المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مستعجل أوقفوا.. سوق (الفَلَس)..!!



مشاري
02-02-2007, Fri 2:36 AM
مقال قوي
مستعجل

أوقفوا.. سوق (الفَلَس)..!!

عبد الرحمن بن سعد السماري

هناك ارتباط وثيق جداً.. بين أزمة السكن والمساكن وغلاء الإيجارات.. ذلك الغلاء الفاحش.. وبين انهيار سوق الأسهم..


* كيف؟

* يوم ارتفعت الأسهم.. وارتفع المؤشر وارتفعت معنويات الناس.. ودخل الناس.. كل الناس في سوق الأسهم.. وسحبوا أنفسهم من العقار وسوق العقار.. وتوقفوا عن التعاطي في العقار.. وتوقفوا عن أي مشروع بناء جديد.. إلا ما ندر.. واتجهت معظم.. أو ربما كل السيولة للأسهم.. وسوق الأسهم.. وهذا ما جعل البناء الجديد (عمارات - فلل) يتوقف طوال السنتين (تقريباً).

* ويوم انهار سوق الأسهم.. تلك الانهيارات الشهيرة.. التي ستصبح من تاريخ بلادنا.. وستتحدث عنها الأجيال لمئات السنين القادمة.. وسنضيف إلى (سنة الطَّبْعَةْ) وسنة (الرحمة) وسنة (الْظِلمَة) سنضيف (سنة.. طيحة الأسهم).

* أقول.. عندما انهار السوق وامتص (فلوس) المساكين.. وشفط القليل والكثير.. والتحويشة والديون.. عندها.. لم يجد أحد ريالاً واحداً ليبني به مسكناً أو عمارة يؤجِّرها.. فأصبح هناك أزمة (عقار).. أزمة إيجار.. وارتفعت وتضاعفت أسعار الإيجارات وأسعار بيع الفلل..

* انهيار سوق الأسهم.. جاء على كل شيء.. حتى إنه سرق الابتسامة والفرح من شفاه الناس وكوَّم مئات الآلاف من المكتئبين والمرضى النفسيين..

* عندما تجلس في أي مجلس.. ينقلون لك حالات تُدمي القلب.. لأناس فقدوا عقولهم.. وتصرَّفوا تصرّفات مشينة.. و(اللِّي طَقْ أمه) و(اللِّي صَفَّقْ أبوه) وهناك من سقط مغشياً عليه في البنك وآخر سقط بين أولاده.. وآخر سقط في المسجد.. وثالث (يسولف على نفسه) في الدائري.. ورابع دخل المسجد لابس (تْرِنْق) وخامس.. وسادس (بَتَّل) مع طريق القصيم.. كل هذا.. نتيجة انهيار سوق الأسهم.

* ويقال.. إن حالات التدخين زادت.. وحالات (الهبال) زادت.. وحالات (الطْقاق) زادت.. وهناك.. وفي عالم الاستراحات من يصرخ ويقول (أربعمية تِرْدِفْ خمسين) ثم (يِفِلْ.. سِرا أبو تسعة)؟!!

* هناك من ترك وظيفته.. وهناك من استقال من عمله.. وهناك من ترك دراسته.. وهناك من باع دكانه.. وهناك من باع ورشته.. وهناك من باع بيته واستأجر وهناك من باع كل مصادر دخله.
ودخلوا كلّهم.. سوق الأسهم.. وخرجوا بأوراق لا قيمة لها.. لا أحد يشتريها..


* مساكين كل هؤلاء الذين يعايشون أوضاعاً مخجلة.. ولا يدرون.. أين يذهبون.. ولا لمن يشتكون.. ولا حتى.. من يشتكون..

* المؤشر.. طاح عدة مرات.. من (20) ألف نقطة.. إلى أن لامس ستة آلاف نقطة.. أي أنه انهار خمسة أضعاف تقريباً..

* إن قضية مضاربي سوق الأسهم.. هي أنهم (مساكين) يلاحقون القاع.. من أجل انطلاقة جديدة.. بمعنى.. أن المغفلين المساكين.. ينتظرون انطلاقة جديدة للمؤشر.

* قيل لهؤلاء المساكين يوم أن طاح المؤشر من (20) ألفاً إلى (18) ألفاً (اثبتوا.. اصبروا.. لا تستعجلوا) الأمور بخير.. الوضع طيِّب (اقتصادنا.. قوي.. ومتين)؟! وصمدوا.. وثبتوا حتى صارت الـ(18) (خمسة).

