المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزبير - تجمع حضري نـجدي



kareem
07-05-2003, Wed 11:55 PM
ظلت هضبة نجد ومدنها وقراها لقلة امطارها وندرة مصادر الرزق فيها بيئة مانعة لتشكل تجمعات حضرية كبيرة، والى حد كبير يمكن اعتبارها بيئة طاردة اكثر منها جاذبة للهجرة اليها، وبقيت هي كذلك على مدى آلاف السنين، ولربما كانت اكثر الهجرات كثافة منها تلك التي صاحبت الفتح الاسلامي للعراق والشام ومصر، ان موضوع الهجرات النجدية عبر السنين الى المحيط الشمالي للجزيرة العربية، موضوع متشعب وقد لا تروي ظمأه عشرات، بل مئات الكتب، وما دعا الى مراجعة هذا الموضوع هو ان هذه الحرب الاخيرة التي على الرغم من عذاباتها وآلامها على الشعب العراقي يتوقع ان تحقق آمال هذا الشعب في الازدهار والاستقرار، سلطت الاضواء على مدينة عزيزة على قلوب النجديين وعلى اهل هذه المدينة المنتشر اغلبهم في المملكة العربية السعودية والكويت،حيث ان الحديث عن هذه المدينة واهلها سيأخذنا الى الحديث عن اهل نجد، وعن رحلاتهم على جمالهم للتجارة، ولتلمس طرق لمواطن اغنى واكثر استقرارا، هذه المدينة هي الزبير التي تقع على بعد خمسة عشر كيلومترا جنوب غرب البصرة، وظلت منذ نشأتها في اواخر القرن السابع عشر والى آخر الخمسينات من القرن الماضي مدينة نجدية بأهلها وعمارتها وبطابعها العام، بالرغم من ملاصقتها لمدينة البصرة التي تبعد عن نجد بأكثر من خمسمائة كيلومتر، ان الخوض في تاريخ هذه المدينة لا يمكن ان يفهم دون مراجعة عميقة وملازمة لتاريخ العراق والكويت ونجد، اضافة الى تاريخ الهجرات النجدية خلال القرون الاربعة الماضية الى العراق والشام وبالذات الى تاريخ «العقيلات» الذين يذكر عبدالعزيز عبدالغني ابراهيم في كتابه المميز «نجديون وراء الحدود» والذي صدر عن دار الساقي انهم:

رحلوا الى مناطق عدة من نجد تدفعهم ظروف الجدب او عوامل انفراط الامن، او لقيامهم بالمعارضة السياسية التي استلزمت جلاءهم او اجلاءهم، كما خرج كثير منهم مدفوعا بالسعي في طلب الرزق والبحث عن حياة افضل استقرت طلائع اوائل النفر الذين حلوا من نجد في الزبير بأرض العراق، وعمروها وكان ذلك مع ارهاصات قيام الدولة السعودية الاولى، ثم تفرقت بهم السبل فاستقر بعضهم في البصرة وآخرون في بغداد وآخرون ايضا في بعض الحواضر الصغيرة بين هاتين المدينتين.


عدة اتجاهات

وقد توزعت اهواء اهل نجد في تحديد اتجاهات سفرهم وهجراتهم، فكثير من النجديين اتبعوا مسارات مختلفة للهجرة من نجد، وبعضهم اتجه شمالا والى مدن الشام وفلسطين، واستقروا في مدن عديدة في سوريا اهمها دمشق، كما استقر البعض الآخر في مدن فلسطين اهمها مدينة نابلس في الضفة الغربية، ويذكر ان اهل القصيم وهي من المناطق المهمة في نجد، وتقع فيها مدينتا بريدة وعنيزة فضلوا السفر الى العراق والشام. حيث فضل اهل المدينة الاولى مدن العراق، بينما فضل اهل الثانية مدن الشام. واندمج كثير منهم بالتجمعات الحضرية التي استقروا فيها مثل منطقة العقيلات في بغداد وحي الميدان في دمشق، وغلبت على لهجتهم وطبائعهم ومع مرور الوقت لهجة وطبائع هذه الحواضر الكبيرة التي استقروا فيها. الا ان حالة النجديين الذين استقروا في مدينة الزبير ظلت استثنائىة فقد حافظوا على لهجتهم التي يغلب عليها طابع لهجة اهالي مدن وقرى المجمعة وحرمه وحريملاء التي تقع في منطقة سدير في نجد، وحافظوا على عاداتهم، فأصبحت هذه المدينة مخزونا مبهرا لتاريخ وعادات وطبائع اهل نجد على ارض العراق، لدرجة ان الملك عبدالله بن الحسين تساءل عندما زارها في عام 1941 بعد ثورة رشيد غالي الكيلاني: هل انا في نجد ام في العراق؟ وتميزت هذه المدينة بان اغلب العائلات التي تولت الامارة عليها كانت تنتمي الى مدينة حريملاء في نجد، بغض النظر عن انتمائها القبلي، وهو ما لم يحدث في الدول او الامارات التي على الخليج العربي.

