المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : افضل كاتب اقتصادي سعودي يتوقف عن الكتابه !!



ابودلال
11-04-2006, Tue 11:16 AM
http://www.yamamahmag.com/1896/images/mohaaamaad.jpg
http://www.yamamahmag.com/timages/0020.gif

من لايعرف الدكتور / محمد القنيبط صاحب زواية اكاديميات الشهيره بمجلة اليمامه السعوديه وعضو مجلس الشورى السعودي ..

المهم اترككم مع هالمقال اللي كتبه الدكتور وقرر فيه الانقطاع عن الكتابه والسبب في ذلك !!

************

طُـزَّ !؟
هذه الكلمة "الترحيبية" سيقول بها بعض القراء، والبعض الآخر سيتساءل من هو الدكتور محمد القنيبط حتى يعتزل أو لا يعتزل؛ في حين سيقول من بينهما لماذا يعتزل القنيبط الكتابة ؟!
بالطبع آمل ألا يبالغ المحبون في التفاؤل بأنَّ القنيبط سيجد معارضة كبيرة لاعتزاله، كتلك التي حظي بها الدكتور عائض القرني. فالقنيبط لم تصل مبيعات كتابه الوحيد حتى نصف الألف، في حين تجاوزت مبيعات كتاب واحد للشيخ القرني المليون نسخة، وبازدياد زاده الله من فضله. أما الثانية، وهي الأهم من وجهة نظري، فهي الاختلاف الواضح بين الشخصيتين، والرسالة التي يتبناها كل منهما. وأترك القارئ الكريم لاستنباط ما يراه في هذا الاختلاف.
لذلك من حق القارئ أن يتساءل: لماذا يعتزل القنيبط الكتابة الصحفية المتخصصة ؟!
القفاز الحريري !؟
الكتابة الصحفية وغير الصحفية أشبه ما تكون بالشعر أو الأدب القصصي، فحين يجد الكاتب موضوعاً يثير قريحته للكتابة، تجد الصفحات تمتلئ سريعاً بالجمل والكلمات، ولا يحُدُّه أو يُقيِّده سوى المساحة التي تخصصها له الصحيفة أو المجلة.
لذلك يمكن أن تُضيِّق على الكاتب وتمنعه من الكتابة بطريقتين: الأولى هي الطريقة الكلاسيكية، وذلك من خلال المنع المباشر من قبل رئاسة التحرير استجابة لضغط جهة حكومية أو خاصة ذات علاقة أو سلطة على المطبوعة. الطريقة الثانية، هي طريقة أو استراتيجية "القفاز الحريري" كما وصفها الدكتور عبدالله النفيسي، وذلك من خلال منع الكاتب من الكتابة في التخصص الذي يجيده.
وهذا هو الطريق الذي وجدتني عليه، عبر التلميح أو التصريح بضرورة تجنب الكتابة عن الاقتصاد والسوق المالية، أو بمعنى أدق تجنب الكتابة عن وزارة المالية ومؤسسة النقد وهيئة السوق المالية !؟
وبالتالي فكأنك تطلب من الشاعر أن يكتب أي شيء سوى الشعر !؟ وهذا الخيار "الحريري" اللطيف، ذكَّرني بالمقولة الشهيرة للصناعي هنري فورد، رائد صناعة السيارات مطلع القرن الماضي، حينما قال: يمكننا صناعة سيارتك بأي لون ترغبه طالما كان أسود !؟
فالرسالة التي وصلت تلميحاً وتصريحاً هي بإمكانية استمراري بالكتابة طالما تجنبت مواضيع تتعلق بوزارة المالية ومؤسسة النقد وهيئة السوق المالية، باختصار تجنب الكتابة عن الاقتصاد والسوق المالية !؟
تخيل عزيزنا القارئ، يوضع هذا الخيار الليبرالي جداً أمام كاتب مهني متخصص؛ وليس ذلك فحسب بل يرأس مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية، ويعمل عضواً بمجلس الشورى لثلاث دورات متتالية رأس خلالها لجنة الشئون الاقتصادية والطاقة لأربع سنوات متتالية، ونائب لرئيس ذات اللجنة لثلاث سنوات !؟ وبالتالي هل لدى القارئ إجابة لكيفية التعامل مع هذا الخيار "الحريري" الواسع جداً الذي طُرِح أمامي ؟!
ولكن لماذا تضييق واسع ؟! لماذا لم أعط هذا الخيار قبل سنة أو ثلاث أو خمس أو عشر ؟! لماذا لم يوقف القنيبط بطريقة كلاسيكية بحتة، كالتي تتم مع بقية الصحفيين ؟! حقيقة، كم وددت لو تم استخدام الطريقة الكلاسيكية في منعي من الكتابة؛ ولكن هنا يتضح النبوغ والإبداع في تضييق واسع !؟
تلفزيون للسعوديين !؟
ولكن هل كان التضييق فقط على الكتابة الصحفية ؟! بكل تأكيد لا، ولم أكن لأقدم على قرار اعتزال الكتابة لو أنه كان كذلك.
ولكن التضييق، بل الإهانة كانت عبر منع الظهور على التلفزيون السعودي !؟ نعم، عزيزنا القارئ، تخيل منع ظهور عضو مجلس الشورى السعودي بالمؤهلات الاقتصادية المتخصصة وفي برنامج متخصص، هو برنامج المؤشر في قناة الإخبارية السعودية، هذه القناة التي قيل أنها ستحدث نقلة حضارية في صناعة التلفزة السعودية؛ وليتها لم تفعل !؟ وهذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير.
ففي مساء الجمعة 24 صفر 1427هـ، وقبل موعد حلقة برنامج المؤشر بأربعين دقيقة تلقيت اتصال من مدير البرامج بقناة الإخبارية يقول بحدوث "خلل فني" يحول دون بث برنامج المؤشر، وأنه يعتذر أشد الاعتذار على هذا الخلل الفني !؟ بعد انتهاءه من شرحه لهذا "الخلل الفني"، سألته: هل قناة الإخبارية متوقفة تماماً عن البث هذا اليوم ؟! فقال بالطبع لا. فقلت له: آمل من رؤساءك على الأقل احترام درجة ذكائي، وإبلاغي مباشرة بأنَّ ظهوري على الإعلام السعودي غير مرغوب به.
تُرى لماذا ؟! لماذا يُمنع عضو مجلس الشورى السعودي من الظهور في برنامج اقتصادي على قناة تلفزيونية سعودية ؟! ولماذا يمنع من الكتابة في مواضيع اقتصادية هي من صميم دراسته وتخصصه وعمله بمجلس الشورى ؟! هل أغضبت كتابات ومقابلات القنيبط القيادة السياسية السعودية ؟! أم أنَّ القنيبط ولأكثر من أحد عشر سنة لم تكن كتاباته وظهوره التلفزيوني النادر سوى قدحاً وشتماً للقيادة ورموزها الكريمة ؟! هل ..... وهل ..... وهل ..... !؟
الشهادة التي أستطيع أن أواجه بها البارئ عز وجل، هي أنني ولأكثر من أحد عشر سنة لم أجد سوى التقدير، بل التقدير الكبير جداً من لدن كبار ولاة الأمر الذين تشرفت بمعرفتهم تمام المعرفة، بدءاً من ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وتدرجاً حتى أصغرهم. وما يزيد من حدة الألم والمرارة هي أنَّ وزير الإعلام والثقافة هو زميل سابق بمجلس الشورى !؟
إذاً، لماذا هذا التضييق ؟! ولماذا يتم ذلك في هذه الفترة بالذات التي نفاخر بها عالمياً ؟!
الوزير !؟
هذا اللفظ أو اللقب السحري في دوائر المجتمع الحكومي والخاص، عرفته المملكة لأول مرة حينما أسبغه مؤسس هذا البلد العظيم، الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، على عبدالله بن سليمان، الذي استمر يعرف بلقب الوزير فقط، دون الحاجة مطلقاً إلى ذكر اسمه. فالوزير هو إبن سليمان، وإبن سليمان هو الوزير، لأنه لا يوجد آنذاك وزير غيره. وحيث أن إبن سليمان كان وزيراً للمالية حتى وفاة المؤسس أبو تركي يرحمه الله، فقد كان لوزارة المالية قوة خرافية بل "قدسية" إدارية، استمرت معها ومع كل من شغل منصب "الوزير"، إلى يومنا هذا.
وهنا تتضح الإشكالية التي أوقعت كتابات القنيبط عن وزارة المالية في المحذور البيروقراطي: نقد "الوزارة" !؟
فوزارة المالية ليست مثل بقية الوزارات. فالوزارة "والوزير" كلمتين مترادفتين، كل منهما تعني الأخرى. فكلمة "الوزارة" تعني وزارة المالية، وكلمة "الوزير" تعني وزير المالية، فقط لا غير. وكل الطرق تمر عبرها أو عبره، والكل يسعى إلى خطب ودها أو وده، والتقرب منه أو منها، أملاً وطمعاً بحظوة ودعم "الوزير" أو "الوزارة". وهنا تتضح خطورة الفكر الإداري السائد في وزارة المالية على القرار الحكومي، وبالتالي القرار التنموي اقتصادياً كان أم اجتماعي. والشواهد ظاهرة للعيان كيف أن الاختلاف مع "الوزير" أدى إلى تدهور خدمات تلك الوزارة أو الجهاز الذي استعدى رئيسه معالي "الوزير".
أسود أو أبيض ؟!
وهنا يدخل الصورة الدكتور القنيبط عبر زاوية أكاديميات بمجلة اليمامة. وعبر هذه المقالات، وفي مجتمع عربي أصيل تشيع فيه ثقافة المديح والهجاء، دون وجود أي منطقة ولو رمادية بين هذين الحدين أو الطرفين النقيضين، كان من السهل جداً وصف كتابات القنيبط عن الأجهزة الحكومية، وبصفة خاصة عن وزارة المالية، بأنها كتابات تنبع من مواقف شـخصية فقط لا غير. وقد واجهت هذا الاتهام مؤخراً في برنامج إضاءات بقناة العربية، الذي يقدمه المحاور الشاب تركي الدخيل. بل لقد قال بهذا الاتهام وزير المالية بشحمه ولحمه، حينما أعياه البحث عن مبرر يقنعه لسبب كتاباتي عن وزارة المالية والفكر الإداري "المتطور" الذي ترتكز عليه.
لذلك لا غرابة مطلقاً أن يتصدى معالي وزير الإعلام والثقافة لتأكيد هذه "الشخصنة" ويقوم بالاتصال بصاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن سلمان رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، متذمراً من مقالي بصحيفة الاقتصادية (20/2/1427هـ) بأنه شخصي ضد معالي "الوزير" !؟ ويكفيني فخراً تبرئة سموه الكريم للمقال من تهمة الشخصنة المؤلمة، على الرغم من أنني لست من كُتَّاب الاقتصادية.
تُرى لماذا تثور حميِّة وزير إعلام وثقافة "تنويري" كنا نأمل منه الكثير على مقال اقتصادي متخصص كتبته تعقيباً على تعقيب الدكتور عبدالعزيز العريعر على مقال وزير المالية السابق الدكتور سليمان السليم عن أسباب الانهيار المؤلم لسوق الأسهم، الذي نزف حوالي تريليون ريال من القيمة السوقية للأسهم السعودية خلال شهر ؟!
تُرى لماذا لم يُكلِّف وزير الإعلام والثقافة نفسه، ومن باب الزمالة واللباقة، بل من باب التقدير والاحترام الواجب والمستحق لمجلس الشورى الذي ضمَّه لست سنوات، ويتصل ليبلغني باعتقاده بأنَّ تعقيبي كان "شخصياً" على "الوزير" ؟!
