المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوق الأسهم وحقوق الإنسان( رسالة للدكتور التويجري)



ابوثامر الهيثم
23-11-2006, Thu 11:04 PM
سوق الأسهم وحقوق الإنسان

صالح محمد الخثلان*
* عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان
تنص المادة السادسة والعشرون من النظام الأساسي للحكم على أن الدولة "تحمي حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية" ومن هذه الحقوق حق صيانة المال فكما أن النفس معصومة فكذلك المال فمقاصد الشريعة الإسلامية حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وفي إعلان القاهرة لحقوق الإنسان الصادر عن وزراء خارجية الدول الإسلامية نصت المادة الرابعة عشرة على أن " للإنسان الحق في الكسب المشروع دون احتكار أو غش أو إضرار بالنفس أو بالغير والربا ممنوع مؤكدا"، كما جاء في الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشرة أن " لكل إنسان الحق في التملك بالطرق الشرعية والتمتع بحقوق الملكية بما لا يضر به أو بغيره من الأفراد أو المجتمع....."
و ما يجري في سوق الأسهم اليوم لا يستقيم مع هذه التوجيهات والالتزامات ويقع فيه ضرر كبير على الحقوق المالية للأفراد ولبيان ذلك فسأقتصر هنا فقط على جانب واحد من هذه السوق ألا وهو الاكتتابات في الشركات الجديدة وما ينتج عنها من تكديس للثروات في أيدي القلة عن طريق تحميل المكتتبين رسوما مالية كبيرة لا يقبلها منطق، وذلك وفقا لآلية أبدعت المؤسسات المالية الاستشارية في تصميمها وتمريرها تحت مسمّى علاوة الإصدار. وقد انتهى منذ أيام الاكتتاب في شركة الحكير للملابس التي وافقت وزارة التجارة والصناعة على تحويلها إلى شركة مساهمة عامة بعلاوة إصدار تبلغ مئة ريال أي عشرة أضعاف قيمة السهم البالغة عشرة ريالات. ومن خلال الاطلاع على نشرة الإصدار المتضمنة المعلومات الخاصة بالاكتتاب يتضح لنا وبشكل جلي ما أشرنا إليه أعلاه عما ينتج عن عمليات الاكتتاب من ظلم للأفراد في حقوقهم المالية. فوفقا لهذه النشرة فإن الشركة التي تأسست عام 1410 قد بدأت برأسمال قدره ثلاثمئة ألف ريال فقط وفي 1412 تمت زيادة رأس المال إلى مليون ونصف المليون ريال. وقبل عام فقط - وأرجو أن يتنبه القارئ لهذا جيدا- قبل عام فقط وبالتحديد في شهر شعبان 1426 ارتفع رأسمال الشركة من مليون ونصف المليون إلى 400 مليون ريال عن طريق - كما تقول النشرة- تحويل أرباح متبقية وقدرها 398.500.000 ريال! أي إن رأس المال زاد بما يقارب أربعمئة مرة. هل يعقل هذا؟ وما المبرر لهذه القفزة العجيبة ؟ هل كانت بغرض فتح محلات جديدة لبيع الملابس؟ وهل يحتاج ذلك إلى هذا المبلغ الضخم، وكيف نصدق أن الشركة قد احتفظت بهذه الأرباح الهائلة المتحققة من شركة رأسمالها مليون ونصف لهذه الفترة ة لتقرر أخيرا تحويلها إلى رأسمال للشركة!؟ أعترف لكم أنني لا أعرف كثيرا في لغة الأرقام، ولكنني لم أستطع إلا أن اندهش من هذه القفزة المالية. وبعد سنة بالتحديد من هذه الزيادة الهائلة توافق وزارة التجارة والصناعة على تحويل الشركة إلى مساهمة عامة! ألا يثير ذلك حيرة وتساؤلات؟ أترك الأمر لكم.
