاب في واشنطن ونيويورك وكاليفورنيا، لماذا يعادي الأمريكيون في شمال غرب أوهايو هذه المزرعة؟ هل هم أقل وطنية من غيرهم؟

أما الخبر الثالث عن مكب النفايات في أتلانتا فقد تم وقف عمليات الإنتاج في مصنع الأسمنت، وتوقف بيع الغاز للمصنع، الأمر الذي اضطر الشركة المالكة لمكب النفايات إلى حرق الغاز! بعد أن قام الإعلام الأمريكي بتضخيم أثر تحويل النفايات إلى غاز، وبعد أن قامت وزيرة البيئة بزيارة المكب لتسجيل "هدف" سياسي، تجاهلت وسائل الإعلام مصير الغاز فيما بعد.....وهو الآن يحترق.. ليل نهار.

تساؤل

ما الذي سيحصل في المستقبل إذا كان جزءا من مشاريع الطاقة مثل المشاريع المذكورة أعلاه؟ صانعو القرار والمستثمرون وأصحاب الشأن يعتقدون تماماً أن هناك مصادر بديلة تغطي جزءاً من إنتاج الطاقة، وأن الأمور على ما يرام، وأن الشعب الأمريكي سعيد بهذه التطورات، وسعيد بإنفاق جزء من ضرائبه على هذه المشاريع.

ولكن الحقيقة أن بعض هذه المشاريع غير موجود على الإطلاق، بينما يلاقي بعضها الآخر حرباً شعواء.

الأمر نفسه ينطبق على الإيثانول حيث لا يمكن بأي شكل من الأشكال تحقيق أهداف الحكومة الأمريكية وسيأتي الوقت الذي لن يجد فيه مصنعو الإيثانول كميات الذرة الكافية لتصنيعه. هل ستكون هناك فجوة مفاجأة في إمدادات الطاقة ترفع أسعار النفط إلى مستويات لم يشهدها التاريخ من قبل؟ على من يقع اللوم حينئذ؟ طبعاً ..على العرب!

لا تيأس
02-10-2007, Tue 10:02 PM
بارك الله فيك