المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تجربه مثيرة في سوق الأسهم - عبدالله الجعيثن



فكره
22-04-2007, Sun 1:40 AM
تجربة مثيرة في سوق الأسهم


عبدالله الجعيثن
"كنت ألوم والدي لأنه لم يجمع ثروة كبرى من طفرة الأراضي الأولى والتي عاصرها، وحين جاءت طفرة الأسهم دخلتُ فيها بضعف رصيدي تسهيلات من البنك ثم انهار سوق الأسهم فأفلستُ تماماً فعذرتُ والدي وصرت احترمه أكثر مما كنت أكنُّ له من الاحترام.."

هذا ما قاله لي أحد الشباب الذين دخلوا الأسهم بالجمل وما حمل بعد أن أغرتهم أرباح الاكتتاب في الاتحاد والبلاد.. وهو شاب طموح صدوق لم تثنه الكسرة ولا العثرة عن مواصلة العمل والطموح في اختصاصه الذي يعرفه..
ولكنه قال لي:
"حين ربحنا في اكتتاب اتحاد الاتصادات وبنك البلاد ضعف رأس مالنا عشر مرات أحسسنا أن الأرض مفروشة بالورود وأن سوق الأسهم هو مصباح علاء الدين والفردوس المفقود.. وأغرانا أكثر أن الأسهم ترتفع كل يوم، وأن المؤشر يسابق الزمن في الارتفاع، دخلنا - أنا ومجموعة من أصدقائي الشباب - سوق الأسهم برأس المال أول الأمر.. فدبل (تضاعف) وعرض علينا البنك تسهيلات بضمان الأسهم فرحبنا وقلنا:
- مرحى لهذا العرض.. إنها فرصة العمر!.. إن الفرصة الحقيقة تأتي في العمر مرة واحدة فمن أضاعها فقد ضاع!!..
ومع أن آباءنا ما قصروا معنا تعليمياً وحياة راقية.. إلا أننا كنا في أعماق أنفسنا نلومهم بشدة، ونجهر بهذا حين نجتمع وحدنا، وأحياناً نلمح لآبائنا.. كنا نقول:
كيف مرت عليهم طفرة الأراضي الكبرى عام 1974م بعد أرتفاع أسعار البترول حيث قفز سعر المتر من ريال إلى ألف!!
أي تضاعف السعر ألف مرة!!
وكان الجيد من آبائنا.. ومنهم والدي.. الذي لحق واشترى له قطعة أرض بغرض السكن وأخذ من صندوق التنمية قرضاً وبنى لنا مسكناً ملكاً بحدائقه ومسبحه.. ولكن ما هذا التفكير العقيم؟.. بيت وحديقة ومسبح؟ أهذا ما ناله من طفرة الأراضي الكبرى حين كانت السماء تمطر ذهباً وفضة؟
- أين العقلية الاقتصادية؟
- أين قراءة المستقبل؟
- أين تقديم الأهم على المهم؟
- أين اغتنام الفرصة إلى آخر حد ممكن؟
- أين الطموح لتحقيق الثروة إلى أبعد ما يمكن خاصة والفرصة مواتية؟
لماذا شرى من شرى أرضاً للسكن ولم يقترض ويضارب على أسعار الأراضي التي كانت تتضاعف كل يوم؟
ما هذا التفكير؟!!
ولهذا فحين لاحت فرصة الثروة في سوق الأسهم - يقول الشاب - وبدأت الأسهم - وخاصة أسهم الخشاش - تعانق النسبة القصوى منذ الصباح، قلنا لبعضنا:
- يجب ألا نكرر غلطة آبائنا.. يجب ألاَّ نضيع فرصة أعمارنا كما أضاعوا هم فرصة أعمارهم، أضاعوها عليهم وعلينا هداهم الله..!
يجب أن نأخذ العبرة مما لم يفعلوا وأن نتعظ بما فوتوا من فرصة الثراء الهائل.. فالسعيد من وُعِظ بغيره.. واندفعنا يحمس بعضنا بعضاً والفرصة التي أهدرها آباؤنا تجلدنا بسياطها لنسرع إلى قدرنا المحتوم!.. ولم نكد ندخل في أسهم الخشاش حتى توالت النسب العليا وانهالت الأرباح وانفتحت أمامنا أبواب الثروة على مصاريعها وشعرنا أننا عثرنا على مصباح علاء الدين أو خاتم سليمان عليه السلام..
واشتعل الطمع في قلوبنا واشتغلت مراوحه في صدورنا (وشب علينا شبّ) وزاد في لهيبه أن البنك الذي نتعامل معه تبرع بعرض سخي مغر يسيل له اللعاب، حين عرض علينا أن يقدم لنا تسهيلات على أسهمنا تعادل قيمة المحفظة على الأقل، فهللنا فرحاً وصفَّقنا طرباً وقلنا لمندوب البنك:
- مرحى لك وأهلاً بك وكثر الله من أمثالك!!
وكان يقول لي وأنا أوقع أمامه أوراقاً كثيرة هي عقد التسهيلات:
- عمي، وقع هذه الورقة أيضاً
ما شاء الله.. صرت عماً لموظفٍ كبير في البنك.
وكان قد أحضر لي القهوة والشاي ويقابلني بابتسامة ترحيب واسعة وبوجه هاش باش وأعجب ما أعجبني أنه يردد على مسامعي يخاطبني:
- عمي.. وقع هذه بعد!
- عمي.. بكرة الفلوس في حسابك!..
- عمي!.. هذا كرتي فيه جوالي ورقمي المباشر وأنا في خدمتك عمَّي!..
الله ما أجملها من كلمة من موظف بنك كبير فهو قد رأى في هاموراً قادماً وعميلاً كبيراً ورأى مخايل الثروة تتلألأ في وجهي وتتضح من سلوكي وتظهر واضحة للعيان من خلال اختياري للأسهم الظاهرة أمامه في محفظتي ومقارنته بين سعر مشتراي وسعرها الآن في السوق حين لا مجال للمقارنة لا مجال!!
