المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الناس والتاريخ «الطفروي»: هل هي «زئبقية» الأسهم أم «مطاطية» الطموحات



الرويلي
28-05-2006, Sun 8:18 AM
تفاجأ المصرفي البريطاني ريتشارد سايمن الذي حضر مؤتمر بناء المستقبل الذي نظمته «اليوروموني» مؤخراً في الرياض بقصص رواها له احد العقاريين عن ان المكاتب العقارية في اواخر السبعينيات واوائل الثمانينيات كانت توزع جزءاً من عمولاتها على الحاضرين في المكتب العقاري من الأصدقاء والدلالين الذين يتواجدون لتمضية الوقت كعرف انتشر لفترة قصيرة من الزمن ثم اندثر.

الحديث المصرفي - العقاري بين الرجلين انطلق من الأسهم ثم عاد إليها مرورا بمجموعة من قصص الثراء والافلاس التي يتداولها الناس خلال العامين الماضيين والتي كانت دوما من بطولة المضاربة في الأسهم.

وكما يتداول المضاربون الأسهم يوميا يتداول الناس في أحاديثهم العفوية ونقاشاتهم الرسمية ومؤتمراتهم في موضوع السوق الى الحد الذي يظن معه المستمع أو المراقب ان هذه البلاد مدرج في سوقها مئات الشركات ولديها عشرات شركات الوساطة، وشركات الاستثمار، والمئات من «البروكرز» المحترفين مادام أناسها وإعلامها وحتى مؤتمراتها الاقتصادية لا تستطيع الانتهاء دون التعريج على طفرة الاهتمام بالأسهم.

يرتفع المؤشر فيرتفع سقف الأمنيات ومستويات الرضا عن كل ما هو حكومي وخاص ومنزلي وعملي، ثم ينخفض وتنخفض معه نفس المستويات من نفس الأشخاص لدرجة يخال المتأمل معها أن أذنيه هما المعطوبتان وليست طريقة التفكير الأحادية باتجاه الأرباح دوما.

ويبدو أكثر الأسئلة إحراجا للمحللين الجدد ممن تسلقوا وسائل الاعلام: ما هو السقف الذي يجب أن يصل إليه سوق الأسهم ارتفاعا؟ وتأتي الاجابات مبتسرة من قبيل ان طريقة احتساب المؤشر في الأساس تحتاج الى اعادة نظر، وان مسيرة الارتفاع يجب أن يشوبها بعض التصحيح، وخلاف ذلك من الاجابات غير المقنعة اقتصاديا على الاقل أعتقد الناس لوهلة أن ارتفاع سوق الأسهم الكبير أمر مبرمج سلفا وان ما عليهم سوى الدخول في السوق، ثم اعتقد الناس أنفسهم ان انخفاضه مؤامرة عجزوا عن تحديد من حاكها، وما بين المرحلتين الوهميتين تذبذب مؤشر الأحلام والطموحات لدى الكثيرين وأصبحت أهدافهم الاستثمارية، والأهداف المرجو تحقيقها حياتيا من الأرباح المتأتية من الأسهم ليست واضحة المعالم عند غالبية المتعاملين في السوق.

ليست الأسهم وحدها من تتمتع بصفة الزئبقية كما يصفها بعض المراقبين، لكن ايضا سلوك المتعاملين المالي اكتسب هذه الصفة، فالمضارب والمستثمر الصغيران لا يعرفان او لا يحددان سقف الأرباح المرجوة من المحفظة الاستثمارية، واذا عرفا ذلك لا يعرفان ما الذي يرغبان في تحقيقه بالفعل من هذه الارباح، لتدور الدائرة مرة اخرى ويدخل من خرج رابحا من السوق إليه مرة اخرى بحثا عن رحلة زئبق جديدة لم تتوقف حتى اعلن السوق انتهاء الربيع وحلول الخريف في دورة يعرف الخبراء انها تأتي لا محالة كل فترة معينة من الزمن لكنهم لا يعرفون على وجه الدقة كم سيكون حجم ايلامها مثلما لا يعرف الفلكيون على وجه الدقة كمية الغبار أو الأمطار التي سيشهدها صيف وشتاء الرياض هذا العام.

حلت طفرة العقار وولت، وحلت طفرة الأسهم وربما هي ايضا ولت وما بين الطفرتين طفق الناس مع استثناءات محدودة يتقلبون بين الأمنيات والحقائق وبين صكوك الاعسار وأوراق المساهمات العقارية، وارقام المحافظ الاستثمارية.

http://www.alriyadh.com/2006/05/28/article158107.html