JIVARA
24-07-2007, Tue 4:59 AM
( الوطن ) الثلاثاء 10/07/1428هـ 24/ يوليو/2007 العدد : محمد علي الهرفي (alharfi@alwatan.com.sa)
إعمار وأخواتها.. أين الحلول؟
الأخ الصديق الدكتور عبدالله الفوزان تناول شركة "إعمار" في مقال في صحيفة الوطن وقد عقب عليه الدكتور مرزوق بن تنباك في مجلة "اليمامة" ويبدو أن ما حدث في "إعمار" مؤخراً من قيامها بشراء مساحات كبيرة من الأراضي وبأسعار مرتفعة جداً قياساً على الأسعار السابقة التي اشترت بها الأراضي السابقة وعدم وجود تبرير مقنع - أو غير مقنع - من الشركة عن الأسباب التي دعتها للقيام بهذه الخطوة جعل هناك علامات استفهام كثيرة حول هذه الخطوة التي يبدو أنها لا تصب في مصلحة المساهمين..
ولأن شركة "إعمار" ليست وحدها التي تمارس أعمالاً تبدو للمساهمين أنها ليست في صالحهم فهناك شركات أخرى تمارس الدور نفسه ومن هنا شعر هؤلاء أن ظهورهم أصبحت مكشوفة فالتفتوا هنا أو هناك لعلهم يجدون لتلك الظهور غطاءً!!
النظرة الأولى - بطبيعة الحال - تتجه إلى هيئة سوق المال باعتبارها الجهة الرسمية التي يجب أن تنظم وتشرف على كل الشركات المساهمة وأن تحفظ حقوق المساهمين ولكن هذه الهيئة أثبتت أكثر من مرة أنها بعيدة عن القيام بواجباتها تجاه المساهمين وحقوقهم، وأنها تكتفي بالنظر إلى مآسيهم دون أن تتخذ قراراً حاسماً لوقفها أو حتى للحد منها..
شركة إعمار قررت منفردة أن تدفع ملايين الريالات في شراء أرض وبسعر مرتفع - هكذا يبدو - من غير حاجة لها - هكذا يبدو أيضاً - نظراً لضخامة الأرض التي تملكها الشركة ابتداءً، كل ذلك تفعله الشركة وتدفع تكاليفه من أموال المساهمين ودون أن تستشيرهم أو تقيم لرأيهم وزنا!
والسؤال الذي يتردد على ألسنة المساهمين: هل من حق هذه الشركة - نظاماً - أن تقوم بهذا العمل دون معرفة المساهمين الذين يفترض أنهم يملكون جزءاً من الشركة وأنهم - أيضاً - سيدفعون تكاليف باهظة ما كان لهم أن يدفعوها لو أن مسؤولي الشركة استشاروهم في هذه العملية؟!
والسؤال الآخر: لو أن بعض المساهمين اعترضوا على هذه العملية، وقدموا هذا الاعتراض لهيئة سوق المال هل ستقوم هذه الهيئة بالاستجابة لمطالبهم؟! هل ستحقق في الأمر؟ هل ستبطله تماماً لأن الركن الأساسي في المعادلة وهم المساهمون كانوا مغيبين عن عملية هم ركن هام فيها؟ سأبتعد قليلاً عن "إعمار" لأصل إلى شركة "الاتصالات" التي مارست هي الأخرى أعمالاً يشوبها كثير من علامات الاستفهام في الوقت الذي كان يجب على هذه الشركة أن تجتهد في زيادة مكاسبها لكي تعوض مساهميها عن بعض خسائرهم التي لحقت بهم نتيجة انهيار سوق الأسهم السعودي..
وللتذكير فإن سهم شركة "الاتصالات" كان يزيد عن ألف ريال تقريباً قبل الانهيار وهو الآن في حدود ثلاثمئة ريال - طبعا بالقياس على أسعار تلك الفترة - وبالتالي فإن الذين يملكون بعض أسهم الشركة من ذلك الوقت قد خسروا حوالي ثلثي أموالهم، هذا الوضع الذي يعرفه الجميع كان حرياً أن يدفع الشركة للمحافظة على مكاسبها وتنميتها ومن ثم توزيع معظمها على المساهمين لكي يعوضوا بعض خسائرهم ولكنها لم تفعل - هكذا أظن.. قبل بضعة أشهر قامت الشركة بإهداء وزارة الصحة مبلغ مئة مليون ريال مساهمة من الشركة في دعم المشروعات الصحية في بلادنا، واحتفلت الشركة بهذه المناسبة وتصافح الوزير مع رئيس الشركة وسط الابتسامات المتبادلة بينهما، ولكني لست أدري كيف كانت مشاعر المساهمين آنذاك..