ولكن قبل هذا السؤال، تُرى لماذا يسمح وزير الإعلام والثقافة بتوجيه إهانة غير مقبول بأدنى المعايير بحق عضو مجلس شورى ونائب رئيس لجنة الشئون الاقتصادية والطاقة، بمنعه من الظهور في قناة سعودية وفي برنامج اقتصادي سعودي ضمن تخصصه وعمله، خاصة وأنَّ مدير قناة الإخبارية ـ كما هو متبع ـ يعلم بإسمي قبل موعد اللقاء بأربعة أيام طوال ؟! لماذا الإمعان في إهانة عضو مجلس الشورى بالانتظار حتى قبل بدء البرنامج بأربعين دقيقة، ليتولى موظف صغير بالاتصال لإبلاغه بوجود "خلل فني" يحول دون بث البرنامج ؟! لماذا لم يُكلِّف وزير الإعلام والثقافة مدير قناة الإخبارية ليقوم شخصياً بالاعتذار لعضو مجلس الشورى السعودي الذي التزم لهم بموعد أجبره على إلغاء جميع ارتباطاته ؟! لماذا ..... ولماذا ..... ولماذا ..... ؟!
أسئلة مؤلمة جداً، حينما يأتي الظلم، بل الإهانة من "ذوي القربى".
مجلس إعاقة !؟
فالأمر لا يتوقف عند موضوع إلغاء حلقة تلفزيونية بعذر ساذج عن وجود "خلل فني" يلغي برنامج واحد فقط، بل يتعدى ذلك إلى تأكيد التهميش الذي يمارسه بعض أصحاب المعالي الوزراء بحق مجلس الشورى ووظيفته المحورية في تطور وتقدم الأمم والشعوب.
وهنا تبدأ المعاناة في هذا الأمر، عند مقارنة التعامل الحضاري والراقي جداً الذي تسبغه القيادة السعودية الكريمة على مجلس الشورى وأعضاءه، مقرونة بتطلعات وطموحات كبيرة من لدن القيادة الكريمة من هذا الكيان التشريعي المهم في جميع دول العالم المحترمة؛ وما يقابل ذلك من تهميش ونظرة دونية من قبل بعض، وأؤكد على كلمة "بعض"، أصحاب المعالي الذين لا يرون في مجلس الشورى سوى عائق من العوائق البيروقراطية، بل وأنه لا يوجد لديه ما يقدمه للوطن والمواطن، حيث الحل والعقد والعلم والمعرفة كاملة غير منقوصة موجودة فقط لدى الوزارة، وقبل ذلك معالي الوزير.
فإن لم يتفق القارئ الكريم مع نظرة التهميش هذه لمجلس الشورى وأعضاءه، فكيف يفسر "تطنيش" السفير السعودي في دولة مهمة جداً ليس بحق عضو مجلس شورى حلَّ ضيفاً على تلك الدولة لحضور مؤتمر دولي، بل بحق رئيس مجلس الشورى والوفد المرافق معه !؟ هل تريد معرفة المزيد من هذه المسرحية المؤلمة !؟
حسناً، فصاحب المعالي السفير لم يكلف نفسه عناء الخروج للمطار لاستقبال معالي رئيس مجلس الشورى والوفد المرافق لحضور مؤتمر دولي في هذه الدولة، ولم يقم بزيارة رئيس مجلس الشورى في مقر إقامته، بل ولم يقم حتى بدعوة فضيلته لزيارة مقر سفارة خادم الحرمين الشريفين !؟ في حين يجد معالي السفير الوقت الكافي لحضور حفل موسيقي تزامن مع وجود وفد مجلس الشورى !؟
إذاً، هل يحق لعضو مجلس شورى بإسم محمد القنيبط أن يعتب على وزير الإعلام والثقافة لماذا لم يتصل به ويعتذر عن منع خروجه في برنامج اقتصادي على التلفزيون السعودي ؟!
هل تريد الإجابة، عزيزي القارئ !؟ بعد الموقف المحرج، بل المعاملة المهينة التي قام بها ذلك السفير السعودي بحق فضيلة رئيس مجلس الشورى السعودي، لا يجوز بل لا يحق لي مطلقاً التذمر أو حتى العتب من التصرف الحضاري للزميل السابق معالي وزير الإعلام والثقافة الأستاذ إياد مدني، بل يجب أن أُقدِّم لمعاليه وافر الشكر والتقدير على توجيهه موظف صغير للاتصال بي، حيث حمدت الله عز وجل أنَّ قناة الإخبارية اعتذرت لي على الهاتف قبل مغادرتي المنزل بأربعين دقيقة؛ وليس عند مدخل مبنى التلفزيون، كما حدث لأحد ضيوفهم !؟
النظرة الدونية التي أرى بوجودها لدى بعض أصحاب المعالي الوزراء لمجلس الشورى ووظيفته وما هو مأمول منه، ليست خيال أكاديمي أو ردة فعل لهذه المواقف المؤلمة التي تعرض لها محمد القنيبط مؤخراً، بل هي حقيقة واقعة سبق وأن كتبت عن بعضها، وذلك من واقع تباين النظرة الملكية الكريمة الطموحة لمجلس الشورى والدور الكبير الذي تأمله وتتوقعه بل تراه القيادة واضحاً جداً؛ وبين النظرة "المعالية" الدونية التي ينظر بها أولائك "البعض".
أعان الله أبا متعب
وحيث أننا في موضوع سوق الأسهم وانهياره وأنه هو السبب الذي أدى إلى ردود فعل أغضبت معالي "الوزير"، حتى هب لنصرته زملاءه من خلال استراتيجية "القفاز الحريري"، فقد أدت النظرة الدونية لدور مجلس الشورى من قبل وزارة التجارة والصناعة إلى سحب نظام الشركات قبل حوالي ثلاث سنوات، ولم تعده إلى الآن للمجلس؛ مما تسبب في إحراج القائد الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما تم تغيير نص المادة (49) من نظام الشركات والمتعلقة بالسعر الاسمي لأسهم الشركات المساهمة، وهو الأمر الذي كان سيتم لو أنَّ وزير التجارة والصناعة قبل عرض لجنة الشئون الاقتصادية والطاقة بمجلس الشورى آنذاك بالتعاون غير المحدود لمنع سحب نظام الشركات من مجلس الشورى لتسهيل خروجه إلى النور الذي لم يره إلى الآن؛ وبالتالي عدم إقحام القيادة الكريمة في التدخل لتصحيح أخطاء تسببت بها أجهزة ووزارات المال والتجارة.
ولكن، وبسبب النظرة السلبية من قبل هذه الوزارة وغيرها من بعض الوزارات والأجهزة الحكومية لدور مجلس الشورى، دفع الاقتصاد الوطني خلال شهر واحد فقط ـ وعبر مدخرات صغار المستثمرين ـ حوالي تريليون ريال لخلل تسببت به نظرة أو فكر إداري مالي نقل لمقام نظر الوالد القائد أبي متعب على أنَّ الانهيار هو تصحيح طبيعي يتم في جميع أسواق العالم !؟
ولكن حس القائد، ومتابعته اللصيقة، رغم كثافة الضباب التي حاولت الأجهزة المعنية وضعه حول القائد من أنَّ ما يجري هو تصحيح طبيعي، جعل أبي متعب ـ يحفظه الله ـ يتدخل شخصياً ويتولى إدارة الأزمة أو بالأحرى الكارثة الاقتصادية بمهارة الربان العارف ببواطن الأمور، فأعاد الثقة للسوق، واختصر لجنة الستة أيام إلى ستة ساعات، وقفز فوق الروتين واستراتيجية "أمر الله من سعه" لكثير من أصحاب المعالي، فغير المادة (49) خلال 48 ساعة، وأنشأ أكبر بنك سعودي مساهم، ونسف نسبة 30% الشهيرة للاكتتاب، حين خصَّصَ 70% من رأس مال هذا البنك العملاق لصغار المواطنين.
باختصار شديد، أعاد أبو متعب ـ يحفظه الله ـ الثقة التي فقدها سوق الأسهم السعودي لأكثر من شهر، وكاد أن يستمر في الانهيار حتى الإفلاس؛ في حين فشلت الأجهزة ذات العلاقة فشلاً ذريعاً، وليس ذلك فحسب، بل غضب وزرائها أشد الغضب من أي شخص يُصرِّح أو يُلمِّح بإخفاق أجهزتهم؛ بل وهب لنجدتهم أبناء العمومة "لتكريم" كل من أراد أن يقول الكلمة الصادقة أمام الوطن وقيادته الكريمة.
ولهذا السبب الأخير، لم يكن لي خيار سوى رفع الحرج عن أصحاب المعالي الغاضبين من كتاباتي، وبالتالي تسهيل مهمتهم في تفسير الأمور والأحداث للمقام السامي كما ينظرون لها.
السبب الآخر والأهم في قرار اعتزالي الكتابة الصحفية الناقدة، إنما هو اعتراض على إهانة عضو مجلس الشورى السعودي من قبل وزارة الإعلام والثقافة السعودية؛ وليس اعتراض على تضييقها على محمد القنيبط، الكاتب الصحفي. فلا يؤدي القسم الغليظ المغلظ أمام خادم الحرمين الشريفين سوى أعضاء مجلس الوزراء وأعضاء مجلس الشورى، فهل يعقل أن يخون الوطن ويحنث بهذا القسم العظيم شخص أداه ثلاث مرات ؟! وهل يحق لغير الملك سحب هذه الثقة عمَّن أدى القسم أمامه ؟!
لذلك آثرت الحفاظ على ما بقي لي من رصيد الاحترام والتقدير لدى "بعض" أصحاب المعالي، من خلال التوقف عن الكتابة حتى لا يغضب هؤلاء "البقية"، ثم نكون مثل صاحب "مَعيِّد القريتين" !؟
الشكر واجب
وقبل إغلاق ملف أكاديميات والقيام بواجبات طالما تمنيت لو أنَّ اليوم 48 ساعة حتى أتمكن من الوفاء بها، فالأمانة والاعتراف بالجميل يحتمان أن أعترف لكل من كان سبباً وراء نجاح زاوية أكاديميات لأكثر من أحد عشر عام بدأت مطلع 1416هـ.
فمهما كتبت وتحدثت لن أوفي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حقه لقاء ما شرفني به بعد أول مقال كتبته عن المياه قبل أكثر من 13 سنه، وذلك بتفاعله مع الموضوع الحيوي آنذاك وتكليفي بإعداد دراسة متخصصة عن المياه والزراعة مع زملاء آخرين. فلأبي خالد الشكر والتقدير على كل ما تفضَّلَ به على كاتب أكاديمي، كان ولا يزال همُّه الأول والأخير شحذ الهمم من خلال فتح أبواب الحوار والنقاش مع المهتمين والمختصين في مواضيع اهتماماته وتخصصه، وبعيداً عن التجريح والشخصنة التي برأني منها أبي خالد، يحفظه الله.
الشكر مقرون كذلك لصاحب الابتسامة الدائمة وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، الذي لا يترك مناسبة عند لقاءه إلا ويذكرني بموضوع من كتاباتي. والشكر كذلك لرجل الإعلام الأول أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الذي يقرأ ما بين السطور في حين يتعفف عن الإدعاء بقراءة ما في الصدور. فلأبي فهد أطنان الشكر والتقدير على الدعم المتواصل لكافة الإعلاميين السعوديين.
آخراً وليس أخيراً، فمهما كتبت لن أوفي رئيس تحرير مجلة اليمامة سعادة الدكتور عبدالله الجحلان حقه، باستثناء توريطي بدخول الكتابة الصحفية، وبالتالي كسب "صداقة" حميمة جداً من كثير من أصحاب المعالي. فقد تكبد عناء مواجهة غضب كبار المسئولين الذين كانت أجهزتهم مواضيع كتاباتي، دون أن أشعر بذلك، ودون أن يؤثر في "خطي" في الكتابة، حتى "بلغ السيل الزُبا". فلأبي محمد الشكر والتقدير، ومنه أطلب العذر على أي إحراج تسببت به.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، وأن آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد الصادق الأمين.


