المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مطلوب إجراءات عاجلة



alharbi
11-04-2003, Fri 11:20 AM
خبراء: مطلوب إجراءات عاجلة للتعاطي مع متغيرات الحرب ودرء آثارها

تحفيز الأداء الاقتصادي وتحرير الاستثمارات المؤجلة والبطالة قضايا تنتظر الاقتصاد السعودي في المرحلة المقبلة


الدكتور إحسان بوحليقة
أبها: محمد جمال عتابي

أكد اقتصاديون سعوديون على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتحفيز الأداء الاقتصادي في السعودية لمواجهة المتغيرات التي أحدثتها الحرب في العراق على الاقتصادين العربي والعالمي.

وقال الخبير الاقتصادي عضو مجلس الشورى السعودي الدكتور إحسان بوحليقة لـ "الوطن" إن تدخل الحكومة ببرنامج لحفز الطلب على الاقتصاد من خلال توجيه الإنفاق إلى كل ما يدفع أنشطة القطاع الخاص وزيادة الطلب على خدماته وسلعه يحرك دورة الأعمال ويحد من تباطئها.

وتوقع بوحليقة أن يتحرر الاقتصاد السعودي كثيرا من قرارات الاستثمار المؤجلة في حال حسمت الحرب وأن يشهد طفرة محدودة وارتفاع الطلب على قطاع التشييد والبناء وقطاع السيارات ثم ما تلبث أن تعود الأمور إلى طبيعتها.

وقال إن على المؤسسات والأفراد اتخاذ استراتيجية الاحتراز والاحتفاظ بمستويات أفضل من السيولة أو إعادة تشكيل محافظهم الاستثمارية للاستفادة من أي فرص سانحة.

وفي الوقت ذاته يرى بوحليقة أن القطاع الخاص السعودي الذي يساهم بنحو 48 % من الناتج المحلي الإجمالي الذي يقدر بـ 700 مليار ريال سيشهد تباطؤاً في أنشطته المختلفة نتيجة تراجع الاستثمار وتأثر دورة الأعمال إذا طال أمد الحرب التي تظهر المؤشرات قرب انتهائها. وقد يتراوح التراجع بين 70 و 100 مليار ريال على اعتبار أن نشاط الصفقات يقدر بنحو تريليون ريال.

وقال إن الاقتصاد السعودي يتعامل مع الأزمة الراهنة بشكل حصيف فلا تجد مؤسسة النقد العربي السعودي صعوبة في تغطية أي طلب على الدولار أو العملات الأجنبية الأخرى نظرا لوجود احتياطي كبير من النقد الأجنبي يكفي لتغطية الواردات لما يقارب من 20 يوما وهذا مؤشر جيد.

ويضيف بوحليقة أن الأوضاع الاقتصادية المتذبذبة في حالة الحرب تؤثر سلبا على سياسة الدولة في إحلال المواطنين محل الوافدين وتؤخر تطبيق برامج السعودة التي وردت بالخطة الخمسية السابعة الحالية المتعلقة بإحلال 100 ألف وظيفة. بل يتعدى ذلك إلى عجز الخطة السادسة السابقة عن تحقيق أهدافها طبقا للإحصائية الرسمية التي تقول إن العجز زاد ليصل إلى 380 ألف وظيفة بدلا من 320 ألفا. ويتضح من ذلك أن مستويات البطالة أصبحت الآن تمثل عنصراً ضاغطاً أكثر من ذي قبل بسبب منافسة العمالة الوافدة من جهة وتراجع النمو الاقتصادي مع استمرار الحرب من جهة أخرى. وهذا وضع يتطلب التعامل معه بحكمة حتى لا تتفاقم الأوضاع ..

وقد عانى المناخ الاستثماري السعودي على مدى الـ 20 سنة الماضية من هجرة الأموال حيث يأتي المستثمرون السعوديون على رأس القائمة عربيا. وتتراوح هذه الاستثمارات في الخارج بين 700 مليار دولار وتريليون دولار، وهي مبالغ هائلة تزيد عن 4 إضعاف الناتج المحلي السعودي.

وقال بوحليقة إن هذه الأموال قد خرجت في البداية نتيجة عدم قدرة الاقتصاد السعودي على استيعابها ثم بعد ذلك نتيجة عدم قدرة مناخ الاستثمار المحلي على منافسة فرص الاستثمار في الخارج. وإذا تحركت هذه الاستثمارات في الخارج فلن يكون ذلك بسبب الحرب لأن حركتها الحقيقية بدأت عقب أحداث 11 سبتمبر حين خرجت بشكل كبير من أمريكا إلى اقتصادات أكثر ترحيبا بها، فعاد جزء إلى السعودية ودول الخليج حتى يتخذ قرارات أخرى وينطلق في دورته.