مرة أخرى أعيد نفس التساؤلات: هل من حق رئيس الشركة أن يتبرع بهذا المبلغ دون الرجوع للمساهمين؟! وزارة الصحة جهة حكومية وشركة الاتصالات تملك الدولة جزءاً كبيراً منها فهل يصح أن تتبرع الشركة التي تملك الدولة جزءاً منها ببعض أموالها للدولة؟ وهل يصح أيضاً أن تأخذ أموال مساهميها لتتبرع بها للدولة؟! وأيضاً.. هل الدولة بحاجة إلى هذه الأموال أكثر من حاجة المساهمين الذين فقدوا - أساساً - جزءاً كبيراً من أموالهم نتيجة ما حصل في سوق الأسهم؟
الشركة أعلنت أيضاً وفي احتفال بهيج أنها اتفقت مع الدكتور عايض القرني على السماح لها بالاستفادة من بعض كتبه وقبل نشرها بستة أشهر، ولم نسمع من الشركة عن الهدف من هذا المشروع الذي أعتقد أنه لن يكون بدون مقابل، والمقابل - بطبيعة الحال - سيدفع من جيوب المساهمين - هذا إذا بقي فيها شيء!.
والشركة أيضاً لم تقل لنا كيف ستستفيد من هذا المشروع، وهل هو بداية لمشاريع قادمة قد تكون "نانسي" أو "هيفا" أو سواهما من المستهدفين بمثل هذه المشروعات.
أما الحديث عن "أنعام" و"بيشة" فيشكل بحد ذاته مأساة أخرى لكل الذين ساهموا في هاتين الشركتين ولا أملك لهؤلاء إلا الدعاء لهم بالصبر والسلوان وأن يتذكروا دائماً أن لهم إخواناً لا حصر لهم فقدوا هم أموالهم أيضاً وما زالوا يعيشون في وضع لا يحسدون عليه..
والعجب - كل العجب - من الهيئة التي سكتت طويلاً عن أشياء كان يتحدث عنها عامة الناس ثم تأتي فجأة لتوقف هاتين الشركتين دون أن تضع جدولاً مناسباً للمساهمين الذين وضعوا أموالهم في هاتين الشركتين وكيفية استردادهم لها ومتى يتم ذلك؟!
سكوت الهيئة عن كثير من التجاوزات المالية أصبح سمة لها، هناك صمت عن تجاوزات الشركات، وهناك صمت مماثل عن تجاوزات "الهوامير" وكأن الهيئة تعطي انطباعاً أنها ليست مسؤولة عن سوق المال..
ولأن صيد "الهوامير" يشكل صعوبة واضحة فقد اتجهت الهيئة أخيراً لصيد صغار "الأسماك" ومع أن هذا النوع من الصيد شابه كثير من التساؤلات وعن قانونيته إلا أن الكثيرين هللوا له ورحبوا لأنهم تفاءلوا بهذا الحدث أملاً أن يقود لأحداث أخرى ذات أهمية حقيقية!!
سوق المال السعودي ما زال يتردى وينحدر رغم أن كل الأسواق حوله تحقق تقدماً واضحاً ورغم أن الوضع الاقتصادي في بلادنا يمر بمراحل جيدة إلا أن هذا السوق لا يتناغم مطلقاً مع الوضع الداخلي ولا مع الوضع المجاور للأسواق الخليجية المماثلة، ومن المؤكد أن غياب دور الهيئة هو السبب المباشر لما يحدث في السوق..
كل التصريحات التي قالها مسؤولو الهيئة السابقون ومثلهم اللاحقون تؤكد أنهم يعرفون أن هناك من يتلاعب في الأسواق ويؤثر عليها لمصلحته ومن المفترض أنهم يعرفونهم ومن واجبهم أن يوقفوهم ويشهروا بهم ويستردوا منهم الأموال التي أخذوها ظلماً..
وسؤالي: هل ما فعلته الهيئة مؤخراً مع صغار الأسماك - بغض النظر عما قيل عنه - يكون بداية فعلية لتنظيف السوق مما علق به من مصائب؟ أرجو ذلك..