رابط لاخر موضوع للدكتور محمد في مجلة اليمامة زاوية اكاديميات
http://www.yamamahmag.com/1897/20.html

الموضوع رفض من خلال الصحف السعوديه ونشر من العربية نت ثم تم حذفه !!

ابودلال
11-04-2006, Tue 11:18 AM
احدى مقالات الدكتور محمد القنيبط
http://www.yamamahmag.com/1897/20.html


سـوق الأسهـم : التكـرار مكســــــــــــــب للشـطار !؟



عندما بدأت شاشة موقع تداول للأسهم السعودية بالاخضرار يوم الأحد الماضي، بعد احمرار صرع جميع أرقامها تقريباً قرابة أسبوعين متتاليين، تذكرت قصة طريفة جداً حكاها لي أحد الأصدقاء ممن يكبروننا سناً، عن واقعة حدثت لهم أيام الصبا في «باريس نجد»، مدينة عنيزه.
حيث يقول الصديق «العنيزاوي» بأنه ذهب وأصدقاءه في رحلة (كشته) خارج مدينة عنيزه على دراجات هوائية (سياكل)، وعندما قفلوا عائدين من «كشـتتهم» بعد العصر، «بنشرت» إطارات دراجاتهم!؟ وأثناء الحيرة التي أصابت هؤلاء الفتية جرَّاء تعطل جميع السياكل، إذا بسيارة شحن (قلاب) تقترب منهم وتتوقف. وعندما رأى سائق القلاب الوضع الغريب للشباب، قال لهم اصعدوا مع سياكلكم في صندوق القلاب، وسار بهم باتجاه عنيزه، حيث وقعت المفاجأة لهؤلاء المراهقين. يقول الصديق، ما إن اقتربنا من أطراف عنيزه، إلا وبدأ صندوق القلاب بالارتفاع، لنتساقط منه الواحد بعد الآخر، ومعنا سياكلنا ونحن مذهولون مما يحدث!؟ ويضيف الصديق بأنه لا يعلم إلى الآن لماذا «انخفضت» مروءة سائق القــــــلاب عندما اقتربوا من المدينة وقــــــام بالتخــــــلــــــص منهـــــم بهذه الطريقة «الإنسانية» المتحضرة، حيث لم يروه بــــعد ذلك اليوم!؟
أقول تذكرت هذه القصة الطريفة عندما رأيت مؤشر سوق الأسهم يرتفع، بعد انهياره بنسب كبيرة تراوحت بين 38في مؤشر أسهم الشركات الزراعية و 51 في مؤشر أسهم البنوك، وخسر المؤشر العام أربعة آلاف نقطة خلال أسبوع تقريباً؛ وكأني باليد أو الأيادي «الخفية» لسوق الأسهم قامت بنفس الدور الذي قام به سائق القلاب مع أولئك الفتية في عنيزه!؟
فقد أدى انهيار سوق الأسهم السعودي الذي سمي «انهيار فبراير»، إلى قذف الكثير من صغار المتعاملين خارج السوق، بل إنَّ حدة الانهيار أدت إلى قيام أحدهم بقتل نفس بشرية - إن صح الخبر-، مما يدق ناقوس الخطر بشأن فداحة وخطورة تكرر التقلبات والانهيارات في سوق الأسهم. ومما يزيد الألم والمرارة، استمرار حالة الصمت القاتلة من جانب الأجهزة الحكومية المالية والاقتصادية المعنية، وهي المسئولة عن زرع الثقة في السوق والاقتصاد السعودي خاصة في أوقات الأزمات. ولكن لا حياة لمن تنادي.

خصوصية سعودية !؟
لا يزعج المرء شيء مثل رؤيته من يبحث عن «شـمَّاعة» يُعلِّق عليها إخفاقه أو إخفاق مجتمعه؛ والكل يعلم أن أشهر هذه الشمَّاعات العربية هي شمَّاعة نظرية المؤامرة !؟ ويبدو أن سوق الأسهم السعودي يستحق بجدارة أن يحصل على شمَّاعة يعلق عليها الإخفاقات المتتالية والمتمثلة بالحالات المتكررة من ارتفاع ثم انهيار أسعار الأسهم، أو التصحيحات كما يريد المحافظون تسميتها، والتي أصبحت منظراً أو مشهداً مألوفاً يتكرر كل عام أو أكثر، دون أن يتسبب ولو بارتفاع بسيط في حموضة معدة مسئولي المال والاقتصاد.
أما الشمَّاعة أو المؤامرة التي يمكن عليها تعليق الانهيار الأخير لسوق الأسهم، فتتمثل في حالة «الشحن» الكبير الذي ساد في أجواء سوق الأسهم، سواء من ناحية السيولة النقدية التي تدفقت إليه، أو كثرة المحللين الماليين المتفائلين جداً على الفضائيات والصحف المحلية، وما رافق هذه «الخلطة السحرية» من حرص شديد للقنوات الإعلامية على متابعة سوق الأسهم لحظة بلحظة قبل وأثناء وبعد الافتتاح والإغلاق، بل وتغطية دقائقه وثوانيه بالتحليل والنقاش المستمر من قبل جيش من «خبراء» المال والأسهم، حتى بات المشاهد والمراقب والعامل بالسوق في حيرة شديدة جداً من أمره وكيف يتصرف. صاحَبَ هذا المناخ الخطير من الشحن الإعلامي والاجتماعي، إغفال وتجاهل خطير قامت به الأجهزة والمؤسسات الحكومية المالية والاقتصادية لأبسط المؤشرات والدلائل الاقتصادية والمالية، التي تؤكد للأعمى قبل البصير وصول سوق الأسهم إلى مرحلة متقدمة جداً من السخونة ومرحلة الخطر منذ أواخر 2004م؛ كما وصف ذلك الدكتور عبدالرحمن السلطان حينما كتب (فخلال العامين الماضيين ارتفعت السيولة المحلية بنسبة 32%.... والقروض الشخصية نمت حتى الربع الثالث من 2005بنسبة 126مقارنة بمعدلاتها نهاية عام 2003وصولاً إلى 165مليار ريال.... ترتب على كل هذه الاختلالات الواضحة ارتفاع في المؤشر العام للأسهم خلال عامي 20042005بلغت نسبته 277%ليصل في نهاية 2005إلى 217,61 نقطة)، صحيفة الاقتصادية 6/3/2006م. وبالطبع كانت هذه الأرقام أشد وضوحاً وتضخماً وخطورة منذ بداية العام 2006م.

لوجه الله!؟
وأكثر الخبراء أو المحللين الماليين ظهوراً على الفضائيات وأشهرهم في الصحف المحلية، دلل بالأرقام والأشكال البيانية، خاصة «الخط الأزرق»، بأنَّ (القطاع الصناعي ما زال أمامه الكثير لمواصلة الارتفاع بقوته التي كانت تنتظر، فيعتبر القطاع الصناعي هو المحرك الأساسي للمؤشر للمرحلة المقبلة مع شركة الكهرباء)!؟
ترى متى قال سعادة الخبير هذا التوقع المتفائل جداً لوضع القطاع الصناعي في سوق الأسهم ؟! هل هو مطلع هذا العام، حينما بدأ مؤشر الأسهم ارتفاعه الخرافي؟! كلا، فقد كتبه يوم الجمعة 24/2/2006م، أي بعد إعلان هيئة السوق المالية تخفيضها لنسبة التذبذب اليومي إلى 5% حيث أثنى على هذا القرار بالقول (وفي تقديري أنَّ القرار سيحد من المضاربات ومستوى التذبذب العالي الذي يمارسه المضاربون دون تحفظ أو تردد وتحقيق الأرباح على أكتاف صغار المتعاملين. وسيضيف القرار هدوءاً للسوق أكثر حتى وإن كان وقتياً ولكن هو إيجابي بكل المقاييس لوضع السوق الحالي، وحتى لا تكون الأسعار تتضاعف بأيام قليلة).
وبالفعل تحققت نبوءة هذا الخبير المالي بشأن القطاع الصناعي في سوق الأسهم السعودي، حيث خسر مؤشر الصناعة عشرة آلاف نقطة خلال ثمانية أيام فقط من نشر الخبير المالي توقعاته العظيمة!؟
المؤلم أن هذا المحلل المالي الشهير في صفحات وبرامج إعلام الأسهم السعودية، وبعد أن وقع الفأس في الرأس، انتقد الفضائيات لماذا تستضيف أناساً لا يفقهون في الأسهم أو التحليل المالي، حيث كتب الاثنين 6/3/2006م محللاً «أزمة فبراير» يقول: (الإعلام لعب دوراً كبيراً، ولكن المأخذ على بعض وسائل الإعلام أنها تستقطب كل من يقول «أسهم» فلا تحصيل علمي متخصص، ولا خبرة سابقة، ولا حتى قدرة تحليلية. ونفاجأ بمحللين أبعد ما يكونون عن السوق بكل تصنيفاتها، وكان ضررهم أكثر من تحليلهم!!).
تُرى كيف يُصنِّف هذا المُحلِّل المالي نفسه حينما كتب مبشراً عن ارتفاع أسهم شركات القطاع الصناعي قبل انهيار السوق بيوم واحد فقط، وخسارة مؤشر الصناعة عشرة آلاف نقطة خلال ستة أيام ؟!
حقيقة الأمر، واستناداً على أبجديات المصطلح الاقتصادي المعروف بتكلفة الفرصة البديلة، فمن الصعب قبول «احترافية» المحللين الماليين الذين يظهرون باستمرار على الأجهزة الإعلامية السعودية من فضائيات وإذاعات وصحف، هكذا على علاتها دون تدقيق وتمحيص؛ خاصة وأنَّ هذا الظهور الإعلامي يتم بالمجان، وفي أحسن الأحوال مقابل 300- 1000ريال للكتابات الصحفية. فهل يعقل أن يُضيِّع «خبير» مالي ضليع ومتخصص بسوق الأسهم السعودية وقتاً ثميناً لكتابة مقال صحفي يومي، أو أن يتكبَّد ـ وبصفة شبه يومية ـ عناء السير في شوارع الرياض المزدحمة للوصول إلى استوديوهات الفضائيات لتسجيل دقائق معدودة يقدم فيها مشورته وخبرته المالية مجاناً ولوجه الله؟

حلم الضبعة !؟
بالفعل، وبنظرة تشاؤمية غير حزينة، فإنَّ ما حدث في سوق الأسهم منذ انهيار مايو 2004م السابق، لا يتعدى كونه نتيجة طبيعية جداً لعملية شحن إعلامية ونفسية متخصصة تمت بإتقان لشريحة كبيرة لعامة المواطنين الذين لم يكتووا بنيران مايو 2004م، وذلك لإقناعهم بدخول سوق قمار الأسهم بعد ذلك الانهيار. وبعد أن ركب المستثمرون الصغار الجدد «قلاب» سوق الأسهم طمعاً بالأرباح الخرافية جرَّاء الارتفاعات المضخمة والمتضخمة والمتتالية لأسعار كافة الأسهم، قام سائقو القلاب «برميهم» عند أطراف السوق دون توقف أو حتى تمهل عند التقاطع، حتى يتمكنوا من «تحميل» ركاب جدد!؟
خلاصة القول، ودون التقليل من أي شخص يحلل ويكتب ويتكلم عن سوق الأسهم السعودي، فإن كان من خصوصية يمكن لنا أن ندَّعيها، فهي لا محالة في سوق الأسهم، ولا شيء سواه. فسوق أسهمنا لا ينطبق عليه منحنيات زرقاء وحمراء أو نقاط دعم أو مقاومة، حيث يحُدّ أو يشلّ مثل هذه الأدوات المالية المشهورة عالمياً حداثة سوق الأسهم السعودي وكذلك، وهو الأهم، شيوع واستفحال التلاعب والتدليس في غالبية أجزاء هذا السوق. وبالتالي من غير المنطق أن نطبق معايير وأدوات مالية تحليلية تتطلب شروطاً محددة حتى تكون توقعاتها صحيحة؛ وإلاَّ فهي لا محالة مثل حلم الضبعة: إما غيم أو صحو !؟
الحقيقة المؤلمة تتمثل في تكرر هذا المشهد في سوق الأسهم، سواء من حيث الدموية أو، وهو الظلم بعينه، الضحايا. فالدموية تتمثل في أنَّ سوق الأسهم يتعرض لانهيارات خلال فترات غير متباعدة نسبياً، كما حدث في مايو 2004م وفي الأسبوعين الماضيين وما سيحدث لاحقاً، ويصعب قبول تكرارها بهذه الحدة وبدون أي مساءلات ومراجعات. أما الضحايا فهم دائماً وأبداً صغار المتعاملين، الذين سيبقون لقمة سائغة للمضاربين بعد أن يساقوا جماعات إلى «صندوق قلاب» المضاربين بتأثير غالبية المحللين الماليين فضائياً وصحفياً ورسائل جوال، وكذلك بعد أن تسمح الجهات ذات العلاقة للمتورطين بالتخلص من أسهمهم بعد أن تأكدوا من «تعليق» الصغار، كالعادة بالطبع!؟ وكل ما حدث وسيحدث هو انتفاخ لحسابات بنكية لشريحة بعينها من المتعاملين، وإفلاس وقضايا جنائية واجتماعية ونفسية تصيب شريحة عريضة من صغار الصغار.
وبانتظار قيام الأجهزة الحكومية من مالية واقتصادية بتوسيع القاعدة الاستثمارية من خلال طرح ما تبقى من أسهم الدولة، وكذلك ـ وهو الأهم ـ طرح المزيد من الشركات المساهمة والبنوك، وذلك لمنع أو على الأقل تقليل تكرار حدوث هذه المآسي، وآخراً وليس أخيراً معاقبة المتسببين في التدليس في سوق الأسهم بالتضييق عليهم والتشهير بهم؛ نقول إنا لله وإنا إليه راجعون.
وحيث إنَّ سوق الأسهم بدأ بالاخضرار يوم الأحد والاثنين الماضيين ليعود بعدها محمراً، ندعو الله أن تكونوا سالمين وغانمين في الانهيارات القادمة لسوق الأسهم السعودي!؟

