المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإصلاحات الاقتصادية السعودية..إلى الأمام أم الخلف؟



راجى خير
14-12-2002, Sat 5:21 PM
12th ديسمبر 2002 -- بيتر كوبر

يعقد البنك الدولي نهاية الشهر الحالي، ندوةً في الرياض لمناقشة الإصلاحات الاقتصادية في السعودية . و لكن هل بات الوقت متأخرا بالنسبة لبلد فقدت الكثير من الفرص لسقوط اسمها من حسابات المراقبين؟

اقتصاد السعودية الموجه من الدولة، يقوم على النظرة المحلية الضيقة والمنهجية القديمة، التي تنقصها الأدوات اللازمة لدمجه في اقتصاد العالم المعاصر، تماما كما كانت الحال في العالم الشيوعي السابق.

ذلك ما يقوله المنتقدون للسياسات الاقتصادية السعودية. ولكن بعض الاقتصاديين يبدون أكثر معقولية في طرحهم عندما يتناولون الجوانب الإيجابية للاقتصاد السعودي، كنجاحه على سبيل المثال، في توفير الحاجات الأساسية للمواطنين، وتوفيره لخدمات تعليمية وصحية تضاهي أعلى المعايير الموجودة في العالم
.
ووفقاً لما جاء في تقرير نشرته مجلة " ميد "، المعنية بشؤون التنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط في الأسبوع الحالي، فقد جددت معدلات النمو السكاني المتسارعة في السعودية الضغوط لأجل زيادة الاستثمار في قطاعي المياه والطاقـة. وعند هذه النقطة بالذات، يتعين القول بأن الإصلاحات الاقتصادية تحولت أخيرا من مرحلة الأجندة والمخططات إلى مرحلة الأفعال .

فهناك الآن أكثر من 4 مشاريع كبيرة دخلت في طور المناقصات حاليا، أو أنها في الطريق للترسية عما قريب، فيما ينتظر أن يتم الإعلان عن أول مشروع مستقل للمياه والطاقة خلال فترة وجيزة. وربما تعزز الضمانات السيادية مسيرة هذه المشاريع، في ظل إتاحة الفرصة للمستثمرين لتملك60% من أسهمها.

و بذات القدر، يستعد قطاع الاتصالات السعودي للاتجاه للخصخصة في وقت قريب، مع أول طرح اكتتاب عام مرتقب لأسهم الاتصالات السعودية في نهاية العام الجاري، مع أن الاستثمار الأجنبي في الاتصالات ما يزال محظورا من الناحية الرسمية في عدد من القطاعات.

لكن كل الأنظار متركزة الآن في مبادرة الغاز السعودية، البالغ حجم استثماراتها 25 مليار دولار، والتي يعدها الإصلاحيون الاقتصاديون أملهم الأكبر في تحقيق النجاح. وإذا سارت الأمور للأمام حسبما هو مرسوم، فسوف تفتح هذه المبادرة باب الاستثمار على مصراعيه أمام ثمانية من كبريات شركات الطاقة العالمية.

وبالنسبة لبلد يسيطر عليها اقتصاد النفط، يعتبر هذا التقدم خطوة كبيرة للأمام، في وقت تتحدث فيه مصادر داخلية عن وجود معارضة على أعلى مستوى داخل صناعة النفط المحلية. إذن، سيؤدي نجاح هذه المبادرة إلى انعتاق السعودية من الماضي، ويعطي إشارة واضحة على أن الاقتصاد السعودي بدأ يسير نحو التحديث.

وقد يكون هناك شيء من المفارقة، التي قد لا تفوت على المراقبين، فيما يتعلق بالإجراءات التي اعتمدها الاصلاحيون في المملكة لتحديث الاقتصاد بعد وقت طويل، والتي ربما يكون لديهم اعتقاد بأنها غير مواكبة للعصر. لكن في المقابل، ربما يكون السعوديون راضون عنها.

وفي الوقت ذاته، حدث الكثير من التقدم ممن جهة الإصلاح خلال السنتين الماضيتين، حيث أجيز مؤخرا قانون جديد للتأمين، فيما يواصل مجلس الشورى السعودي هذا الأسبوع، مناقشة إصلاحات سوق الأسهم السعودية. وفي الطريق أيضا إصلاحات قوانين التنقيب والضرائب التي عفا عليها الزمن.
أيضا للأمير عبد الله بن فيصل بن تركي آل سعود، جهودا مقدرة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بصفته محافظا للهيئة العامة للاستثمار السعودية. وهي خطوة كبيرة للأمام لبناء مستقبل مشرق للسعودية، على الرغم من أن المسيرة ما تزال طويلة أمام الإصلاحيين الاقتصاديين.