المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انخفاض مخزونات النفط الأمريكية يضع الولايات المتحدة في أحضان أوبك



شمالي الخليج
11-04-2003, Fri 9:11 PM
د. أنس بن فيصل الحجي
قامت الحكومات الأمريكية المتعاقبة خلال الـ30 عاما الماضية بتبني عدة سياسات للطاقة كان محورها تخفيف الاعتماد على النفط كمصدر للطاقة, وتشجيع مصادر الطاقة البديلة, وتشجيع التنقيب عن النفط في أماكن مختلفة من العالم, وتنويع مصادر واردات النفط الأمريكية. وعلى الرغم من تعاقب إدارات جمهورية وديمقراطية على البيت الأبيض طيلة هذه الفترة إلا أن هدف جميع هذه الإدارات كان بناء احتياطي ضخم من النفط وتقليل الاعتماد على دول أوبك بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص. والآن, بعد مرور 30 عاما, فإن الولايات المتحدة تعود إلى نقطة الصفر, فإنتاجها النفطي ينخفض باستمرار, ووارداتها النفطية تزداد يوماً بعد يوم, واستهلاك قطاع المواصلات في ازدياد مستمر, ونصيب النفط كنسبة من استهلاك الطاقة ارتفع أيضاً. بالإضافة إلى ذلك فقد انخفض المخزون العام, والذي يشمل المخزون التجاري والاحتياطي الاستراتيجي, إلى أدنى مستوى له منذ عام 1976.
وتتضح شدة الأزمة النفطية التي تعاني منها الولايات المتحدة حالياً من مستوى المخزون العام ومدى مقدرته على تغطية الواردات. فقد انخفض المخزون لدرجة أن عدد الأيام التي يكفي فيها هذا المخزون لتغطية الواردات النفطية وصل إلى حد يماثل المستوى الذي ساد أثناء الأزمة النفطية الأولى في عام 1973 والأزمة النفطية الثانية في عام 1979.
ويوضح الشكل البياني المرافق عدد الأيام التي يمكن للمخزون أن يغطي فيها الواردات النفطية مقارنة بأسعار النفط. فقد انخفض عدد الأيام من متوسط قدره 350 يوماً تقريباً في النصف الأول من الثمانينيات إلى حوالي 152 يوماً حالياً. وهذا يعني أنه لو أوقفت الولايات المتحدة استيراد النفط تماماً, أو قامت كل دول العالم بمقاطعة الولايات المتحدة نفطياً, فإن لدى الولايات المتحدة مخزوناً يكفيها لتستمر بنفس مستوى الاستهلاك لمدة 152 يوماً, أو ما يعادل 5 أشهر, وهي أقل من فترة الـ9 أشهر التي أصرت عليها إدارة الرئيس رونالد ريجان في الثمانينيات.
وعلى الرغم من أن عدد الأيام التي يغطي فيها المخزون الواردات انخفض في بعض الفترات إلى أقل من المستويات الحالية مثل عامي 1977 و2001 , إلا أن أسعار النفط لم تكن مرتفعة بالشكل التي هي عليه الآن. كما أن هناك مشكلة أخرى وهي أن الاحتياطي الاستراتيجي من ضمن هذا المخزون وقد زاد الاحتياطي الاستراتيجي بكميات كبيرة منذ أمر الرئيس جورج بوش بملء الاحتياطي الاستراتيجي منذ حادثة 11سبتمبر. ويمثل ذلك مشكلة لأن انخفاض المخزون العام بهذا الشكل مع زيادة الاحتياطي الاستراتيجي يعني انخفاض المخزونات التجارية بشكل هائل, الأمر الذي يهدد بحدوث أزمة طاقة في أي وقت في الولايات المتحدة, رغم ارتفاع الواردات الأمريكية في الأيام الماضية.
إذا كانت مشكلة انخفاض المخزون ستؤدي إلى أزمة في الولايات المتحدة فلماذا لا يتم حلها؟ كل ما على الولايات المتحدة أن تشتري المزيد من النفط لملء هذه المخزونات, ولكن الأمر ليس بهذه السهولة للأسباب التالية:
لن تقوم الولايات المتحدة بشراء النفط وتخزينه بأسعار مرتفعة كالأسعار السائدة في هذه الأيام.
إن قيام الولايات المتحدة بشراء مزيد من النفط في هذه الفترة سيؤدي إلى مزيد من الارتفاع في الأسعار. حتى لو أرادت الولايات المتحدة شراء كميات إضافية من النفط وبأسعار مرتفعة فإنه لا توجد طاقة إنتاجية إضافية حالياً إلا بشكل صغير وفي بعض دول أوبك فقط. وهكذا, على الرغم من مرور 30 عاما من سياسات الطاقة المعادية لأوبك, وجدت الولايات المتحدة نفسها في أحضان أوبك!.
(بدون تعليق)