حتى لا نندم!؟
نقطة أخيره، آمل أن يتأملها كبار مسئولي المال والاقتصاد قبل فوات الأوان، وعض أصابع الندم على أيام طفرة اقتصادية أدعو الله ألا نندم على عدم حسن استغلالها.
هذه النقطة تتمثل في حقيقة أن «المناخ» الحالي للغالبية العظمى للقادرين من المواطنين يدفعهم دفعاً قوياً على الاكتتاب في أي شركة مساهمة سعودية أو خليجية وبأي نشاط، بغض النظر عن وضع الشركة المالي. أي أنَّ المجتمع السعودي أفراداً ومؤسسات خاصة، لديه الاستعداد الكامل لتمويل أي فرص استثمارية، سواء من خلال طرح شركات جديدة للاكتتاب، أو زيادة رؤوس أموال شركات مساهمة قائمة، أو طرح أسهم الدولة في شركات مساهمة قائمة؛ وهذا المناخ الإيجابي لتوفير السيولة المالية، تحلم به عشرات الدول المتقدمة والشركات لتستثمره في التوسع والانتشار والتنمية.
وبالتالي من الواجب والمفروض والمفترض من الجهات الحكومية المعنية بالمال والاقتصاد أن تُسهِّل طرح شركات جديدة للاكتتاب، وكذلك الإسراع في الموافقة على طلبات الشركات بزيادة رؤوس أموالها بطرح أسهم جديدة؛ وكذلك وهو الأهم، ترك المستثمر أو المساهم يقوم بتقرير ما إذا كانت هذه الشركة أو تلك تستحق الاستثمار؛ بعد أن تتأكد الجهات الحكومية المعنية من تحقق الشفافية اللازمة لاتخاذ كل مستثمر القرار الذي يناسبه مالياً ومخاطرةً. بمعنى آخر ضرورة تقليل درجة الوصاية التي تمارسها الجهات الحكومية المالية والاقتصادية حالياً على أنشطة الشركات المساهمة القائمة والقادمة، وكذلك قرارات المستثمرين الحاليين والمأمول استقطابهم.
فالطفرة الاقتصادية التي نعيشها حالياً قد لا تتكرر، أو أنَّ الزخم الاستثماري الكبير والاستعداد للمجازفة الموجود حالياً لدى شريحة كبيرة جداً من السعوديين بكافة مستوياتهم وطبقاتهم وأحجامهم المالية، قد تتوقف أو تذبل فيما لو تأخر توسيع القاعدة الاستثمارية في السوق السعودي. ولا يخفى على أي فكر ورؤية تنموية اقتصادية بأنَّ المجازفة وقبولها (أي توقع حدوث الخسارة)، تعتبر من أهم متطلبات العمل التجاري التنموي على المستوى الفردي والدولة.
فهل تملك هذه الأجهزة الحكومية المالية والاقتصادية الآن رؤية تنموية اقتصادية بعيدة المدى، تجعلها تدرك أهمية عدم تضييع الطفرة الاقتصادية الحالية؟! سؤال ستتضح إجابته بعد عقدين من الزمن، إن كنا من الشهود.

ابودلال
11-04-2006, Tue 11:23 AM
احدى مقالات الدكتور محمد القنيبط

http://www.yamamahmag.com/1896/20.html



هيئة السوق المالية والتـــــــــــركة العظيمة!؟







لا أعتقد أنَّ أحداً تمنى أن يكون على كرسي القيادة لهيئة السوق المالية عندما بدأ سوق الأسهم السعودية رحلته المؤلمة «جنوباً» منذ بداية تداولات الخميس قبل الماضي، وازدادت دمويتها يومي الأحد والإثنين الماضيين، ولا تزال الرحلة الجنوبية مستمرة بالنسبة للغالبية العظمى من أسهم شركات المضاربة، أو التي أطلق عليها مجتمع الأسهم اللقب الشهير (أسهم الخشـاش).