ولننتقل الآن إلى ما يسمى بعلاوة الإصدار فقد قررت الشركة طرح 30% من أسهمها البالغة أربعين مليون سهم للاكتتاب العام بقيمة اسمية للسهم قدرها عشرة ريالات وعلاوة إصدار قدرها مئة ريال. وستعود كافة متحصلات الاكتتاب وقدرها مليار وثلاثمئة وعشرون مليون ريال للشركة. وعلاوة على ذلك سيحتفظ هؤلاء بسبعين في المئة من أسهم الشركة- أي ثمانية وعشرين مليون سهم. وبافتراض أن الشركة وبعد تداولها في سوق الأسهم قد حافظت على سعر الاكتتاب مضاف إليه علاوة الإصدار أي 110 ريالات للسهم - والمؤكد أن السهم سيتجاوز ذلك كما ظهر في حالات مشابهة- فإن الشركة ستضيف إلى ثروتها مبلغ أربعة مليارات وأربعمئة مليون ريال. هل يعقل هذا؟ خلال فترة قصيرة لا تتجاوز السنة يصبح من يملك مليونا ونصف المليون مالكاً لما يقرب الأربعة مليارات والنصف. يحدث هذا بمجرد قرار إداري بحت دون نمو في الإنتاجية أو الممتلكات أو المبيعات أو غيره.
قد يقول قائل بأن المواطنين ليسوا مجبرين على الاكتتاب فهم يسارعون إليه بمحض إرادتهم دون إكراه ولاشك أن هذا صحيح، إلا أن ذلك لا يخلي مسؤولية الجهات المعنية في الدولة، في رعاية حقوق مواطنيها والمقيمين على أراضيها وحفظها وفي مقدمتها الحقوق المالية. إن المكتتبين ينطلقون من ثقة في مؤسسات الدولة المعنية بأنها لن تشارك في عمليات قد تضر بمصالحهم حتى لو اقتصرت هذه المشاركة على مجرد منح الموافقة. لكن إن كانت هذه المؤسسات الحكومية التي وافقت على تحويل الشركة إلى مساهمة عامة لا ترى في أن تحول المليون ونصف بعد عام فقط وبمجرد قرار إداري إلى أربعة مليارات ونصف يمثل مخالفة لأصول العدالة الاقتصادية فإنها بذلك تتبنى مفهوما خاصا لهذه العدالة أقرب لفلسفة اللبرالية الجديدة منها للتوجيهات والمعايير الشرعية والحقوقية الواردة في مقدمة المقال. هذه المؤسسات الحكومية ليست معفاة من التزام الدولة بحماية حقوق الإنسان وصيانتها وهي مطالبة بمراعاة هذه الحقوق في قراراتها وعدم الاقتصار في تقييمها لعملية تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة على معايير اقتصادية مالية.
من جهة أخرى فإن أولئك المشايخ الذين أخذوا على عاتقهم التصدي لمسائل الأسهم فإنهم ملزمون بعدم حصر اهتمامهم عند تقييم الشركات المطروحة للاكتتابات العامة في جانب وحيد يتمثل في التأكد من خلو أنشطتها من شبهة الربا، وعليهم الوعي بالمقصد الإسلامي الأسمى الذي من أجله حرم الله الربا والمتمثل في العدالة التي تعد القيمة الإنسانية الأعلى في الدين الإسلامي. إن التحقق من عدالة هذه الاكتتابات وعدم إضرارها بمصالح الأفراد والمجتمع يستوجب منهم رؤية شمولية لعملية الاكتتاب ليتمكنوا في النهاية من الفتوى بجواز الاكتتاب من عدمه. وهذا ينطبق على كافة الشركات العائلية التي ستعلن قريبا تحولها إلى مساهمات عامة. فليس هناك طريق أسهل ولا أيسر للدخول في عالم المليارديرات من إعلان الشركة مساهمة عامة وطرحها للاكتتاب وبطرق نظامية لا لبس فيها وفقا لتقدير المؤسسات الحكومية المعنية. أما اللبس فهو حين يأتي أحد مثلنا ويزج بمبادئ حقوق الإنسان في مسألة لا يتصور أصلا أن تخضع لمنطق الحق والعدل ولا ضابط لها سوى الرغبة في تكديس المال خاصة أن "الأنظمة" تسمح بذلك.
http://www.alwatan.com.sa/daily/200...s/writers02.htm (http://www.alwatan.com.sa/daily/2006-10-23/writers/writers02.htm)

Saudi Expert
24-11-2006, Fri 1:56 AM
بارك الله فيك أخي الكريم
وفي كاتب الموضوع
ولكن المخرج عاوز كدا !!!

الأخطبوط
24-11-2006, Fri 2:28 AM
مشكور ويعطيك العافيـــــــــــــــــة