فالفرق كبير بين سعر المشتري وبين سعرها اليوم والربح وفير..!
ووقعنا له أوراقاً كثيرة على النغم العذب المحبب للسمع وهو يردد:
- عمي باقي هذي الورقة وقعها!!
ونزلت التسهيلات في حسابنا (وعينك ما تشوف إلا النور) خلال دقائق شرينا بها كلها في أسهم الخشاش قبل أن تطير فوق ما هي طائرة وتفوت علينا فرصة العمر الظاهرة..
وجرت الرياح رخاءً لمدة أسبوع وأسهمنا تعانق الثريا وتُقَبِّل ارتفاعاً تخوم النجوم، ونحن نزهو وتلمع أعيننا دهشة وبهجة ونردد لبعضنا:
إذا غامرت في شرف مروم
فلا تقنع بما دون النجوم
ويرد صديقي وهو من الفرح مذهول:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
وحين نفكِّر مجرد تفكير في بيع بعض ما نجَّم من أسهمنا ينهى بعضنا بعضاً ويقول صديق:
وتكبر في عين الصغيرِ صغاره
وتصغر في عين العظيم العظائمُ
ويرد الثاني:
شبابٌ قُنَّعٌ لا خيرَ فيهم
وبورك في الشباب الطامحينا!
فنتواصى على عدم البيع ونتمنى مزيداً من التسهيلات من جديد.. خاصة أن موظف البنك الكبير كلما رآني ابتسم حتى يصل طرف فمه إلى أذنه وطرفه الآخر إلى أذنه الأخرى وهو يهلل ويرحب ويردد نغمة المطرب:
- عمي.. عمي!!
ثم إن هي إلا أيام فاستيقظنا ذات صباح على انهيار 25فبراير 2006م فإذا الشاشة دم أحمر.. وإذا أسهمنا معروضة بالكوم على النسبة الدنيا.. تماسكنا وقلنا:
شدة وتزول..
ولكن السوق اضطرب اضطراباً شديداً فتشاورنا وعزمنا على (الصدة) عنه حتى يعود لعقله فمن غير المعقول أن تنزل الأسعار بهذا الشكل لا بد أن تعود لا بد أن تعود!
ومع (صدتنا القشرا.. ودفننا رؤوسنا في الرمال) توالى انهيار السوق، فما استيقظنا إلا على صوت موظف البنك الكبير الذي كان يردد على مسامعنا:
- عمي.. عمي!
ولكن صوته هذه المرة مختلف جداً.. (لا عم ولا يحزنون) صوت النذير الشرير.. يهددنا ببيع أسهمنا عند أول مرة تفتح فيها النسبة.. فقد انكشفنا.. والبنك يريد أمواله فهي أموال مودعين مثلكم والبنك مؤتمن عليها تسمع ولا لا؟؟! البنك مؤتمن ولا بد أن يبيع..
قلت: ولكن..
فقاطعني بحدة:
- مافيه لكن!.. أنت موقع على أوراق تخولنا بالبيع في أي لحظة وبأي سعر..
أردت أن أناقشه فصرخ:
- أنا مشغول.. عندي عملاء غيرك.. كدت أقول أنا هذه المرة:
- ولكن يا عمي!
ولكنه قفل السماعة في وجهي وبعد يومين وجد مشترين فباع أسهمي بخسارة مضاعفة بسبب التسهيلات التي فرحت بها ولم أعرف أنها سلاح ذو حدَّين حتى طعنني هذا السلاح.. وتوالى انحدار السوق وانهياره وشعرت بالوجه الآخر للسوق.. الوجه الأسود العبوس.. وكنت أظن أن وجهه دائماً باسم ناعم.. ولكنه صار أكثر اكفهراراً وتقطيباً من موظف البنك الذي كان - يا ما كان - يقول لي مع كل جملة:
- عمي.. عمي..
وخرجت من سوق الأسهم صفر اليدين.. ذهب ما جمعت من رواتب.. وعلمت أن سوق الأسهم ليس مفروشاً بالورد والياسمين.. وصدقت والدي الذي كان يقول لي من زمان: "سوق الأسهم غزو هليل لا ينام ولا يقيِّل".
وتألمت كثيراً ولكني تعلمت حين تألمت: تعلمت المحافظة والاعتدال، وتعلمت احترام عملي الذي كدت استهين به وأقدم استقالتي منه.. وعلمت أن الفشل ليس هو أن تسقط بل هو أن لا تحاول النهوض بقوة وصمود من هذا السقوط.. تعلمت أن الفشل الحقيقي هو أن تصاب باليأس.. ويجب على المؤمن ألا يعرف اليأس وأن يواصل العمل والكفاح فالحياة - بإذن الله - تكافئ العاملين والفرص تذهب وتعود.. تعلمت أشياء كثيرة.. والحياة هي حقاً أكبر معلم.. وتعلمت أن احترم والدي أكثر وأقدر له وفيه محافظته وعدم اندفاعه فقد سار بسفينة العائلة على ما يرام أكثر من عشرين عاماً لم نشتك فيها من ضائقة أو تقصير..
وتعلمت أن الثروة الحقيقية هي في داخل نفوسنا وفي قوة شبابنا وحسن استفادتنا من تجاربنا..
وحمدت الله أنني لم أتزوج بعد وليس لدي أولاد صغار بعد هذه التجربة وهذا الإفلاس.. إن الإفلاس من المال يعوض مع الزمن والعمل ولكن الإفلاس من العلم والمثابرة والعقل هو الشيء الذي لا يمكن تعويضه.. لقد علمتني تجربتي مع غزو هليل أشياء لا تُقَدَّر بثمن.

