المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آثار عمليات غسيل الأموال على الاقتصاد ( وحال سوقنا)



الهشام
25-01-2007, Thu 5:31 PM
آثار عمليات غسيل الأموال على الاقتصاد (2 من 2)
عبد المحسن بن إبراهيم البدر - 07/01/1428هـ

كنا قد تحدثنا في الأسبوع الماضي عن غسيل الأموال كمصطلح وتعرفنا على بعض جوانبه التحضيرية ومصادره، وذكرنا بعض الجوانب التي تتم من أجلها عملية غسيل الأموال.
ويبقى الجزء الأهم من هذا الطرح وهو كيف تغسل الأموال؟ وكيف تؤثر تلك العملية على الاقتصاد والمجتمع؟
نظرياً، تمر عملية غسيل الأموال بمراحل متعددة ومتغيرة حسب مصادر الأموال القذرة وعلى حسب كمياتها وعلى حسب توقيتها. ولخطورة عمليات غسيل الأموال فإنها تأخذ فترة من الزمن حتى تعود لأصحابها على شكل مبالغ قانونية متداولة بشكل طبيعي لأنها تمر بمراحل عديدة لإبعاد الشبهات وضمان النتيجة. نذكر منها باختصار المراحل الرئيسية لعمليات غسيل الأموال.
تبدأ العملية بمرحلة الإيداع Placement stageأو ما يسمى المرحلة الأولية وهي الفترة اللاحقة لتحصيل الأموال القذرة الناتجة عن العمليات غير القانونية التي ذكرناها سابقا، حيث يتم خلال هذه المرحلة تجزئة النقد الكبير إلى مبالغ صغيرة عن طريق تحويلها إلى حسابات بنكية قائمة أو بشراء شيكات سياحية وأوراق مالية كالأسهم أو السندات، وقد تصل إلى مرحلة استخدام حسابات مصرفية لشركات قائمة وتضيع بهذه الطريقة خطورة حيازة المبلغ الكبير وإزالة الشبهات عنه عن طريق هذا التوزيع الذي غالبا ما يكون قائما على دراسة مسبقة يقوم بها غاسلو الأموال، وكذلك يدخل هنا العديد من العمليات الاحتيالية والفساد الإداري التي يقوم بها أصحاب النفوذ سواء كانت شركات أو بنوكا محلية.
الرحلة الثانية هي مرحلة التوزيع Layering stage بعد أن يتم توزيع المبالغ إلى أشكال مختلفة من الاستثمار وتقسيمها، فإن هذه المبالغ يعاد تجميعها من خلال عمليات بنكية إلكترونية أو شخصية في أماكن حول العالم توفر خصوصية وسرية للعمليات المالية وتوفر حماية كبيرة لروادها مثل ما يسمى اللجنة الضريبية وكذلك بنوك الأوفشور Offshore والشركات الوهمية التي تمثلها أماكن حول العالم مثل جزر الكاريبي. ولذلك فلا غرابة أن ترى بعض تلك الجزر الصغيرة التي تعتبر من الجنان الضريبية حول العالم ولديها أعداد هائلة من البنوك وهذا هو عصب اقتصادها، فعلى سبيل المثال يوجد في جزيرة ناورو Nauru في المحيط الهادي والتي لا تتجاوز مساحتها 21 كيلو مترا مربعا لديها أكثر من أربعة آلاف بنك مسجل.
