Dr.M
24-05-2006, Wed 2:57 PM
نقص معرفي يفاقم خسائرنا
سعود المعيقلي٭
تتحكم في حياة الإنسان عوامل كثيرة أهمها العامل الديني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكل واحد من هذه العوامل له تأثيرات تختلف عن الآخر، هذه العوامل تتداخل وتتفاعل مع بعضها البعض بصورة معقدة جدا تكون نتيجتها هي الحياة التي نعيشها بصورتها الحالية، وقد يطغى عامل منها على العوامل الأخرى فيصبح سمة يتصف بها الإنسان تشكل شخصيته وتحكم تصرفاته وتعاملاته مع الآخرين.
لست هنا بصدد تفصيل وتحليل هذه العوامل مجتمعة، ولكني سألقي الضوء على عامل له تأثير كبير جدا ليس علينا كشعب سعودي فقط ولكن على العالم كله، فهو المتحكم الأول في علاقات الدول ببعضها البعض، فقد احتلت دول بكاملها وغُيرت أنظمة وكان هو السبب الحقيقي في كل مرة، حتى وإن اختلق المحتل حججا واهية لا تمت إلى أرض الواقع بصلة، لا شك أن كل قارئ فطن يعلم حقيقة ما يدور حوله قد أدرك أن ما عنيته هو العامل الاقتصادي.
إن عاملا بهذه الخطورة والتأثير القوي يجب أن يحظى منا بقدر من الاهتمام يناسب دوره وتأثيره سواء على المستوى المحلي أو العالمي، إننا في معظم حالاتنا نعاني من نقص معرفي كبير في هذا الجانب بعكس الجوانب الأخرى التي قد تحظى ولو بقدر ضئيل من الاهتمام، إن لهذا الفقر المدقع في الثقافة الاقتصادية أسبابا عديدة ولكن من يتولى كبره هو الإعلام سواء المقروء أو المسموع أو المرئي، فكيف كان ذلك ؟!!
لقد كان هناك انعدام كامل إن صح التعبير في البرامج التلفزيونية والمواد الصحفية التي تخاطب المواطن العادي ذا التعليم المتوسط على الأقل مما تسبب بهذا النقص المعرفي الخطير في أحد أكثر العوامل المتحكمة في حياتنا حيوية، حتى وإن حدث وخرج علينا خبير اقتصادي في أحد البرامج التلفزيونية على حين غفلة؛ فإنه يتكلم بلغة اقتصادية بحتة لا يفهما إلا المتخصصون في هذا المجال، وهذا ما يحدث بالضبط مع النشرات الاقتصادية.
بالطبع لقد كان هذا الحال في السابق، أما اليوم فقد كثرت البرامج والمواد الصحفية الاقتصادية بعد اتجاه الكثير من المواطنين إلى سوق الأسهم، ولكن يُعاب عليها أنها تناقش العمق في نفس الوقت الذي نحن في أمس الحاجة فيه لتعلم الأبجديات، فغدا حالها كحال من يُعلم التفاضل والتكامل لمن يجهل الجمع والطرح.
وكنتيجة طبيعية كان لهذا الجهل والنقص المعرفي الكبير نتائج مأساوية كبيرة على واقع حياة المواطن العادي، فقد كان له تداعياته الجلية التي لا تخفى على القاصي والداني في عمليات النصب والاحتيال والسرقة التي يتعرض لها المواطنون الحالمون بالثراء السريع من قبل عدة جهات مثل شركات توظيف الأموال وغيرها، كذلك ما تعرض له الكثير في سوق الأسهم من خسائر فادحة، فما كان هذا كله ليحدث لو أن لدى المواطن ثقافة اقتصادية كافية تحميه وتجعله قادرا على أن يميز الخبيث من الطيب.
