المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كم هو سهل أن تكون عربياً



(¯·._)F.M(¯·._)
09-04-2003, Wed 10:59 AM
تستيقظ في الصباح على صورة «القائد» في الصحيفة والتلفزيون ومقررات المدرسة والجامعة.
تنخرط في نشاطات الحزب الحاكم والنخبة الحاكمة أو تصبح «معاديا» أو مهمشا.
ترضى بكل ما يقال عن غياب التنمية والحريات وتكديس الموازنة في القصور والأجهزة الأمنية، فإسرائيل في المرصاد، وأنت في المرصاد إذا حاولت تلمس فكرة للفصل الايجابي بين تنمية القدرات العسكرية وتنمية البلد، بل أنت في مرمى النار إذا أعطيت مثالا عن إسرائيل نفسها التي تتنفس اللون العسكري في كل قطاعاتها ولا تهمل الجوانب الأخرى في بنية النظام السياسي والاقتصادي.
تخسر التنمية السياسية والاقتصادية وتخسر الحرب، ويقنعك النظام أن الهزيمة نكسة أو حتى انتصار، ويتهمك بأنك السبب، فبعض ما في مداركك الذهنية والعقلية ما زال يرفض التوجيه الحزبي والسلطوي، والبعض الآخر قاصر عن الارتقاء إلى مستوى التحديات، وهو المستوى الذي لم تبلغه سوى الطلائع الحزبية المتقدمة، والطلائع العائلية المتقدمة, وإياك ثم إياك ثم إياك، أن تجهر حتى بحيرتك، لأن التهمة جاهزة «وجسمك لبّيس» والسلطة تتساهل في كل شيء إلا «ثوابت الأمة» و«مقدساتها».
يتضخم الجيش والأجهزة الأمنية فتلبس الكاكي ويفتح النظام النار على جارك بمساعدة الولايات المتحدة أو بغض نظر منها، فتنسى إسرائيل لأن دورها سيأتي غدا لا محالة، ولأن الطريق الالتفافي عبر دول عربية وإسلامية يجعل القضاء على الدولة العبرية مسألة وقت, تنتهي الحرب الباردة مع سخونة «الملحمة» فيتجاور السلاح السوفياتي مع الذخيرة الأميركية، وترتفع الأعلام المتعددة الجنسية على المرافق والمنشآت خشية التعرض لها، ويتسع موطئ القدم الأميركية سرا وعلنا لمتابعة وإدارة الخدمات الأمنية التي قدمتها للمعركة.
تنهزم وتنكسر وتتناقص أعداد جيشك من دون أن تمس الأجهزة الأمنية، وتعود السلطة إلى «الثوابت» و«المقدسات» تبحث فيك عن أسباب الهزيمة، و«تربي» الأمة كلها برد فعلها ضدك, مجزرة هنا تودي بآلاف، معتقلات هناك تضم الآلاف، ويطالبك الإعلام «المنتصر» بأن تقرأ التاريخ لتعرف كم هي «تافهة» أرقام الضحايا مقارنة بـ «التضحية» العظيمة التي يقوم بها «القائد» من أجل الأمة ومستقبلها.
ينقطع لسانك عمليا إلا في التظاهرات، و«ينهد حيلك» وأنت تحمل مجبرا على كتفيك أحد مسؤولي الحزب وهو يهتف الشعار نفسه منذ 50 عاما ويخشى حتى الاجتهاد في الحماسة كي لا يخطئ ويخدم العدو، أما إذا لم تكن من رواد التظاهر والهتاف فستكتفي بوظيفتك الثابتة وراتبك الثابت لأن الترقيات والمنافع لا تمنح للسلبيين المتقاعسين.
تشك قليلا في تقويمك للنظام وجموده، فها هو ينفتح اقتصاديا على الغرب، وها هي «الخصخصة» تنطلق بين شركات أميركية وأوروبية تضم رموزا سياسية وبين شركات محلية لا يتولاها إلا أبناء النظام أو الواجهات القريبة منهم، لكن ثروة البلد يجب أن تبقى بأيدي من يحسن إدارتها، بل في أيدي من «بنى البلد» وهذا أضعف الإيمان.
