Dr.M
09-12-2006, Sat 5:19 PM
تجديد سوق الأسهم وضمان التداول
د. محمد أل عباس - أستاذ المراجعة المساعد -جامعة الملك خالد - أبها 18/11/1427هـ
maalabbas@kku.edu.sa
قال الراوي: وعندما طلع الصباح قالت شهرزاد " وكانت الأسهم لعبة وانتهت" ثم سكتت عن الكلام المباح. بداية أعتذر للقراء عن بدئي المقال بهذه العبارات الأسطورية التي توحي بانتهاء أسطورة سوق الأسهم السعودية أو تصور الموضوع وكأنه حدث عابر وقضية استثنائية في حياتنا وعاصفة هبت ثم هدأت وستزول ولن يبقى منها سوى الذكريات. المشكلة التي جعلتني ابدأ المقال هكذا هي مدى انتشار مثل هذه العبارات بين الناس حتى لقد كانت من أكثر ما سمعته بين من حضر ورش التوعية التي قامت هيئة السوق بإعدادها، بل إن بعضهم فسر الإقبال الضعيف على هذه الورش في بعض المناطق بانتهاء اللعبة فلا داعي للتوعية.
مع إنشاء هيئة السوق وتنظيم التداول عن طريق نظام تداول وتسريع عملية المقاصة حتى أصبحت الفترة الفاصلة حتى إتمام عملية الصفقة بالكامل تساوي صفرا بمعنى إمكان تحويل الأسهم والنقد بين المتداولين بمجرد تنفيذ الصفقة وفي اللحظة نفسها مما عزز من أساليب المضاربة ودفع سيولة السوق إلى حدها الأقصى, ثم ومع إمكان البيع و الشراء من خلال الإنترنت زاد عدد المتداولين إلى حدود قياسية. هذه التطور جعل قدامى المضاربين على وجه الخصوص يتحولون إلى محتكرين في السوق بما سبق وأجادوه من خبرات، ولأن منحنى التعلم كان شديد الانحدار لدى بقية الداخلين الجدد في السوق فقد استطاع الكبار تحقيق مكاسب خيالية فعلا. ولكن ولأن وضع السوق في مرحلته الراهنة وضع جديد فقد خان الخبرات اعتقاد بعض كبار المضاربين حول مستقبل ودور سوق الأسهم واعتقدوا أنه انتهى ولهذا تحولوا مع انهيار السوق إلى بائعين صافين وخرجوا من السوق بحثا عن منفذ استثماري جديد.
إن اتجاه الاقتصاد السعودي ككل وتحت قيادة خادم الحرمين الشريفين هو اتجاه جديد و قياسي تجسد في إنشاء عدد كبير من المدن الاقتصادية مع ما تحتاج إليه من رؤوس أموال ضخمة، أضف إلى ذلك اتفاقيات التجارة العالمية التي من خلالها سيكون الاقتصاد السعودي ساحة تنافسية تجعل البقاء للأصلح. وفي المشاريع الصناعية القادمة تتفاقم عناصر الأخطار وفترات استرداد رأس المال إلى مدد طويلة وهذه شروط تجعل كبار رجال الأعمال خارج المنافسة لعدم قدراتهم على تحمل مثل هذه الأخطار أو تحملهم لفترات الاسترداد ة جدا وسيبقى المجال مفتوحا للشركات العالمية والقيادية وكذلك الصناديق الاستثمارية المختلفة لتمويل هذه المشاريع العملاقة. وهكذا فإني أقول, وكلي ثقة. لقد بدأ عصر سوق الأسهم يا عزيزتي شهرزاد ولم ينته بعد.
لقد كان التصحيح ضروريا لتجديد دماء السوق وليحل مضاربون جدد أكثر وعيا وأكثر شبابا. إن سوق الأسهم اليوم تعنى ازدهار الغد ونجاح مشاريع الخير والنماء ويعني تحولنا الضروري من مستهلك صاف إلى منتج وبذلك نشارك وبقوة في صناعة القيمة. لم يستطع كبار المضاربين فهم هذه المعادلة ولم يستطيعوا فهم دور سوق المال كممول أساسي للمشاريع العملاقة لذلك كان لابد للسوق أن تصحح لاستبعاد من هو ضروري استبعاده. إن المضاربة فن أساسي وضروري لتجديد روح السوق ودعم سيولتها. لن تنجح الأسواق المالية في دعم المشاريع العملاقة إذا لم يكن بها مضاربون محترفون يقدرون مهنتهم ودورهم ويتمكنون من صناعة السوق بطريقة تمكنها من جذب الاستثمارات وتجديد دمائها باستمرار.
