المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المـرجعيات



سيف الخيال
12-03-2002, Tue 4:58 PM
إذا كنا نريد أن نفهم لماذا يفعل الناس ما يفعلون فلابد لنا أن نجد دلائل ترشدنا إن راجعنا التجارب المرجعية الأكثر تأثيرا وأهمية في ماضيهم .

فالمرجعيات هي عنصر أساسي للإنسان ، وهي التي توفر الجوهر والبنات بناء قناعاتنا ، وقوانيننا ، وقيمنا .

أنها الطين الذين نقولب منه نظامنا الأساسي ، ولاشك بأن شخصا خضع لتجارب هائلة وانتصر عليها إنما يملك مرجعيات قوية يستطيع إن يبني منها مستوى ثابتا من الثقة ، قناعة أو ثقة بنفسه وبالآخرين بالإضافة إلى القدرة على التغلب على التحديات .

وأيضا كلما كان عدد مرجعياتنا أكبر ونوعيتها اعظم غدا سوف يكون مستوى خيارتنا المحتملة اعظم ، فالعدد الأكبر والنوعية الأعظم لمرجعياتنا تمكننا من تقييم معنى الأشياء بصورة اكثر فعالية كما تمكننا من تقييم ما علينا إن نفعله .

والخيار المحتمل هو انه على الرغم من إن المرجعيات توفر لنا المكونات الأساسية لقناعاتنا غير إننا نخفق في كثير من الأحيان في ترتيب مرجعياتنا بسبل من شانها إن تقوينا .

فمثلا ، قد تكون لدى شاب ثقة هائلة ومهارة واضحة في ملعب كرة القدم ، غير انه أثناء درس التاريخ قد يفشل في إظهار ذلك الإحساس باليقين الذي يمكنه إن يساعده على رفع قدراته إلى أقصى درجاتها في الصف كما يفعل حين يواجه خصمه في ملعب كرة القدم بنفس القدر من الشعور بالهزيمة والشك الذي يواجه به درس التاريخ ، فانه لن يظهر أي فعالية على الإطلاق في الملعب .

ما الذي يقرر أي مرجعياتنا نستخدم ؟

من الواضح إن الوضعية العاطفية التي نكون عليها إنما تؤثر تأثيرا جذريا على انتقاء الملفات ، أي الذكريات ، والعواطف ، والمشاعر ، والأحاسيس المخزنة لدينا والتي يمكننا استخدامها .

فإذا ما كنا في وضعية خوف مثلا فان ما يقفز إلى اذهننا فيما يبدو هو الأحاسيس المخيفة ، وبذا نجد أنفسنا ندور في دوامة مستمرة ( خوف يودي إلى مرجعيات خوف ، وذلك يودي إلى خوف مضاعف )

فان شعرنا بان أحدهم سبب لنا الأذى فأننا نفتح الملف ونتذكر كل تجربة أخرى كان هذا الشخص قد أذانا خلالها ، بدلا من إن نغير وضعيتنا بتذكر حقيقة شعور هذا الشخص إزاءنا ، وتذكر الأوقات التي عبر فيها عن حبه لنا .

ولذا فان الوضعية التي نكون عليها هي التي ستقرر كم من هذا النسيج موجود تحت إمرتنا لخلق نوعية الحياة التي نتوخاها .

وهنالك عامل أخر إلى جانب الوضعية وهو إن يكون لدينا نظام مرجعيات موسع ، بحيث يستطيع إن يضيف لفهمنا ما هو ممكن وما نقدر عليه مهما كانت التحديات التي تواجهنا .

لاشك بان المرجعيات هي من أهم العناصر في عملية اتخاذنا لقراراتنا ، إذ إن من الواضح إنها لا تشكل ما نفعل فحسب ، بل وكذلك ما نشعر به وما سنصبح عليه .

ولكن هل تودي المرجعيات المماثلة إلى نتائج مماثلة ؟

لا بالتأكيد ، فان التعرض لطفولة قاسية قد تودي إلى الانحراف بسبب مرجعيات الطفولة ، بينما قد تودي مثل هذه المرجعيات بالنسبة لا شخاص آخرين لان يصبحوا اكثر رافة وحساسية إزاء الآخرين .

إذ نظرا لانهم تعرضوا للإساءة وبسبب ما نتج عن ذلك من شعور بالألم لديهم فانهم لن يسمحوا قط بان تساء معاملة أي ممن كانوا حولهم .

وعلينا إن نؤكد مجددا بان ما يقرر قناعاتنا ليس مرجعياتنا بل إن طريقة فهمنا لهذه المرجعيات وطريقة تنظيمها هي التي تقرر قناعاتنا .