يتضخم الجيش مجددا، وتتضخم مخاوف النظام وحساباته الداخلية، ويستمر العجز مع تحقيق العدو انتصارات حقيقية استفادة من حربنا الالتفافية، ندعى مجددا إلى لبس الكاكي، ونخوض حربا التفافية أخرى على دولة مجاورة، على أساس ان فلسطين غدا وليس كما قالوا «الآن الآن» ودفعونا إلى استعجال الحرب والنكسة، لكن حسابات «النظام العبقري» تختلف هذه المرة مع حسابات الولايات المتحدة، فقد أدى مهمته على أحسن وجه وخدم استراتيجيتها العامة بذكائه أو غبائه، لا يهم، المهم ان النتيجة واحدة: إعلام منتصر وإنسان مهزوم وأمة منكسرة مشرعة الأبواب لكل «رموز الامبريالية».
تعود الى عملك وقهوتك وخيبتك وفضائياتك، تنفصم شخصيتك حتى وأنت تعتقد انك عصي على الانفصام, ترى ملايين العرب المطرودين المهجرين المعذبين المعتقلين، فترغم نفسك على القول إن الموضوع سيادي لا علاقة له بالعروبة, ترى صور آلاف العرب مذبوحين مخنوقين مداسين بأقدام رجال الأمن فتضطر لتصديق السلطة القائلة إنهم خرجوا على عروبتهم وانتمائهم وإلا ستصبح واحدا من الضحايا, ترى نظاما يغزو ويدمر وينهب ويسرق ويستدرج الوجود الأجنبي,,, ويندحر، فتمكث في عملك كي لا تخرج إلى شارع يتظاهر بـ «أم الانتصارات», ترى شقيقا يخطف مئات الأشقاء ويقطع حبل مصيرهم، وتضطر إلى سماع تبريره: «وهل هم علماء ذرة حتى تبقى قضيتهم مفتوحة؟»، على أساس أن الإنسان العربي بوزن رصاصة في بندقية رجل أمن، إما تطلق عند الحاجة أو ترمى في المخازن فتفسد، وإما ان المخطوف إذا لم يكن عالم ذرة فلا داعي حتى لذكره, ثم ما قيمة الكلام عن «مئات الأشقاء» في سجون «شقيق» تضم عشرات الآلاف من أبنائه؟
يأخذك هذا النظام أو ذاك من حرب إلى أخرى، يفتح أبواب البلاد الفاقدة المناعة أمام أطراف لا تخفي خططها ومصالحها ورغباتها في الهيمنة وإعادة رسم الخرائط، ولا تجد هذه الأنظمة المنتصرة على أنقاض إنسان مهزوم إلا هذا الإنسان متراسا لكرسي السلطة، وإلا صورة هذا الإنسان وزوجته وأطفاله وأهله ممزقين ضحايا الآلة العسكرية الأميركية، سلاحا للدفاع عن قضيته، ووقودا إضافيا لشارع عاجز كاره، وورقة ابتزاز أخلاقية ومعنوية ووطنية وعربية لكل من اعترض على هذه الأنظمة وتصرفاتها والحرب التي فرضتها على الأبرياء.
اسكت تماما، فموضوع القمع والحريات وخطف البلد والناس والمغامرات التدميرية شرقا وغربا للبشر والحجر,,, كلها تفصيل بسيط أمام جحافل الأميركيين الذين يريدون تغيير الأنظمة وكسر إرادة الدول وجعلها أكثر تطويعا تجاه إسرائيل, اسكت وإلا عدت مجددا إلى الطبقة المتآمرة التي يجب أن تصنّف وتعاقب وتتكسر مفاصلها في مفصل تاريخي.
لا تتعلم من أي تجربة، ولا تحاول التفكير، لأن الخطط العسكرية الالتفافية ستلتف حول عنقك أيضا، فقد تكون «أنت، وأنا، وهو، وذاك، وهم، وهن» اليوم,,, وغدا فلسطين، إذ اتضح رغم كل شيء، رغم الهزائم والخوف والانكسارات والجوع والفقر والعوز والآمال المغلقة,,, انك ما زلت أقوى من رجل الأمن الذي ارعبك وانت أعزل ثم رمى سلاحه متخفيا متواريا، مثل مسؤوليه، عندما واجه سلاحا مضادا.
كم هو سهل أن تكون عربيا.
alirooz@hotmail.com

الكويت-الراي العام
09-04-2003

الغنيمي
11-04-2003, Fri 2:10 AM
ساريه تسلم عليك