المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام



عدلان العنزي
05-07-2006, Wed 3:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


هذا موضوع كتبته بالأمس في احدى المنتديات على خلفية توصية أحد الأخوة على ( الكابلات ) ، وأنقله لكم لتعم الفائدة ، وقد نتج عن توصيته مشادات وتشنجات ولغط وغضب بين مجيز وبين محرم فوجب علينا المساهمة في بيان المسألة دون ترجيح وعرضها بإيجاز دون إطاله لأن واقع الناس اليوم وللأسف قد فقدوا النفس الطويل في العلم والقرآءة وتتبع المسائل وأدلتها والتأمل والنظر بعد النظر حتى يتبين له الحق وعلى كل حال إن هذا الشئ يفلج الصدر ويبهج الخاطر أن نرى المسلمين يحرصون على أن يكون دخلهم من الحلال خوفا من الله بعيدين كل البعد عن الرأسمالية الغربية التي تحرص على جمع المال من أي مصدر سواء أكان حلالا أم حراما .
وبعد هذا بعض ما توصلت إليه أبثه أمامكم وكل يعمل بما اقتنع به ، وأسأل الله أن لا يؤاخذني بالخطأ وأن يغفر الزلل إنه سميع مجيب ، والحمد لله رب العالمين .

اختلف العلماء إلى ثلاثة مشارب :
· منهم من أجازه .
· ومنهم من حرمه .
· ومنهم من توقف فيه ووكل أمره إلى الله .


أدلة المجيزين :

الدليل الأول : أن الشريعة الإسلامية الغراء مبنية على رفع الحرج ودفع المشقة وتحقيق اليسر والمصالح للأمة ، قال تعالى : (( وما جعل عليكم في الدين من حرج )) وقال تعالى : (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) ، وبناء على هذا الأصل العظيم أبيحت المحظورات للضرورة . لذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية – قدس الله روحه - : ( يجوز للحاجة ما لا يجوز بدونها كما جاز بيع العرايا بالتمر ) ، وقال أيضا : ( الشريعة كلها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضتها حاجة راجحة أبيح المحرم ) ، وقال الزركشي : ( الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة في حق آحاد الناس ) وقد علق الشيخ عبد الله بن منيع على هذه القاعدة بقوله : ( وجه الإستدلال بهذه القاعدة أننا لو قلنا بمنع الأسهم أو شرائها لأدى ذلك إلى إيقاع أفراد المجتمع في حرج وضيق حينما يجدون أنفسهم عاجزين عن استثمار ما بأيديهم من مدخرات ) . وللعز بن عبد السلام كلام حول بالموافقة .

الدليل الثاني : استدلوا بالقاعدة الأصولية ( يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا ) ولها مجموعة تطبيقات منها : جواز بيع العبد مع ما له من مال ، ومنها بيع الحامل سواء أكانت أمة أو حيوان ، ولا يخفى أنه لا يجوز بيع الحمل في بطن أمه إلا أن يكون تبعا غير مقصود ، فيجوز ذلك إذ يغتفر في التبعية مالا يغتفر في الاستقلال ، ومثل ذلك الأسهم المختلطة في الربا .

الدليل الثالث : استدلوا بقاعدة ( ما لم يمكن التحرز منه فهو عفو ) ، قال الشيخ ابن منيع : وهذا يعني جواز إمكان تخريج حكم تداول أسهم هذه الشركات بيعا وشراء وتملكا على هذه القواعد .

الدليل الرابع : استدلوا بأنه جزء محرم اختلط بكثير مباح ، حيث قالوا : بأنه لوجود نسبة ضئيلة من المال الحرام في المال الحلال لا يجعله حراما . قال ابن القيم رحمه الله : إذا خالط ماله درهم حرام أو أكثر منه أخرج مقدار الحرام وحل له الباقي بلا كراهة ) .

الدليل الخامس : القياس على بيع العرايا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أباح بيع العرايا مع أن أصلها يدخل في باب الربا ، حيث لم يجز عليه السلام بيع التمر بالرطب لوجود النقصان وعدم تحقيق التماثل الحقيقي ، ومع ذلك أباح العرايا لحاجة الناس إليها ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وأباح بيع العرايا ... عند الحاجة مع أن ذلك يدخل في الربا .. )

الدليل السادس : أن القول بتحريم المساهمة في هذا النوع من الشركات يؤدي إلى انسحاب المسلمين من الحياة الاقتصادية لينفرد بها غير المسلمين وللشيخ ابن عثيمين قولان في هذه المسألة أحدهما يجيز والآخر يمنع والله أعلم بالناسخ والمنسوخ منهما .

الدليل السابع : استدلوا بقاعدة ( للأكثر حكم الكل ) .
وغيرها من الأدلة الموجودة في كتب الفقة القديمة منها والحديثة .
والعلماء المجيزون هم : عبد الله بن منيع وغالب أعضاء الهيئة الشرعية في شركة الراجحي والشيخ الدكتور القرة داغي وغيرهم من العلماء الكثيرين .



أما أدلة المحرمين :

آيات وأحاديث الربا عامة

ومنهم الشيخ ابن باز رحمه الله ، وعبد الرزاق عفيفي ، وابن قعود ، وابن غديان وغيرهم ، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي ، وبعض العلماء من الأقطار الإسلامية .



الخلاصة :

أن الشركات التي أنشئت لغرض مباح ثم شابها شئ من الربا في معاملاتها من العلماء من يحرمها ، ومنهم من يجيزها والذين أجازوها قالوا : أن الربح الناتج عن المضاربة لا يطهر وإنما الذي يطهر هو الربح الناتج من أرباح الشركة السنوي للمستثمر .
والذين أجازوها انقسموا إلى قسمين منهم من اشترط أن لا تتجاوز نسبة الربا الثلث 33% ومنهم من قال 5% ومنهم من لم يشترط شئ .



ملحوظة :
الكابلات التي تمت التوصية عليها من الشركات التي أنشئت لغرض مباح ثم دخلها شئ من الربا ، وهي موضوع البحث المتقدم .