والمرجعيات هي التي تلعب الدور الأكبر في تجارب حياتنا ، وذلك يعتمد كليا على ما يتم تعزيزه لدينا ، وأيضا هي كل التجارب التي سجلت في داخل الجهاز العصبي ، كل ما رايته أو سمعته ولمسته وتذوقته أو شممته ، والذي تم تخزينه في خزانة الملفات الهائلة في الدماغ ، بعض المرجعيات نلتقطها بوعي ، وأخرى بدون وعي ، بعضها ينتج عن تجارب خضنها بأنفسنا ، وأخرى تكونت من معلومات تلقينها من الآخرين ، وكل مرجعياتك ، مثل كا التجارب الإنسانية ، إنما تتعرض للتشويه والحذف والتعميم وأنت تسجلها في جهازك العصبي ، بل إن لديك مرجعيات لأمور لم تحدث قط ، وكل ما يمكن لك إن تكون قد تخيلته في ذهنك إنما يسجل في عقلك كذكرى .
يتم تنظيم الكثير من هذه المرجعيات لدعم قناعات معينة ، فان القناعة ليست إلا سعورا باليقين حول معنى شي ما .
فاذا اعتقدت انك ذكي فان هذا يعود إلى انك نشطت مرجعيات معينة لكي تدعم هذا الشعور باليقين ، ربما خضت بنجاح تجربة معالجة تحديات عقلية معينة ، مثل تقديم امتحان ما أو إدارة عمل ناجح ، وكل من هذه التجارب المرجعية إنما تكون بمثابة ( أرجل الطـــــــاولة ) التي تدعم الفكرة أو ( ســـطح الطــــاولة ) وهو انك ذكي .

إن لدينا من المرجعيات في داخلنا ما يكفي لدعم أي فكرة نريدها ، بأننا نثق بأنفسنا أو إننا ضعفاء ، بأننا نهتم بالآخرين أو إننا أنانيون ، والمفتاح هو إن نوسع المرجعيات المتوفرة في حياتنا ، وان نسعى بوعي لخوض تجارب توسع من إحساسنا بمن نحن ، وما نحن قادرون عليه ، وكذلك أن ننظم مرجعياتنا بطريقة تمنحنا القوة

والمرجعيات ليست محدودة حتى بتجاربك الشخصية ، بل يمكنك إن تستعير مرجعيات الناس الآخرين ، ويجب إن نركز على أولئك الذين استطاعوا إن يحققوا أهدافهم ، أولئك الذين نجحوا وقاموا بدور مرموق وتركوا تأثيرهم على حياة الناس بسبل أساسية ، إن السيرة الشخصية للأشخاص الناجحين أو الذينا سبقوك تعلمك بغض النظر عن خلفياتهم أو ظروفهم فان النجاح اصبح حليفهم حين تمسكوا بإحساسهم باليقين وثبتوا على المساهمة بدورهم .

ولابد إن نستخدم مرجعيات هولاء كمرجعيات لنا ، وذلك لكي نكون القناعة الأساسية لتحديد وتشكيل المصير ، ويجب علينا إن نعرف إن كل المرجعيات لها قوتها ولست تعرف أي منها سيغير حياتك برمتها ، إن رؤعة قراءة كتاب أو مقاله هو انك تأخذ في التفكير مثل الكاتب ، فحين تستغرق في غابات اردن تصبح وليم شكسبير ، وحين تتحطم سفينتك على جزيرة الكنز تصبح روبرت لويس ستيفنسون ، وحين تطارح الطبيعة أفكارك وعواطفك فأنت هنري ديفيد ثورو ، وحينذاك تبداء تفكر كما يفكرون ، وتشعر كما يشعرون وتستخدم خيالك كما استخدموه ، مرجعياتهم تصبح مرجعياتك حيث تحملها معك حين تقلب الصفحة الأخيرة ، ولهذا فأننا يجب إن نوسع مرجعياتنا ، وحين نوسع مرجعياتنا فأننا نخلق تعارضا يمكننا إن نقيم به الحياة والاحتمالات ، فإذا كنت تضخم حجم مشكلاتك بصورة تتجاوز الحدود ، فعليك إن تفكر في هذا الأمر :

إننا نعيش في مجرة تحوي عدة مئات آلاف الملايين من النجوم ، وبعد ذلك عليك إن تدرك بأننا نعيش في كون يحوي مئات آلاف الملايين من المجرات ، وبعبارة أخرى هنا لك عدة مئات آلاف من ملايين الشموس في مجرتنا وحدها ، ولكل من هذه الشموس كواكب تدور حولها أيضا ، فكر في هذا المدى من الاتساع ، كما إن النجوم في مجرتنا تدور دورة واحدة حول خط التبانة مرة واحدة كل عدة مئات الملايين من السنوات ، وحين تفكر في الحجم الهائل لهذا الكون ثم تنظر إلى معدل عمر الإنسان الواحد ( وهو في احسن الأحوال ثمانون سنة ) ، فهل يعطيك هذا منظور نسبيا مختلفا ؟

فعمر الإنسان ليس إلا ذرة صغيرة في مدى الزمن ، ومع ذلك فان الناس يفكرون حتى الموت بسبب أمور مثل كيف سوف يدفعون أقساط سيارتهم ومنازلهم ، وأي نوع من السيارات يشترون أو كيف ستجري الأمور في الاجتماع القادم ، وهذه سنة الحياة .


هذا الموضوع له علاقة في الرابط التالي :


http://thegulfbiz.com/vb/showthread.php?threadid=2075