وأوضح بوحليقة أن استقطاب الاستثمارات للمنطقة يتطلب آليات وسياسات تجعل المناخ الاقتصادي منافسا وجاذبا للأموال ومتفوقا على أمثاله في الدول الأخرى. والسعودية تحتاج لمعدل نمو يتجاوز نسبة 4 % سنويا ولن يتحقق ذلك إلا بمزيد من الاستثمارات.

أما حاليا فإن نسبة الاستثمارات إلى الناتج المحلي الإجمالي في حدود 20 % وهي نسبة متدنية ولابد من السعي إلى زيادتها إلى 30 % حتى تعزز فرص عمل لأبناء الوطن.


الرؤية الاقتصادية لما بعد الحرب


إلى ذلك حذر أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة الدكتور وديع أحمد كابلي مما ستسفر عنه الحرب على العراق من متغيرات اقتصادية على العالم وعلى المنطقة العربية بشكل خاص، مشيرا إلى أن الرؤية المستقبلية للاقتصاد العالمي ما زالت غير واضحة، وستزداد الأحوال الاقتصادية سوءا مع مرور الوقت إذا سارت المعارك بشكل مغاير للوضع الحالي خاصة مع تقدم القوات الأمريكية في العاصمة بغداد.


وقال "لن يكون هناك رابح وخاسر في هذه المعركة، وسيكون الجميع خاسرين، وسيحتاج العالم إلى فترة طويلة للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يسببها طول أمد الحرب، ولا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور". فقد ظهرت بوادر ذلك الوضع الغامض على أسواق المال العالمية التي بدأت في التراجع بعد الصعود السريع الذي تحقق في الأسبوع الأول، كما عاود الذهب والبترول الارتفاع التدريجي، وأحجم المستثمرون عن الاستثمار مرة أخرى.

وقد يساعد في معرفة الآثار الاقتصادية لما بعد الحرب، معرفة أسبابها وأهدافها الحقيقية. ومن الأهداف التي تعلنها أمريكا على العالم نزع أسلحة الدمار الشامل وإعادة الديمقراطية في العراق وإذا كانت هذه الأهداف حقيقية فستكون الآثار الاقتصادية إيجابية، ولكن كثيراً من الناس لا يصدقون أن أمريكا تتكلف كل نفقات الحرب الضخمة والخسائر البشرية من أجل هذه الأهداف المعلنة، وهؤلاء لديهم نظريات أخرى مثل السيطرة على بترول العراق واحتياطاته الضخمة، وكذلك الهيمنة والسيطرة السياسية وإعادة رسم خارطة المنطقة وغيرهى من المخططات.

وأوضح كابلي: الواضح أن كثيراً من الآثار الاقتصادية للحرب قد ظهرت بالفعل، لأن الحرب لم تكن مفاجئة، بل كانت متوقعة منذ أكثر من 6 أشهر.

فقد ارتفعت أسعار البترول من حوالي 22 دولاراً للبرميل قبل بدء الأزمة إلى حوالي 32 دولاراً بعد بدء الحرب أي بنسبة 45%، كما ارتفع سعر الذهب من حوالي 290 دولاراً للأوقية إلى أكثر من 388 دولاراً أي بنسبة 34%، وانخفضت أسعار الأسهم في جميع أنحاء العالم فقد هبط مؤشر داوجونز من أكثر من 10,000نقطة قبل الأزمة إلى حوالي 7000 أي بنسبة 30% ، كما أنخفض مؤشر الأسهم المحلية من حوالي 3000 نقطة إلى أقل من 2500 أي بنسبة 17%، أضف إلى ذلك الركود الذي أصاب الاستثمارات حول العالم وخصوصا في المنطقة القريبة من موضوع الصراع، وانخفض حجم المبيعات وخصوصا السلع الكمالية، كما انخفض حجم السياحة والسفر حول العالم، وتضررت شركات الطيران، والفنادق والسياحة في كل الدول سواء خوفا من الحرب أو خوفا من الإرهاب.

وكان يعتقد أن الحرب ستكون سريعة وخاطفة ولذلك استعدت كل الجهات للطفرة الاقتصادية التي ستعقب الحرب وما يترتب عليها من عقود إعادة البناء وإصلاح آبار البترول التي ستأتي من زيادة إيرادات البترول العراقي ، ولن تكلف دافع الضرائب الأمريكي أي شيء، وقد استعدت الشركات الأمريكية والبريطانية لجني الأرباح الطائلة، كما استعدت بعض الشركات المحلية لمثل ذلك الاحتمال!!

ومع معرفة الأسباب الحقيقية للحرب، يمكن توقع آثارها الاقتصادية، فإذا كان الهدف الحقيقي ما تقوله أمريكا فسوف تكون الآثار الاقتصادية إيجابية على المنطقة، أما إذا كانت غير ذلك فسوف تكون تلك النتائج سلبية..!!
ويتوقع الاقتصاديون الأسوأ دائما حتى يأخذ الناس حذرهم، وعلى أي حال تأتي الحروب بنتائج متضاربة.