المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة الغلام والرموز



عبدالله احمد
11-12-2006, Mon 7:55 AM
استشهاد الرموز يعني اقتراب النصر فامضوا ولا تلتفتوا إلى الوراء
إن النماذج الإيمانية الرفيعة المجاهدة في ديننا العظيم، تشرق على الناس في حياتها بالعطاء بكرة وأصيلا، يضرب الله تعالى بهم مثلا للمؤمنين، في أقوالها وأفعالها وأحوالها، ويجعلها أسوة لهم.
يالروعة وبهاء لحظة استشهاد القادة، هي والله الشمس تتناهض من مطلعها، فترسل أشعتها الياقوتية، على الجند والأتباع فتجلو في نفوسهم صفحة التفاؤل بالنصر، فتتلألأ في قلوبهم عزيمة الجهاد، وتنبعث روحها فتية من جديــد.
إنها لحظة مهيبة توقد جذوة نار لاتلبث حتى تشتعل اشتعال البركان، فتحيل أنين الحزن إلى صيحات الغضب، وتحيل ذهول ودهشة اليأس العابر، إلى عزيمة من حديد لاتلين لشيء، وتصهر أمامها كل عوائق النصر.
إن استشهادهم يثير كوامن الطاقات في الأمة فيفجرها تفجيراً، إن عظمة استشهادهم أكبر من عظمة كل عطاءهم الحياتي، أليست هي عظمة إعلان الإنتصار نفسه.
ولهذا السبب أراد الغلام -في قصة الغلام والملك- أن يعجل النصر بتقديم استشهاده، ولما لم يجد طريقاً إلى ذلك إلا بدلالة الملك على الطريقة الوحيدة التي بها يمكنه قتل الغلام، اتخذها سبيلاً، فكان الغلام عندما يعلّم الملك الطاغية كيف يقتله، إنما يخطط لانتصاره الكبير، وتأمّلوا معي نص الرواية:
" ثم قال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني، وإلا فإنك لا تستطيع قتلي. قال وما هو؟ قال تجمع الناس في صعيد واحد ثم تصلبني على جذع وتأخذ سهماً من كنانتي، ثم قل بسم الله رب الغلام، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. ففعل ووضع السهم في كبد قوسه ثم رماه وقال بسم الله رب الغلام فوقع السهم في صدغه فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات، فقال الناس آمنا برب الغلام. فقيل للملك أرأيت ما كنت تحذر؟ فقد والله نزل بك قد آمن الناس كلهم فأمر بأفواه السكك، فخُدّت فيها الأخاديد وأضرمت فيها النيران، وقال من رجع عن دينه فدعوه وإلاّ فأقحموه فيها. قال فكانوا يتعادون فيها ويتدافعون فجاءت امرأة بابن لها ترضعه فكأنها تقاعست أن تقع في النار، فقال الصبي: اصبري يا أماه فإنك على الحق" رواه مسلم.
ولا يخفى أن في كون حامل الحق هنا هو الغلام، إشارة واضحة على أن الحق منصور حتى لو كان حامله صغيراً بالمعايير المادية أمام الطاغوت، وأن نهاية وجود التشخيص المادي للحق، في معركته مع الباطل، لاتعني سوى إعلان النصر على الباطل، ولهذا أحيا موت الغلام شهيداً، الإيمان في قلوب الناس، وانتصروا على الطاغوت لما كانوا يتدافعون في ناره مرحبين بالثبات على الحق، ساخرين من بطشه وطغيانه، فرحين بهذه الميتة الشريفة.
ولهذا جمع الله تعالى بين معنى النصر، ومعنى الحياة في الاستشهاد، قال تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ} ،وقال:{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ}.
فالشهادة انتصار النفس على الشيطان والهوى والخلود إلى الأرض، والفتح انتصار الأمة، وكلاهما انتصار، فلهذا كانت معركة الإسلام مع أعداءه، هي المعركة الوحيدة في الوجود التي حسمت نتيجتها قبل أن تبدأ، فمن بقي في صف الإسلام منصور لا محالة، إما الشهادة أو الفتح، وإنه لقريب بإذن الله.
وكل قطرة دم لكل شهيد في أفغانستان أو الفلوجة أو فلسطين أو الشيشان أو كوسوفو أو أي بقعة من الأرض تهراق فيها دماء المسلمين، كل قطرة تجتمع مع أختها، ثــم تنحدر مشاربها لتصب في نهر واحد، يتدفق هادراً كبركان من غضب، ويحطم أمامــــــــه: هذه الغثائية التي رانت على قلوب أبناء الأمة، فأخلدوا إلى الأرض، وآثروا الدنيا على الآخرة، والمهانة على العزة، والعبودية للطواغيت على العبودية لله تعالى.
وهذه الحدود السياسية البغيضة التي وضعتها الصهيوصليبية العالمية لتحول بين الأمة ونجدة إخوانهم في فلسطين، وفي العراق، وفي أفغانستان، وفي الشيشان، بينما اليهود ينتزعون قادة الجهاد من بيننا ونحن ننظر لا نملك سوى البكاء كما النسوان.
وهذا الخوف من الإقدام على التضحيات، والشك في نصر الله تعالى لمن ينصره، وهذه المصالح الحزبية والشخصية الضيقة التي قدمت على مصلحة الأمة فحالت بين الأمة ونهضتها، وهذه الآراء الفقهية البائسة التي باتت تنظـّـر لمناهج الذل وتلبس الإسلام لبوس الهوان.
ثم يتجه أخيراً ليروي العروق الهامدات في قلوب أبناء الأمة، فيحيي فيها شجرة النصر، ويفجر فيها بركان العزة وابتغاء الظفر.
قال تعالى : {قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ} .

الشيخ المجاهد حامد بن عبدالله العلي حفظه الله– بتصرف-
منقول من موقع القوقاز الإسلامي _منقول

ولا شك اننا هنا لا نقر باي حال من الاحوال زعزعة امن من اي شخص كائن من كان


: