المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوق المال من المضاربة إلى الاستثمار ... كفاءة الإدارة



الهشام
25-03-2006, Sat 12:59 AM
سوق المال من المضاربة إلى الاستثمار ... كفاءة الإدارة
محمد بن ناصر الجديد - كلية الاقتصاد والإدارة، جامعة أدنبرة - المملكة المتحدة 24/02/1427هـ
يلوح في أفق صغار المستثمرين تحدي اتخاذ قرار استثماري سليم عطفا على تواضع مصادر المعلومات اللازمة لتقييم كفاءة الإدارات التنفيذية للشركات السعودية المساهمة.
السندات الحكومية، والصكوك الإسلامية، واتفاقيات إعادة الشراء، جميعها أوراق مالية سوف يرى النور عدد ليس بالقليل منها لتكمل مع الأسهم عقد الأوراق المالية المتداولة في سوق المال السعودي. يصاحب ذلك تحولات هيكلية تهدف في مجملها إلى الارتقاء بالسوق من النشأة إلى التقدم. جميع هذه التحولات لا تعني تغيّر طبيعة المتاجرة بالأوراق المالية من منهجية المضاربة "قصيرة الأجل" إلى منهجية الاستثمار "طويلة الأجل" فحسب، ولكن أيضا تطوّر الأدوات العملية التي سيستخدمها المستثمرون لتحديد القيمة السوقية للورقة المالية.
من أدوات تحديد القيمة السوقية للورقة المالية توقعات أرباح الشركة ذات العلاقة. ومن الأدوات المستخدمة لذلك ما يعرف بالتحليل الأساسي، وهو دراسة الظروف المحيطة بالشركة، والمتمثلة في مؤشرات الاقتصاد المحلي، وطبيعة القطاع الذي تعمل به، وظروف الشركة ذاتها.
وينقسم التحليل الأساسي إلى نوعين. النوع الأول تحليل "كمّي" يهدف في مجمله إلى تقديم خلاصة "موضوعية" حول الأرباح المستقبلية للشركة، كتحليل الأصول، والربحية، والتدفقات النقدية. والنوع الثاني تحليل "كيفي" يهدف في مجمله إلى تقديم خلاصة "شمولية" حول الأرباح المستقبلية للشركة، كتحليل درجة انفتاح الاقتصاد المحلي، ومرونة القطاع الذي تعمل به، وكفاءة الإدارة التنفيذية للشركة، أو ما يعرف بالتحليل الإداري.
فالإدارة التنفيذية هي العمود الفقري لأي شركة ناجحة، عطفا على كون أعضائها هم من يتخذ القرارات الاستراتيجية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى نمو، أو تواضع ربحية الشركة. تشير أدبيات استراتيجيات الأعمال إلى أن "المستثمر"، عوضا عن "المضارب"، يلزمه معرفة عدة عوامل لتقييم كفاءة الإدارة التنفيذية للشركة لاتخاذ قرار استثماري سليم.
يرتبط العامل الأول بمعرفة أعضاء الإدارة التنفيذية، والقابعين على هرم القطاعات الاستراتيجية في الشركة، كالتشغيل، والمالية، وتقنية المعلومات، والموارد البشرية، وقبل هذا كله الرئيس التنفيذي. تقود هذه المعلومة إلى العامل الثاني الذي يلزم المستثمر معرفته، ألا وهو الخبرة العملية، والمؤهلات الأكاديمية، والمهنية التي يحظى بها كل عضو من أعضاء الإدارة التنفيذية، ومدى العلاقة بين هذه الخبرة والمؤهلات، ونشاط الشركة.
منهجية فريق الإدارة التنفيذية في قيادة الشركة نحو تحقيق الأرباح هو العامل الثالث الذي يلزم المستثمر معرفته لاتخاذ قرار استثماري سليم. فبعض الإدارات التنفيذية تنتهج الأسلوب المرن في الإدارة، وتطبق اللامركزية في اتخاذ القرار، وتعطي الفرصة للغير للمشاركة الفعّالة في إدارة الشركة. والبعض الآخر ينتهج عكس ذلك. وبطبيعة الحال، لا يمكن تعميم أي المنهجين أنسب إلى إدارة الشركة، كون أن لكل مقام مقالا.