فخلال تلك الأيام الماضية، لم يكن تحطيم الأرقام خلال يومي الأحد والاثنين حكراً على مؤشر سوق الأسهم وأسعار أسهم الشركات كبيرها وصغيرها، بل تعداها إلى أرقام رسائل الجوال التي تجاوز عددها 23 مليون رسالة يوم الأحد الماضي، مقتربة من أرقام الرسائل في مناسبات الأعياد؛ حيث كان أغلب تلك الرسائل مزيجاً من الغضب والفكاهة والشتم المؤلم بحق أشخاص كانت غلطتهم الوحيدة وجودهم في المكان المناسب ولكن في الوقت غير المناسب.
فالعاقل المنصف لا يمكن له أن يلوم مسئولي هيئة السوق المالية على انهيار سوق الأسهم بعد رحلة «شمالية» سريعة دامت لأكثر من ثلاثة أعوام، حيث لا يستطيع إنسان يعرف أبسـط مبادئ التجارة والربح والخسارة أن يعتب على هؤلاء المسئولين الأفاضل عندما تنخفض أسعار أسهم شركات لا تربح ريالاً واحداً.
نعم، لا نستطيع أن نلوم هيئة السوق المالية على عملية التصحيح أو الانهيار التي حدثت في سوق الأسهم الأسبوع الماضي، ولكن نلوم ونعتب على هيئة السوق المالية في التأخر باتخاذ القرارات المتعلقة بسوق الأسهم، حيث يبدو أنَّ قرار تخفيض نسبة التذبذب إلى 5 كان الشرارة التي أشعلت هذا التصحيح في نظر كبار المتعاملين، والانهيار في نظر صغارهم.
نعم، نلوم ونعتب على هيئة السوق المالية في الأعطال التي حدثت وتحدث على نظام التداول في فترة حرجة جداً.
نعم، نلوم ونعتب على هيئة السوق المالية في سرعة تطبيقها لقرار تخفيض نسبة التذبذب، حيث كان الفارق الزمني بين الإعلان والتطبيق أقل من يوم عمل، وكأنَّ القرار لن يتسبب عنه أي تداعيات أو أنَّ السوق لا يمر بحالة قمار خرافية!؟
نعم، نلوم ونعتب على هيئة السوق المالية في عدم نشرها لأسماء المضاربين الذين أوقفتهم بسبب تلاعبهم بأسهم بعض الشركات!؟
نعم، نلوم ونعتب على هيئة السوق المالية على إعلانها عن أسماء الشركات التي تلاعب المضاربون بأسهمها وأوقفتهم الهيئة عن التداول.
نعم، نلوم ونعتب على هيئة السوق المالية في سماحها لهؤلاء المخالفين لنظام السوق المالية بإجراء عمليات بيع في محافظهم، وهي بذلك لا محالة تكافئهم من خلال السماح لهم بالتخلص من الأسهم التي تسببوا في رفع أسعارها بمستويات خيالية، وبالتالي تسـببت في «تعليق» صغار المتعاملين!؟
نعم، نلوم ونعتب على هيئة السوق المالية على استمرار الاعتماد الكبير لمؤشر سوق الأسهم على عدة شركات كبيرة، بحيث لا يعكس الواقع الفعلي لأحوال التداول في السوق.
نعم، نلوم ونعتب على هيئة السوق المالية على تحفظها الشديد وعدم الخروج لتكذيب أو تأكيد أي شائعات، وبوقت كاف تمنع تورط صغار المتعاملين.
ولكن لا يمكن لنا مطلقاً أن نلوم هيئة السوق المالية على ارتفاع أو انخفاض سوق الأسهم. فهذا مسئول عنه قوى العرض والطلب، فقط لا غير.
نعم، يجب أن يوجه لوم وعتاب، ويجب أن يكون هناك دراسة وبحث وتحقيق وتمحيص، ولكن ليس مع مسئولي هيئة السوق المالية، فيما يخص وضع السوق المالية السعودية، وسوق الأسهم على وجه الخصوص، حيث لا يوجد من أدوات ومنتجات السوق المالية إلا هذا الأخير.
فهيئة السوق المالية ورثت تركة ثقيلة جداً ومعقدة جداً، ولم يكن لها من خيار سوى قبول هذه التركة ومحاولة فك رموزها وتداخلاتها ومشاكلها، ناهيك عن ضرورة قيامها بهذه المهمة الصعبة دون إزعاج أي طرف من الأطراف. وهنا الصعوبة، بل الاستحالة في الخروج من هذه الورطة الكبيرة دون إزعاج أو ضرر ولو حتى على طرف واحد.
فهيئة السوق المالية ورثت سوق أسهم يمكن أن يوصف بأي شيء سوى بالسوق المحترم، من حيث مواصفات الحجم والقاعدة والشفافية، مقارنة بعدد اللاعبين في السوق ومعدلات تزايدهم وضخامة الاقتصاد ككل. فحين لا يوجد سوى 87 شركة متداولة في هذا السوق، وحين لا يتداول سوى أقل من 02 من أسهم تلك الشركات، وحين تترك ـ بل تشجع ـ الجهات ذات العلاقة على زيادة نمو جانب الطلب على هذا العدد المحدود جداً من الأسهم، من خلال تسهيل تدفق الأموال إلى هذا السوق، فالنتيجة المنطقية والمتوقعة هي أسعار متضخمة جداً جداً لجميع أسهم هذه الشركات المعدودة.
فوزارة المالية يجب أن تعطي وسام جوقة الشرف من الدرجة الممتازة على نجاحها في خنق سوق الأسهم السعودي من خلال الاحتفاظ بأسهم الدولة في الشركات العملاقة من سابك والاتصالات والكهرباء والبنك الأهلي وسامبا وبعض الإسـمنتيات وغيرها من الشركات.
فعلى الرغم من أنَّ الأمر الملكي الذي طرح شركة سابك للاكتتاب قبل حوالي ربع قرن، نص على قيام الدولة بطرح النسبة المتبقية من أسهم سابك خلال عشر سنوات من الطرح الأولي، إلا أنَّ الوزارة العملاقة لا تزال تُصرِّ على إغفال هذا الأمر الملكي وبالتالي وقف تنفيذ إرادة ملكية كريمة تهدف إلى صالح الوطن والمواطنين، وبالتالي التضييق على فرص الاستثمار للمليارات التي دخلت السوق منذ بدء أسعار البترول بالارتفاع قبل أكثر من أربع سنوات، وبالتالي ثانية وضع اللبنات الأولى لسوق قمار من الدرجة الأولى، لا يلام أي شخص دخل فيه طالما أنَّ ذوي العلاقة أصابهم الصمت المطبق خلال الفترة التي بدأت فيها أسعار الأسهم ترتفع يوماً بعد يوم، ولا تزال هذه الجهات إلى الآن صامته، بل يبدو أنها قد أصيبت بداء الطرم إضافة إلى الداء الأول!؟ فلم يظهر أي من كبار مسئولي وزارة المالية أو مؤسسة النقد العربي السعودي خلال السنوات الثلاث الماضية على الملأ ليقول بأنَّ هناك فقاعة تكبر يومياً في سوق الأسهم، ويجب على المتعاملين الحذر منها؛ ناهيك عن قيامهم باتخاذ الإجراءات الوقائية لتجنب هذا اليوم الموعود.
تُرى لمـاذا؟! هل يتوقع هؤلاء الأفاضل أن هذه الإشارات والنصائح يجب أن يقوم بــها مســــئولو هيئة السوق المالية؟! تُرى هل كان رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) جرينسـبان، يعمل رئيساً لهيئة السوق المالية الأمريكية عندما حذَّرَ من خطورة انفجار فقاعة الأسهم الأمريكية قبل انهيار سوق الأسهم في مطلع عام 2000م؟!
بالفعل، لماذا اختفى كبار مسئولي وزارة المالية ومؤسسة النقد طوال السنوات الماضية وإلى الآن؟! ولماذا لم يتخذوا أي خطوة لمنع حدوث اختناقات خطيرة في سوق الأسهم السعودي، وبالتالي منع حدوث انهيار أو تصحيح كبير وقاتل لصغار المتعاملين؟! لماذا لم يتنبه خبراء وزارة المالية ومؤسسة النقد ووزارة التجارة والصناعة إلى الارتفاع الخطير في «درجة حرارة» سوق الأسهم الذي بدأ من مطلع عام 2003م، واستمر يحطم الأرقام القياسية شهراً بعد شهر، ويوماً بعد يوم ؟! لماذا لم يلفت نظرهم تضاعف مؤشر سوق الأسهم السعودي خلال عام 2003وعام 2004م، وقبل بدء هيئة السوق المالية وظيفتها الرقابية والتنظيمية بعامين كاملين تقريباً؟! ولماذا لم يتنبه مسئولو وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط ومؤسسة النقد عندما تضاعف المؤشر مرة ثانية من حوالي 4000عام 2004م إلى 8000نقطة عام 2005م؟!
لماذا لم يتنبه هؤلاء الأفاضل لهذه الإشارات التي تلفت انتباه الأعمى قبل البصير؟!
ولماذا لم يتنبه هؤلاء المسئولون الكرام إلى مؤشرات وأعراض كثيرة وكبيرة جداً تشير جميعها إلى خلل هيكلي في سوق الأسهم، سيؤدي لا محالة إلى تصحيح أو انهيار تكرر وسيتكرر، ولن يطال في كل مرة سوى صغار المتعاملين الذين استدانوا وباعوا أو رهنوا ممتلكاتهم ورواتبهم ليدخلوا سوق القمار، وأصبحوا لا يجدون من يشتري «أسهم الخشاش» التي تعلقوا بها من أرقابهم ؟!
حقيقة الأمر المؤلمة، أولاً أنَّ كثيراً من أمورنا الاقتصادية وغير الاقتصادية يديرها التنفيذيون باستراتيجية إدارة الأزمات؛ وثانياً أنَّ هنـــــــاك سنوات ضوئية تفصل بين رؤية القيادة الكريمة ورؤية تنفيذيي المال والاقتصاد. والدلالة على هذا التباين الكبير والخطير في الرؤية، خاصة في هذه الطفرة الاقتصادية الكبيرة التي تمر بها المملكة، يتمثل في الرؤية الملكية الكريمة التي أنجبت مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بلمح البصر، مقارنة بالرؤية التنفيذية المالية والاقتصادية التي تفاخر بثماني وسبعين شركة مساهمة منها عشرة بنوك محلية.