وأخيرا المرحلة النهائية للعملية وهي مرحلة الدمج Integration stage حيث يتم خلال هذه المرحلة إعادة تجميع المبالغ التي ذكرناها في المرحلة السابقة على شكل استثمارات يعاد إدخالها إلى الاقتصاد العالمي عن طريق تأسيس شركات ذات طابع أجنبي أو شراء العقارات أو المضاربة في أسواق الأسهم أو الدخول في استثمارات ذات قيمة عالية أو شراء المجوهرات وغير ذلك من الأعمال التجارية ذات القيمة الاستثمارية الكبيرة. وغالبا ما تحدث هذه العمليات في دول العالم الثالث التي تفتقر إلى أنظمة رقابية وقانونية قوية، وكذلك حاجتها إلى دخول سيولة أجنبية تساعد اقتصادات تلك الدول التي غالبا تعاني من مشاكل اقتصادية. وبذلك تكون الأموال القذرة التي تم تحصيلها على حساب صحة المجتمعات وعلى حساب طاقتها، اختفت بالفعل وتم تحويلها إلى أموال نظامية يسمى أصحابها أهل الخير لما تمثله مساهماتهم الكبيرة في المجتمع!!ومع إيماني بخطر الآثار السلبية التي تسببها عملية غسيل الأموال على المجتمع من ناحية التشجيع على انتشار الجريمة والفساد الإداري والابتعاد السلبي عن القانون وقتل روح المبادرة لدى أفراد المجتمع والتشجيع على إشاعة جميع الأمور المتعلقة بالأعمال الإجرامية التي تحتاج إلى عمليات غسيل الأموال. ولا شك أن هذه العوامل تؤثر في الاستقرار الأمني والاجتماعي بشكل يؤثر في الاقتصاد.
إلا أن آثارها الوخيمة على الاقتصاد تحتاج إلى مجلدات من التحليل، ولكن في هذا الطرح سأختصرها على شكل نقاط رئيسية، حيث إن كثرة عمليات غسيل الأموال تتسبب في خلق الاقتصاد الخفي أو الاقتصادات السوداء أو اقتصادات الظل. وهي ما يعني إنتاج اقتصاد وعرض للنقود وهمي لا يعكس حقيقة الاقتصاد، مما يقود إلى تضخم في الأسعار وهشاشة في النمو الاقتصادي، يهددان بانهيار الاقتصاد متى ما تم الانتهاء من تلك العمليات. فعلى سبيل المثال وجود عمليات غسيل الأموال من خلال الأسواق المالية يقود إلى اضطراب أسواق الأوراق المالية وأسعار صرف العملة وأسعار الأسهم.. وذلك بالنظر إلى أن المعاملات التي تتم بيعاً وشراءً لا علاقة لها بمبدأ العرض والطلب أو الجدوى الاقتصادية واقتصاد السوق والقيمة الحقيقية أو الفعلية للأسهم والسندات، إنما هي مجرد عمليات تمويه لغسيل الأموال وتبييضها ومن ثم سحبها خارج الاقتصاد، مما يؤدي إلى فقدان الثقة في اقتصادات الدول المحتضنة لمثل هذه الأعمال. كذلك أن عمليات غسيل الأموال قد تسهم في تباطؤ النمو الاقتصادي الحقيقي وتجلب ما أستطيع تسميته الإحباط الاقتصادي لقطاع الأعمال، بشكل يؤثر بشكل غير مباشر على نمو القطاع الخاص في الاقتصاد من خلال مقارنة العائد على الاستثمار في الأعمال الإجرامية ونسبة المخاطرة فيها. كذلك دخول تلك الأموال على شكل استثمار أجنبي يعطي دلالات وهمية على ارتفاع الناتج المحلي وكذلك على متانة الاقتصاد، وهذه المتانة لا تلبث أن تنتهي بمجرد انتهاء عمليات الغسيل بالكامل وذلك عن طريق استراتيجية خروج معينة من هذا الاستثمار.