إن سوق الأسهم السعودية، كسوق ناشئة، قادمة وبقوة، ومع وصول مكررات الأرباح إلى مستوياتها الحالية, فإن الفرصة مهيأة لتجديد دماء السوق ليس بدخول سيولة جديدة فحسب بل بدخول مضاربين جدد وسيدفع المضاربون القدامى ثمنا باهظا للعودة إلى السوق مرة أخرى، وستعلمون نبأه بعد حين. وكما قلت في مقال سابق, إن قدرة هذه السوق على عقاب كل من يتلاعب بها أكبر بكثير مما يتوقعه البشر ومازالت الدراسات العلمية تتواصل فقط لفهم هذه الآلية العجيبة. وأخيرا أقول كما قال فأما ذلك الأستاذ المالي الكبير أن السوق المالية لا يمكن التنبؤ بها أو السيطرة عليها ولو أن شخصا تمكن من ذلك لكان من أعظم الناس ثراء على وجه الأرض. ولم يوجد حتى الآن ذلك الشخص الذي أغنته السوق المالية إلى هذا الحد وفقط من خلال معرفته التامة بما سيحدث في القريب المنظور.
لسنا الآن في حاجة إلى شيء في السوق بقدر حاجتنا إلى ضمان قدرات نظام تداول بشرط أن يكون نظاما محايدا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. لا بد من طمأنة السوق إلى ذلك وذلك لانتشار شائعات كبيرة حول قدرة العديد من البنوك أو من يعمل فيها على تمرير صفقات خارج وقت التداول. إن دور النظام الحيادي عنصر لازم لا يمك التنازل عنه أو الانتظار حتى التطوير وإذا لم يمكن باستطاعة السوق المالية السيطرة على النظام إلا من خلال تأخير التقاص, فإن المحافظة على الحياد أولى وأهم. لن يفيد مجرد تصريح لابد من إعادة الثقة إلى السوق حول هذه النقطة بالذات وليس عندي في هذا اقتراح.
د. محمد أل عباس - أستاذ المراجعة المساعد -جامعة الملك خالد - أبها 18/11/1427هـ
maalabbas@kku.edu.sa
قال الراوي: وعندما طلع الصباح قالت شهرزاد " وكانت الأسهم لعبة وانتهت" ثم سكتت عن الكلام المباح. بداية أعتذر للقراء عن بدئي المقال بهذه العبارات الأسطورية التي توحي بانتهاء أسطورة سوق الأسهم السعودية أو تصور الموضوع وكأنه حدث عابر وقضية استثنائية في حياتنا وعاصفة هبت ثم هدأت وستزول ولن يبقى منها سوى الذكريات. المشكلة التي جعلتني ابدأ المقال هكذا هي مدى انتشار مثل هذه العبارات بين الناس حتى لقد كانت من أكثر ما سمعته بين من حضر ورش التوعية التي قامت هيئة السوق بإعدادها، بل إن بعضهم فسر الإقبال الضعيف على هذه الورش في بعض المناطق بانتهاء اللعبة فلا داعي للتوعية.
مع إنشاء هيئة السوق وتنظيم التداول عن طريق نظام تداول وتسريع عملية المقاصة حتى أصبحت الفترة الفاصلة حتى إتمام عملية الصفقة بالكامل تساوي صفرا بمعنى إمكان تحويل الأسهم والنقد بين المتداولين بمجرد تنفيذ الصفقة وفي اللحظة نفسها مما عزز من أساليب المضاربة ودفع سيولة السوق إلى حدها الأقصى, ثم ومع إمكان البيع و الشراء من خلال الإنترنت زاد عدد المتداولين إلى حدود قياسية. هذه التطور جعل قدامى المضاربين على وجه الخصوص يتحولون إلى محتكرين في السوق بما سبق وأجادوه من خبرات، ولأن منحنى التعلم كان شديد الانحدار لدى بقية الداخلين الجدد في السوق فقد استطاع الكبار تحقيق مكاسب خيالية فعلا. ولكن ولأن وضع السوق في مرحلته الراهنة وضع جديد فقد خان الخبرات اعتقاد بعض كبار المضاربين حول مستقبل ودور سوق الأسهم واعتقدوا أنه انتهى ولهذا تحولوا مع انهيار السوق إلى بائعين صافين وخرجوا من السوق بحثا عن منفذ استثماري جديد.
