المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهند تصل عالم التقنية دون المرور بوادي السيليكون الأميركي



salem
14-02-2003, Fri 8:18 PM
لقد كان الوقت هو طريق المرور الى المهنة بالنسبة لاي طفل هندي بارع لديه طموح ودرجة علمية في هندسة الكهرباء من احد المعاهد التقنية المرموقة في البلاد· وكان هؤلاء المهندسون الصغار يتوجهون مباشرة الى وادي السيليكون في بوسطن، او اوستن بولاية تكساس، للعمل في احدى الشركات الأميركية البارزة المتخصصة في صناعة شبه الموصلات· ثم، وبعد ان يقضوا سنوات في المعمل، فان اكثرهم موهبة - وحظا - ربما يتصادق مع رأسمالي هندي صاحب مشروع، ويبدآن سويا شركة جديدة للرقائق الالكترونية·
لكن هذا الوضع لم يعد قائما· في هذه الايام، فان افضل وألمع العقول التقنية الهندية ليس بحاجة للتحرك الى مسافة ابعد من بنجالور، حيث يمكنهم القيام بأهم عمل يحافظ على التميز للمعامل سريعة الاتساع لشركات عدة منها انتيل، هيلويت باكارد، تكساس انسترومينتس، وغيرها من الشركات العملاقة·
ان لدى الهند حوالي 7500 مصمم للرقائق يعملون لمصلحة 65 شركة، واعدادهم تتضخم بمعدل 20 في المائة سنويا· وربما يكون اجرهم الذي يبدأ من 8 الاف دولار أميركي وينتهي عند 10 الاف دولار سنويا، كسرة صغيرة اذا ما قورن بما هو متاح في وادي السيليكون· ولكن في الهند فانه يكفي المرء لكي يعيش حياة مريحة ورغيدة·
ولنسأل دارين شاه كي نستدل على الاجابة· فشاه، الطويل القامة والنحيل الجسم، البالغ من العمر 26 عاما، يرى بان وظيفته التي تعود عليه بأجر سنوي مقداره 10 الاف دولار في شركة تكساس اينسترومينت، هي تحقيق لحلم طفولته· وقد تخرج شاه، وهو ابن موظف بنك يتبع حكومة غوجارات، بتفوق من المعهد الهندي للعلوم، احد المعاهد المرموقة في بنجالور، حيث حصل على شهادة الماجستير في هندسة استخدام وتطوير الآلات·
واليوم فان شاه يصنع اسماً لنفسه كعضو في فريق يتألف من 15 مهندسا يصمم الرقائق للجيل القادم من الهواتف المحمولة، ومسحاجات التخديد ومفاتيح الاتصال، جوهر العمل في تكنولوجيا المعلومات· ويقول مدير مشروعه ار هاريناث معلقا: ان لديه عمقا، ويبتكر، ويحل المشكلات التي يعجز عن حلها كبار المهندسين في المقر الرئيسي في دالاس· ان موقعه واجره يضعان شاه في مرتبة جيدة داخل الطبقة الوسطى الهندية الصاعدة للاعلى· حيث يملك موتورسايكل وشقة سكنية في مبنى انيق· ويقول شاه : انني لا اشعر بالحاجة الى الانتقال للولايات المتحدة· وفي ايام العطل الاسبوعية، فانه يشبع حبه في ركوب الموتورسايكل ومراقبة الطيور في الغابات الكثيفة بالقرب من بنجالور، ويتطوع للعمل كمعلم للرياضيات والعلوم للفتيات اللواتي يتحدرن من عائلات فقيرة في احد البيوت· ويضيف : ان الفرصة توجد هنا في الهند، وانا احتاج للاسهام في خدمة المجتمع·
وهذه الايام يوجد لدى الهند فيالق من المهندسين الموهوبين الذين يرغبون، مثل شاه، يرغبون في التخلي عن الوهج والارضاء المالي لوادي السيليكون من اجل البقاء قريبين من الوطن· وذلك سبب وجيه لجعل مدن هندية مثل بنجالور تبدو متجهة نحو البروز كواحدة من اسخن مناطق الابتكار في القرن الحادي والعشرين· وشركات الرقائق ليست هي الوحيدة التي تجند المواهب الهندية· فشركة مايكروسوفت، على سبيل المثال، تستأجر 10 مهندسين كمبيوتر، مثل جوراف داجا، شهريا· ويطور داجا البالغ من العمر 22 عاما جهاز كمبيوتر لميكروسوفت من ألواح خشب التيك، ومكتب مكيف الهواء في حيدر اباد - وهي صرخة بعيدة عن المدينة الصناعية المهدمة في مدراس، حيث يعمل والده هناك كتاجر للمعادن· ويقول داجا معلقا : ان مايكروسوفت هي خياري الاول، والثاني، والثالث للوظيفة·
وهذا التحول يحدث اثرا على التفكير الهندي المحافظ· فبينما نجد بعض الاباء يعترضون على انخراط بناتهم في عالم الهندسة الذي يهيمن عليه الرجال، على سبيل المثال، نجد اخرين يعانقون الفرصة التي تتاح لهم· وتعتبر سيندو كومار - 25 عاما - واحدة من بين 20 امرأة فقط في فصلها في كلية الهندسة الذي يضم 400 طالب، وقد وصلت بالفعل الى مرتبة مديرة مشروع في شركة ويبرو تكنولوجيز، التي برزت بسرعة كبيرة كواحدة من اهم بيوت التعاقدات الهندسية لشركات الالكترونيات الغربية· اما وظيفتها الحالية فتتلخص في : تسريع ايقاع وتحسين نوعية الطباعة لطابعات الاينكجيت من هيلويت-باكارد·
وقد تجاوزت فرص كومار بكثير الفرص المتاحة امام ابيها، المهندس الذي لا يمكنه سوى العثور على فرصة عمل كموظف مدني عادي في اتار براديش· وقريبا، هي تخطط لشراء سيارة لوالديها لكي ترد لهما بعض الجميل اخيرا على الدعم الكبير الذي قدماه لها·
وبدون استثناء تقريبا، فان مهندسي الهند صغار السن يريدون ان يردوا شيئا - لكل من عائلاتهم وبلدهم·
يقول روكميني بهايا نائير استاذ العلوم الانسانية في المعهد الهندي للتكنولوجيا في نيودلهي معلقا : ثمة قدر وافر من المثالية بين هؤلاء الشباب الهنود، انهم سحرة الهند الجدد ولو ان المهندسين وصغار الحرفيين امثال شاه وكومار واصلوا تقديم سحرهم، فربما كان اكبر عائد جراء ذلك هو تنمية وتطور بلادهم·