لقد كان هذا الجهل الاقتصادي الكبير السبب الرئيس في الانتكاسات والخسائر التي تعرض لها كثير من المواطنين في سوق الأسهم، فلو كان هناك برامج توعية توضح للناس حقيقة هذا السوق وتبين لهم أن المخاطر فيه كبيرة جدا وأن احتمالات الخسارة فيه قد تفوق احتمالات الربح في كثير من الأحيان لَمَا شاهدنا هذا العدد الهائل من المتضررين؛ الذين استدان بعضهم قروضا من البنوك يصل مداها إلى عشرة سنوات والبعض الآخر باع أصولا ثابتة وآخرون ضحوا بكل ما يملكون من حطام الدنيا من أجل دخوله، مبعدين بذلك عن مخيلتهم أي احتمال للخسارة وكأنهم في جمعية خيرية، بالطبع لا نستطيع تحميلهم مسؤولية الذي حدث كاملة كما يحلو للبعض أن يفعل ذلك للهروب من المسؤولية، فقد وجدوا باب السوق مفتوحا أمامهم على مصراعيه وبكل إغراءاته وبدون أي إشارات تحذيرية من شروره.
من هنا يتضح لنا جليا أنه يتوجب علينا أن ننشر الثقافة والوعي الاقتصادي الذي يناسب عصر العولمة وثورة المعلومات الذي نعيش فيه، فليس من المعقول أن نعيش في القرن الحادي والعشرين بعقلية القرون الوسطى، وهذا الوعي لن يتأتى بدون تضافر جهود كل من يستطيع المساهمة في ذلك، لذا فإن على وزارة الإعلام بالإضافة إلى الخبراء والمتخصصين في مجال الاقتصاد التعاون فيما بينهم ووضع آلية مناسبة يكون هدفها الأول تثقيف المواطن اقتصاديا عن طريق البرامج التلفزيونية والمواد الصحفية التي تتوافق مع هذا الهدف السامي كي لا يكون المواطن فريسة سهلة لكل مُستغل لهذا الجهل الاقتصادي.
٭ كاتب
http://www.alriyadh.com/2006/05/24/article157039.html
سعود المعيقلي٭
تتحكم في حياة الإنسان عوامل كثيرة أهمها العامل الديني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكل واحد من هذه العوامل له تأثيرات تختلف عن الآخر، هذه العوامل تتداخل وتتفاعل مع بعضها البعض بصورة معقدة جدا تكون نتيجتها هي الحياة التي نعيشها بصورتها الحالية، وقد يطغى عامل منها على العوامل الأخرى فيصبح سمة يتصف بها الإنسان تشكل شخصيته وتحكم تصرفاته وتعاملاته مع الآخرين.
لست هنا بصدد تفصيل وتحليل هذه العوامل مجتمعة، ولكني سألقي الضوء على عامل له تأثير كبير جدا ليس علينا كشعب سعودي فقط ولكن على العالم كله، فهو المتحكم الأول في علاقات الدول ببعضها البعض، فقد احتلت دول بكاملها وغُيرت أنظمة وكان هو السبب الحقيقي في كل مرة، حتى وإن اختلق المحتل حججا واهية لا تمت إلى أرض الواقع بصلة، لا شك أن كل قارئ فطن يعلم حقيقة ما يدور حوله قد أدرك أن ما عنيته هو العامل الاقتصادي.
إن عاملا بهذه الخطورة والتأثير القوي يجب أن يحظى منا بقدر من الاهتمام يناسب دوره وتأثيره سواء على المستوى المحلي أو العالمي، إننا في معظم حالاتنا نعاني من نقص معرفي كبير في هذا الجانب بعكس الجوانب الأخرى التي قد تحظى ولو بقدر ضئيل من الاهتمام، إن لهذا الفقر المدقع في الثقافة الاقتصادية أسبابا عديدة ولكن من يتولى كبره هو الإعلام سواء المقروء أو المسموع أو المرئي، فكيف كان ذلك ؟!!