http://www.aleqtisadiah.com/article.php?do=show&id=4509

tonys
25-01-2007, Thu 5:38 PM
جزيت خيرا تقدر طال عمرك تلمح لاسماء محليه غير الي خبرك .

saloooh
25-01-2007, Thu 7:46 PM
http://www.aleqtisadiah.com/article.php?do=show&id=4447

الهشام
26-01-2007, Fri 4:03 PM
جزيت خيرا تقدر طال عمرك تلمح لاسماء محليه غير الي خبرك .


الاخ / tonys الله يبارك الله فيك سؤالك يحال للكاتب

و الاخ / saloooh
شكراً لرابط الجزء الاول للموضوع

و للتوافق نرفق الجزء الاول الان

-------------
آثار عمليات غسيل الأموال في الاقتصاد (1 من 2)
عبد المحسن بن إبراهيم البدر - 29/12/1427هـ

انتشر في الأوساط الاقتصادية وحتى الاجتماعية الحديث عن غسيل الأموال The Money Laundering، وبرز هذا الطرح بشكل أكبر في ظل ما تشهده الأسواق المالية من كميات تداول عالية وسيولة كبيرة جعلت من غسيل الأموال تعود إلى دائرة الضوء مرة أخرى، وهنا تأتي الحاجة إلى تسليط الضوء على أهمية قضية غسيل الأموال وعلى آليات عملها، وكذلك آثارها على المجتمع والاقتصاد.
ونبدأ هنا بالتعريف بغسيل الأموال كمصطلح يتداول بين العامة والخاصة، وغسيل الأموال هو كل عمل أو إجراء يهدف إلى إخفاء أو تحويل أو نقل أو تغيير طبيعة أو ملكية أو نوعية وهوية الأموال المحصلة من أنشطة أو أعمال إجرامية وغير قانونية أو غير مشروعة، وذلك بهدف التغطية والتمويه والتستر على المصدر الأصلي غير القانوني لهذه الأموال، لكي تظهر في نهاية الأمر على أنها أموال نظيفة ومن أصول سليمة ومشروعة، بينما هي في الأصل غير ذلك. وتعريفه وفق نظام مكافحة غسل الأموال الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/39 وتاريخ 25/6/1424هـ على أنه "ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة مكتسبة خلافاً للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر". خلاصة التعريف أنه تحويل أي أموال اكتسبت بطريقة غير نظامية إلى أموال متداولة بشكل قانوني ونظامي.
وجاءت الحاجة إلى عمليات غسيل الأموال بزيادة العمليات التجارية غير النظامية، والتي تحتاج إلى عملية تنظيف من خلال إدخالها مع أموال شرعية والشكل التقليدي للعمليات التي تحتاج إلى غسيل أموال مثل تجارة للمخدرات، تجارة الأسلحة والمتفجرات، تجارة الجنس والرقيق جرائم الرشوة والاختلاس والغش بجميع أنواعه وانتشار الفساد الإداري والمالي وحتى السياسي، السرقة والتزوير بمختلف أنواعها.
اليوم ونحن نعيش عصر العولمة فإن غسيل الأموال أخذ أبعاد أخرى من حيث إمكانية نقلها وغسيلها في دول كثيرة حول العالم، وذلك من تنامي الاستثمار الأجنبي المباشر، وحرية حركة الأموال بين جميع الدول المتقدمة والنامية، وظاهرة التوسع في المضاربات المالية من خلال البورصات، ووجود التقنية التي تساعد في رفع مستوى العمليات وعددها بشكل يجعل من الصعوبة مراقبة ملايين العمليات المصرفية، ويجعل بعض البنوك أو الأشخاص المؤثرين والجهات النافذة تتسابق لتأخذ نصيبها من هذه الصفقات من ما أمكن بالمراوغات والمخادعات، والالتفاف على القوانين أو أية إجراءات إدارية قد تعوق عمليات الغسيل، وغالباً ما تتستر هذه العمليات وراء أسماء كبيرة لشركات أو مستثمرين أو سياسيين أو مشاهير.
ونتيجة لتلك التغيرات الاقتصادية على الساحة العالمية، فقد تم تأسيس منظمة عالمية تعنى بعمليات غسيل الأموال والجرائم المتعلقة بها، وهي اللجنة الدولية لمكافحة عمليات غسيل الأموالThe Financial Action Task Force FATF في باريس عام 1989؛ وذلك التوافق مع الاتجاه العالمي للحد من عمليات غسيل الأموال للتطوير والمساعدة على أخذ موقف دولي موحّد من عمليات غسيل الأموال. ويبلغ عدد أعضائها 31 دولة، إضافة إلى عدد من البنوك العالمية والمنظمات ذات العلاقة.
واستنادا إلى تقارير تلك اللجنة فإن ما يتم غسله من الأموال المحصلة من مختلف أنواع الأنشطة والأعمال غير القانونية حول العالم يزيد على تريليون دولار سنويا، وهذا بلا شك رقم كبير يستدعي أن يكون هناك جهد عالمي للتصدي له.
وغالبا ما تكون العقول المدبرة لغسيل الأموال تعيش في اقتصاديات متقدمة وتجني أموالها القذرة منها، وتكون عمليات إنشاء تلك الأموال في دول متأخرة اقتصاديا وقانونيا، مما يجعل من الصعوبة بمكان إجراء عمليات تبييض الأموال في الدول المتقدمة لتقدم الأنظمة الرقابية لديها. ولا عجب في أن تكون دول العالم الثالث جهات مفضلة لعصابات غسيل الأموال، خصوصا دول الفساد الإداري تعتبر مناطق متاحة لغسيل الأموال لأسباب كثيرة منها الفساد الإداري والقفز فوق القوانين والأنظمة، وكذلك ضعف الرقابة وغياب القانون في أحيان كثيرة. وكذلك تكثر في دول لا يوجد لديها قوانين خاصة بغسيل الأموال في ظل تقدم التقنيات المصرفية، والتي يمكن من خلالها تحويل الكثير من الأموال القذرة حول العالم بسهولة.
وفي مقال الأسبوع المقبل سنتعرّف بشكل أكبر على الآثار السلبية لعمليات غسيل الأموال في اقتصاديات الدول، وكذلك على آثارها في المجتمعات كجزء رئيسي مكون للاقتصاد.