إن اتجاه الاقتصاد السعودي ككل وتحت قيادة خادم الحرمين الشريفين هو اتجاه جديد و قياسي تجسد في إنشاء عدد كبير من المدن الاقتصادية مع ما تحتاج إليه من رؤوس أموال ضخمة، أضف إلى ذلك اتفاقيات التجارة العالمية التي من خلالها سيكون الاقتصاد السعودي ساحة تنافسية تجعل البقاء للأصلح. وفي المشاريع الصناعية القادمة تتفاقم عناصر الأخطار وفترات استرداد رأس المال إلى مدد طويلة وهذه شروط تجعل كبار رجال الأعمال خارج المنافسة لعدم قدراتهم على تحمل مثل هذه الأخطار أو تحملهم لفترات الاسترداد ة جدا وسيبقى المجال مفتوحا للشركات العالمية والقيادية وكذلك الصناديق الاستثمارية المختلفة لتمويل هذه المشاريع العملاقة. وهكذا فإني أقول, وكلي ثقة. لقد بدأ عصر سوق الأسهم يا عزيزتي شهرزاد ولم ينته بعد.
لقد كان التصحيح ضروريا لتجديد دماء السوق وليحل مضاربون جدد أكثر وعيا وأكثر شبابا. إن سوق الأسهم اليوم تعنى ازدهار الغد ونجاح مشاريع الخير والنماء ويعني تحولنا الضروري من مستهلك صاف إلى منتج وبذلك نشارك وبقوة في صناعة القيمة. لم يستطع كبار المضاربين فهم هذه المعادلة ولم يستطيعوا فهم دور سوق المال كممول أساسي للمشاريع العملاقة لذلك كان لابد للسوق أن تصحح لاستبعاد من هو ضروري استبعاده. إن المضاربة فن أساسي وضروري لتجديد روح السوق ودعم سيولتها. لن تنجح الأسواق المالية في دعم المشاريع العملاقة إذا لم يكن بها مضاربون محترفون يقدرون مهنتهم ودورهم ويتمكنون من صناعة السوق بطريقة تمكنها من جذب الاستثمارات وتجديد دمائها باستمرار.
إن سوق الأسهم السعودية، كسوق ناشئة، قادمة وبقوة، ومع وصول مكررات الأرباح إلى مستوياتها الحالية, فإن الفرصة مهيأة لتجديد دماء السوق ليس بدخول سيولة جديدة فحسب بل بدخول مضاربين جدد وسيدفع المضاربون القدامى ثمنا باهظا للعودة إلى السوق مرة أخرى، وستعلمون نبأه بعد حين. وكما قلت في مقال سابق, إن قدرة هذه السوق على عقاب كل من يتلاعب بها أكبر بكثير مما يتوقعه البشر ومازالت الدراسات العلمية تتواصل فقط لفهم هذه الآلية العجيبة. وأخيرا أقول كما قال فأما ذلك الأستاذ المالي الكبير أن السوق المالية لا يمكن التنبؤ بها أو السيطرة عليها ولو أن شخصا تمكن من ذلك لكان من أعظم الناس ثراء على وجه الأرض. ولم يوجد حتى الآن ذلك الشخص الذي أغنته السوق المالية إلى هذا الحد وفقط من خلال معرفته التامة بما سيحدث في القريب المنظور.
لسنا الآن في حاجة إلى شيء في السوق بقدر حاجتنا إلى ضمان قدرات نظام تداول بشرط أن يكون نظاما محايدا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. لا بد من طمأنة السوق إلى ذلك وذلك لانتشار شائعات كبيرة حول قدرة العديد من البنوك أو من يعمل فيها على تمرير صفقات خارج وقت التداول. إن دور النظام الحيادي عنصر لازم لا يمك التنازل عنه أو الانتظار حتى التطوير وإذا لم يمكن باستطاعة السوق المالية السيطرة على النظام إلا من خلال تأخير التقاص, فإن المحافظة على الحياد أولى وأهم. لن يفيد مجرد تصريح لابد من إعادة الثقة إلى السوق حول هذه النقطة بالذات وليس عندي في هذا اقتراح.