لاشك ان تحول الزبير الى حاضرة تجذب الهجرات النجدية يرجع الى قربها من مدينة البصرة، فهي ارض بين البادية والصحراء، مما وفرت للنجدي القرب من مركز تجاري وزراعي وحضري من جهة والمحافظة على الاستقلالية والتميز وتشابه البيئة في تلك التي تركها خلفه في نجد، ويذكر عبدالعزيز عبد النبي ابراهيم في كتابه الذي اشرنا اليه: «انها كانت في طريق القوافل التي تعبرها من الاحساء الى الشام، وكان لرغاء الابل فيها الوقع النفسي الذي يجعل النجديين يطمئنون الى المكان، ويمارسون بعض الاعمال التي الفوها في مناطقهم الطبيعية». الا ان هناك عاملا آخر ساهم في تحول هذه البقعة من الارض الى مدينة. فقد قام السلطان العثماني سليم الثاني في عام 1689 ببناء مسجد عند قبر الصحابي الزبير بن العوام، ثم اقام قبة على قبره جذبت الناس الى التوافد عليها للسكن قرب الضريح والتبرك فيه و«طلبا للرزق من قاصديه من العثمانيين». ويلاحظ ان اهل الزبير مع انهم جميعا ينتمون الى المذهب الحنبلي، الا انهم لم يتقبلوا دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، لكن موقفهم من دعوته يشكل عائقا لنجدته. فعندما اضطر لمغادرة البصرة ولجأ الى الزبير، استقبله اهل الزبير واكرموه، وكان ذلك قبل اعلان دعوته في نجد.


ذاكرتها الشعرية

وكأي مدينة عربية يكون للادب والشعر خاصة دور مهم في تكوين ذاكرتها التاريخية والمتعرف على درجة وعي اهلها. وقد عرفت الزبير في تاريخها الذي امتد ما يزيد على ثلاثة قرون شعراء كثيرين اهمهم: حميدان الشويعر وابن ربيعة وابن غنيم وابن لعبون وآخرون. وللأول قصيدة جميلة يصف فيها كم تحسنت احواله عندما خرج من نجد وما وصل اليه من سعة عندما وصل الزبير. اما الاخبر ابن لعبون فقد ولد في ثادق عام 1205هـ وانتقل الى الزبير عندما بلغ السابعة عشرة من العمر وعاش فيها، ثم انتقل الى الكويت وعاش فيها الى ان توفي فيها عام 1247هـ. وفي العصر الحديث ظهر في الزبير ادباء كثيرون وبعضهم عرف ادبه على نطاق العالم العربي. ولعل من اهمهم الشاعر محمود البريكان، والاديبان نجيب وسميرة المانع.


ما كان لأهل الزبير الذين عرفوها في الخمسينات من القرن الماضي مدينة مسالمة ومتجانسة الى حد كبير ان يتوقعوا الحروب والمآسي ان تدخل مدينتهم. فخلال هذه الفترة التي بدأت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، شهدت الزبير ازدهارا واستقراراً اديا الى نمو في التجارة والتعليم. ففي تلك الفترة تكونت طبقة تجارية طموحة لعبت دوراً رئىسياً في الحركة التجارية لمدينة البصرة، بل ان كثيراً من تجار الزبير امتدت تجارتهم لبغداد التي اسسوا فيها مكاتب تجارية، وبعضهم استقر فيها. كما ساعد على ازدهار الزبير التحويلات المالية اليها من العاملين من اهلها في الكويت والسعودية، اضافة الى ما تنتجه مزارع الزبير من طماطم وقرع وبطيخ. كما ازدهر التعليم فيها والذي بدأ بتأسيس مدرسة النجاة الاهلية عام 1921، حيث يتلقى الطلاب التعليم فيها مجانا، واعتمدت هذه المدرسة على تبرعات التجار في استمراريتها، واستقدمت مدرسين فلسطينيين بعد نكبة 1948 ليدعموا هيئتها التعليمية من المدرسين النجديين. الا ان ازدهار التعليم في العراق في تلك الفترة امتد الى الزبير. فقد فتحت الحكومة العراقية مدارس كثيرة للبنين والبنات (ابتدائي ومتوسط وثانوي). وكان اولها مدرسة الزبير الابتدائية التي تأسست عام 1932. وارسل الزبيريون ابناءهم وبناتهم ليتلقوا تعليمهم العالي في جامعتي البصرة وبغداد. هذا ومع تفاعلهم الثقافي والتجاري والانساني مع المجتمع العراقي المحيط بهم الا انهم احتفظوا بخصوصيتهم وعاداتهم النجدية. وظلت علاقات نخبة مجتمع هذه المدينة مع القنصلية السعودية في البصرة من الامور المسلم بها. وقد زار المغفور له الملك سعود بن عبدالعزيز هذه المدينة في عام 1957، وقد احتفل اهل الزبير بزيارته معبرين عن شعور عميق من المحبة احتفظوا به لاجيال متعاقبة مؤكدين ان بعد المسافات عن ديار اجدادهم لا يعني ابدا بعد القلوب.