ترتبط معرفة منهجية فريق الإدارة التنفيذية ارتباطا وثيقا بالفترة الزمنية التي قضاها الفريق في إدارة الشركة. فقد يعطي ثبات الشركة على إدارة تنفيذية واحدة مؤشرا لنجاح هذه الإدارة في تحقيق أهداف الشركة، والعكس صحيح. بمعنى أن التغيير المستمر غير المبرر في أعضاء فريق الإدارة التنفيذية قد يعطي مؤشرا لتحد يواجه الشركة في إيجاد الأعضاء المناسبين لإدارتها.
العامل الأخير الذي يلزم المستثمر معرفته لاتخاذ قرار استثماري سليم هو الكيفية التي أوصلت كل عضو من أعضاء الإدارة التنفيذية إلى هرم الشركة. تساعد قراءة السيرة الذاتية لأعضاء الإدارة التنفيذية على معرفة الدوافع التي أوصلت كل عضو إلى هرم الشركة. منها دوافع منطقية كإنجازاته العملية السابقة، أو مؤهلاته العلمية، والمهنية، أو كل ذلك معا. ومنها أيضا دوافع غير ذلك قد تثير تساؤل المستثمر عن كفاءة عضو الإدارة التنفيذية في قيادة الشركة.
لا يمكن الوصول إلى خلاصة "شمولية" حول الأرباح المستقبلية للشركة من واقع تقييم كفاءة الإدارة التنفيذية فقط دون الأخذ بعين الاعتبار طبيعة ودرجة نضوج المنتج، أو الخدمة الذي تنتجها الشركة، والكيفية التي تحقق بها الشركة عوائدها المالية. كما لا يمكن أيضا تقييم هذه العوامل بمعزل عن درجة كل من نضوج القطاع الذي تعمل به الشركة، ونمو، أو تباطؤ مؤشرات الاقتصاد المحلي. فهناك قطاعات وصلت درجة النضوج بما يؤهلها إلى المنافسة العالمية، وهناك قطاعات أخرى وصلت عكس ذلك. ودمج الخلاصة "الشمولية" مع الخلاصة "الموضوعية" حول الأرباح المستقبلية للشركة تشكل أرضية منطقية ينطلق منها القرار الاستثماري السليم.
ربما لا يواجه صغار المستثمرين صعوبات حول معرفة أسماء أعضاء الإدارات التنفيذية للشركات السعودية المساهمة، عطفا على أن معظم هذه الشركات توضح هذه المعلومات إما في مواقعها الرسمية على الإنترنت، أو في الصفحات الأولى من تقاريرها السنوية، أو في أي قناة معلوماتية عامة أخرى.
و لكن، قد يواجه صغار المستثمرين عكس ذلك عندما يرغبون في استكمال تقييم كفاءة الإدارات التنفيذية. السبب في ذلك أن عددا قليلا جدا من الشركات السعودية المساهمة لا تفصح عن الخبرات العملية، والمؤهلات العلمية، والمهنية التي يحظى بها كل عضو من أعضاء إداراتها التنفيذية. كما أن عددا ليس بالقليل من الرؤساء التنفيذيين لا يعلنون استراتيجيهم في إدارة الشركة عندما يتولون المسؤولية، أو عندما يستجد جديد في عناصر الاستراتيجية القائمة.
قد يلوح في أفق صغار المستثمرين تحدي اتخاذ قرار استثماري سليم عطفا على تواضع مصادر المعلومات اللازمة لتقييم كفاءة الإدارات التنفيذية للشركات السعودية المساهمة. سينعكس ذلك سلبيا على الشركات عندما تبدأ بتسويق أوراقها المالية. وعلى الرغم من أن مثل هذا النقص يعتبر طبيعيا، عطفا على العمر القصير لسوق المال السعودي، ولا يندرج ضمن متطلبات الإفصاح المحاسبية، والمالية، إلا أن الإسراع في تعويضه من خلال الإفصاح العام سينعكس إيجابيا على سلامة قرارات صغار المستثمرين.
وعلى الرغم أيضا أن شركات المعلومات المالية، والتي صرح لها بالعمل أخيرا في سوق المال السعودي، قد تعمل على تعويض هذا النقص، إلا أن محدودية توفر مثل هذه المعلومات سينعكس سلبيا ليس على تكلفة استثمارات صغار المستثمرين فحسب، ولكن أيضا على سرعة استجابة الشركات المساهمة إلى التحولات الهيكلية في سوق المال السعودي، والهادفة في مجملها إلى الارتقاء بالسوق إلى مستوى الأسواق المتقدمة.


http://www.aleqt.com/article.php?do=show&id=1490