* أكاديمي وكاتب سعودي
إعمار وأخواتها.. أين الحلول؟
الأخ الصديق الدكتور عبدالله الفوزان تناول شركة "إعمار" في مقال في صحيفة الوطن وقد عقب عليه الدكتور مرزوق بن تنباك في مجلة "اليمامة" ويبدو أن ما حدث في "إعمار" مؤخراً من قيامها بشراء مساحات كبيرة من الأراضي وبأسعار مرتفعة جداً قياساً على الأسعار السابقة التي اشترت بها الأراضي السابقة وعدم وجود تبرير مقنع - أو غير مقنع - من الشركة عن الأسباب التي دعتها للقيام بهذه الخطوة جعل هناك علامات استفهام كثيرة حول هذه الخطوة التي يبدو أنها لا تصب في مصلحة المساهمين..
ولأن شركة "إعمار" ليست وحدها التي تمارس أعمالاً تبدو للمساهمين أنها ليست في صالحهم فهناك شركات أخرى تمارس الدور نفسه ومن هنا شعر هؤلاء أن ظهورهم أصبحت مكشوفة فالتفتوا هنا أو هناك لعلهم يجدون لتلك الظهور غطاءً!!
النظرة الأولى - بطبيعة الحال - تتجه إلى هيئة سوق المال باعتبارها الجهة الرسمية التي يجب أن تنظم وتشرف على كل الشركات المساهمة وأن تحفظ حقوق المساهمين ولكن هذه الهيئة أثبتت أكثر من مرة أنها بعيدة عن القيام بواجباتها تجاه المساهمين وحقوقهم، وأنها تكتفي بالنظر إلى مآسيهم دون أن تتخذ قراراً حاسماً لوقفها أو حتى للحد منها..
شركة إعمار قررت منفردة أن تدفع ملايين الريالات في شراء أرض وبسعر مرتفع - هكذا يبدو - من غير حاجة لها - هكذا يبدو أيضاً - نظراً لضخامة الأرض التي تملكها الشركة ابتداءً، كل ذلك تفعله الشركة وتدفع تكاليفه من أموال المساهمين ودون أن تستشيرهم أو تقيم لرأيهم وزنا!
والسؤال الذي يتردد على ألسنة المساهمين: هل من حق هذه الشركة - نظاماً - أن تقوم بهذا العمل دون معرفة المساهمين الذين يفترض أنهم يملكون جزءاً من الشركة وأنهم - أيضاً - سيدفعون تكاليف باهظة ما كان لهم أن يدفعوها لو أن مسؤولي الشركة استشاروهم في هذه العملية؟!
والسؤال الآخر: لو أن بعض المساهمين اعترضوا على هذه العملية، وقدموا هذا الاعتراض لهيئة سوق المال هل ستقوم هذه الهيئة بالاستجابة لمطالبهم؟! هل ستحقق في الأمر؟ هل ستبطله تماماً لأن الركن الأساسي في المعادلة وهم المساهمون كانوا مغيبين عن عملية هم ركن هام فيها؟ سأبتعد قليلاً عن "إعمار" لأصل إلى شركة "الاتصالات" التي مارست هي الأخرى أعمالاً يشوبها كثير من علامات الاستفهام في الوقت الذي كان يجب على هذه الشركة أن تجتهد في زيادة مكاسبها لكي تعوض مساهميها عن بعض خسائرهم التي لحقت بهم نتيجة انهيار سوق الأسهم السعودي..
وللتذكير فإن سهم شركة "الاتصالات" كان يزيد عن ألف ريال تقريباً قبل الانهيار وهو الآن في حدود ثلاثمئة ريال - طبعا بالقياس على أسعار تلك الفترة - وبالتالي فإن الذين يملكون بعض أسهم الشركة من ذلك الوقت قد خسروا حوالي ثلثي أموالهم، هذا الوضع الذي يعرفه الجميع كان حرياً أن يدفع الشركة للمحافظة على مكاسبها وتنميتها ومن ثم توزيع معظمها على المساهمين لكي يعوضوا بعض خسائرهم ولكنها لم تفعل - هكذا أظن.. قبل بضعة أشهر قامت الشركة بإهداء وزارة الصحة مبلغ مئة مليون ريال مساهمة من الشركة في دعم المشروعات الصحية في بلادنا، واحتفلت الشركة بهذه المناسبة وتصافح الوزير مع رئيس الشركة وسط الابتسامات المتبادلة بينهما، ولكني لست أدري كيف كانت مشاعر المساهمين آنذاك..