الزبيريون نفطهم

هذا وباستثناء العمل في المدارس التي اسستها الحكومة العراقية لم ينخرط الزبيريون في العمل بمؤسسات الدولة العراقية الا نادرا. كما انهم لا يستفيدون من وجود شركة نفط العراق (الانكليزية) التي كانت تستغل الثروة النفطية لحقول تمتد مكامنها الى بيوتهم. ولا يعرفون عن النفط الذي يستخرج من ارضهم الا احمرار السماء ووهجها بعد الغسق، او ان ينبهوا الى عدم الاقتراب من اسوار الشركة عندما يذهبون الى غابات الاثل التي زرعوها على مدى عشرات السنين كمصدر للطاقة ولتقليل اضرار العواصف الترابية عن مزارعهم. فالزبير التي تقع بقربها حقول الرميلة، اضافة الى حقول الزبير معروفة في دوائر المهتمين بشؤون البترول والطاقة ان كانت في لندن او روتردام، لكن بالتأكيد لم يعها اهل الزبير ولم يستفد اهلها من هذه الثروة، الا القليل، خاصة اذا ما قورن ذلك بحجمها وحاجة اهل الزبير البسيطة. ولعزلتهم عن اثر هذه الثروة كانوا لا يدركون الاهمية الاقتصادية لمدينتهم او يعلمون بوجود هذا المخزون النفطي الكبير فيها. فعندما التحق احد ابناء هذه المدينة بجامعة بغداد في منتصف الخسمينات، وسأله الاستاذ عن اهمية الزبير للاقتصاد العراقي، ظنه لاول وهلة يسأل عن مزارع القرع والبطيخ، فقد كانت المزارع اكثر التصاقا بمصالح اهل الزبير من حقول النفط المترامية. الا ان هذه الحقول ووجود شركة نفط العراق الانكليزية كان عاملا مهما في تغيير التركيبة الديموغرافية للمدينة. فعندما بدأت تعمل، استقطبت مهندسين وعمالا من مدن عراقية مختلفة واسكنتهم في منطقة المربد (ملتقى الشعراء قديما). بعضهم جاء بخبرات سابقة من كركوك وآخرون من مدن وارياف العراق البعيدة من اجل وظيفة بسيطة مع هذه الشركة. كان ذلك من البدايات المهمة التي خففت من الطابع النجدي لهذه المدينة. ولم يرحب اهل الزبير، مثل اي مدينة محافظة في العالم بهذا التغيير الديموغرافي الجديد. لكن حدث انسجام كبير بين اهالي الزبير واهالي قضاء الخصيب وقراه الواقعة في جنوب البصرة، وذلك لتملك اهالي الزبير اراضي مزروعة بالنخيل في هذه المناطق ولتقارب في العادات، ولانتماء الطرفين الى المذهب السني.