4 تعليقات
1 (http://www.alriyadh.com/2007/04/21/article243531.html#1) قصة رائعة كروعة كاتبها


وهناك الاف القصص المشابهة,والاهم من ذلك انة خلف هذة القصص تجد الشقاء والبؤس والامال المحطمة.

فهد
04:20 صباحاً 2007/04/21 (http://www.alriyadh.com/2007/04/21/article243531.html#1)


2 (http://www.alriyadh.com/2007/04/21/article243531.html#2)


رائع جدا.. قلبت المواجع يا عمي.. على العموم اقول لصاحبك ترى الرجال هي اللي تجيب الفلوس وزي ما جابها يجيب غيرها ان شالله..ترى الاستخاره والاستشاره مهمه جدا قبل العزم على اي امر.. تحري المال الحلال مهم جدا ايظا استاذ عبدالله للاسف الايام هذي كثير من تجارنا ما يدقق فلوسه حرام والا حلال يا ليت والله تتحفنا استاذ عبدالله في مقال عن الكسب الحلال وبركته وشؤم المال الحرام.. بارك الله فيك وفي مقالاتك المفيده..

محمد عبدالرحمن
07:59 صباحاً 2007/04/21 (http://www.alriyadh.com/2007/04/21/article243531.html#2)


3 (http://www.alriyadh.com/2007/04/21/article243531.html#3) ولكن يا عمي! ؟؟


ياعمي روح. ه الله ما اروعها قصه وكأنك تنظر لي...وسعت صدري...جزاك الله خير... rabbob@hotmail.com

دايم(خالد)الامل
09:46 صباحاً 2007/04/21 (http://www.alriyadh.com/2007/04/21/article243531.html#3)


4 (http://www.alriyadh.com/2007/04/21/article243531.html#4) روائع الجعيثن المعروفة


