المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المبالغة في نظرية المؤامرة حرمت المسلمين الكثير وهي تصلح لتفسير السياسة



سيف الخيال
18-03-2007, Sun 4:00 PM
المبالغة في نظرية المؤامرة حرمت المسلمين الكثير وهي تصلح لتفسير السياسة

عبدالهادي القرني- الطائف

اكد الدكتور سلمان بن فهد العودة المفكر الاسلامي والداعية الشهير ان المبالغة في نظرية المؤامرة حرمت المسلمين الكثير من المستجدات واصبحنا في هذا العصر ضحايا نقص المعرفة والوعي فالايمان يمنحنا الثقة بالنفس وليس الخوف المفرط واوضح في محاضرته في كلية المعلمين بالطائف عن « التربية والمتغيرات» ان الحياة البشرية تتغير والتربية هي الاقتباس من هدى القرآن والسنة والقيم والاخلاق وليس صحيحا ان التدين يعني ان نضع واقعا مختلفا عن واقع الناس ومن الخطا ان نضع بعض انماط التربية نطاقا محكما لمجموعة من الناس وتحكم عليهم العزلة مشيرا ان الوعظ الديني ينبغي ان لا يكون وعظا يزهد الناس في الحياة..

نفاهيم خاطئة

وتطرق خلال حديثه الى العديد من المفاهيم الخاطئة في التدين والتغيير وذكر حورا لها ومضى قائلا لا شك ان الاسلام بل والديانات والرسل كلهم جاءوا لصناعة التربية وبناء الانسان ويكفينا في هذا المقام الاستشهاد بقوله تعالى: « ما كان لبشر ان يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون» فقوله كونوا ربانيين أي منسوبين الى الرب او منسوبين الى التربية فمهتمتهم التربية ولذلك قال غير واحد من السلف في تفسير هذه الاية الكريمة « الربانيون هم الذين يعلمون الناس بصغار العلم قبل كباره» وقد يبدو هذا التفسير غريبا عند البعض لانهم يرون ان البدء بالكبار هو الاولى ولكن الواقع في التربية هي الانتقال من الخبراء الى الكل ومن التفصيل الى الاجمال ومن سعة هذا الدين وسعة النبوة انك تجد في محكم التنزيل قوله تعالى: « الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه» محل القول قول الناس وقول الحكماء فالدين هنا جاء ليبني الحياة وليس ليهدمها فالذي خلق الحياة هو الذي انزل القرآن وبعث الرسل من اجل ان يربوا الناس على كيفية استثمار الحياة وبنائها فيما يحب الله ويرضى وفي مصالح الدنيا ومصالح الاخرة ومن هنا كان الوعظ الديني ينبغي ان لا يكون وعظا ينقل الناس من الحياة ويزهدهم في الحياة كلها وانما يزهدهم في الفضول او فيما لا حاجة فيه ولذلك كان سفيان الثوري يقول: ان السلف كانوا يقولون اللهم زهدنا في الدنيا ووسعها علينا فهنا ليس المقصود بالزهد هو ان نهدم الحياة واضاف ان الوعظ الديني الحقيقي هو الذي يبعث في الناس روح الحياة وروح العمل واما فيما يتعلق بموضوع التغيير فهنا نجد في القرآن اشارات واضحة وفي السنة وفي التاريخ الى التغير وانه سنة آلهية حتمية لا بد منها سواء كان تغييرا ايجابيا نحو الافضل او نحو الاسوأ. فالحياة البشرية تتغير ومن سنة الله ان تتغير فلا تستقر وكما قال تعالى: « كل يوم هو في شأن» في تحول في الفقر والغنى والصحة والمرض والحرب والسلام والعلم والجهل وقيمة ذلك فالتربية ليست لونا واحدا وليست امرا مفروغا منه وانما هي اقتباس من هدى القرآن والسنة والقيم والمعاني والاخلاق مما يلائم واقع الناس ويناسبهم اذا فالتربية هي الترقي بالانسان الى مستواه ولماله المقدر له شيئا فشيئا بطريقة تدريجية ومن خلال ما تقدم يتبين ان التربية عبارة عن ترسيخ القيم والثوابت والضروريات الاخلاقية فلا شيء يفرقنا عن غيرنا من شعوب العالم كمسلمين الا القيم والثوابت والضروريات والمحكمات التي تحدد الهوية الاسلامية ومن ثم هناك جانب آخر في التربية وهو تدريس الانسان على التكيف والتعامل مع الواقع المتغير والدين ايها الاحبة ينظر الى الحياة نظرة واقعية ليس صحيحا ان نتخيل دائما ان التدين يعني ان نصنع واقعا مختلفا عن واقع الناس ونبني مجتمعا جديدا ونقدم لهم وصفة مختلفة فالدين يتعامل مع الواقع كما هو ويسعى في الاصلاح بقدر الممكن والاصلاح ليس اصلاحا مثاليا بل اصلاحا بقدر ما يتحمله الناس.

عملية الاصلاح

اذا عملية الاصلاح عملية مطلوبة لكنها مرهونة بالامكانيات والقدرات وفرص التغيير الحياتية الممكنة على ضوء واقع الناس اما التعسف احيانا او افتراضا ان يبني واقعا ويهدم الواقع الاخر تماما فهذا شيء غير واقعي وانما كان الرسل والانبياء يأتون الى اقوامهم ويرعونهم ويصبرون عليهم. ومن الاشياء المهمة من ان الايمان يمنحنا الثقة وليس الخوف المفرط مما عند الاخرين ان لا نبالغ فيما يسمى بنظرية المؤامرة وتصميمها واعتقد ان نظرية المؤامرة تصلح غالبا لتفسير السياسة فالمبالغة في موضوع المؤامرة حرمت المسلمين كثيرا من المستجدات بشكل هادي وواقعي والمؤلم اننا في هذا العصر الذي اصبحنا فيه ضحايا نقص المعرفة ونقص الوعي والتفكير.