* فهل يتقدّمون بشكوى ضد من قال لهم.. اصبروا.. واثبتوا.. وابقوا في السوق.. والأمور بخير.. والوضع طيِّب.. والمستقبل مشرق.. والوضع الاقتصادي ممتاز؟!

* نحن اليوم.. نتحدث عن الاستثمارات الأجنبية ونحاول استقطاب الاستثمار الأجنبي ونحاول جذب رؤوس الأموال الأجنبية.. وننسى.. أننا إزاء حالة مخيفة.. أخافت أبناء الوطن قبل أن تخيف الآخرين.. حالة أرعبت أبناء الوطن قبل أن ترعب من يحاول الاستثمار في البلاد.

* طاح سوق الأسهم في غمضة عين.. وطار معه (3) ترليونات في غمضة عين.. دون أدنى سبب على الإطلاق.. فهل نتوقّع أن هناك من يغامر بأمواله في استثمارات قد يصيبها ما أصاب سوق الأسهم.. وعندها.. سيُقال له.. (الوضع طبيعي) والأمور طبيعية.. و(اقتصادنا قوي)؟!! ولا مشكلة.. كما قيل لمساكين سوق الأسهم؟

* إن مشكلتنا.. أننا نسعى لاستقطاب الاستثمار الأجنبي.. ونقيم الندوات والمؤتمرات واللقاءات والاجتماعات مع مستثمرين أجانب.. ونحن نشيع سوق الأسهم.. أو أننا إزاء جثة.. لا هي التي ماتت فندفنها.. ولا هي التي شفيت فتعيش كما يعيش الصحاح..

* لقد سعد العقاريون بانهيار سوق الأسهم.. وظنوا.. أن الناس ستترك سوق الأسهم.. وستتجه لتحريك العقار لعله يرتفع ويطير.. ونسوا.. أن الناس (فلَّسَت) ولم يعد معها ريال ولا قرش ولا هللة.. وأحسن الناس حالاً.. هو الذي خرج من سوق الأسهم غير مديون.. بمعنى.. أنها طارت تحويشته فقط.. أما المسكين فهو المطارد المطالب بتسديد ديون وأسلاف.. أو الذي باع بيته واستأجر من شريطي.

* كان الله في عون إدارات الشرطة والحقوق والمحاكم والسجون والمصاح النفسية والشوارع للتورط بضحايا الأسهم.

* ترى كم يحمل المستقبل لهؤلاء الذين وجدوا أنفسهم مفلسين أو مديونين وهم شباب في مقتبل العمر.. فلا بيت.. ولا زواج ولا وظيفة.. ولا مستقبل.

* ومسكين أيضاً.. ذلك الذي فلَّس ولديه (كوم) أولاد ملزم بالصرف عليهم..

* مساكين.. هؤلاء (الضْعوف.. اللِّي ما درى عنهم أحد) ماتوا جوعاً.. وقهراً.. وحسرة.. والشريطية واللصوص (يتندحون) ويخابطون ويلابطون بفلوسنا.

* نحن والله نقولها ونكرّرها.. إزاء كارثة وطنية لم نشعر بها.. ولم نلتفت لها ولن نعرف حجم خطورتها.. إلا بعد سنة أو سنتين.. عندها.. سنبحث عن حلول.. ولن نجد حلولاً..

* المشكلة.. ليست في التفليسة.. ولا في الديون.. ولكن ماذا سيعمل المفلسون والمطاردون بعد سنة أو سنتين؟!

لقد تحوَّل سوق الأسهم الذي فرحنا به وصفقنا له.. إلى كارثة.. وصار.. وكأنما قنبلة نووية انفجرت بيننا.. وصرنا كلنا.. ضحايا.

* إن الحل وكما يقترح الكثير.. هو ليس في شطب بيشة أو شطب أنعام.. بل شطب كل الشركات من السوق.. بدلاً من أن نتفرّج على السوق وهو يهوي هكذا.. حتى تتحوّل الأسهم إلى أرقام لا قيمة لها.

* أوقفوا السوق.. فوالله إن إيقافه أهون بكثير مما حصل في الفترة السابقة

anagood
02-02-2007, Fri 2:53 AM
فى مقال اقوى للكاتب في جريدة الجزيرة يوم 3 محرم 1428 هجري ياليت تقدر تنشره في المنتدى