مرة أخرى أعيد نفس التساؤلات: هل من حق رئيس الشركة أن يتبرع بهذا المبلغ دون الرجوع للمساهمين؟! وزارة الصحة جهة حكومية وشركة الاتصالات تملك الدولة جزءاً كبيراً منها فهل يصح أن تتبرع الشركة التي تملك الدولة جزءاً منها ببعض أموالها للدولة؟ وهل يصح أيضاً أن تأخذ أموال مساهميها لتتبرع بها للدولة؟! وأيضاً.. هل الدولة بحاجة إلى هذه الأموال أكثر من حاجة المساهمين الذين فقدوا - أساساً - جزءاً كبيراً من أموالهم نتيجة ما حصل في سوق الأسهم؟
الشركة أعلنت أيضاً وفي احتفال بهيج أنها اتفقت مع الدكتور عايض القرني على السماح لها بالاستفادة من بعض كتبه وقبل نشرها بستة أشهر، ولم نسمع من الشركة عن الهدف من هذا المشروع الذي أعتقد أنه لن يكون بدون مقابل، والمقابل - بطبيعة الحال - سيدفع من جيوب المساهمين - هذا إذا بقي فيها شيء!.
والشركة أيضاً لم تقل لنا كيف ستستفيد من هذا المشروع، وهل هو بداية لمشاريع قادمة قد تكون "نانسي" أو "هيفا" أو سواهما من المستهدفين بمثل هذه المشروعات.
أما الحديث عن "أنعام" و"بيشة" فيشكل بحد ذاته مأساة أخرى لكل الذين ساهموا في هاتين الشركتين ولا أملك لهؤلاء إلا الدعاء لهم بالصبر والسلوان وأن يتذكروا دائماً أن لهم إخواناً لا حصر لهم فقدوا هم أموالهم أيضاً وما زالوا يعيشون في وضع لا يحسدون عليه..
والعجب - كل العجب - من الهيئة التي سكتت طويلاً عن أشياء كان يتحدث عنها عامة الناس ثم تأتي فجأة لتوقف هاتين الشركتين دون أن تضع جدولاً مناسباً للمساهمين الذين وضعوا أموالهم في هاتين الشركتين وكيفية استردادهم لها ومتى يتم ذلك؟!
سكوت الهيئة عن كثير من التجاوزات المالية أصبح سمة لها، هناك صمت عن تجاوزات الشركات، وهناك صمت مماثل عن تجاوزات "الهوامير" وكأن الهيئة تعطي انطباعاً أنها ليست مسؤولة عن سوق المال..
ولأن صيد "الهوامير" يشكل صعوبة واضحة فقد اتجهت الهيئة أخيراً لصيد صغار "الأسماك" ومع أن هذا النوع من الصيد شابه كثير من التساؤلات وعن قانونيته إلا أن الكثيرين هللوا له ورحبوا لأنهم تفاءلوا بهذا الحدث أملاً أن يقود لأحداث أخرى ذات أهمية حقيقية!!
سوق المال السعودي ما زال يتردى وينحدر رغم أن كل الأسواق حوله تحقق تقدماً واضحاً ورغم أن الوضع الاقتصادي في بلادنا يمر بمراحل جيدة إلا أن هذا السوق لا يتناغم مطلقاً مع الوضع الداخلي ولا مع الوضع المجاور للأسواق الخليجية المماثلة، ومن المؤكد أن غياب دور الهيئة هو السبب المباشر لما يحدث في السوق..
كل التصريحات التي قالها مسؤولو الهيئة السابقون ومثلهم اللاحقون تؤكد أنهم يعرفون أن هناك من يتلاعب في الأسواق ويؤثر عليها لمصلحته ومن المفترض أنهم يعرفونهم ومن واجبهم أن يوقفوهم ويشهروا بهم ويستردوا منهم الأموال التي أخذوها ظلماً..
وسؤالي: هل ما فعلته الهيئة مؤخراً مع صغار الأسماك - بغض النظر عما قيل عنه - يكون بداية فعلية لتنظيف السوق مما علق به من مصائب؟ أرجو ذلك..
* أكاديمي وكاتب سعودي