ابودلال
11-04-2006, Tue 11:29 AM
احدى مقالات الدكتور محمد القنيبط

http://www.yamamahmag.com/1887/20.html

المقام السامي ومجلس الوزراء

من القصص التي يجب أن تسجل عن نوادر التاريخ البيروقراطي السعودي، تلك التي حدثني عنها فقيد مجلس الشورى فضيلة الشيخ محمد بن جبير، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه. فقد قال إنه حينما كان رئيساً لديوان المظالم، وصلتهم شكوى استند فيها كاتبها على قرار لمجلس الوزراء، وخلص إلى النتيجة التي يطالب فيها. فقال رحمة الله عليه، أول شيء طلبناه للبدء في القضية هو صورة من ذلك القرار لمجلس الوزراء الذي ورد رقمه وتاريخه في الشكوى لمعرفة حيثيات الدعوى. ويا للمفاجئة، حيث لم نجد أي قرار بذلك الرقم أو التاريخ أو الموضوع، وبالتالي سقطت الدعوى!؟
ومن الواقع المعاش، فـإنـَّه عندما يقول شخص ما بأنَّ الموضوع أو الأمر الفلاني يستند إلى أمر سامٍ أو قرار مجلس الوزراء؛ تجد الصمت يطبق على الحضور، ويتوقف النقاش والحديث والحوار. ولو كَلَّفَ أحد المهتمين نفسه بالبحث لوجد أنَّ الموضوع ليس بهذه السهولة أو القطعية في الحكم.
صديقة البنوك!؟
المتأمل للطريقة التي تتعامل بها مؤسسة النقد العربي السعودي مع القطاع المصرفي السعودي، لا يسعه إلا أن يصاب بالحيرة الشديدة تجاه هذه العلاقة الغرامية الحميمة جداً جداً، والتي هي إلى القوة والمتانة أقرب منها إلى الشدة والصرامة التي تخدم المستفيدين من القطاع المصرفي السعودي. حيث يجد المتأمل أنَّ حقوق المتعاملين، أو بالأحرى صغار المتعاملين مع القطاع المصرفي السعودي لا توجد مطلقاً على رادار مؤسسة النقد العربي السعودي التي تتبع قاعدة باب سـد الذرائع؛ من خلال حماية الوضع الاحتكاري (احتكار القلةOligopoly ( العنيف والخطير جداً الذي يخنق القطاع المصرفي السعودي بالمملكة.
وقبل أن يغضب كبار إداريي مؤسسة النقد العربي السعودي، أطلب منهم أن يتفضلوا بزيارة أقرب فرع لهم من فروع البنوك السعودية ويطلبون فتح حساب جاريٍ وحتى نخفف المشقة عليهم، فقد قام بهذه التجربة زميل كريم عليه من مظاهر الوقار والمصداقية ما يكفي لرفع تهمة العميل «اللعاب»، في مصطلحات أعذار البنوك السعودية. فقد قام الصديق صالح بزيارة فروع ثلاثة بنوك سعودية لفتح حساب جارٍ لديهم، فكانت إجابة البنك الأول: لا يوجد لدينا استمارات فتح حساب جارٍ!؟ أما البنك الثاني فقال: نعطيك موعداً للأسبوع القادم !؟ في حين قال مدير فرع البنك الثالث: أنا الآن مشغول، تعال غداً!؟
ترى هل الصديق أبو محمد جاء إلى هذه البنوك لفتح حساب بمبلغ ألف ريال؟! كلا عزيزي القارئ، فقد قال لكل موظف من موظفي هذه البنوك إنه يريد فتح حساب بمبلغ مائة ألف ريال؛ وكانت ردودهم ما سبق!؟
ترى ماذا سيواجهه أبو محمد لو أنه قام بهذه التجربة في دولة أخرى؟! وللإجابة، أقول لقـد مررت بهذه التجربة أثناء تواجدي مع والدتي الصيف الماضي في رحلتها العلاجية. فقد ذهبت إلى بنك ولز فارقو Wells Fargo لإيداع مبلغ بسيط في حسابي لديهم، فقالت لي الموظفة: سيدي، لديك مبلغ كبير في حسابك، هل ترغب أن يتصل بك مستشار من البنك ليقدم لك نصائح لاستثمار هذا المبلغ؟! هل تدري، عزيزي القارئ كم هو هذا المبلغ «الكبير» في معيار الأصدقاء الأمريكان؟! سبعة وعشرون ألف ريال بالتمام والكمال!؟
تخيل عزيزي القارئ، مائة ألف ريال في دولة لا يزيد متوسط دخل الفرد السنوي فيها عن نصف هذا المبلغ، تتهرب ثلاثة بنوك محلية من قبول هذا المبلغ لفتح حساب بنكي لمواطن، في حين يعرض بنك عملاق في أعظم دولة في العالم خدمات استشارية استثمارية مجانية على عميل لا تزيد جميع موجودات حسابه عن ثلث هذا المبلغ!؟
إنَّ الوضع الاضطهادي لصغار العملاء من قبل البنوك السعودية غير مبرر مطلقاً بأي معيار، بل إنَّ مؤسسة النقد العربي السعودي تعرف وتعلم عن أغلب إن لم يكن جميع أنواع هذا الاضطهاد والمخالفات ولم تحرك ساكناً، بل تراها ـ وخلال عمرها المديد ـ تقوم بزيـادة وتقوية دائرة الاحتكار البنكي، عندما وافقت على اندماج بنك القاهرة السعودي مع البنك السعودي المتحد، ثم اندماج هذا الأخير مع مجموعة سامبا المالية قبل عدة سنوات؛ في حين لم تجبر أياً من البنوك المتبقية على فتح المزيد من الفروع في مناطق ومدن وقرى المملكة.
آمل من كل قلبي أن يتفضل كبار قياديي مؤسسة النقد العربي السعودي بزيارة فروع البنوك السعودية، ليروا بأم أعينهم كيف أنها غير كافية مطلقاً للتعامل مع الكم الهائل من العملاء جرَّاء تغير طريقة تعاملهم واستخدامهم للنقود منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر بسبب التوجه الحكومي والدولي للتقليل من استخدام التعامل النقدي، وكذلك بعد الطفرة الحالية في سوق الأسهم. أما إن أراد كبار قياديي مؤسسة النقد تلقي «شحنة» مركزة من تقلصات القولون والمرارة، فليتفضل أي منهما بزيارة «تفقدية متنكرة» لصالات تداول الأسهم المحلية في أي فرع من فروع البنوك السعودية!؟
لذلك فإنَّ المنطق والواقع يحتمان تغيير مسمى مؤسسة النقد العربي السعودي إلى «صديقة البنوك السعودية»، على غرار الحملة الإعلامية التي قامت بها شركة سابك قبل عدة سنوات تحت شعار «صديقة البيئة»، أثناء طرحها مادة مضافة للبنزين بدل الرصاص!؟
مجلس الوزراء !؟
لـمـاذا لا يُسـمح بفتح المزيد من البنوك السعودية، حتى يستطيع المواطن الصغير من الحصول على خدمات بنكية تنافسية، بدلاً من فتح السوق السعودي للبنوك الأجنبية بقوة النظام بعد دخولنا منظمة التجارة العالمية، وبالتالي تضييع الفرصة على المستثمرين السعوديين؟!
هذا السؤال وجهه إلى معالي نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، عملاق وعَلَم من أعلام قطاع المال والأعمال السعودي والخليجي، ذلكم هو الزميل والصديق الدكتور عبدالرحمن الزامل، وذلك في منتدى الرياض الاقتصادي الثاني. تُرى مـاذا كانت إجابة معاليه؟!
هل بالفعل تريد أن تعرف الإجابة، عزيزي القارئ؟! حسناً، إليك إجابة معاليه المؤلمة: (القطاع المصرفي السعودي ديناميكي ومتاح لمن لديه خدمات يريد أن يقدمها للاقتصاد الوطني، بدلالة الترخيص بإنشاء بنك البلاد مؤخراً. الترخيص للبنوك ليس مناطاً بمؤسـسـة النقد العربي السعودي، بل هو من اختصاص مجلس الوزراء.... لا يوجد ما يمنع من قيام بنوك سعودية عندما تكتمل شروطها، وهذه العملية تأخذ وقتاً كبيراً من التمحيص؛ لذلك أنيطت هذه المهمة بمجلس الوزراء)!؟
مهلاً صاحب المعالي، فهل تريد أن تقول إنَّ مؤسسة النقد العربي السعودي وعلى مدار عمرها المديد أجرت دراسات اقتصادية ومالية دقيقة خرجت بتوصيات لإنشاء بنوك عديدة، ثم رفعت هذه التوصيات إلى مقام مجلس الوزراء الذي لم يوافق سوى على بنك واحد، هو بنك البلاد؟! أم أنَّ معاليكم يريد القول بأنَّ مؤسسة النقد العربي السعودي ليس لديها أي مانع لفتح عشرات البنوك المحلية، ولكن مجلس الوزراء هو العقبة والعائق أمام توجهات مؤسسة النقد الاستثمارية الانفتاحية؟! وقبل ذلك وبعده يا صاحب المعالي، هل أمر مجلس الوزراء بإنشـاء بنك البلاد، هـكذا دون الاسـتناد على دراسة وتوصية مقدمة من مؤسسة النقد؟! وبعد ذلك وقبله، لو رفعت مؤسسة النقـد اليوم إلى مقام مجلس الوزراء دراسة وتوصية بفتح المزيد من البنوك المحلية، فهل سيرفض مجلس الوزراء؟!
أو أنَّ إجابتكم ـ يا صاحب المعالي ـ لا تتعدى عن كونها تخلص دبلوماسي مؤقت باستراتيجية «توجيه سامٍ كريم»، وذلك لقفل باب النقاش في أمر مهم جداً، بل مصيري لقطاع انفتح على مصراعيه لبنوك عالمية لم تأت لخدمة صغار المواطنين، بل لخدمة الكبار المتخمين بالخدمات والمزايا، وكذلك وهو الأهم الاستفادة من العوائد الخيالية للقروض الشخصية التي تمثل الجزء الأكبر من الأرباح الخيالية للبنوك السعودية؟!
خارج الزمان والمكان!؟
حقيقة، عزيزي القارئ، وقعت في حيرة شديدة جداً في تفسير إجابة معالي نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي على سؤال الدكتور عبدالرحمن الزامل. فالزامل وحساباته البنكية وتعاملاته التجارية والصناعية بكل تأكيد ـ لا سمح الله ـ ليست كتلك التي يملكها الدكتور القنيبط وأقرانه الذين يقفون في طوابير طويلة في فروع البنوك السعودية لدفع فواتير الخدمات العامة أو لصرف شيك. فأبو بندر يتسابق على خدمته جميع البنوك السعودية والوافدة والدولية، فهو يتمتع بلقب شيخ، في قاموس رجال الأعمال السعوديين.
إذاً، لماذا سأل الفقير إلى رحمة ربه، الدكتور الزامل هذا السؤال المحرج جداً لمعالي نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي؟!
فالكل متفق بأنَّ الزامل لا يعاني مطلقاً من إحجام البنوك السعودية عن خدمته، والكل متفق بأنَّ الزامل لا يريد مطلقاً إحراج الحكومة، ولكن الكل أيضاً متفق على أنَّ الزامل كان يبحث عن إجابة اقتصادية استثمارية تنموية، غير الإجابة المبنية على استراتيجية «قميص عثمان» التي فجَّرها معالي نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي!؟
لذلك، هل نفهم أنَّ مجلس الوزراء السعودي، وعلى مدار السنين الماضية هو الذي أوقف، بل منع وحرَّمَ التوسع في فتح أي بنوك سعودية جديدة، على الرغم من الطلبات المتكررة والرغبة الجامحة والمُلِحَّة لمؤسسة النقد العربي السعودي في فتح المزيد من البنوك السعودية؟!
خلاصة القول إنَّ تخفّي المسئول وراء «قميص» رئيسـه دون إعطاء كامل المعلومة لرئيسه عن سبب هذا التخفي، أو دون إيضاح خطورة هذا الاختفاء «التكتيكي» خلف الرئيس، إنما يدل على أمرين لا ثالث لهما: الأول أن هذا المسئول يبحث عن عذر للتهرب من المسئولية، والثاني أنَّ هذا المسئول بقيامه بهذا التخفي التكتيكي يقوم بإحداث ضرر وظلم كبيرين بحق رئيسـه، وليس حمايته، كما يعتقد!؟
لذلك، كم هي المرات والحالات التي يظلم فيها المقام السامي ومجلس الوزراء عندما يستخدمهم كبار المسئولين كقميص عثمان، وذلك للدفاع عن مواقف اتخذها هؤلاء المسئولون دون علم المقام السامي، أو أنها بالفعل كانت بعلم المقام السامي ولكنها كانت صالحة في زمن وفترة معينة، ولم تعد صالحة في فترة أخرى؟! سؤال يبحث عن إجابة قبل فوات الأوان.
تضييع المال العام !؟
من غير المقبول مطلقاً الوضع المزري الحالي لخدمات القطاع البنكي على مستوى خدمات الأفراد Retail Banking، والذي لا يتلاءم مطلقاً مع الوضع والمركز الاقتصادي للمملكة، سواء من حيث عدد البنوك السعودية أو عدد فروعها؛ خاصة في ظل الأرباح الخيالية لهذا القطاع الذي يتوقع أن تقترب من 52 ملياراً للعام الحالي 5002م، حيث تجاوزت 91 ملياراً للتسعة أشهر الأولى من هذا العام.
النقطة المؤلمة جداً في القطاع المصرفي السعودي تتمثل في حقيقة احتكار غالبية أسهم البنوك المحلية من قبل عدد محدود جداً من المسـتثمرين الأفراد أو العوائل؛ بدلالة انخفاض عدد الأسهم المتداولة يومياً للبنوك السعودية المحلية، باستثناء بنك البلاد حديث الولادة؛ والذي لا محالة ستؤول ملكية غالبية أسهمه أيضاً إلى عدد محدود من عمالقة المستثمرين.
فهل يعقل أن بنكاً سعودياً عدد أسهمه 09 مليون سهم لا يتداول منها سوى 15 ألف سهم في يوم بلغ فيه تداول السوق 97 مليون سهم؟!
باختصار شديد، هناك احتكار ظالم وصارم يسود القطاع المصرفي السعودي يقوم به (11) بنكاً محلياً، يدعمها ويؤيدها ويحميها ويشجعها مؤسسة النقد العربي السعودي بكل ما أوتيت من قوه وسلطة وتسلط على المواطن الصغير.
وهنا ـ عزيزي القارئ ـ يجب عدم توجيه أي لوم أو عتاب إلى البنوك السعودية على هذه التصرفات المنطقية جداً في سوق يسوده الاحتكار، فهي تحاول تحقيق أقصى أرباح ممكنه من أقل عدد من عملائها، وذلك من خلال التركيز على العملاء كبار ومتوسطي «الوزن» المالي!؟
وإزاء هذا الاحتكار الظالم الذي صنعته وحمته مؤسسة النقـد في القطاع المصرفي السعودي، نطرح بين يدي المجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة الوالد الغالي الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله، مقترحاً يحقق أهدافاً نبيلة جداً للوطن والمواطن منها: (1) تحقيق عوائد مالية ضخمة جداً للخزينة العامة؛ (2) تحسين الخدمات المصرفية لصغار ومتوسطي العملاء؛ (3) إعطاء صغار المواطنين فرصة لزيادة دخولهم الصغيرة من خلال اكتتابات هذه البنوك؛ (4) زيادة قاعدة الملكية في القطاع المصرفي، وبالتالي تقليل مخاطر احتكار الملكية؛ (5) زيادة المنافسة في القطاع المصرفي، وبالتالي دخول منتجات وخدمات مصرفية جديدة.
هذا المقترح يقوم على طرح الدولة رخص بنوك محلية جديدة في مزايدة، على غرار ما قامت به في رخصة الهاتف الجوال الذي فازت بها شركة اتحاد الاتصالات، وحقق للخزينة العامة أكثر من 21 مليار ريال. ولا يخفى على أحد بأنَّ السبب في دفع مؤسسي شركة اتحاد الاتصالات لهذا المبلغ الخيالي لرخصة الجوال، هو ارتفاع الأرباح في قطاع الاتصالات بسـبب احتكار هذا القطاع. هاتين الميزتين (الاحتكار وارتفاع الأرباح) متوافرة في القطاع المصرفي المحلي، الذي يحتكره (11) بنكاً محلياً تحقق أرباحاً ستقترب من 52 مليار ريال هذا العام.
فلو فرضنا أن الدولة طرحت في مزايدة عامة خمس رخص لبنوك سعودية جديدة كل منها بحجم بنك البلاد (06 مليون سهم، برأس مال 3 مليارات ريال)، فالوضع الحالي لسوق الأسهم ومن تجربة بنك البلاد، سـيضمن لا محالة تحقيق الدولة ما لا يقل بأي حال من الأحوال عن 3 - 5 مليارات ريال لكل رخصة بنك محلي؛ بإجمالي لا يقل عن 51 - 52 مليار ريال!؟
هل هذا خيال أكاديمي أم صحفي؟! بكل تأكيد ليس أياً منهما.
فبنك البلاد طُرِح سهمه للاكتتاب بسعر خمسين ريالاً، واليوم سعره في السوق يقترب من ألف ريال؛ مما يعني أنَّ مؤسسي بنك البلاد (المالكين لنصف رأس ماله) تضاعفت ثروتهم خـلال عـدة أشـــهر فقــط بحوالي عشرين ضعفاً، من 5,1 مليار ريال لتصبح أكثر من 82 مليار ريال، وذلك بفضل ودعم ورعاية وحمـاية مؤسـسـة النقـد!؟ وبالتالي أليس من المعقول أن يوافق هؤلاء وغيرهم على دفع ثلاثة أو خمسة مليارات ريال لرخصة بنك محلي يحقق لهم أرباح 82 ملياراً أو حتى 01 مليارات ريال جراء ارتفاع القيمة السوقية للسهم!؟
تُرى من هو المتسبب في منع تحقق هذه المكاسب الوطنية العظيمة للخزينة العامة، والاقتصادية والتنموية والخدمية والدخلية للمواطن الصغير؟! وما رأي مقام المجلس الاقتصادي الأعلى في هذا الاقتراح؟!
حتى لا تضيع الفرصة!؟
يجزم الكثير من الاقتصاديين ورجال الأعمال بأنَّ موضوع فتح المزيد من البنوك السعودية يقع في قلب المعضلة أو التحدي الاقتصادي والتنموي الذي تواجهه المملكة في الألفية الثالثة، حيث إنَّ طرق الإدارة الاقتصادية والمالية المتحفظة جداً حتى الآن في القطاع المصرفي قد تكون صالحة في نهاية الألفية الثانية، حينما كان سكان المملكة سبعة ملايين وكان ثقلها الاقتصادي الإقليمي غير محسوس ونموها الاقتصادي ضعيفاً. ولكن بكل تأكيد هذا الفكر والرؤية الإدارية الاقتصادية والمالية المحافظة والمتحفظة جداً، واستراتيجية باب سد الذرائع المتحفظة جداً غير صالحة مطلقاً هذه الأيام في إدارة الاقتصاد السعودي عموماً والمصرفي خصوصاً، حيث تهرب الأموال السعودية إلى جميع دول العالم بدءاً بالجيران، ويستمر مسلسل تهميش حاجة واحتياجات المواطن محدود الدخل صباح مساء في بنوكنا السعودية.
فهل نُضيِّع هذه الطفرة الاقتصادية، كما ضيَّعنا الطفرة الماضية؟! سـؤال ينتظر إجابته مواطنو دولة سيصل سكانها إلى 54 مليوناً خلال 51 سنة!؟