لكن يظل ما هز العراق واربك وتيرة الحياة فيه ما حدث بعد ثورة 14 تموز هو نفسه الذي ادى الى تسارع اضمحلال هذا التجمع الحضري الفريد. فقد ادت دموية الحدث وما عقب ذلك من صراع على السلطة وانحدار في المنطق وتحوله الى ممارسات عنيفة وانتقامات عشوائية، الى جرح قلوب كثير من المخلصين الذين لم يسمح لهم بالتعبير عن انفسهم في حينه، واسدل على بلاد دجلة والفرات حجاب من الكآبة واليأس لم يرفع منذ ذلك التاريخ. وكان اهل الزبير من المتضررين من هذه الاحداث، فقد فوجئوا بفيضان الاحداث السياسية العراقية نحوهم وهدد عدم الاستقرار والسياسات الاقتصادية المتذبذبة للجمهورية العراقية مصالحهم واعمالهم، ليؤدي ذلك الى دفع غالبيتهم الى المضي بهجرة معاكسة نحو المملكة العربية السعودية والكويت، فالعلاقات العائلية والاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي الذي عم المملكة والكويت وجعلهما ملاذا لاهل الزبير. وكان للموقف الكريم للمغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز الذي اصدرت في عهده وزارة الداخلية قرارا بتاريخ 7/2/1392 هـ بالموافقة على منح النجديين المقيمين في العراق فرصة العودة الى جنسية بلادهم الاصلية الاثر الكبير بفتح باب المستقبل من جديد لاهالي الزبير. وكانت عملية الهجرة المعاكسة قد بدأت فعلا منذ الحرب العالمية الثانية، لذا كان النجاح التجاري مصاحبا للعائلات التي بدأت هجرة مبكرة نسبيا. فقد استفادت من الفرص التي سنحت خلال الفترة الاولى من الازدهار الاقتصادي الذي عم المملكة في اول الخمسينات. هذا بينما تأخرت العائلات التجارية التقليدية في الزبير في هجرتها وذلك لارتفاع مستوى معيشتها في العراق انذاك. وقد حققت هجرتهم العكسية الى اراضي اجدادهم نجاحات كبيرة لهم في مجالات التعليم والاقتصاد، وشغلوا مراكز علمية واقتصادية مهمة مستفيدين مما حصلوا عليه من تعليم راق في المدارس والجامعات العراقية. وقد اندمجوا سريعا في مجتمعهم الجديد، ومنذ الستينات ظهرت اجيال جديدة لا تعرف عن الزبير الا ذكريات تسمع على لسان الآباء والاجداد، يتحدثون عن الزبير ومناطقها وشوارعها لاطفال شبوا بعيدا عنها، وكثيرا ما صدموا بعد زيارتها لاول مرة لبدائية بناء منازلها مقارنة بما اعتادوه في الكويت والرياض والخبر والدمام.


آخر النجديين

لقد ترك اهل الزبير النجديون وراءهم بيوتا واراضي في البصرة مزروعة بالنخيل. هذا النخيل الذي كان يثمر بالبرحي والحلاوي والبريم، وينقل طازجا الى الزبير يوميا على عربات تجرها الخيول وبعدها بالسيارات. لكن الحروب التي توالت على البصرة وتعرضها للقصف الايراني على مدى الثمانينات ثم حروب اخرى وقصف اكثر حداثة، عرضت مزارع النخيل للحرائق والجفاف. وكان الاخير بسبب دفن الانهر لمرور الدبابات والعربات الاخرى للجيش العراقي عندما تحولت هذه البساتين لساحات حرب ضروس. وانتهت هذه البساتين الغنية لان تكون ارضا يبابا.

السفير
08-05-2003, Thu 12:13 AM
الترحال والتنقل هو حال العرب منذ الأزل

والزبير في الاصل سميت بأسم الصحابي الجليل الزبير بن العوام

وهو من اهل مكة

لذى من الصعب ان تجد قبيلة او شخص يعيش في نجد او العراق او اي منطقة عربية اخرى وتقول ان هذه القبيلة موجودة في هذه المنطقة منذ القدم وان اصولهم ترجع الى هنا

بل انك تجد القبيلة الواحدة متفرقة في كثير من البلدان والامثله كثيرة ومنها قبيلة شمر فهم موجودين في سوريا والعراق ومصر والسعودية وفي بقية دول الخليج

ابوفهد
08-05-2003, Thu 3:06 AM
مشكور ياخوي على المعلومات التاريخيه
وايضا الشكرللسفير على المعلومه القيمه التي ذكر فيها انها سمية على الصحابي الجليل الزبير بن العوام
\وااااااااااااااه لو عرفتم مقدار وهيبة هذا الصحابي بس خلوها على الله
المهم هل ذكر الموضوع هذا لتبرئة بو رواف ؟
اذا كان ذلك هو الهدف فاعتقد ان القديم فرخ بكري لن اقول فرخ عطوان لانه يبيله وقت على مايوصل لحقارتهم
لقاله مكان ولقاله ناس يعبرونه
ياخي بورواف معروف وكافي انه سيف من سيوف السنه المسلطه على هؤلاء المتمتعين الشيعه وما هم بشيعه
بل نحن الشيعه وهم الرافضه نحن شيعة الرسول(ص) وصحابته الكرام
والله وصار له شان بينكم
ونصيحتي لكم اتركوا الرافضه ولاتعطونهم فوق حقهم