في الحقيقة اشكرك استاذ عبدالله واتمنى تضع ايميلك للتواصل وانا من المحبين لمقالاتك لانك تعيش بين الناس ومن ذلك تنطلق في كتاباتك
اشرك اخرى ومزيدا من قصص الاسهم المحزنة ولا تنس تعطينا شئ من قصص الذين اصبحوا اثرياء بعد الاسهم واذا كنت لاتعلمهم فضع ايميلك لتزويدك كيف اصبح هولاء اثرياء
والسلام

ابوعبدالله
07:10 مساءً 2007/04/21 (http://www.alriyadh.com/2007/04/21/article243531.html#4)


http://www.alriyadh.com/img/commentsadd.gif اضافة تعليق على الموضوع... (http://www.alriyadh.com/2007/04/21/article243531.html#comment)
ملاحظة: المشاركات والتعليقات التي لا تحمل اسم صريح ومباشر وبريد إلكتروني واضح أو تستخدم التجريح الشخصي عند الاختلاف بالرأي او السخرية او الكتابة خارج اطار الموضوع لن ينظر إليها.. ونرحب بكل مساحات الاختلاف في حدود الآداب العامة وأخلاقيات الحوار .. الاسم البريد الالكتروني عنوان الرد الرد
عودة الى مقالات اليوم (http://www.alriyadh.com/2007/04/21/section.columns.html)

الملا نعيم
22-04-2007, Sun 1:53 AM
يابن جعيثن طيور الجو .. طارت بالارزاق ياراشد
:o

فكره
22-04-2007, Sun 2:00 AM
وهناك الاف القصص المشابهة,والاهم من ذلك انة خلف هذة القصص تجد الشقاء والبؤس والامال المحطمة
ارجو التواصل منكم وكتابة قصصكم المثيرة في هذا السوق العجيب لعل ان تخف الاحزان اذا كانت مجتمعه ومتشعبه

المطـنـوخ
22-04-2007, Sun 3:27 AM
الحمدلله على كل حال

والله يخلي له أبوه ويطول في عمره

وأبوي الله يطول عمره دخلت في السوق من 2003

وعند 18000 كان يوم أربعاء ومحتاج سيوله خلال يوم

سيلت المحفظه كلها وعطيته اياه

بدون مايطلبها

الله يطول في عمره ماكان على بالي السوق بينزل

المهم عطاني فلوسي وفوقها 100ألف الفلوس عند 7000 بداية آخر موجة إرتفاع

لو اني في السوق كان خسرت أكثر من 90 %

ولله الحمد

أكثرو من الإستغفار وبرو والديكم يوفقكم الله

الرويلي
22-04-2007, Sun 5:06 AM
روعة...!

عبدالله الجعيثن كاتب يضع النقط فوق الحروف ،،،

السرحاني
22-04-2007, Sun 5:45 AM
الحمدلله على كل حال

والله يخلي له أبوه ويطول في عمره

وأبوي الله يطول عمره دخلت في السوق من 2003

وعند 18000 كان يوم أربعاء ومحتاج سيوله خلال يوم

سيلت المحفظه كلها وعطيته اياه

بدون مايطلبها

الله يطول في عمره ماكان على بالي السوق بينزل

المهم عطاني فلوسي وفوقها 100ألف الفلوس عند 7000 بداية آخر موجة إرتفاع

لو اني في السوق كان خسرت أكثر من 90 %

ولله الحمد

أكثرو من الإستغفار وبرو والديكم يوفقكم الله

ماشاء الله.
أرضيت ربك ببرك بوالدك فحفظ لك مالك ونمّاه.

o_Abu Turki_o
22-04-2007, Sun 6:29 AM
يابن جعيثن طيور الجو .. طارت بالارزاق ياراشد

:o





يا بن جعيثن شف طيور الجو :D طارت بالأرزاق يا راشد

&الـشــنـب&
22-04-2007, Sun 6:48 AM
موضوع ادبي غاية في الروعة يحكي قصة واقعية
وحقيقة الأمر أن اللقمة السهلة كانت طـُعم في سنارة ..وكان الصيد ثمين !.
أعجبني قول الشاعر :
شبابٌ قُنَّعٌ لا خيرَ فيهم
وبورك في الشباب الطامحينا!

ولهذا سأضعه كتوقيع .

تمنياتي لك دوام التوفيق .

اللافي
22-04-2007, Sun 9:45 AM
وفي هذا المقال الرائع
يتضح من هو خلف الانهيار الكبير
"البنــــــــــــــــــــــــــــــــــوك "