مو مهم
11-04-2006, Tue 11:35 AM
بارك الله فيك وفي محمد القنبيط الشجاع

MOON
11-04-2006, Tue 12:06 PM
مع التحيه لأخي ابودلال ... يوجد في بلدنا والحمدلله كتاب كبار وهم كثر ان شاءالله وليس القنيبط افضل الكتاب بصفة العموم رغم تقديري الشديد للمدكور... ثم أليس من الواجب وبحكم منصبه وعمله وشهرته سواء في القطاع العام او الخاص أن يناقش تلك القضايا مباشرة وبهدوء مع صاحب الصلاحيه والقرار الدي يحدد نوعية القرار الدي يتخده حيالها حسب ما تقتضيه المصلحة العامة ويكون القنيبط بدلك قد ادى رسالته واراح ضميره بدلا من اثارة البلبلة بطرق عديده وخلال عدة منابر لا تقدم ولا تؤخر أي شيء لتلك القضايا الوطنيه ماعدا الشماته وشحن قلوب الناس ثم لا يجب على اي كاتب أن يغضب ويزمجر ادا لم يؤخد برأيه أو لم يتم تنفيد مطالبه التي يدعو لها خاصة ادا وصلت تلك المطالبات أمام ولي ألأمر الدي امرنا الله سبحانه وتعالى بأطاعته .... وجهة نظر شخصيه مع تمنياتي للجميع بالتوفيق...