لقد كان هناك انعدام كامل إن صح التعبير في البرامج التلفزيونية والمواد الصحفية التي تخاطب المواطن العادي ذا التعليم المتوسط على الأقل مما تسبب بهذا النقص المعرفي الخطير في أحد أكثر العوامل المتحكمة في حياتنا حيوية، حتى وإن حدث وخرج علينا خبير اقتصادي في أحد البرامج التلفزيونية على حين غفلة؛ فإنه يتكلم بلغة اقتصادية بحتة لا يفهما إلا المتخصصون في هذا المجال، وهذا ما يحدث بالضبط مع النشرات الاقتصادية.
بالطبع لقد كان هذا الحال في السابق، أما اليوم فقد كثرت البرامج والمواد الصحفية الاقتصادية بعد اتجاه الكثير من المواطنين إلى سوق الأسهم، ولكن يُعاب عليها أنها تناقش العمق في نفس الوقت الذي نحن في أمس الحاجة فيه لتعلم الأبجديات، فغدا حالها كحال من يُعلم التفاضل والتكامل لمن يجهل الجمع والطرح.
وكنتيجة طبيعية كان لهذا الجهل والنقص المعرفي الكبير نتائج مأساوية كبيرة على واقع حياة المواطن العادي، فقد كان له تداعياته الجلية التي لا تخفى على القاصي والداني في عمليات النصب والاحتيال والسرقة التي يتعرض لها المواطنون الحالمون بالثراء السريع من قبل عدة جهات مثل شركات توظيف الأموال وغيرها، كذلك ما تعرض له الكثير في سوق الأسهم من خسائر فادحة، فما كان هذا كله ليحدث لو أن لدى المواطن ثقافة اقتصادية كافية تحميه وتجعله قادرا على أن يميز الخبيث من الطيب.
لقد كان هذا الجهل الاقتصادي الكبير السبب الرئيس في الانتكاسات والخسائر التي تعرض لها كثير من المواطنين في سوق الأسهم، فلو كان هناك برامج توعية توضح للناس حقيقة هذا السوق وتبين لهم أن المخاطر فيه كبيرة جدا وأن احتمالات الخسارة فيه قد تفوق احتمالات الربح في كثير من الأحيان لَمَا شاهدنا هذا العدد الهائل من المتضررين؛ الذين استدان بعضهم قروضا من البنوك يصل مداها إلى عشرة سنوات والبعض الآخر باع أصولا ثابتة وآخرون ضحوا بكل ما يملكون من حطام الدنيا من أجل دخوله، مبعدين بذلك عن مخيلتهم أي احتمال للخسارة وكأنهم في جمعية خيرية، بالطبع لا نستطيع تحميلهم مسؤولية الذي حدث كاملة كما يحلو للبعض أن يفعل ذلك للهروب من المسؤولية، فقد وجدوا باب السوق مفتوحا أمامهم على مصراعيه وبكل إغراءاته وبدون أي إشارات تحذيرية من شروره.
من هنا يتضح لنا جليا أنه يتوجب علينا أن ننشر الثقافة والوعي الاقتصادي الذي يناسب عصر العولمة وثورة المعلومات الذي نعيش فيه، فليس من المعقول أن نعيش في القرن الحادي والعشرين بعقلية القرون الوسطى، وهذا الوعي لن يتأتى بدون تضافر جهود كل من يستطيع المساهمة في ذلك، لذا فإن على وزارة الإعلام بالإضافة إلى الخبراء والمتخصصين في مجال الاقتصاد التعاون فيما بينهم ووضع آلية مناسبة يكون هدفها الأول تثقيف المواطن اقتصاديا عن طريق البرامج التلفزيونية والمواد الصحفية التي تتوافق مع هذا الهدف السامي كي لا يكون المواطن فريسة سهلة لكل مُستغل لهذا الجهل الاقتصادي.
٭ كاتب
http://www.alriyadh.com/2006/05/24/article157039.html